منذ 25 يناير 2011 وأصبح ميدان التحرير أو ميدان الثورة محط أنظار العالم.. فهو الميدان الذى ثار على الظلم وأطاح بنظام مبارك بعد 30 عاماً من الاستبداد.. وهو ايضا الميدان الذى تصدى فيه الشباب المصرى لطلقات الرصاص الغادرة.. دون خوف أو يأس أو حتى تردد.. فقط من أجل إسقاط النظام.. وبعد عامين من الثورة.. ثار ميدان التحرير من جديد.. وبدى المعارضون اكثر شراسة.. وهم يحملون مطالبهم للنظام الحالى.. لكن مع تلك الاحداث المتلاحقة.. كان هناك من يعكر صفو تلك المظاهرات.. وهذا بعد أن تم الإعلان عن حالات اغتصاب أو تحرش فى ميدان التحرير.. ولا يستطيع احد إنكار تلك الاعتداءات الجنسية.. التى تعرضت لها متظاهرات فى قلب الميدان.. لكن السؤال الذى يطرح نفسه وبكل قوة: لماذا وصل السعار الجنسى الذى يؤلم مصر مع كل مناسبة قومية او دينية إلى ميدان التحرير؟!.. هل يجد المتحرش ضالته وسط الزحام؟!.. هل يرى أن جريمته سوف تذوب وسط آلاف المتظاهرين؟!.. ام أن هناك أيادٍ خفية تحاول تشويه الميدان بالدفع بمتحرشين لإيذاء النساء جسدياً؟!.. وهذا كما يؤكد البعض.. اسئلة كثيرة وعلامات استفهام اكثر يفرضها الواقع.. "اخبار الحوادث" حاولت الكشف عن الحقيقة من خلال احد مراكز التوثيق والرصد والمهتمة بالوصول إلى الضحايا من قلب الميدان.. فما هى رؤيتهم ومبرراتهم؟!.. ومن هم المتحرشون؟!.. هذا ما سنعرفه من خلال السطور القادمة.. بين اغانى الثورة.. والشعارات الرنانة.. ومكبرات الصوت.. يعيش المتظاهرون فى ميدان التحرير.. ووسط الزحام شباب ورجال وفتيات واطفال من جميع الاعمار.. يشتركون كلهم فى سيمونية جميلة.. لكن فجأة وبلا سابق إنذار.. يدق ناقوس الخطر.. بصراخ سيدة أو فتاة من بين الموجودين يحيط بها عشرات الصبيان الموتورين محاولين احيانا خلع ملابسها والاعتداء عليها جسدياً.. أو التحرش بملامسة اماكن حساسة من جسدها.. وعادة ما يتحول هذا الصراخ إلى معركة بين المتواجدين فى الميدان أو اللجان الشعبية وبين المتحرشين.. وفى بعض الاحيان يستطيع المتحرشون الفتك بالسيدة أو الفتاة بعد إبعادها عن الميدان.. مشهد تكرر عشرات المرات.. ربما الموثوق منه حوالى 24 حالة.. رصدتها عدسات الكاميرات.. وبعض المتابعين والمهتمين بالوصول إلى اطراف المعركة المتمثلة بين الضحية والمتحرش.. وللأسف تحولت تلك المشاهد المتكررة فى ميدان التحرير او ميدان الثورة إلى كابوس يؤرقه.. يحاول النيل من سمعته.. يشوه صورته التى اذهلت العالم قبل عامين.. خاصة بعد ظهور عدد من الفتيات المعتدى عليهن فى عدد من الفضائيات.. وفجرن مأساتهن بحكايات مأسوية صادمة.. آلمت كل من تابعها وشاهدها.. لكن ما هى حقيقة هذه الاعتداءات هذا ما سنعرفه من مركز او منظمة "اكت" المهتمة بقضايا المرأة.. صدمة ظهورهن! فحسب ما يقوله فتحى فريد مسئول مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية أن مركزهم الحقوقى انشأ فى بداية التسعينيات.. ومعظم اهتماماته بحقوق المرأة.. وهذا على كافة المستويات.. ومن بين القضايا التى تشكل اهتماما خاصة للمركز.. هو ظاهرة التحرش بالنساء خاصة فى السنوات الاخيرة.. والتى تزداد بشكل جنونى وهيستيرى فى المناسبات العامة التى تشهدها مصر.. خاصة الاعياد حيث ينتشر المتحرشون فى مناطق بعينها.. مثل منطقة وسط القاهرة التى تشهد وجود عدد كبير من السيدات والفتيات.. وايضا بعض الحدائق مثل حديقة الحيوان.. ويكمل كلامه قائلا: ومنذ هذه الفترة ونحن نعمل على رصد كل اشكال العنف والتحرش ضد المرأة.. واستطعنا بالفعل رصد العديد من الحالات.. وبالتعاون مع مراكز اخرى قمنا بإعداد مشروع قانون.. وقدمناه إلى رئاسة الجمهورية.. لكن يبدو أن هذا المشروع الذى يعمل على تغليظ العقوبات على المتحرش لم يجد سوى الادراج.. ولم يتم مناقشته أو العمل به.. لكن خلال تلك السنوات لم نتخيل ابداً أن يصل المتحرشون إلى ميدان التحرير.. خاصة وان الميدان شهد ثورة عظيمة استطاعت اسقاط النظام السابق.. دون وصول المتحرشين اليه.. على الرغم أن الظروف والجو المحيط بالبلاد وقتها كان يساعد على وجود مثل هذه الحوادث.. أما الغريب أو المثير ان تظهر حالات التحرش من قلب ميدان التحرير.. فى الذكرى الثانية للاحتفال بالثورة المصرية.. ومع ظهور بعض الاحتجاجات ورفع بعض المطالب المشروعة من قبل المتظاهرين.. تدريب وإنقاذ! ويضيف قائلا: كنا خلال السنوات السابقة قمنا بتدريب عدد كبير من الشباب والفتيات لمحاولة إنقاذ الضحايا من انياب المتحرشين.. على ان يكون لنا اماكن ارتكاز.. وارقام هواتف محمولة ولافتات وبعض الاوراق التى تحمل ارقامنا ونقوم بتوزيعها فى الاماكن العامة.. وهو ما نفعله ايضا فى ميدان التحرير.. فقوامنا داخله حوالى 500.. لنا بعض التجمعات عند مجمع التحرير.. وبعض المطاعم الشهيرة.. وفى "الصينية" والتى تعتبر قلب الميدان.. وهدفنا الاساسى من الانتشار هو التواصل مع الضحايا.. والوصول لهم بأقصى سرعة.. وانقاذهن من بين براثن الذئاب البشرية التى ظهرت فى الميدان بكثافة خاصة فى جمعة الاحتفال بالثورة.. واستطعنا إنقاذ عدد منهن.. وحسب الارقام الرسمية التى تم اعلانها بأن هناك حوالى 24 حالة تحرش تمت فى الجمعة قبل الماضية.. اما الجمعه السابقة فلم تشهد مثل سابقتها.. وعن تحركاتهم داخل الميدان قال: فور ان تصلنا بلاغات نهرول الى مكان الحادث.. وتكون المجموعة مشكلة من شباب وفتيات.. ولنا طرق معينة فى انقاذ الضحية.. وأود أن اشيد هنا بدور الفتيات خاصة لانهن يقمن بإلقاء انفسهن على الضحية من اجل انقاذها.. ولا يهمهن ان يتعرضن لاى اذى.. المهم فقط هو انقاذ الضحية من بين أنياب الذئاب. تحرش ممنهج! وعن اماكن التحرش فى ميدان التحرير ولماذا يصفه بالممنهج يقول فتحى فريد: لاحظنا أن اماكن التحرش الموجودة فى الميدان فى اماكن معينة.. وهو اماكن الخطر التى تحيط بالميدان والمتمثلة بسيمون بوليفار وشارع محمد محمود وبعض الشوارع الاخرى التى تشهد صداما مع الامن.. فهناك تقع معظم حالات التحرش.. حيث يستغل المتحرشون هذه الاماكن لاصطياد الفتيات والنساء.. والعبث بأجسادهن ومحاولة اغتصابهن او على الاقل الامساك ببعض الاماكن الحساسة من اجسادهن.. دليل آخر على أن التحرش ممنج فى ميدان التحرير.. وهو أنه حالات التحرش تقع ابتداء من الساعة السابعة مساءً.. وهو الوقت الذى يبدأ فيه المتظاهرون بالانسحاب من الميدان.. وهنا يجد المتحرش مكانا آمنا اكثر لاصطياد الفتيات والنساء.. ايضاً لا يجرؤ شخص واحد على ان يقوم بالتحرش بالفتاة.. فتجدهم دائما مجموعات كبيرة تتجاوز العشرات.. يحيطون بالضحية من كل جانب ومن ثم محاولة الفتك بها.. ويكمل كلامه قائلا: وتصاعدت حالات التحرش الى اصطياد بعض الاعلاميات.. خاصة ممن يعلمن فى الصحف والوكالات الإعلامية العالمية.. مثل ما حدث مع مذيعة فرنسا.. ومراسلة لوس انجلوس.. والصحفية البريطانية فى مصر.. وهو المقصود منه تشويه صورة الميدان على المستوى العالمى.. حتى تتغير نظرة العالم تجاه ميدان التحرير.. ولو وضعنا كل هذه العوامل مع بعضها البعض سوف نتأكد أن هناك من يدفع بهذه المجموعات من اجل الاحتكاك بالنساء وارهابهن حتى يبعدن عن ميدان التحرير.. وهنا يفجر مفاجأة من العيار الثقيل عندما قال: فى احدى المرات وأثناء إنقاذ فتاة من براثن المتحرشين.. قال لنا بعضهم انتوا عاوزين مننا ايه؟!.. سيبوها احسن ليكم وابعدوا؟!.. وفهمنا من كلامهم انهم يتقاضون اموالا من اجل الاحتكاك بنساء وفتيات الميدان.. وارهابهن من اجل عدم العودة للميدان مرة اخرى.. وفهمنا ايضا منهم اننا بهذه الافعال قاطعى ارزاق بالنسبة لهم.. ويكمل قائلا: كما اننا حصلنا على تسجيل بالصوت والصورة.. تم عرضه على احدى الشاشات البريطانية لاحد المتحرشين.. وهو يعترف من خلال البرنامج.. بأن هناك جهة معينة تقوم بدفع مبالغ مالية لهم.. من اجل الاحتكاك بالنساء وإرهابهن لتشويه صورة الميدان.. عقبات! وعن العقبات التى تواجههم قال اول تلك العقبات ان هناك من يحاول تشويه الثورة بإقصاء النساء عن المشاركة فى المظاهرات.. وابعادهن عن المشهد السياسى.. وهن يمثلن نصف قوة الميدان والمجتمع بأكمله.. اما ثانى تلك العقبات فهى تتمثل فى بعض الهواتف التى تصل إلينا.. وتؤكد ان هناك حالة تحرش تتعرض لها احدى المتظاهرات فى الميدان.. وفور الوصول إلى الحالة نكتشف ان هناك من يتربص بنا. او بمعنى اوضح ينصب لنا كمينا.. إلا اننا استطعنا الإفلات من تلك الكمائن.. ونتصرف بهدوء لاستكمال مسيرتنا بإنقاذ الفتيات والسيدات المتواجدات فى محيط ميدان التحرير.. وهناك مشكلات اخرى اعتدنا عليها وتتمثل فى رفض الضحية ابلاغ الشرطة خوفاً من الفضيحة.. وكذلك هروب المتحرش.. أو أن نقوم بتسليمه إلى رجال الشرطة.. ومن ثم يطلبون منا ضرورة وجود المتحرش بها او الضحية.. وتكون هى فى نفس الوقت تخشى الإبلاغ.. ولذلك نقوم عادة بمحاولة إنقاذها من بين انياب المتحرشين.. وتأمين خروجها من الميدان بأقصى سرعة.. واختتم كلامه مؤكداً انهم حصلوا على العديد من الادلة التى يعتبروها مؤكدة وتفيد بأن هناك من يدفع بأموال باهظة الى مجموعات شبابية مستغلين حالة الفقر المحيطة بهم.. لكى يدخلوا إلى الميدان على انهم ثوار.. ثم يقومون بالتحرش بالنساء والفتيات.. واننا بصدد حصر تلك الادلة وتوثيقها.. وقريباً جدا سنتقدم ببلاغات الى النائب العام.. تحمل اسماء تلك الاسماء الكبيرة التى تحرض الشباب على التحرش.. وسنعلن ايضا الرأى العام بالأدلة والمستندات..