مفاجأة جديدة في ظل روح الثورة التي شحنت ومدت الانسان المصري بطاقات رائعة رغم ما تمر به البلاد من عثرات سياسية وهذه هي سمة مراحل الانتقال للمجتمعات التي تثور علي الظلم والاستبداد والفساد، المفاجأة هي اصدار جديد من المجلس الأعلي للثقافة للناقد الفني المحترف سيد هويدي تحت عنوان »فنانون يحلمون بواقع جديد» جاءت مقدمة الكتاب بقلم المؤلف وأعتقد أنها مهمة لمضمونها الذي ينير للقارئ طريقة فهم المتن علي مرجعية واضحة المعالم تاريخيا فيقول.. «لكن الفكر العربي ظل يعاني التباسا بين التحديث والحداثة، فالتحديث هو اعادة صياغة لواقع موجود بالفعل من خلال مجموعة من الاجراءات التقنية، بينما الحداثة مشروع حضاري، يقوم علي عدة اسس: أولا الفردية، استخلاص الفرد من شبكة الجماعية التي كان غارقا فيها في القرون الوسطي، ثانيا: العقلانية وهي تقوم علي الاعتماد علي العلم والتكنولوجيا، وفي واحدة من مظاهر الحداثة لدينا في مجال الفنون التشكيلية خاصة والحياة الثقافية عامة، انشاء الأمير «يوسف كمال» مدرسة الفنون الجميلة عام 8091 وابتعاث النحات محمود مختار ورفاقه إلي أوروبا تلك الشرارة التي لم تفقد جذوتها حتي الآن، وتواصل بعدها عطاء جيل، بعد جيل، علي نحو يطرح الفن التشكيلي كمكون أساسي من مكونات الشخصية المصرية، ولا شك في ان عناصر الحداثة اشتبكت مع حساسية البحث عن ملامح للهوية القومية في وقت كانت الأمة تجيش طاقاتها للاستغلال والنهوض، يضم الكتاب بعضا من الأسماء التي التقطت اشارات التعبير عن ومضات الابتكار والتحديث والاضافة، وأثرت في دوائر متعددة ودفعت في النهر تيارات، في اتجاه التجديد، جمع بين هذه الاسماء مشتركات كثيرة، وخط خفي، سواء في مواجهة الانجاز الابداعي، أو من خلال أدوارهم المؤثرة في الأوساط الثقافية والشعبية، أو بالاسهام في مسيرة العمل العام، فالكتاب يتناول بالتحليل أسماء فنانين ليس علي سبيل الحصر، اشتركوا في منحني حداثي واحد، وبشروا بمنطلقاته، وواجهوا السائد والمألوف بسطوته الجاهزة والمستقرة، وتحملوا عبء البدايات، وتحديات فعل الريادة «هذا ما جاء بالجزء الأخير من المقدمة بقلم المؤلف، ومن المفيد ذكر أسماء الفنانين بالعناوين التي وضعها الناقد سيد هويدي وطبقا للتسلسل الذي جاء بالكتاب، «من الاستنزاف إلي الاتصال الجماهيري» «أحمد نوار» شيخ الجرافيكيين العرب «الحسين فوزي» الارستقراطية.. لونت حياة الفلاحين «انجي أفلاطون» السحرية سبقت اللاتينيين «جاذبية سري» دون كيشوت العمارة «جمال بكري» أول من استخدم الحرف العربي في لوحاته «حامد عبدالله» حكواتي عصري بالألوان «رمزي مصطفي» الحب من أول صدمة سريالية «رمسيس يونان» رحلة خاطفة تربصها الموت «سعيد العدوي» بالحب والجمال «صلاح طاهر» شاعر الحديد والنار «صلاح عبدالكريم» الجزاء العطاء الملحمة «عبدالهادي الجزار» من القهر إلي البيلوفونية «فاروق شحاتة» أحد المبشرين في زمن الحداثة «محمد طه حسين» أسرار زمن الريادة «محمود سعيد» أغنية جرانيتية وهبتنا الخلود «محمود مختار» المتحول «مصطفي عبد المعطي» فيلسوف ثورة يوليو «منير كنعان» السريالي الشعبي «حامد ندا» سيف وانلي ورفاقه «سيف وأدهم وانلي»، سأشير إلي بعض الفنانين وفي مقدمتهم الفنان الرائد الراحل «الحسين فوري» »5091 9991» يقول هويدي.. ظل الحسين فوزي طوال تاريخه الابداعي باحثا عن سمات وملامح الشخصية المصري الشعبية والنظرية المحملة برموز البيئة والتقاليد، أما علي المستوي الانساني فيقول عنه الفنان والناقد عز الدين نجيب الحسين فوزي أحد نساك الفن، والزهاد الحقيقيين في معبده، اعتبر نفسه دائما صاحب رسالة لشعبه وعصره، حاول تبليغه بكل ما أوتي من موهبة أو خبرة أو طاقة بل انه لم يدخر وسعا في سبيل أداء هذه الرسالة في السفر والاقامة بالاقصر لمدة ست سنوات بعيدا عن بيته وأسرته وكليته، ومصالحه، للإشراف علي مرسم الفنانين هناك خلال الخمسينيات للإشراف علي طلبته من خريجي الكلية خلال استكمال دراستهم. «وللحديث بقية».