"كثيرا ما نسمع عن الإهمال داخل المدارس الحكومية وما تعانيه من سوء في الخدمات التعليمية والصحية .. فيلجأ اولياء الأمور إلى المدارس الخاصة للعناية بأبنائهم وإعطائهم الفرصة فى الحصول على التعليم المناسب .. ولكنهم فوجئوا بأن ايدى الإهمال امتدت إلى المدارس الخاصة ايضا ليلقى الطفل محمد مصرعه غرقاً داخل حمامات السباحة الخاصة بالمدرسة .. المزيد من التفاصيل تحملها السطور القادمة " "نأسف لما حدث والمشرفين وأفراد الأمن تم ايقافهم عن العمل واحالتهم للتحقيق" بهذه الكلمات بدأ رشاد البرتقالى صاحب مدرسة رويال اكاديمى خطابه لأولياء الأمور الذين تجمعوا داخل إدارة المدرسة للوقوف على معالم التقصير والإهمال التى لحقت بالمدرسة وكانت نتيجتها مصرع الطفل "محمد حسين" 5 سنوات غرقاً داخل احد حمامات السباحة الخاصة بالمدرسة. لم تكن الكلمات كافية لتشفى غليل اسرة محمد والتى بدت عليها معالم الغضب والاستياء من إدارة المدرسة التى تعاملت مع الموقف وكأن شيئاً لم يحدث , وخاصة وأن مديرة المدرسة "اجنس" خافت الخروج من مكتبها ومقابلة اولياء الأمور حتى لا يبطشون بها .. حاولت اخبار الحوادث الدخول إلى المدرسة ولكنهم رفضوا حتى يتم التعتيم الإعلامى على الجريمة. يروى حسين زين والد محمد الضحية قائلاً : فى صباح يوم الحادث تلقيت اتصالاً من إدارة المدرسة اخبرتنى أن محمد اصيب بحالة إغماء وتم نقله إلى المستشفى لسرعة اسعافه ونصحونى بضرورة الحضور لاستلامه ولم يخبرونى بأنه توفى .. ذهبت مسرعاً إلى المستشفى وهناك كانت الصاعقة الكبرى "محمد ابنى مات" وذهبوا بى إلى الثلاجة لرؤيته .. لم اتمالك نفسى إلا وأنا اذرف الدموع حزنا على فلذة كبدى وما لاقاه من مصير داخل المدرسة . ذهبت على الفور إلى قسم شرطة ابوالنمرس وقمت بتحرير محضر بالواقعة وإحالته إلى النيابة العامة والتى قررت عدم وجود شبهة جنائية فى حالة الوفاة. وداخل سرايا النيابة اتهمت إدارة المدرسة بالتسبب فى وفاة ابنى لأنه من المفترض أن حمام السباحة له سور وبوابة تمنع وصول أى طفل إليه فضلاً عن غياب افراد الأمن المعينين للحراسة على الحمام لمنع وصول أى طفل بدون المشرف الخاص به .. اخبرتنى الإدارة أن بوابة الحمام كانت مفتوحة وأن محمد نزل إلى الحوض لإحضار بلونة من داخله لتنزلق قدمه ويلقى مصرعه فى الحال . تلتقط خيط الحديث والدة الطفل الضحية قائلة : ذهبنا على الفور إلى المستشفى فى اقل من ساعة واخبرونا أنه تم عمل الإسعافات الأولية ولكنه حضر من المدرسة مفارقاً للحياة .. طلبنا منهم مقابلة الدكتور القائم بعمل الإسعافات لمحمد ولكن لم يحضر الينا احد , وكان من المفترض أن نجده فى احدى غرف الرعاية ولكنهم وضعوه فى ثلاجة الموتى , وهذا دليل على أنه لم تتم اية محاولات لإنقاذ ابنى من الموت . صمتت الأم المكلومة للحظات لتنتابها حالة من البكاء الشديد بعد أن سردت اللحظات الأخيرة لفلذة كبدها .. أخبرنى محمد أنه لايريد الذهاب إلى المدرسة لأنه يشعر بتعب شديد فى بطنه .. ولكنى اخبرته بضرورة الذهاب إلى المدرسة وعدم التغيب عن دروسه .. فقال لى "حاضر يا ماما" وكأن القدر قد اختاره فى هذا اليوم ليجعلنى مصممة على ذهابه إلى قدره بقدميه . ثم ينهى الأب الحديث قائلاً اتصل بى شخص من وزارة التربية والتعليم واخبرنى بأن القضية لن يتم التهاون فيها وسيتم التعامل معها بكل حزم .. أخبرته أن ابن اخى فى نفس المدرسة وطلبته أن يوفر له مكانا آخر لاجتياز امتحانات الفصل الدراسى الثانى حيث أن شقيقى أخبرنى أنه سيقوم بنقل ابنه من المدرسة .. لانه من الممكن أن يكون أى طفل فى مكان محمد وأن الإهمال لا يمكن السكوت عنه .. ولن يهدأ لى بال حتى احصل على حق ابنى وانى احتسبه عند الله من الشهداء وما علىّ سوى أن اقول "إن لله وإن اليه راجعون" انتهت تفاصيل القضية ولكن لم تنته معها الآم وأحزان اسرة فقدت فلذة كبدها فى نعومة اظافره .. محمد كان كل حلمه أن يكون دكتوراً .. محباً لممارسة الأنشطة الرياضية .. حريصاً على قراءة كتاب الله .. ذهب إلى يومه الدراسى الأخير ليكتب فى صفحات كشكوله الدراسى "انا ضحية الإهمال".