«الوطنية للانتخابات» لرؤساء اللجان: لا إعلان لنتائج الفرز.. وإبلاغ المرشحين بالحصر العددي فقط    «الأوقاف» تعرض فيديوهات «صحح مفاهيمك» على شاشات المترو والقطار الكهربائي بالتعاون مع «النقل»    انتخابات مجلس النواب 2025.. «عمليات العدل»: رصدنا بعض المخالفات في اليوم الثاني من التوصيت    «فتحي» يبحث آليات الترويج السياحي المشترك بين مصر وألبانيا    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    بتوجيهات من السيسي.. وزير الخارجية يلتقي رئيس مجلس السيادة السوداني (تفاصيل)    الهلال السعودي يقترب من تمديد عقدي روبن نيفيز وكوليبالي    بورفؤاد يهزم منتخب السويس.. و«جي» يسقط أمام دياموند بدوري القسم الثاني «ب»    خالد الغندور يدافع عن بيزيرا.. ويرفض مقارنة بما حدث من زيزو    «رجال يد الأهلي» يواصل الاستعداد للسوبر المصري    استقرار الحالة الصحية لمصابي حادث انهيار سقف مصنع المحلة    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «بلطجة» العاشر من رمضان: «مفبرك وخلافات جيرة وراء الواقعة»    الشرطة تساعد المسنين للإدلاء بصوتهم في الانتخابات البرلمانية ببني سويف.. صور    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    مصرع نجل مرشح بانتخابات مجلس النواب وابن شقيقته في حادث مروري بمرسى علم    «مبروك صديقتي الغالية».. وزيرة التضامن تُهنئ يسرا بعد حصولها على «جوقة الشرف» من فرنسا    تقنيات جديدة.. المخرج محمد حمدي يكشف تفاصيل ومفاجآت حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال46| خاص    «مسائل الفقه التراثي الافتراضية في العصر الحديث» في ندوة بأكاديمية الأزهر    مفوضية الانتخابات العراقية: 24% نسبة المشاركة حتى منتصف النهار    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    وزير الصحة يبحث مع «مالتي كير فارما» الإيطالية و«هيئة الدواء» و«جيبتو فارما» سبل التعاون في علاج الأمراض النادرة    «هيجهز في يوم».. طريقة سريعة لتخليل اللفت في المنزل بخطوات بسيطة    الأزهر للفتوي: إخفاء عيوب السلع أكلٌ للمال بالباطل.. وللمشتري رد السلعة أو خصم قيمة العيب    "الزراعة" تستعرض أنشطة المركزي لمتبقيات المبيدات خلال أكتوبر    التعليم العالي: تعيين الدكتور أحمد راغب نائبًا لرئيس الاتحاد الرياضي للجامعات والمعاهد العليا    علي ماهر: فخور بانضمام سباعي سيراميكا للمنتخبات الوطنية    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    بعد الأزمة الصحية لمحمد صبحي.. شقيقه: وزير الصحة تواصل مع أبنائه لمتابعة حالته (خاص)    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    صدام بين ترامب وحليفته الجمهورية "مارجوري تايلور جرين" بعد زيارة الرئيس السوري للبيت الأبيض    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    الجيش السودانى يتقدم نحو دارفور والدعم السريع يحشد للهجوم على بابنوسة    إصابة 16 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق القاهرة–أسيوط الغربي بالقرب من دهشور    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    البورصة المصرية تخسر 2.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    أوباميكانو: هذا الثلاثي أسهم في نجاحي    وزارة التعليم تحدد ضوابط زيارة الرحلات المدرسية للمواقع الأثرية    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    "إنتلسيا" توقّع مذكرة تفاهم مع «إيتيدا» وتتعهد بمضاعفة كوادرها في مصر    ياسر إبراهيم: تمنيت مواجهة بيراميدز لتعويض خسارتنا في الدوري    وفد من جامعة الدول العربية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    «العمل» تستجيب لاستغاثة فتاة من ذوي همم وتوفر لها وظيفة    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    غزة على رأس طاولة قمة الاتحاد الأوروبى وسيلاك.. دعوات لسلام شامل فى القطاع وتأكيد ضرورة تسهيل المساعدات الإنسانية.. إدانة جماعية للتصعيد العسكرى الإسرائيلى فى الضفة الغربية.. والأرجنتين تثير الانقسام    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    تأكيد مقتل 18 شخصا في الفلبين جراء الإعصار فونج - وونج    تحديد ملعب مباراة الجيش الملكي والأهلي في دوري أبطال أفريقيا    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    أحمد موسى يطالب إدارة المتحف المصري الكبير بإصدار مدونة سلوك: محدش يلمس الآثار ولا يقرب منها    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
هل يتمگن الإنسان من معرفة حقيقة ذاته؟‮!‬

‮وكتاب الموتي عند الفراعنة حافل بكل ما يتصل بالروح ورحلتها،
وحافل أيضا بالطقوس التي تجعل الموت مقدسا وجليلا‮ ‬
السبت‮:‬
الانسان جاء للحياة علي هذه الارض‮ ‬ليتعلم ويعرف‮.. ‬وهو في سعيه الدائم الي المعرفة تثير الهمسة فضوله،‮ ‬وتوقظ اللمسة كل حواسه‮.. ‬ولذلك هو لا يستطيع ان يتوقف عن التفكير وهو ايضا يكون في حالة تأهب للاستجابة لأي فعل برد الفعل المناسب له‮.. ‬وعندما ينفرد بذاته،‮ ‬فانه يستعيد من ذاكرته العديد من المعلومات التي سبق له تحصيلها مما رآه،‮ ‬أوسمعه،‮ ‬ليستعرضه،‮ ‬أو ليتأمله مرة أخري،‮ ‬لعله يكتشف فيه جديدا فاته إدراكه‮.‬
وفي البدء شغل الموت اهتمام الإنسان وحيره‮.. ‬ولما طالت حيرته اعتبره لعنة‮ ‬غضب تصبها عليه الآلهة لأنه لا يقدم لها ما يقربه منها‮.. ‬ثم تطور فكره بعد ذلك فاعتبره نهاية حتمية لكل حي‮.. ‬ثم اعتبره بداية لحياة أخري في دنيا أخري قد تكون أفضل‮.. ‬وأسعده هذا الإفتراض وأراحه‮!‬
كان لابد أن يحاول الإنسان،‮ ‬علي مر العصور،‮ ‬اقتحام ذاته،‮ ‬ليفهم ذاته‮.. ‬وقد بذل في سبيل ذلك جهدا مضنيا‮.. ‬وكان كلما فشل حاول مرة أخري‮.. ‬واستمر يعيد المحاولات لألوف المرات عبر ألوف السنين،‮ ‬ولم يتوقف‮.. ‬ولن يتوقف‮.. ‬لأنه لم يتمكن حتي الآن من معرفة خطايا ذاته وحقيقتها‮!!‬
وأقدم دليل علي محاولات الإنسان اقتحام ذاته،‮ ‬هو ما تركه الفراعنة مكتوبا علي أوراق البردي،‮ ‬وجدران معابدهم ومقابرهم‮.. ‬فماذا قالوا؟‮..‬
قالوا إن الإنسان جسد وروح‮.. ‬وأن الجسد هوما يولد لينمو ويعيش،‮ ‬ثم يموت‮.. ‬وأما الروح فهي التي تمد الجسد بالحياة،‮ ‬ثم ترحل عنه لتعود إليه مرة أخري لتأخذه إلي حياة ثانية جديدة‮.. ‬والروح لا تفني،‮ ‬فهي خالدة خلودا أبديا‮.. ‬وكتاب الموتي عند الفراعنة حافل بكل ما يتصل بالروح ورحلتها،‮ ‬وحافل أيضا بالطقوس التي تجعل الموت مقدسا وجليلا‮.. ‬وكان ما قاله الفراعنة عن الموت والحياة الثانية كافيا للتشبث به باعتباره يبدد جزءا من الغموض الذي ظل يحيط بالإنسان‮.. ‬أو ذلك اللغز الذي كان وسيظل عصيا علي الفهم ربما لألوف أخري من السنين‮!!‬
وقال الفراعنة أيضا أن الحياة علي الأرض هي الجسر،‮ ‬أو البوابة،‮ ‬التي يعبر منها الإنسان إلي الجنة حيث تكون ثيابه من حرير،‮ ‬وطعامه فاكهة،‮ ‬وشرابه خمرا معتقة وينعم فيها بالسكينة والإطمئنان‮.. ‬أو إلي الجحيم حيث النار،‮ ‬والدنس،‮ ‬والوحوش الكاسرة،‮ ‬والعذاب الرهيب‮..‬
وليس الفراعنة وحدهم الذين قالوا بذلك‮.. ‬فالبابليون،‮ ‬والفرس،‮ ‬والإغريق،‮ ‬والهنود قالوه أيضا‮.. ‬فإذا كان‮ »‬‬أوزوريس‮» ‬المصري يزن أعمال الناس بعد موتهم بميزان العدل،‮ ‬ليدفع بالمحسنين إلي الجنة،‮ ‬وبالمسيئين إلي جحيم جهنم‮.. ‬فإن‮ «عشتروت‮»‬ ‬البابلية تهبط إلي الجحيم حيث يعاني‮ «تاموز‮»‬ ‬من عذاب الجوع والعطش والزمهرير،‮ ‬لتعود به إلي الجنة‮.. ‬وعند الفرس كان‮ «أهو راما زاد‮»‬ ‬إله الخير،‮ ‬و»أهو ريمان‮»‬ ‬ملك العالم السفلي والظلمات في صراع دائم محتدم‮. ‬كلاهما يريد أن يأخذ الإنسان إليه‮..‬
وعند الإغريق نجد الجنة والنار‮.. ‬وقد تحدث هوميروس في‮ «الإلياذة‮»‬ ‬عن عالم الموتي،‮ ‬وأنهار الجحيم،‮ ‬وأبواب السماء،‮ ‬ونعيم الجنة،‮ ‬وذكر في‮ «الأوديسة‮»‬‬،‮ ‬تفاصيل زيارة‮ «أوليسيس‮»‬ ‬للعالم السفلي وأحاديثه إلي أشباح الموتي‮!! ‬أما في الهند فقد ذكرت أساطيرهم أن‮ «يود هيشيترا‮»‬ ‬رمز الشر-هبط إلي الجحيم حيث اللهب،‮ ‬والجثث،‮ ‬والديدان‮.. ‬بينما صعد‮ «أرجنا‮»‬ -‬بطل الخير‮- ‬إلي السماء،‮ ‬حيث يعيش المؤمنون في جنة خضراء،‮ ‬ينعمون برؤية الأزهار والورود الجميلة،‮ ‬ويستمعون إلي العذب من الأنغام السماوية،‮ ‬ويجالسون الحوريات تحت الأشجار‮.. ‬وتقول الاسطورة أن موكبا عظيما من الملائكة،‮ ‬وصفوة البراهمة،‮ ‬كان يحيط ب‮ «أرجنا‮»‬ ‬عند صعوده إلي السماء،‮ ‬حتي أوصلوه إلي عرش إله الآلهة‮!!‬
النفس وليست الروح‮!‬
كل الحضارات القديمة قالت أن‮ ‬الإنسان روح وجسد‮.. ‬وعندما نزل القرآن الكريم حسم الأمر،‮ ‬فلم يتحدث عن الروح سوي مرة واحدة،‮ ‬حين قال في الآية‮ «85‮»‬ ‬من سورة الإسراء بوضوح لا يحتمل أي تأويل ولايتطلب اجتهادا للتفسير‮:‬
‮» ‬وَيَسْأَلُونَكَ‮ ‬عَنِ‮ ‬الرُّوحِ‮ ‬قُلِ‮ ‬الرُّوحُ‮ ‬مِنْ‮ ‬أَمْرِ‮ ‬رَبِّي‮ ‬وَمَا‮ ‬أُوتِيتُم مِّنَ‮ ‬العِلْمِ‮ ‬إِلاَّ‮ ‬قَلِيلاً‮»‬‬
وكل ما جاء في سور القرآن الكريم كان عن النفس‮.. ‬مما يؤكد أن الإنسان نفس وجسد‮»‬.‬
‮ ‬وعندما نتأمل قوله تعالي في الآيات ‮72‬و‮82‬و‮92‬و‮0‬3‮ ‬من سورة الفجر‮ «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ‮ ‬المُطْمَئِنَّةُ‮ (‬27‮) ‬ارْجِعِي‮ ‬إِلَي رَبِّكِ‮ ‬رَاضِيَةً‮ ‬مَّرْضِيَّةً‮ (‬28‮) ‬فَادْخُلِي‮ ‬فِي‮ ‬عِبَادِي‮ (‬29‮) ‬وَادْخُلِي‮ ‬جَنَّتِي‮ (‬30‮)‬‮»‬ ‬سنجد أن الله،‮ ‬سبحانه وتعالي يأمر النفس المؤمنة التي فارقت جسدها بالوفاة،‮ ‬بالعودة اليه لتدخل الجنة وتنعم بنعيمها مع عباده المؤمنين الصالحين‮.. ‬ومن البديهي أنها تعود الي خالقها بكامل ادراكها وحسها وذاكرتها‮.. ‬ومن البديهي ايضا أن النفس،‮ ‬وليس الجسد،‮ ‬هي التي تدري وهي التي لاتدري،‮ ‬وهي التي تفرح وتحزن،‮ ‬وهي التي تعرف وتعقل،‮ ‬وهي التي تشقي وتطمئن‮.. ‬وهي التي تجيء الي الحياة الدنيا،‮ ‬ثم تذهب عنها إلي عالم الغيب‮.. ‬الي حيث لانعلم‮.. ‬الي حيث لا نري‮!!‬
وأشهر الفلاسفة الذين ذكرهم التاريخ،‮ ‬لم يتحدثوا عن الروح،‮ ‬بل كان حديثهم كله عن النفس‮.‬
سقراط مثلا،‮ ‬أبوالفلاسفة الإغريق،‮ ‬عندما تعرض للمحاكمة وصدر ضده الحكم بالإعدام‮.. ‬همس لاثنين من اتباعه الذين حضروا اعدامه قائلا‮:‬
‮«لولا ثقتي الكاملة بأنني ذاهب الي آلهة أخري حليمة ورحيمة،‮ ‬والي رجال ماتوا،‮ ‬افضل من رجال هذه الحياة لكان من الخطأ الفادح ألا تثور نفسي ضد الموت؟؟
وأفلاطون‮ ‬أيضا لم يتحدث عن‮ «الروح‮»‬.. ‬وعندما تحدث عن الخلود،‮ ‬كان حديثه مقصورا علي خلود‮ «النفس‮»‬.. ‬وقال في الخطاب السابع من كتابه‮ «محاورة فيدون‮»‬ ‬أن الانسان ليس بدنا فقط،‮ ‬بل هو‮ «نفس‮»‬ ‬وبدن،‮ ‬ولكل منهما مطالبه‮.. ‬والإنسان لن يكون حكيما محبا للحكمة،‮ ‬مادام علي قيد الحياة،‮ ‬ونفسه متصلة ببدنة‮.. ‬إما اذا انفصلت‮ «نفسي‮»‬ ‬عن البدن فإنها تبلغ‮ ‬الحكمة،‮ ‬لأن الموت يكون عندئذ مطية الرجل الصالح الي حياة أفضل‮»‬!!‬
وغير سقراط وأفلاطون،‮ ‬هناك فلاسفة آخرون في عصور مختلفة اجتهدوا في تعريف‮ «النفس‮»‬‬،‮ ‬فلم يقعوا في اللبس الذي وقع فيه‮ ‬غيرهم‮..‬
فابن رشد أشهر الفلاسفة المسلمين يقول في كتابه‮ «الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة‮»‬ ‬أنه لامفر من التسليم بوجود حياة أخري تعود اليها النفس كي تتلقي جزاءها‮..‬
ويقول الإمام شمس الدين أبوعبدالله ابن القيم‮: «أن النفس جسم نوراني علوي خفيف،‮ ‬يسري في البدن سريان الماء في الورد،‮ ‬وسريان الدهن في الزيتون،‮ ‬والنار في الفحم‮.. ‬وإذا خرج منه مات واندثر‮»‬.‬
أما الفيلسوف الطبيب ابن سينا،‮ ‬فإنه يقول في رسالته‮ «معرفة النفس الناطقة وأحوالها‮»‬.. ‬أن جوهر الإنسان لايفني بعد الموت،‮ ‬بل هو باق لبقاء خالقه تعالي‮.. ‬وهو محرك البدن،‮ ‬ومديره،‮ ‬ومتصرف فيه‮.. ‬وجوهر الإنسان‮- ‬أو نفسه‮- ‬ينفصل عن البدن اثناء النوم،‮ ‬ويري الأشياء ويسمعها‮.. ‬بل يدرك ما ينطوي عليه المستقبل في المنامات الصادقة،‮ ‬وهو ما لايتيسر له أثناء اليقظة‮.. ‬وهذا برهان ساطع علي أن الجوهر‮ ‬غير محتاج الي البدن‮.. ‬بل هو يقوي بتعطله‮.. ‬فإذا مات البدن وخرب،‮ ‬فإن الجوهر يتخلص من قيوده،‮ ‬وينطلق إلي آفاق أرحب وأوسع،‮ ‬ويسافر عبر الزمن،‮ ‬ليري أبعد،‮ ‬ويسمع أعمق‮»‬.‬
رؤية أحداث المستقبل‮!‬
وإذا كان الفيلسوف ابن سينا قد ألمح‮ ‬ألي أن‮ «النفس‮»‬ ‬الإنسانية تستطيع أن تري الأشياء وتسمعها أثناء نوم البدن،‮ ‬فإن الطبيب والعالم الفسيولوجي البريطاني‮ «اليكس كارل‮»‬‬،‮ ‬الحاصل علي جائزة نوبل عام ‮2191 ‬يقول أن البصر المغناطيسي قد يكتشف اشياء مخبأة علي مسافات بعيدة‮.. ‬وأن بعض الأشخاص كان في وسعهم رؤية أحداث وقعت فعلا في الماضي،‮ ‬أو ستقع في المستقبل،،‮ ‬ويقول أن التجارب العملية،‮ ‬التي خضع لها العديد من أولئك الأشخاص كانت نتائجها العلمية تشير للوهلة الأولي إلي أن الإنسان يعيش حاضرا منفصلا عن الماضي والمستقبل بحاجز كثيف يحول دونه ودون الرؤية الواضحة للأحداث الموجودة في كل منهما‮.. ‬إلا أن هذا الحاجز موجود داخل الإنسان نفسه،‮ ‬وأن القفز فوقه يصبح أمرا مستطاعا لو توافرت لدي الانسان الارادة علي ذلك‮.‬
ويضيف اليكس كارل أنه تم اكتشاف أفراد معينين لديهم القدرة علي السفر في الزمن،‮ ‬وكأنهم يتجولون بسهولة في العالم المادي‮.. ‬وهم يستطيعون تأمل أحداث وقعت في الماضي،‮ ‬أو ستقع في المستقبل ثم يعودون مرة أخري إلي الحاضر‮..‬
وفي القرآن الكريم أكثرمن دليل علي أن الإنسان يستطيع عبور الحاجز الكثيف إلي الماضي أو المستقبل‮.. ‬وفي الآيات‮ ‬4‮ ‬و5‮ ‬و6‮ ‬من سورة يوسف يقول تعالي‮:‬
‮«إِذْ‮ ‬قَالَ‮ ‬يُوسُفُ‮ ‬لأَبِيهِ‮ ‬يَا أَبَتِ‮ ‬إِنِّي رَأَيْتُ‮ ‬أَحَدَ‮ ‬عَشَرَ‮ ‬كَوْكَباً‮ ‬وَالشَّمْسَ‮ ‬وَالْقَمَرَ‮ ‬رَأَيْتُهُمْ‮ ‬لِي سَاجِدِينَ‮ (‬4‮) ‬قَالَ‮ ‬يَا بُنَيَّ‮ ‬لاَ‮ ‬تَقْصُصْ‮ ‬رُؤيَاكَ‮ ‬عَلَي إِخْوَتِكَ‮ ‬فَيَكِيدُوا لَكَ‮ ‬كَيْداً‮ ‬إِنَّ‮ ‬الشَّيْطَانَ‮ ‬لِلإِنسَانِ‮ ‬عَدُوٌّ‮ ‬مُّبِينٌ‮ (‬5‮) ‬وَكَذَلِكَ‮ ‬يَجْتَبِيكَ‮ ‬رَبُّكَ‮ ‬وَيُعَلِّمُكَ‮ ‬مِن تَأْوِيلِ‮ ‬الأَحَادِيثِ‮ ‬وَيُتِمُّ‮ ‬نِعْمَتَهُ‮ ‬عَلَيْكَ‮ ‬وَعَلَي آلِ‮ ‬يَعْقُوبَ‮ ‬كَمَا أَتَمَّهَا عَلَي أَبَوَيْكَ‮ ‬مِن قَبْلُ‮ ‬إِبْرَاهِيمَ‮ ‬وَإِسْحَاقَ‮ ‬إِنَّ‮ ‬رَبَّكَ‮ ‬عَلِيمٌ‮ ‬حَكِيمٌ‮»‬‬
هذه الآيات تشير إلي حقيقة ذات شقين‮.. ‬الأولي منهما توضح لنا أن يوسف،‮ ‬عليه السلام،‮ ‬عبر‮ -‬وهو نائم‮- ‬الحاجز الفاصل بين الحاضر‮ ‬والمستقبل ورأي ما رآه‮..‬وأن أباه يعقوب،‮ ‬عليه السلام،‮ ‬عبر نفس الحاجز‮- ‬وهو متيقظ‮- ‬ليري نفس المشهد‮.. ‬والشهر الثاني أن يوسف رأي الحدث مرموزا بينما يعقوب رآه بغير رمز،‮ ‬بدليل أنه طلب من يوسف ألا يقصص رؤياه علي اخوته،‮ ‬وكانوا أحد عشر أخا‮.. ‬وكان لابد أن يمر عدد من السنين يقترب من العشرين،‮ ‬علي الأقل،‮ ‬يقع الحدث بكل تفاصيله ويراه يوسف ويعقوب واقعا ملموسا‮.. ‬كما أوضحت ذلك الآيتان‮ ‬99‮ ‬و001‮ ‬من نفس السورة‮:‬
‮«فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَي يُوسُفَ‮ ‬آوَي إِلَيْهِ‮ ‬أَبَوَيْهِ‮ ‬وَقَالَ‮ ‬ادْخُلُوا مِصْرَ‮ ‬إِن شَاءَ‮ ‬اللَّهُ‮ ‬آمِنِينَ‮ (‬99‮) ‬وَرَفَعَ‮ ‬أَبَوَيْهِ‮ ‬عَلَي العَرْشِ‮ ‬وَخَرُّوا لَهُ‮ ‬سُجَّداً‮ ‬وَقَالَ‮ ‬يَا أَبَتِ‮ ‬هَذَا تَأْوِيلُ‮ ‬رُؤْيَايَ‮ ‬مِن قَبْلُ‮ ‬قَدْ‮ ‬جَعَلَهَا رَبِّي حَقاًّ‮ ‬وَقَدْ‮ ‬أَحْسَنَ‮ ‬بِي إِذْ‮ ‬أَخْرَجَنِي مِنَ‮ ‬السِّجْنِ‮ ‬وَجَاءَ‮ ‬بِكُم مِّنَ‮ ‬البَدْوِ‮ ‬مِنْ‮ ‬بَعْدِ‮ ‬أَن نَّزَغَ‮ ‬الشَّيْطَانُ‮ ‬بَيْنِي وَبَيْنَ‮ ‬إِخْوَتِي إِنَّ‮ ‬رَبِّي لَطِيفٌ‮ ‬لِّمَا يَشَاءُ‮ ‬إِنَّهُ‮ ‬هُوَ‮ ‬العَلِيمُ‮ ‬الحَكِيمُ‮»‬‬
والنظرة المتأملة لهذا الحادث تضعنا أمام حقيقة هامة أكدها القرآن الكريم،‮ ‬وهي أن الأحداث موجودة بكل تفاصيلها في المستقبل والحاضر في ذات اللحظة‮.. ‬
ولربما يقول قائل أن يوسف ويعقوب،‮ ‬عليهما السلام،‮ ‬من النبيين،‮ ‬وأن الله سبحانه وتعالي قد رفع عنهما الحجاب‮.. ‬لكن ما جاء بعد ذلك في نفس السورة لايفيد هذا المعني بقدر ما يؤكد حقيقة وجود المستقبل والحاضر جنبا إلي جنب في ذات اللحظة‮.. ‬وأن الإنسان‮ -‬أي انسان‮- ‬يستطيع القفز فوق الحاجز إلي المستقبل،‮ ‬حتي إذا كان من‮ ‬غير النبيين‮.. ‬وهذا ما تؤكده الآية‮ ‬34‮ ‬حين قالت‮:‬
‮«وقال المَلِكُ‮ ‬إِنِّي أَرَي سَبْعَ‮ ‬بَقَرَاتٍ‮ ‬سِمَانٍ‮ ‬يَأْكُلُهُنَّ‮ ‬سَبْعٌ‮ ‬عِجَافٌ‮ ‬وَسَبْعَ‮ ‬سُنْبُلاتٍ‮ ‬خُضْرٍ‮ ‬وَأُخَرَ‮ ‬يَابِسَاتٍ‮ ‬يَا أَيُّهَا المَلأُ‮ ‬أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ‮ ‬إِن كُنتُمْ‮ ‬لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ‮»‬‬
لقد استطاع فرعون،‮ ‬الذي لم يكن نبيا،‮ ‬ولا حتي قديسا،‮ ‬أن يتوغل في المستقبل،‮ ‬وهو نائم،‮ ‬ويري حدثا حقيقيا،‮ ‬قام يوسف الصديق بعد ذلك بتفسير رموزه‮.. ‬وكان عليه السلام علي يقين من أنه نفذ الي المستقبل،‮ ‬ولمس الحقيقة،‮ ‬الي درجة أنه طلب من فرعون أن يسند اليه الولاية علي صوامع الحبوب بعد تخزينها،‮ ‬وهو ما أكدته الآية‮ ‬55‮ ‬التي تقول‮:» ‬قَالَ‮ ‬اجْعَلْنِي عَلَي خَزَائِنِ‮ ‬الأَرْضِ‮ ‬إِنِّي حَفِيظٌ‮ ‬عَلِيم‮»‬‬
‮‬
إن التاريخ الإنساني حافل بعشرات النماذج من الرجال والنساء الذين امتلكوا القدرة علي التوغل في عمق المستقبل‮.. ‬ومنهم من رأي أحداثا تحققت بعد أيام‮.. ‬ومنهم من رأي أحداثا وروي تفاصيلها بمنتهي الدقة قبل أن تصبح واقعا،‮ ‬بنفس التفاصيل،‮ ‬بعد عشرات السنين‮!!‬
وبعض هؤلاء كان يستيقظ من النوم ليروي ما شاهده وتلك هي الرؤي‮.. ‬وبعضهم الآخر كان يستطيع اقتحام المستقبل والتوغل بين أحداثه وهو في حالة يقظة كاملة،‮ ‬ليشير إلي تفاصيل ما سيحدث وهذه هي التنبؤات‮.. ‬وما أكثر ما تحقق من تلك التنبؤات ولو بعد حين‮!!‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.