*** ظلت الشقاوة وخفة الدم و الروح سمات ملازمة و ملاصقة للفتاة السمراء الرشيقة طوال فترة حياتها .. ولم يثنها اي عتاب او توبيخ او حتي تطاول يتجاوز حد العنف .. كانت تداعب امها و قريباتها و حتي قريناتها بانها عندما تتزوج فانها تفضل ان يكون رفيقها مجنونا .. او علي وجه الدقة نصف مجنون حتي يستوعب شقاوتها و تستطيع مواصلة المشوار المرح في الحياة .. الصبية الشقية بنت فلسفتها و رؤيتها الخاصة علي قواعد خاصة بها .. فقد كان لديها قناعة ان الارتباط بانسان عاقل في هذا الزمان مسألة قاسية و انه في كل الاحوال سيقودها بعقله الي الجنون بعد ان يكون قد انهكها بالفعل و استفرغت كل طاقتها الجسمانية و العقلية ايضا .. و يالتالي سيصلان الي مرحلة الجنون و هما اكثر جنونا و جنانا .. و تري ان ذلك من مقتضيات ومن النتائج الحتمية لهذا العصر الذي نعيش فيه .. و ان اكثر الناس سعادة هم من يعيشون بلا عقل او في غيبوبة و لا يحاولون ان يفهموا ما يجري حولهم بطريقة منطقية او عقلية خوفا من ان تقودهم الي الجنون .. فكل شئ حتما يدفعك الي الجنون و شق الهدوم و هذه مرحلة اعلي و اشد و انكي من الجنون لانها اذا اجتمعت مع العقل تقودك الي الكفر و العياذ بالله .. فقررت الصبية الشقية ان تختصر الطريق و توفر الوقت و تختار شريكها حياتها القادم رجل جاهز من وجهة نظرها بالطبع -.. نصف مجنون فقط و ليس مجنونا كامل الدسم .. لسبب بسيط حتي لا يتهمها احد بانها مجنونة .. لذلك هي تفضله نصف مجنون !! وهناك سبب اخر يزيد من قناعتها يالنظرية اياها و هو انها بشقاوتها تستطيع ترويض العفاريت و ليس فقط المجانين .. و قد صورت لها شقاوتها و كثرة مقالبها في خلق الله انها تستطيع ان تجنن الجن .. و بالتالي وو فقا لقاعدة انه لا يفل الحدي الا الحديد فانها تستطيع التعامل بسلاسة مع المجانين فما بالك بانصافهم .. الي جانب هذا فان لدي الصبية الشقية قناعة بان المجانين اكثر ذكاء من العقلاء في هذا الزمان ..وان الشعرة الفارقة بين الذكاء و الجنون لم يعد لها وجود بعد عصر العولمة ..و التي نجحت باقتدار بعد الاصرار و الترصد في ازالة الفوارق و السدود و كل انواع الحجب .. بين الذكاء و الجنون .. و رفضت الابقاء علي تلك الشعرة المسكينة الفارقة بينهما فحطمتها تحطيما .. حتي اصبح عالم العولمة المسكين بلا شعرة .. و غارق بسبب شعرة .. و صار الناس بلا شعرة او شعور .. و صار همهم الاكبر الان البحث عن شعرة .. في اي مكان .. فوق الارض و تحت الارض و الي يوم العرض .. *** المهم مرت السنون .. و صبيتنا الشقية في انتظارنصف المجنون بلا جدوي ..قررت التنازل و الفبول حني بمجنون كامل .. ايضا بلا جدوي .. و لما رات امها حالتها تسوء .. كانت تمازحها للتفريج عنها بالطبع و طلبا لابتسامة توارت الا قليلا ? و تقول لها ربنا يوعدك يا بنيتي بالمجنون ..! و كانت الصبية ترد عليها علي الفور بشقاوتها المعهودة .. المجنون الذي انا اريده و احبه و ليس الذي تقصدونه انتم .. و يستمر الضحك .. حتي جاء يوم شديد المطر و العواصف و طرق باب المنزل طارق غريب .. نظرت الصبية الشقية من كوة في الباب و صاحت باعلي صوتها .. و هي تنادي علي امها .. وتتجه نحوها مسرعة و تقبلها .. و هي تقول يبدو ان الله قد استجاب لدعواتك يا امي ...!! اضطربت الام و اسرعت هي الاخري نحو كوة الباب و قلبها يخفق بشدة .. لتنظر من بالباب في هذا اليوم العاصف .. وكانت الفاجأة .. انها الحاجة شوشو الخاطبة !!! [email protected]