"25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    محافظ القاهرة: معرض مستلزمات الأسرة مستمر لأسبوع للسيطرة على الأسعار    الخارجية القطرية: أمن السعودية ودول الخليج جزء لا يتجزأ من أمن قطر    زيلينسكي يناقش مع ترامب تواجد قوات أمريكية في أوكرانيا    رئيس كوريا الجنوبية يزور الصين من 4 إلى 7 يناير لإجراء محادثات مع الرئيس الصيني    مراكز شباب المنيا تتحول إلى منصات رياضية واستثمارية مستدامة    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    المنتجين العرب يعلن دعمه وإشادته بمبادرة الشركة المتحدة للارتقاء بالمحتوى الإعلامي    «قاطعوهم يرحمكم الله».. رئيس تحرير اليوم السابع يدعو لتوسيع مقاطعة «شياطين السوشيال ميديا»    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    مانشستر يونايتد يسقط فى فخ التعادل أمام وولفرهامبتون بالدوري الإنجليزي    نتنياهو يزعم بوجود قضايا لم تنجز بعد في الشرق الأوسط    توغل إسرائيلي وإطلاق نار في "تل الأحمر" بريف القنيطرة السورية (فيديو)    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    أرسنال يكتسح أستون فيلا برباعية ويعزز صدارته للدوري الإنجليزي    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    مصدر بالزمالك: سداد مستحقات اللاعبين أولوية وليس فتح القيد    نتائج الجولة 19 من الدوري الإنجليزي الممتاز.. تعادلات مثيرة وسقوط مفاجئ    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    مصرع طفل صدمه قطار أثناء عبور مزلقان العامرية في الفيوم    من موقع الحادث.. هنا عند ترعة المريوطية بدأت الحكاية وانتهت ببطولة    دعم صحفي واسع لمبادرة المتحدة بوقف تغطية مشاهير السوشيال ميديا والتيك توك    التنمية المحلية: تقليص إجراءات طلبات التصالح من 15 إلى 8 خطوات    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    قيس سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية يناير 2026    طرح البرومو الأول للدراما الكورية "In Our Radiant Season" (فيديو)    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    الخميس.. صالون فضاءات أم الدنيا يناقش «دوائر التيه» للشاعر محمد سلامة زهر    لهذا السبب... إلهام الفضالة تتصدر تريند جوجل    ظهور نادر يحسم الشائعات... دي كابريو وفيتوريا في مشهد حب علني بلوس أنجلوس    قرارات حاسمة من تعليم الجيزة لضبط امتحانات الفصل الدراسي الأول    بسبب الفكة، هل يتم زيادة أسعار تذاكر المترو؟ رئيس الهيئة يجيب (فيديو)    رسميًا.. مصر تواجه بنين في ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    غدًا.. محاكمة 3 طالبات في الاعتداء على الطالبة كارما داخل مدرسة    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    أمين البحوث الإسلامية يلتقي نائب محافظ المنوفية لبحث تعزيز التعاون الدعوي والمجتمعي    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    كشف ملابسات مشاجرة بالجيزة وضبط طرفيها    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    طقس اليوم: مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والصغرى بالقاهرة 12    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
هل يتمگن الإنسان من معرفة حقيقة ذاته؟‮!‬

‮وكتاب الموتي عند الفراعنة حافل بكل ما يتصل بالروح ورحلتها،
وحافل أيضا بالطقوس التي تجعل الموت مقدسا وجليلا‮ ‬
السبت‮:‬
الانسان جاء للحياة علي هذه الارض‮ ‬ليتعلم ويعرف‮.. ‬وهو في سعيه الدائم الي المعرفة تثير الهمسة فضوله،‮ ‬وتوقظ اللمسة كل حواسه‮.. ‬ولذلك هو لا يستطيع ان يتوقف عن التفكير وهو ايضا يكون في حالة تأهب للاستجابة لأي فعل برد الفعل المناسب له‮.. ‬وعندما ينفرد بذاته،‮ ‬فانه يستعيد من ذاكرته العديد من المعلومات التي سبق له تحصيلها مما رآه،‮ ‬أوسمعه،‮ ‬ليستعرضه،‮ ‬أو ليتأمله مرة أخري،‮ ‬لعله يكتشف فيه جديدا فاته إدراكه‮.‬
وفي البدء شغل الموت اهتمام الإنسان وحيره‮.. ‬ولما طالت حيرته اعتبره لعنة‮ ‬غضب تصبها عليه الآلهة لأنه لا يقدم لها ما يقربه منها‮.. ‬ثم تطور فكره بعد ذلك فاعتبره نهاية حتمية لكل حي‮.. ‬ثم اعتبره بداية لحياة أخري في دنيا أخري قد تكون أفضل‮.. ‬وأسعده هذا الإفتراض وأراحه‮!‬
كان لابد أن يحاول الإنسان،‮ ‬علي مر العصور،‮ ‬اقتحام ذاته،‮ ‬ليفهم ذاته‮.. ‬وقد بذل في سبيل ذلك جهدا مضنيا‮.. ‬وكان كلما فشل حاول مرة أخري‮.. ‬واستمر يعيد المحاولات لألوف المرات عبر ألوف السنين،‮ ‬ولم يتوقف‮.. ‬ولن يتوقف‮.. ‬لأنه لم يتمكن حتي الآن من معرفة خطايا ذاته وحقيقتها‮!!‬
وأقدم دليل علي محاولات الإنسان اقتحام ذاته،‮ ‬هو ما تركه الفراعنة مكتوبا علي أوراق البردي،‮ ‬وجدران معابدهم ومقابرهم‮.. ‬فماذا قالوا؟‮..‬
قالوا إن الإنسان جسد وروح‮.. ‬وأن الجسد هوما يولد لينمو ويعيش،‮ ‬ثم يموت‮.. ‬وأما الروح فهي التي تمد الجسد بالحياة،‮ ‬ثم ترحل عنه لتعود إليه مرة أخري لتأخذه إلي حياة ثانية جديدة‮.. ‬والروح لا تفني،‮ ‬فهي خالدة خلودا أبديا‮.. ‬وكتاب الموتي عند الفراعنة حافل بكل ما يتصل بالروح ورحلتها،‮ ‬وحافل أيضا بالطقوس التي تجعل الموت مقدسا وجليلا‮.. ‬وكان ما قاله الفراعنة عن الموت والحياة الثانية كافيا للتشبث به باعتباره يبدد جزءا من الغموض الذي ظل يحيط بالإنسان‮.. ‬أو ذلك اللغز الذي كان وسيظل عصيا علي الفهم ربما لألوف أخري من السنين‮!!‬
وقال الفراعنة أيضا أن الحياة علي الأرض هي الجسر،‮ ‬أو البوابة،‮ ‬التي يعبر منها الإنسان إلي الجنة حيث تكون ثيابه من حرير،‮ ‬وطعامه فاكهة،‮ ‬وشرابه خمرا معتقة وينعم فيها بالسكينة والإطمئنان‮.. ‬أو إلي الجحيم حيث النار،‮ ‬والدنس،‮ ‬والوحوش الكاسرة،‮ ‬والعذاب الرهيب‮..‬
وليس الفراعنة وحدهم الذين قالوا بذلك‮.. ‬فالبابليون،‮ ‬والفرس،‮ ‬والإغريق،‮ ‬والهنود قالوه أيضا‮.. ‬فإذا كان‮ »‬‬أوزوريس‮» ‬المصري يزن أعمال الناس بعد موتهم بميزان العدل،‮ ‬ليدفع بالمحسنين إلي الجنة،‮ ‬وبالمسيئين إلي جحيم جهنم‮.. ‬فإن‮ «عشتروت‮»‬ ‬البابلية تهبط إلي الجحيم حيث يعاني‮ «تاموز‮»‬ ‬من عذاب الجوع والعطش والزمهرير،‮ ‬لتعود به إلي الجنة‮.. ‬وعند الفرس كان‮ «أهو راما زاد‮»‬ ‬إله الخير،‮ ‬و»أهو ريمان‮»‬ ‬ملك العالم السفلي والظلمات في صراع دائم محتدم‮. ‬كلاهما يريد أن يأخذ الإنسان إليه‮..‬
وعند الإغريق نجد الجنة والنار‮.. ‬وقد تحدث هوميروس في‮ «الإلياذة‮»‬ ‬عن عالم الموتي،‮ ‬وأنهار الجحيم،‮ ‬وأبواب السماء،‮ ‬ونعيم الجنة،‮ ‬وذكر في‮ «الأوديسة‮»‬‬،‮ ‬تفاصيل زيارة‮ «أوليسيس‮»‬ ‬للعالم السفلي وأحاديثه إلي أشباح الموتي‮!! ‬أما في الهند فقد ذكرت أساطيرهم أن‮ «يود هيشيترا‮»‬ ‬رمز الشر-هبط إلي الجحيم حيث اللهب،‮ ‬والجثث،‮ ‬والديدان‮.. ‬بينما صعد‮ «أرجنا‮»‬ -‬بطل الخير‮- ‬إلي السماء،‮ ‬حيث يعيش المؤمنون في جنة خضراء،‮ ‬ينعمون برؤية الأزهار والورود الجميلة،‮ ‬ويستمعون إلي العذب من الأنغام السماوية،‮ ‬ويجالسون الحوريات تحت الأشجار‮.. ‬وتقول الاسطورة أن موكبا عظيما من الملائكة،‮ ‬وصفوة البراهمة،‮ ‬كان يحيط ب‮ «أرجنا‮»‬ ‬عند صعوده إلي السماء،‮ ‬حتي أوصلوه إلي عرش إله الآلهة‮!!‬
النفس وليست الروح‮!‬
كل الحضارات القديمة قالت أن‮ ‬الإنسان روح وجسد‮.. ‬وعندما نزل القرآن الكريم حسم الأمر،‮ ‬فلم يتحدث عن الروح سوي مرة واحدة،‮ ‬حين قال في الآية‮ «85‮»‬ ‬من سورة الإسراء بوضوح لا يحتمل أي تأويل ولايتطلب اجتهادا للتفسير‮:‬
‮» ‬وَيَسْأَلُونَكَ‮ ‬عَنِ‮ ‬الرُّوحِ‮ ‬قُلِ‮ ‬الرُّوحُ‮ ‬مِنْ‮ ‬أَمْرِ‮ ‬رَبِّي‮ ‬وَمَا‮ ‬أُوتِيتُم مِّنَ‮ ‬العِلْمِ‮ ‬إِلاَّ‮ ‬قَلِيلاً‮»‬‬
وكل ما جاء في سور القرآن الكريم كان عن النفس‮.. ‬مما يؤكد أن الإنسان نفس وجسد‮»‬.‬
‮ ‬وعندما نتأمل قوله تعالي في الآيات ‮72‬و‮82‬و‮92‬و‮0‬3‮ ‬من سورة الفجر‮ «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ‮ ‬المُطْمَئِنَّةُ‮ (‬27‮) ‬ارْجِعِي‮ ‬إِلَي رَبِّكِ‮ ‬رَاضِيَةً‮ ‬مَّرْضِيَّةً‮ (‬28‮) ‬فَادْخُلِي‮ ‬فِي‮ ‬عِبَادِي‮ (‬29‮) ‬وَادْخُلِي‮ ‬جَنَّتِي‮ (‬30‮)‬‮»‬ ‬سنجد أن الله،‮ ‬سبحانه وتعالي يأمر النفس المؤمنة التي فارقت جسدها بالوفاة،‮ ‬بالعودة اليه لتدخل الجنة وتنعم بنعيمها مع عباده المؤمنين الصالحين‮.. ‬ومن البديهي أنها تعود الي خالقها بكامل ادراكها وحسها وذاكرتها‮.. ‬ومن البديهي ايضا أن النفس،‮ ‬وليس الجسد،‮ ‬هي التي تدري وهي التي لاتدري،‮ ‬وهي التي تفرح وتحزن،‮ ‬وهي التي تعرف وتعقل،‮ ‬وهي التي تشقي وتطمئن‮.. ‬وهي التي تجيء الي الحياة الدنيا،‮ ‬ثم تذهب عنها إلي عالم الغيب‮.. ‬الي حيث لانعلم‮.. ‬الي حيث لا نري‮!!‬
وأشهر الفلاسفة الذين ذكرهم التاريخ،‮ ‬لم يتحدثوا عن الروح،‮ ‬بل كان حديثهم كله عن النفس‮.‬
سقراط مثلا،‮ ‬أبوالفلاسفة الإغريق،‮ ‬عندما تعرض للمحاكمة وصدر ضده الحكم بالإعدام‮.. ‬همس لاثنين من اتباعه الذين حضروا اعدامه قائلا‮:‬
‮«لولا ثقتي الكاملة بأنني ذاهب الي آلهة أخري حليمة ورحيمة،‮ ‬والي رجال ماتوا،‮ ‬افضل من رجال هذه الحياة لكان من الخطأ الفادح ألا تثور نفسي ضد الموت؟؟
وأفلاطون‮ ‬أيضا لم يتحدث عن‮ «الروح‮»‬.. ‬وعندما تحدث عن الخلود،‮ ‬كان حديثه مقصورا علي خلود‮ «النفس‮»‬.. ‬وقال في الخطاب السابع من كتابه‮ «محاورة فيدون‮»‬ ‬أن الانسان ليس بدنا فقط،‮ ‬بل هو‮ «نفس‮»‬ ‬وبدن،‮ ‬ولكل منهما مطالبه‮.. ‬والإنسان لن يكون حكيما محبا للحكمة،‮ ‬مادام علي قيد الحياة،‮ ‬ونفسه متصلة ببدنة‮.. ‬إما اذا انفصلت‮ «نفسي‮»‬ ‬عن البدن فإنها تبلغ‮ ‬الحكمة،‮ ‬لأن الموت يكون عندئذ مطية الرجل الصالح الي حياة أفضل‮»‬!!‬
وغير سقراط وأفلاطون،‮ ‬هناك فلاسفة آخرون في عصور مختلفة اجتهدوا في تعريف‮ «النفس‮»‬‬،‮ ‬فلم يقعوا في اللبس الذي وقع فيه‮ ‬غيرهم‮..‬
فابن رشد أشهر الفلاسفة المسلمين يقول في كتابه‮ «الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة‮»‬ ‬أنه لامفر من التسليم بوجود حياة أخري تعود اليها النفس كي تتلقي جزاءها‮..‬
ويقول الإمام شمس الدين أبوعبدالله ابن القيم‮: «أن النفس جسم نوراني علوي خفيف،‮ ‬يسري في البدن سريان الماء في الورد،‮ ‬وسريان الدهن في الزيتون،‮ ‬والنار في الفحم‮.. ‬وإذا خرج منه مات واندثر‮»‬.‬
أما الفيلسوف الطبيب ابن سينا،‮ ‬فإنه يقول في رسالته‮ «معرفة النفس الناطقة وأحوالها‮»‬.. ‬أن جوهر الإنسان لايفني بعد الموت،‮ ‬بل هو باق لبقاء خالقه تعالي‮.. ‬وهو محرك البدن،‮ ‬ومديره،‮ ‬ومتصرف فيه‮.. ‬وجوهر الإنسان‮- ‬أو نفسه‮- ‬ينفصل عن البدن اثناء النوم،‮ ‬ويري الأشياء ويسمعها‮.. ‬بل يدرك ما ينطوي عليه المستقبل في المنامات الصادقة،‮ ‬وهو ما لايتيسر له أثناء اليقظة‮.. ‬وهذا برهان ساطع علي أن الجوهر‮ ‬غير محتاج الي البدن‮.. ‬بل هو يقوي بتعطله‮.. ‬فإذا مات البدن وخرب،‮ ‬فإن الجوهر يتخلص من قيوده،‮ ‬وينطلق إلي آفاق أرحب وأوسع،‮ ‬ويسافر عبر الزمن،‮ ‬ليري أبعد،‮ ‬ويسمع أعمق‮»‬.‬
رؤية أحداث المستقبل‮!‬
وإذا كان الفيلسوف ابن سينا قد ألمح‮ ‬ألي أن‮ «النفس‮»‬ ‬الإنسانية تستطيع أن تري الأشياء وتسمعها أثناء نوم البدن،‮ ‬فإن الطبيب والعالم الفسيولوجي البريطاني‮ «اليكس كارل‮»‬‬،‮ ‬الحاصل علي جائزة نوبل عام ‮2191 ‬يقول أن البصر المغناطيسي قد يكتشف اشياء مخبأة علي مسافات بعيدة‮.. ‬وأن بعض الأشخاص كان في وسعهم رؤية أحداث وقعت فعلا في الماضي،‮ ‬أو ستقع في المستقبل،،‮ ‬ويقول أن التجارب العملية،‮ ‬التي خضع لها العديد من أولئك الأشخاص كانت نتائجها العلمية تشير للوهلة الأولي إلي أن الإنسان يعيش حاضرا منفصلا عن الماضي والمستقبل بحاجز كثيف يحول دونه ودون الرؤية الواضحة للأحداث الموجودة في كل منهما‮.. ‬إلا أن هذا الحاجز موجود داخل الإنسان نفسه،‮ ‬وأن القفز فوقه يصبح أمرا مستطاعا لو توافرت لدي الانسان الارادة علي ذلك‮.‬
ويضيف اليكس كارل أنه تم اكتشاف أفراد معينين لديهم القدرة علي السفر في الزمن،‮ ‬وكأنهم يتجولون بسهولة في العالم المادي‮.. ‬وهم يستطيعون تأمل أحداث وقعت في الماضي،‮ ‬أو ستقع في المستقبل ثم يعودون مرة أخري إلي الحاضر‮..‬
وفي القرآن الكريم أكثرمن دليل علي أن الإنسان يستطيع عبور الحاجز الكثيف إلي الماضي أو المستقبل‮.. ‬وفي الآيات‮ ‬4‮ ‬و5‮ ‬و6‮ ‬من سورة يوسف يقول تعالي‮:‬
‮«إِذْ‮ ‬قَالَ‮ ‬يُوسُفُ‮ ‬لأَبِيهِ‮ ‬يَا أَبَتِ‮ ‬إِنِّي رَأَيْتُ‮ ‬أَحَدَ‮ ‬عَشَرَ‮ ‬كَوْكَباً‮ ‬وَالشَّمْسَ‮ ‬وَالْقَمَرَ‮ ‬رَأَيْتُهُمْ‮ ‬لِي سَاجِدِينَ‮ (‬4‮) ‬قَالَ‮ ‬يَا بُنَيَّ‮ ‬لاَ‮ ‬تَقْصُصْ‮ ‬رُؤيَاكَ‮ ‬عَلَي إِخْوَتِكَ‮ ‬فَيَكِيدُوا لَكَ‮ ‬كَيْداً‮ ‬إِنَّ‮ ‬الشَّيْطَانَ‮ ‬لِلإِنسَانِ‮ ‬عَدُوٌّ‮ ‬مُّبِينٌ‮ (‬5‮) ‬وَكَذَلِكَ‮ ‬يَجْتَبِيكَ‮ ‬رَبُّكَ‮ ‬وَيُعَلِّمُكَ‮ ‬مِن تَأْوِيلِ‮ ‬الأَحَادِيثِ‮ ‬وَيُتِمُّ‮ ‬نِعْمَتَهُ‮ ‬عَلَيْكَ‮ ‬وَعَلَي آلِ‮ ‬يَعْقُوبَ‮ ‬كَمَا أَتَمَّهَا عَلَي أَبَوَيْكَ‮ ‬مِن قَبْلُ‮ ‬إِبْرَاهِيمَ‮ ‬وَإِسْحَاقَ‮ ‬إِنَّ‮ ‬رَبَّكَ‮ ‬عَلِيمٌ‮ ‬حَكِيمٌ‮»‬‬
هذه الآيات تشير إلي حقيقة ذات شقين‮.. ‬الأولي منهما توضح لنا أن يوسف،‮ ‬عليه السلام،‮ ‬عبر‮ -‬وهو نائم‮- ‬الحاجز الفاصل بين الحاضر‮ ‬والمستقبل ورأي ما رآه‮..‬وأن أباه يعقوب،‮ ‬عليه السلام،‮ ‬عبر نفس الحاجز‮- ‬وهو متيقظ‮- ‬ليري نفس المشهد‮.. ‬والشهر الثاني أن يوسف رأي الحدث مرموزا بينما يعقوب رآه بغير رمز،‮ ‬بدليل أنه طلب من يوسف ألا يقصص رؤياه علي اخوته،‮ ‬وكانوا أحد عشر أخا‮.. ‬وكان لابد أن يمر عدد من السنين يقترب من العشرين،‮ ‬علي الأقل،‮ ‬يقع الحدث بكل تفاصيله ويراه يوسف ويعقوب واقعا ملموسا‮.. ‬كما أوضحت ذلك الآيتان‮ ‬99‮ ‬و001‮ ‬من نفس السورة‮:‬
‮«فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَي يُوسُفَ‮ ‬آوَي إِلَيْهِ‮ ‬أَبَوَيْهِ‮ ‬وَقَالَ‮ ‬ادْخُلُوا مِصْرَ‮ ‬إِن شَاءَ‮ ‬اللَّهُ‮ ‬آمِنِينَ‮ (‬99‮) ‬وَرَفَعَ‮ ‬أَبَوَيْهِ‮ ‬عَلَي العَرْشِ‮ ‬وَخَرُّوا لَهُ‮ ‬سُجَّداً‮ ‬وَقَالَ‮ ‬يَا أَبَتِ‮ ‬هَذَا تَأْوِيلُ‮ ‬رُؤْيَايَ‮ ‬مِن قَبْلُ‮ ‬قَدْ‮ ‬جَعَلَهَا رَبِّي حَقاًّ‮ ‬وَقَدْ‮ ‬أَحْسَنَ‮ ‬بِي إِذْ‮ ‬أَخْرَجَنِي مِنَ‮ ‬السِّجْنِ‮ ‬وَجَاءَ‮ ‬بِكُم مِّنَ‮ ‬البَدْوِ‮ ‬مِنْ‮ ‬بَعْدِ‮ ‬أَن نَّزَغَ‮ ‬الشَّيْطَانُ‮ ‬بَيْنِي وَبَيْنَ‮ ‬إِخْوَتِي إِنَّ‮ ‬رَبِّي لَطِيفٌ‮ ‬لِّمَا يَشَاءُ‮ ‬إِنَّهُ‮ ‬هُوَ‮ ‬العَلِيمُ‮ ‬الحَكِيمُ‮»‬‬
والنظرة المتأملة لهذا الحادث تضعنا أمام حقيقة هامة أكدها القرآن الكريم،‮ ‬وهي أن الأحداث موجودة بكل تفاصيلها في المستقبل والحاضر في ذات اللحظة‮.. ‬
ولربما يقول قائل أن يوسف ويعقوب،‮ ‬عليهما السلام،‮ ‬من النبيين،‮ ‬وأن الله سبحانه وتعالي قد رفع عنهما الحجاب‮.. ‬لكن ما جاء بعد ذلك في نفس السورة لايفيد هذا المعني بقدر ما يؤكد حقيقة وجود المستقبل والحاضر جنبا إلي جنب في ذات اللحظة‮.. ‬وأن الإنسان‮ -‬أي انسان‮- ‬يستطيع القفز فوق الحاجز إلي المستقبل،‮ ‬حتي إذا كان من‮ ‬غير النبيين‮.. ‬وهذا ما تؤكده الآية‮ ‬34‮ ‬حين قالت‮:‬
‮«وقال المَلِكُ‮ ‬إِنِّي أَرَي سَبْعَ‮ ‬بَقَرَاتٍ‮ ‬سِمَانٍ‮ ‬يَأْكُلُهُنَّ‮ ‬سَبْعٌ‮ ‬عِجَافٌ‮ ‬وَسَبْعَ‮ ‬سُنْبُلاتٍ‮ ‬خُضْرٍ‮ ‬وَأُخَرَ‮ ‬يَابِسَاتٍ‮ ‬يَا أَيُّهَا المَلأُ‮ ‬أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ‮ ‬إِن كُنتُمْ‮ ‬لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ‮»‬‬
لقد استطاع فرعون،‮ ‬الذي لم يكن نبيا،‮ ‬ولا حتي قديسا،‮ ‬أن يتوغل في المستقبل،‮ ‬وهو نائم،‮ ‬ويري حدثا حقيقيا،‮ ‬قام يوسف الصديق بعد ذلك بتفسير رموزه‮.. ‬وكان عليه السلام علي يقين من أنه نفذ الي المستقبل،‮ ‬ولمس الحقيقة،‮ ‬الي درجة أنه طلب من فرعون أن يسند اليه الولاية علي صوامع الحبوب بعد تخزينها،‮ ‬وهو ما أكدته الآية‮ ‬55‮ ‬التي تقول‮:» ‬قَالَ‮ ‬اجْعَلْنِي عَلَي خَزَائِنِ‮ ‬الأَرْضِ‮ ‬إِنِّي حَفِيظٌ‮ ‬عَلِيم‮»‬‬
‮‬
إن التاريخ الإنساني حافل بعشرات النماذج من الرجال والنساء الذين امتلكوا القدرة علي التوغل في عمق المستقبل‮.. ‬ومنهم من رأي أحداثا تحققت بعد أيام‮.. ‬ومنهم من رأي أحداثا وروي تفاصيلها بمنتهي الدقة قبل أن تصبح واقعا،‮ ‬بنفس التفاصيل،‮ ‬بعد عشرات السنين‮!!‬
وبعض هؤلاء كان يستيقظ من النوم ليروي ما شاهده وتلك هي الرؤي‮.. ‬وبعضهم الآخر كان يستطيع اقتحام المستقبل والتوغل بين أحداثه وهو في حالة يقظة كاملة،‮ ‬ليشير إلي تفاصيل ما سيحدث وهذه هي التنبؤات‮.. ‬وما أكثر ما تحقق من تلك التنبؤات ولو بعد حين‮!!‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.