داخل المجتمع الفيومي البسيط للاتجار في السيارات وضحاياه كانوا من البهوات والأفندية الكبار الذين يعملون مراكز مرموقة جدا داخل الفيوم بالإضافة إلى عدد كبير من التجار المعروفين. الجشع..!! .. الشيء الذي يثير الضحك والسخرية في هذه القضية الخطيرة أن نصاب الفيوم كان يعطي فائدة على كل مبلغ يحصل عليه حوالي 25% حتي أن بعض التجار المعروفين في سوق الخضر والفاكهة بالفيوم أعطاه حوالي 20 مليون جنيه.. للحصول علي 5 ملايين جنيه شهريا أي سيحصل علي المبلغ الذي دفعه للنصاب خلال أربعة شهور فقط ولأن النصاب ذكي فهو يثير دائما لعاب فريسته الجشعة.. فيعطيه أول شهر ثم يتهرب بعد ذلك لينكشف أمره.. وليس تاجر الفاكهة فقط بل تاجر ذهب أعطاه 8 ملايين جنيه وآخر تاجر سيارات 6 ملايين.. والكارثة الكبرى أن أحد التجار الصغار باع (ذهب) زوجته وممتلكاتها حتى جمع مليون جنيه ثم جاء (بواسطة) للنصاب ليقبل هذا المبلغ الضعيف الذي جمعه!!! النصب بكل الألوان! .. ليس نصاب الفيوم الذي جمع هذا المبلغ الضخم وحده بل هناك عشرات القضايا في توظيف الأموال سواء في القاهرة الكبرى أو الأقاليم وتتخذ عددا من الأشكال والألوان منها توظيف الأموال حتي كروت الشحن وأخري في الأجهزة الكهربائية وتجارة الأراضي.. ودائما النصاب يبهر الزبون أو الضحية بالإغراءات.. فالأمر لا يحتاج منه سوى مكتب أنيق وعدد من السكرتيرات الحسناوات وإعلان صغير في احدي الجرائد الكبري ثم يبدأ رحلة جمع الملايين من الضحايا الذين يطمعون في أموال أكثر.. وحتي نكون واقعيين التقينا بعدد من ضحايا مكاتب توظيف الأموال الوهمية. عادل أبوسريع (أعمال حرة) يقول: وضعت حوالي 250 ألف جنيه لدى تاجر أجهزة كهربائية لتوظيفها مقابل 20% فائدة شهرية على المبلغ.. ولأن الفائدة مغرية جدا مع تراجع الفائدة بالبنوك وهبوط البورصة المصرية.. لم أفكر لحظة واحدة بأن هذا الرجل نصاب.. ولم يمر سوي شهر واحد حصلت علي الفائدة ثم اختفي الرجل تماما ولم يظهر حتي الآن. أضاف: تقدمت ببلاغ للشرطة ولكن اتضح أن الرجل يحمل بطاقة مزورة ولا عنوان له أي أنه مجرد سراب ووهم.. وضاعت تحويشة العمر. .. ابراهيم عبدالمتعال (تاجر) يقول: بالطبع وسائل الإعلام تنشر ليل نهار وتحذر من النصابين وتجار توظيف الأموال ولكننا لا نتعظ أملا في توظيف أموالنا والحصول علي أكبر نسبة من الأرباح. .. قال: وضعت حوالي نصف مليون جنيه لدى تاجر في كروت الشحن والرجل التزم معي في سداد الأرباح لمد ثلاثة شهور جمع فيهم أكثر من 100 مليون جنيه ثم (فص ملح وداب) كما يقول المثل البلدي. .. أضاف: نعم هناك مسئولية من الحكومة لأنها تركت هؤلاء لفترات طويلة في مناطقهم يجمعون الأموال دون التحري عنهم وعن شركاتهم كأن أموالنا غنيمة لهؤلاء اللصوص. لم نعط تأشيرة! .. قال مصدر مسئول بهيئة الرقابة المالية: إن الرقابة لم تعط تأشيرة واحدة لأي شركة تعمل في مجال توظيف الأموال منذ سنوات طويلة وأي شركة تعمل في هذا المجال فهي مخالفة لقانون سوق المال المصري. قال: مسئولية وضع الأموال في شركات توظيف الأموال تقع على المواطن نفسه الذي لم يستجب لنداءات وسائل الإعلام التي تنشر منذ سنوات طويلة جدا تحذيرات هامة فهذه الشركات الوهمية وللأسف الشديد أن هناك موظفين مرموقين ضحايا لهذه الظاهرة. .. أضاف: أتفق معك أنه لابد من التحري عن هذه الشركات في بداية عملها للتأكد من شرعية هذه الشركة حفاظا علي أموال المواطنين الغلابة الذين يطمعون في استثمار أموالهم لكي تساعدهم علي نفقات الحياة الملتهبة..!! رقابة صارمة .. الدكتور صلاح الجندي أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة يقول إن الوقت قد حان لإيجاد حلول سريعة لظاهرة توظيف الأموال التي أرهقت الكثير من المواطنين خلال الفترة الأخيرة. .. أضاف: بالطبع هناك وسائل كثيرة للقضاء علي هذه الظاهرة أولها تكثيف الحملات الإعلامية لتوعية المواطنين سواء كانوا بسطاء أو مثقفين لأن قضية الفيوم الأخيرة كشفت أن عددا كبيرا من المثقفين والمسئولين وقعوا في فخ النصاب الذي أغراهم بعلاقاته المتشعبة. .. قال: نعم لابد من تحرك الأجهزة الرقابية وعلي رأسها مباحث الأموال لرصد أي ظاهرة تطفو علي السطح والتحري عمن يقومون بجمع الأموال من المواطنين. .. الدكتور هاني سالم أستاذ الاقتصاد يقول: إننا ساهمنا في تعميق ظاهرة توظيف حيث هيأنا لها الأرض الخصبة لكي تنمو وتترعرع بقرارات اقتصادية تعمل ضد المواطن الذي يريد أن يعيش.. بخفض نسبة الفائدة علي الودائع بالبنوك التي تعتبر هي الحامي الأول لأموال المواطنين من هؤلاء النصابين ثم جاءت كوارث البورصة المصرية التي أخذت جزءا كبيرا من مدخرات المستثمرين الصغار ليفقدوا الثقة في المؤسسات الحكومية التي تدير أموالهم. .. أضاف: هناك أوعية أكثر أمانا لاستثمار الأموال مثل الذهب والاستثمار العقاري.. لأن المستثمر يستطيع شراء العقار ثم يقوم بتأجيره للاستفادة من القيمة الإيجارية المرتفعة لإعانته على ظروف المعيشة. .. قال إن سقوط عدد من المثقفين في فخ شركات توظيف الأموال الوهمية يؤكد أن العقلية المصرية أصبحت لا تستوعب متغيرات العصر وما يدور حولها من أحداث وأخبار تحتاج إلي تحليل لاتخاذ القرار الاقتصادي.