عمره لم يتجاوز 15 عاما ، كل حلمه أن يسعى إلى تحقيق مستقبله ، ليشرف أهله و بلده ، احمد كان يريد أن يصبح بطلا فى المصارعة ، ثم يصبح ضابط بالقوات المسلحة ، هذا ماكان يدور بذهن احمد ، لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ، نزل مع والده لشراء حذاء للمصارعة، و فجأة اصابته طلقات خرطوش طائشة ، لتنهى أحلام الطفل البريء وعاد محمولاً على اكتاف والده الذى يبكى امل اسرة ، أطاحت به تلك الطلقه الطائشة. مصطفى منير كان يخطط أن ياتى عليه يوم و يصبح فيه بطلا مشهورا وأن يكون ضابط بالقوات المسلحه ، والده كان دائما يعمل على تحقيق حلم طفله و ألحقه بمدرسة عسكرية حتى يكون اقرب إلى حلمه و يتعلم الانضباط و الالتزام و يتعود الحياة العسكرية ، تفوق احمد فى دراسته و تفوق ايضا فى رياضته المفضلة وهى المصارعة واعتبر أن بمرور كل يوم عليه يقرب إليه حلمه الذى بات كل يوم يحلم به و يسعى للوصول اليه ، نشأ احمد فى بيت ليس غريبا عن الرياضة فوالده حسن احمد مدرب ألعاب قوة بمركز شباب امبابة ، كان دائما يأخذ طفله الصغير معه فى كل التمارين، وسط مجموعة من الابطال ، فكبر معه حلم البطولة ، ودائما ما كان يقلد والده فى التمارين فشد انظار كل الموجودين طفل يحاول أن يحمل اثقالا ليكون مثل والده فتعجب كل من رآه ، يومها كان لا يتعدى الخمس سنوات فقرر والده أن يضم احمد إلى فرقة " الكونغ فوه " ليصبح بطلاً ظل احمد يمارس هذه الرياضة حتى بلغ من العمر تسع سنوات و حصل على مجموعة من البطولات و على مجموعة من شهادات التقدير وفى هذه الفترة كبر حلم البطل بداخل احمد فقرر والده أن يلحقه بمدرسة عسكرية لتنمى بداخله روح الرجولة المبكرة ويكون قريبا من حلمه و هو ان يصبح ضابط بالقوات المسلحة فوافق احمد على هذا القرار و تأكد أنه بمجرد التحاقه بالمدرسة العسكرية يقترب من الوصول إلى حلمه و بالفعل بعدما نجح احمد فى الشهادة الابتدائية قام والده بتقديم اوراق طفله للالتحاق بالمدرسة العسكرية فكان احمد فى قمة السعادة عندما تم قبوله بالمدرسة فسعى جاهدا للوصول إلى هدفه وقرر أن يترك لعبة " الكونغ فو" و أن يلتحق بلعبة المصارعة الرومانية فتحقيق البطولات ليس بغريب عن البطل الصغير و بالفعل تعلم فنون اللعبة بسهولة و بسرعة غريبة وحقق العديد من البطولات ونال العديد من شهادات التقدير فى المصارعة فكبر احمد امام اعين اسرته و كبر معه حلم اسرته متوقعين أن يأتى اليوم الذى يدخل عليهم مرتدى ملابس الكلية الحربية ، طلب احمد من والده أن يشترى حذاء مصارعة جديد وذلك بعدما هلك الحذاء الموجود لديه فالاب موظف فى احدى شركات الصلب وعلم والده أن الحذاء ب250 جنيها و هذا المبلغ يقارب ثلث مرتبه ولكنه قرر شراء الحذاء لابنه البطل وبالفعل نزل احمد يوم الخميس و هو يوم الاجازة من مدرسته العسكرية فاخذه والده لشراء الحذاء الذى يريده البطل الصغير. يوم الحادث لم يتخيل الاب أن هناك مفاجأة قاسية بل كارثة تنتظر البطل الصغير احضر الاب ثمن الحذاء ، و بمجرد علم احمد أن والده سوف يشترى له الحذاء اليوم ترك كل من معه مسرعا بين احضان ابيه يشد ايدى والده للنزول فالام تحضر لابنها الطعام رافضا الاكل كل ما يتمناه فى تلك اللحظة أن يذهب لشراء الحذاء فنفذ الاب طلب ابنه تاركاً الطعام ونزل لشرائه ،ركب الاب مع طفله ميكروباص التحرير فنزل الاب اعلى كوبرى قصر النيل بعدما فوجئ بأن مجموعة من المتظاهرين يقطعون و يعطلون حركة المرور فوق الكوبرى فاضطر الاب اخذ احمد لعبور منطقة التظاهرعلى أقدامهم للوصول الى محل الاحذية الرياضية ، وسط طلقات الخرطوش التى اطلقها الامن لترهيب المتظاهرين، وجد الاب طفله ملقياً على الارض ومصابا بطلقات الخرطوش ، وحوله الكثير من المتظاهرين يحاولون افاقته طالبين سيارة الاسعاف لإنقاذه فحمل الاب ابنه بين ضلوعه مسرعا إلى سيارة الاسعاف التى نقلته إلى مستشفى القصر العينى فبمجرد دخول الطفل إلى المستشفى اجريت له عملية استكشاف بطول البطن لإنقاذ حالته و بعد افاقته جاءت الصدمة على الجميع عندما قال الطفل أنه لا يرى بعينه اليسرى فتأكد الاطباء من ذلك واجريت له عملية فى عينه بعد يوم واحد من افاقته وتبين للاطباء دمار كامل فى عصب عينه وذلك نتيجة وصول شظايا طلاقات الخرطوش الى العصب وخرج احمد من المستشفى بعد يوم من إجراء العمليات دون المتابعة . أحلامى ضاعت ! بكلمات بريئة ابكت الموجودين بدأ الطفل احمد الحديث :انا عايز اعرف انا هلعب تانى مصارعة و ادخل الكلية الحربية و أحقق احلامى واحلام والدى، ولاّ دى هى النهاية انهارت الام في البكاء الشديد بعد هذه الكلمات التى قالها احمد وسط حزن شديد على وجه والده وعلامات استغراب من جارهم ايمن و زميله فى المدرسة ، احمد يعلم انه الولد الوحيد وسط شقيقتين ،بسنت 12 سنه و روان 5 سنوات فهما لا يستطيعان تحقيق حلم والدهما ، مرت فترة صمت ،ثم جاء احمد بعباره تعيد البكاء فى اعين الجميع " انا مش عايز بابا يزعل انى مش هدخل كلية الحربية " فتركت الام الغرفة وعلى وجهها سيل من الدموع وظل احمد فى حالة من الصمت لا يريد التحدث مع احد ، اما والده الكابتن حسن ، فقال لاخبار الحوادث : طلقة الخرطوش دمرت حياتى و حياة ابنى قضت على كل احلامنا .. انا كان نفسى ابنى يبقى ضابط بالقوات المسلحة كنت بهيئه لذلك و لكن الطلقة اطاحت بكل ما فعلته فى ثوان ثم يحل الصمت ويظهر الحزن على وجه والد الطفل وتأتى كلمات الندم ياريتنى ما اخدت ابنى معى او كانت الرصاصة تصيب جسدى انا ثم انهى الحديث معنا بكلمات " حسبى الله و نعم الوكيل " واكيد ربنا مخبى حاجة افضل مما كنا نحلم بها". و تلتقط الام اطراف الحديث بكلمات بسيطة ولكن بقلب يعتصره الحزن و الالم على ضياع حلم طفلها قائله : احمد طفل لا مثيل له لا يخالف والديه ، حنون على اخوته ، الجميع يحبه فالكل فى المنطقة يعرفه و يتوقعون له مستقبلا مشرفا وانه سوف يصبح بطلا مشهورا ليشرف اهله و منطقته لم يتسبب يوما فى اي مشكلة مثل بقية الاطفال ، يحترم الجميع و يجبر الجميع على احترامه ، وكل ما اطالب به ان يعالج على نفقة الدولة وأن تجرى له عملية ليرى من جديد بعدما تذوق طعم الظلام لا اريد غير ذلك من الحياة فاحمد الآن فى حالة نفسية سيئة للغاية فلا يستطيع النزول من المنزل فى اوقات كثيرة ولا يريد التحدث مع احد فالبيت كله فى حالة من الحزن بسبب الحادثة و تمضى الام فى كلامها قائلة : عندما انظر فى عينى احمد اصاب بالحزن الشديد على ماحدث له فلم يتوقع احد ان البطل الذي ينتظرونه الآن فى هذه الحالة الصحية و النفسية السيئة ثم انهت والدة احمد الحديث قائلة والدموع تنهمر من عينيها " ادعو الله ان يعالج احمد على نفقة الدولة وان يعود يرى بعينه مرة اخرى" . صديق البطل احمد صديق الطفل وزميله بالمدرسة العسكرية يتحدث قائلا انا لما عرفت بالحادثة لم اصدق ان احمد صديقى حدث له ذلك ذهبت اليه لكى اطمئن عليه وكل ما كنت اتوقعه انه اصيب وسوف يعود مره اخرى كما هو وعندما رأيته لم اصدق عينى ولم استطع ان ابقى معه فسرعان ما تركت المنزل و ذهبت وانا فى حالة من البكاء الشديد على ما حدث له. و يكمل كلامه قائلا : احمد صديق مخلص و يحب دائما المرح و الضحك وعندما يلاحظ اننى حزين كان يحاول بشتى الطرق التغلب على حزنى ويضحكنى كثيرا فلم اتذكر اننى تشاجرت أو تخاصمت معه احمد صاحب عمرى فأنا اعرفه منذ الطفوله ادخل بيته فى أى وقت و هو ايضا يدخل بيتى فى أى وقت يعرف اهل بيتى و أنا اعرف اهل بيته و فى النهاية ادعو الله ان يشفى احمد و يعود الى الضحك و المرح مره اخرى ... وحرر محضرا بالحادث و يباشر التحقيقات محمد فؤاد وكيل نيابة قصر النيل . انتهت سطور الحادث .. و لم ينته حزن اسرة احمد ,وفى النهاية الجميع يناشد المسئولين ان يعالجوا الطفل احمد على نفقة الدولة لتعود البسمة على وجه الطفل و أسرته مرة اخرى.