لايجد أي متخصص في السياسة المالية وصفا لمشروع الموازنة الجديدة 2013-2014 أدق من وصفها بموازنة المتناقضات والارقام المضروبة . فالقراءة الاولية للايرادات العامة المتوقعة والمقدرة ب 497.1 مليار جنيه تعطي انطباعا أوليا علي مايحمله مشروع الموازنة من تقديرات تتسم بالمبالغة الشديدة حيث قدر المشروع الايرادات الضريبية المتوقعة في السنة المالية الجديدة ب 356 مليار جنيه بزيادة 90 مليار جنيه عن العام الحالي وهو امر يصعب تحقيقه خاصة ان المشروع قدر الزيادة في ايرادات مصلحة الضرائب من دخل وتمغة ومبيعات ب 39٪ في الوقت الذي لم تحقق فيه المصلحة حتي اليوم سوي 157 مليار جنيه رغم مضي 10 اشهر من السنة المالية رغم الجهود الجبارة التي تبذلها المصلحة لتحصيل المتأخرات . واعتقد انه لو نجحت المصلحة في تحقيق الربط المستهدف العام الجاري ويصل 232 مليارجنيه وهو امر مستبعد تكون قد حققت انجازا مبهرا في ظل الاوضاع الاقتصادية السائدة فكيف يتسني لها تحقيق حصيلة اضافية العام القادم تقترب من 100 مليارجنيه رغم عدم ظهور جهود ملموسة من قبل الوزارات المعنية لاعادة تشغيل قرابة 4 آلاف مصنع متوقفة عن العمل في السنوات الثلاث الاخيرة لاسباب مختلفة هل ينجح د. فياض عبدالمنعم وزير المالية الجديد فيما فشل فيه المرسي حجازي وزير المالية السابق والذي زعم في عرضه لملامح مشروع الموازنة امام مجلس الشوري انه سيتم تحقيق الزيادة في الايرادات الضريبية من خلال تطبيق ضريبة القيمة المضافة والضريبة العقارية والتعديلات الاخيرة في قوانين الضرائب علي الدخل و التمغة والمبيعات .. ورغم قبول ذلك نظريا الا ان الواقع لن يسمح بذلك لان تطبيق الضريبة علي القيمة المضافة يحتاج استقرارا اقتصاديا وانخفاضا في معدل التضخم وهو مالايتوافر حاليا مما يجعل الاقدام علي مثل هذه الخطوة بمثابة انتحار سياسي حيث سيترتب علي التطبيق ارتفاع جنوني في اسعار السلع والخدمات . اما بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي الذي يحسب علي اساسه نسبة عجز الموازنة فلا ادري كيف تم تقدير قيمة الزيادة به بحوالي 500 مليار جنيه في ظل معدل نمو لم يتجاوز 1.8 ٪ واذا اتفقنا علي صعوبة الارتفاع بمعدل النمو بهذه القيمة فإن تقدير تخفيض عجز الموازنة من 11 ٪ حاليا الي 9.5٪ يكون ضربا من الخيال . لقد توقعت في مثل هذه الايام من العام الماضي ان يتجاوز العجز 200 مليار جنيه أي بما يفوق 50 مليار عن المقدر في الموازنة وهو ماحدث فعلا . بل ان المؤشرات تؤكد ان عجز الموازنة الحالية سوف يتجاوز 210 مليار جنيه في ظل ارتفاع تكلفة الواردات بسبب انخفاض سعر الجنيه اضافة الي عدم تحقيق نمو ملحوظ في الايرادات العامة ، و اجزم ان العجز المقدر في الموزانة الجديدة ب 197 مليار جنيه هو اقل بكثير من العجز المفترض والمبني علي ارقام حقيقية وقراءة موضوعية للواقع خلال العام القادم حيث ينتظر ان يتجاوز ربع تريليون جنيه في ظل الفوضي التي تعيشها البلاد واستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والامني التي تمثل السبب الرئيسي في حالة الاختناق التي يعاني منها الاقتصاد الوطني .. ناهيك عن المبالغة في تقدير الايرادات العامة والناتج المحلي الاجمالي . اما الحديث عن اعباء خدمة الدين في المشروع الجديد للموازنة فأقل مايقال انه يثير الفزع حيث ارتفعت فوائد الدين من 138 مليار جنيه الي 182 مليار جنيه أي بزيادة 44 مليار جنيه عن العام الجاري ويلاحظ هنا اننا نتحدث عن فوائد الدين فقط وليس اقساط او اصل الدين واستمر هذا الوضع دون علاج حاسم في ظل تعنت صندوق النقد في الموافقة علي القرض المقدر ب 4.8 مليار دولار فان القادم مرعب .. اما فيما يخص المصروفات فرغم زيادتها بقيمة 6.801 مليار جنيه في تقديرات مشروع الموازنة بنسبة 6.81٪ لتصل 4.296 مليار جنيه الا ان بند الأجور وتعويضات العاملين يلتهم مايقارب ربعها حيث تصل مخصصات هذا البند مبلغ 2.271 مليار جنيه بزيادة حوالي 30 مليار جنيه . رغم الحديث الحكومي المستمر عن وجود برامج لترشيد دعم الطاقة الذي وصل 164 مليار جنيه ؟ هل تراجعت الحكومة مثلا عن برنامج اعادة هيكلة دعم الطاقة ام ان الرقم المخصص للدعم يأتي في اطار الارقام المضروبة التي تشملها الموازنة ؟ وكشفت مصادر بوزارة المالية ارتفاع مخصصات رئاسة الجمهورية ومجلسي الشعب والشوري في مشروع الموازنة الجديدة مقارنة بموازنات ماقبل الثورة وهو مايدعو للتساؤل كيف يتم ذلك رغم المطالب المستمرة بترشيد الانفاق الحكومي