في كل الأوقات .. فإن الحفاظ علي هيبة الدولة.. يظل خطا أحمر لا يجوز لأي شخص أو فئة أو طائفة أو جماعة أو منظمة أن تخرق هذا الخط أو حتي تحاول تجاوزه.. مهما كانت مبررات أو مصالح أو مطالب هذا الشخص أو الفئة أو الطائفة أو الجماعة أو المنظمة. وكما أننا جميعا حكاما .. ومحكومين قد تعاقدنا علي احترام القضاء وقدسية محرابه.. وصون رموزه ليس فقط توقيرا لهم.. ومنصتهم العالية.. وانما حماية لهذا المجتمع وقيمه ومقدساته.. فإن هيبة القضاء مع جلالها وقدسيتها ليست الا جزءا من هيبة الدولة.. إذ لا كيان لقضاء في دولة تهتز هيبتها. من هنا .. فإن من نراه من اضرابات هنا.. وهناك.. ومحاولات لطمس قانون هنا.. أو تعديل قانون هناك لصالح فئة أو طائفة لابد ان يسجل في الوجدان الشعبي.. واعتباره عملا غير مقبول شكلا.. ولا موضوعا لأنه يضرب في الصميم هيبة الدولة.. وسلطتها وسلطانها. ولن يكون اضراب أصحاب وسائقي النقل هو الاضراب الأخير.. لكنه من وجهة نظري الاضراب.. الأكثر خطورة والأْعنف تأثيرا ومساسا بهيبة الدولة.. وسلطاتها.. لعدد من المظاهر. فالاضراب يتعلق في أحد مطالب أصحابه.. بأمر حسمه القانون منذ سنوات.. وتهاونت الحكومة في تنفيذه عاما بعد عام بمهلة تلو الأخري.. حتي حسم الرئيس حسني مبارك شخصيا الأمر وأعلن لا مهلة جديدة للمقطورات حماية للمجتمع وأمنا للطرق.. وأمانا للمواطنين الذين يكتوون يوميا.. بل في كل ساعة بحادث أحد أطرافه سيارة نقل بمقطورة. * الأمر الثاني.. أن "المحتجين" أيا كانت أوجه احتجاجهم لم يتركوا أمر الاحتجاج اختياريا وانما "فرضوه" وبالقوة والارهاب علي زملائهم من أصحاب النقل والسائقين الذين رأوا أن الاضراب ليس حلاً.. فكان الطوب وتكسير زجاج السيارات عقابا للرافضين. * الأمر الثالث: أن أصحاب النقل والسائقين لم يكتفوا بأن يرفعوا بأنفسهم قضيتهم بل انهم أرادوا خلق حالة فوضي ليس فقط في نقل البضائع.. وانما أيضا في نقل الركاب.. فاجتذبوا إلي محاولاتهم وإضرابهم سائقي السرفيس والميكروباص لخلق حالة عامة من الشلل والفوضي.. وهو ما سجلته محاضر الشرطة. * الأمر الرابع.. لجوء بعض "المحتجين" إلي عرقلة حركة المرور.. وتعطيل الطرق السريعة.. وحرق بعض السيارات المارة.. هل هذا كلام؟! * لكن.. علي الجانب الآخر.. هل من المواءمة السياسية.. والاقتصادية والمجتمعية أن تترك الدولة الحبل علي الغارب لقطاع ما من البشر حتي يتمكنوا من الأرض ويتحول الكثيرون منهم إلي قطط سمان.. في ظل غياب كامل لأبسط قواعد المتابعة والرصد لدخولهم وثرواتهم.. ثم فجأة تضيق وزاراتنا.. وتتسع دائرة الشائعات بأن الضرائب الجديدة ستكون باثر رجعي "5 سنوات سابقة". * وهل من المواءمة ان نحشد عددا من الاجراءات التنظيمية والتي لا جدال في قيمتها وأهميتها وضروريتها لكي تصبها مرة واحدة في وجدان فئة "أية فئة" دون أي اعتبار لمدي قدرة هذه الفئة علي "التحمل". ان ستة من المطالب السبعة التي وضعها المحتجون.. انما تمثل في رأيي غطاء للمطلب الرئيسي لهم وهو مهلة جديدة للمقطورات ولا يهم ان كانت هذه المقطورات سوف تدهس جثة "هيبة الدولة" كما اعتادت التهام جثث وسيارات البشر.. لكن في المقابل لم يكن من المواءمة "حشد" كل سبل الضغط في وقت واحد.. وانما التركيز حق واجب علي هدف واحد لا يجب مطلقا الحيد عنه وهو الحفاظ علي هيبة الدولة.. وعدم اهمال أو ارجاء قانون صار واجبا اعماله.. مهما كانت قوي الرفض.. لأن الأسمي هو الصالح العام.. واعلاء هيبة الدولة وبسط نفوذها. [email protected]