معاناة عمال المدن الجديدة

بذلت الدولة جهوداً جبارة وأنفقت أموالاً طائلة علي البدء في إنشاء أكثر من 30 مدينة جديدة بتخطيطها وتنفيذ المرافق الأساسية بها مما شجع البعض من المواطنين علي الإقامة بها رغم استمرار قصور الخدمات بها..
وعدم الأمان وتقطع السبل وقلة وسائل النقل والدولة كذلك بصدد إنشاء مدن مليونية في كل مكان في مصر.
وهذه المباني الصماء ولا تموج بالحياة فيها إلا بعض المحلات وأقسام الشرطة والمصانع والجامعات الاستثمارية.
مازالت مدينة مثل القاهرة الجديدة مثلاً تعتمد في كثير من خدماتها علي مدينة نصر وبعد أن انضمت لمحافظة حلوان أصبحت الرئاسة في حلوان والخدمات الأساسية في حلوان وعلي ساكن القاهرة الجديدة مثلاً أن يذهب للمعادي لانجاز أعمال الشهر العقاري وعادة ما لا يجد وسيلة نقل مناسبة تساعده علي ذلك وقياساً علي ذلك الكثير من المرافق الأساسية مثل مكاتب التموين وأنواع المدارس والخدمات الحرفية التي لا تحتاج للحكومة مثل الحلاق والمكوجي وخدمات الصيانة المنزلية بأنواعها والمطاعم والمقاهي الشعبية.
والعمال الذين يديرون حركة الحياة في المدن الجديدة ليس لهم مساكن تناسبهم وإنما يأتون بالمئات في أتوبيسات أو نصف نقل نصفهم أطفال والنصف الثاني شيوخ يصلون الفجر في قراهم في الشرقية والقليوبية والمنوفية ويجمع السمسار العمال من بيوتهم للذهاب لأعمال نظافة الشوارع والزراعة والبناء والحفر والهدم في شوارع المدن الجديدة.
ويأتي العمال في أوقات الفراغ من أعمال الزراعة لأن أجر العامل الزراعي بلغ 60 جنيهاً لليوم في موسم الحصاد والزراعة ويزداد الأجر بعدما بدأت المدارس تحكم سيطرتها علي التلاميذ وتمنعهم من الغ8ياب لتدبير مورد رزق للأسرة.
أجر عامل النظافة مثلاً حوالي 12 جنيهاً في اليوم ويتسلمها متأخراً من السمسار الذي يستفيد منه وهي لا تكفي لإطعام أسرته وقد يأتي العامل دون إفطار ومطلوب منه أن ينظف الشوارع جيداً وربما تقع عين المدقق علي عامل يأكل من صندوق القمامة وعلي العامل أن يعمل طوال الشهر دون راحة أسبوعية أو أعياد.
إذا كانت فعلاً مجتمعات عمرانية جديدة لكانت مجتمعات متكاملة فيها كل أطياف المجتمع من الوزير للخفير لعامل النظافة للسباك لعامل الحدائق ولكل منهم مسكنه المناسب.
العامل لا يستطيع أن يمتلك وحدة سكنية في المدن الجديدة حيث يعمل دائماً ولو كان يستطيع ذلك لبني بيتاً صغيراً في قريته وكفي نفسه مشقة الذهاب يومياً من الفجر للمغرب للعمل في مدن لا ترحم.
والعامل المصري يحتاج من يساعده علي إدارة شئون حياته وتوعيته وهو ما لا ندركه كحكومة وشركات وإعلام.
مطلوب إذن مساكن لجميع أنواع العمال سواء للصناعة أو النظافة أو الحرفية مساكن بالإيجار تبنيها الدولة وأصحاب المصانع وأمناء المدن الجديدة ليقيم العمال فيها وأولادهم وبجوارهم مدارس المرحلة الابتدائية علي الأقل وجميع أنواع الخدمات الأساسية للجميع.