صنفت منظمة الشفافية الدولية مصر وعددا من الدول العربية والإسلامية فى مراكز متأخرة فى مستوى الشفافية وجاءت مصر فى المركز 89 على العالم .. وعزت ذلك إلى تفشى ظاهرة الوساطة والمحسوبية فى كل المجالات التى تتعلق بالنشاطات المالية والإدارية مما أدى إلى ظهور أنماط عديدة من الفساد التى تؤثر بشكل سلبى على أداء المجتمعات وتقدمها . العلماء أكدوا أن الشفافية فى الإسلام هى الصدق والأمانة وأداء العمل بأفضل شكل وما حدث بسبب ابتعاد المسلمين عن المقومات الأساسية للشريعة الإسلامية فحدث ذلك التراجع وجاءوا فى ذيل القائمة ولابد لهم من بالأخذ بكل ما نصت عليه شريعة الإسلام وسنة النبى حتى لا يرانا العالم بهذه الصورة المخزية ووصفنا بعدم الشفافية والظلم والفساد . يقول الدكتور محمد الشحات الجندى الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية إن من القواعد المقررة شرعا فى الإسلام أن الصدق من سمات الإنسان المؤمن ويظهر ذلك فى العديد من الآيات القرآنية فى قوله تعالى «اتقوا الله وكونوا مع الصادقين «. أضاف أن الصدق والأمانة فى التعامل بين الناس وبعضهم البعض اظهر دليل على الشفافية التى دعا إليها الإسلام خاصة لمن يتصدون للعمل العام وهؤلاء عليهم مسئولية كبرى لأنهم مطالبون بتوخى الصدق والأمانة فى كل ما تقومون به من أعمال لابد لها من الشفافية والوضوح . أكد الجندى ان العديد من الدول الإسلامية تضع نفسها فى مؤخرة هذه التقارير بسبب التخلف والبعد عن الالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية وهو ما أدى إلى غياب هذه المفاهيم عن المفردات والقوانين المتعارف عليها فى بلادنا فنحتفى بها حينا ونرفضها أحيانا أخرى رغم أن الإسلام دعا أول ما دعا إلى الصدق والشفافية يقول تعالى «ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً». أوضح أن الإسلام وشريعته أكدا أن الرقابة الداخلية أهم ما يميز الإنسان المسلم وهذه الرقابة هى رقابة الضمير التى تمنع الإنسان من الوقوع فى الخطأ وتحول بينه وبين ارتكاب المعاصى والجرائم وهذه الرقابة من أفضل أنواع الرقابة لان الإنسان يمكنه الهروب من رقابة القانون بالتحايل ..قال تعالى «ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه «ومعنى ذلك بحسب التعبير الشائع ان هناك جرس إنذار داخل كل إنسان ينبهه إلى أن يراجع نفسه فى كل ما يقوم به . أكد الجندى أن غياب فكرة الرقابة الدينية والوازع الدينى والضمير الرقابى من الأسباب الرئيسية لشيوع تلك الأفكار عن البلدان الإسلامية لأنها تسمح للمسئولين ورجال الحكم بممارسة أعمال منقوصة أو تسمح بالفساد المالى والادارى فى مؤسساتهم وذلك يؤدى على فساد المجتمعات واتهامها بعدم المصداقية والأمانة والشفافية التى أكدت عليها شريعة الإسلام . أشار الدكتور فوده محمد على أستاذ الإعلام بالأزهر إلى أن أزمة الشفافية فى العالم ليست بجديدة وفى كل التصنيفات العالمية تأتى معظم الدول العربية فى ذيل القائمة للدول الأكثر فى شفافية فى العالم . أضاف أن تلك الأزمة راجعة على موضوع اختيار والمديرين فى المواقع المرتبطة بالشئون الإدارية والسياسية فالإسلام علمنا أن هناك قاعدة تحكمنا وهى وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب فلكل إنسان طاقات محددة يمكنه أن يقوم بها ولا يقوم بها غيره . قال إن النبى صلى الله عليه وسلم كان يضع كل واحد فى مكانه فخالد بن الوليد الذى اشتهر كقائد حربى فى الإسلام وخاض تسعة وتسعين زحفاً فى سبيل الله لم يكافئه النبى بتولى إمارة أو ولاية ولكن النبى عرف أن طاقاته الحقيقية فى الميدان وهذا بخلاف ما يحدث الآن من تولى بعض الناس أماكن حساسة بدون أن يكون لديهم الطاقات الحقيقية للنهوض بالعمل . أضاف أن الأزمة نشأت بسبب تفشى الوساطة والمحسوبية والمجاملات فيؤدى ذلك إلى الفشل الذريع فى الأماكن التى يديرونها ويصل ذلك إلى أن يقوموا بأعمال سلبية أو فاشلة ويتبع ذلك المصائب الجسيمة التى تؤدى إلى الهلاك والتدمير والفساد وتفشى السرقة والاختلاسات . أضاف أن الغرب الذى يتهمه البعض بالكفر أو عدم الإيمان نجح وتفوق علينا بمئات السنين لأنه تخلص من تلك الأمراض الاجتماعية ووضع الأسس والمعايير الصحيحة لاختيار الكفاءات ووضعها فى مكانها الصحيح فأصبح كل واحد يقدم أفضل ما عنده وبالتالى تسير الأمور بأفضل مستويات النزاهة والشفافية ويؤدى ذلك لاحقا إلى تطور ونمو المجتمعات وهذه القواعد ليست غريبة على قواعد الشريعة الإسلامية وحينما طبقها المسلمون الأوائل ملكوا الدنيا وتفوقوا وأبدعوا وكانوا أصحاب العلم والاختراع إلى أن حدث ذلك التراجع الرهيب فى مسيرة الأمة . أشار إلى أن الله أوجب على كل إنسان فرضا من فروض الكفاية يقوم به وإذا قام به سقط عن الباقين ولو حققنا هذا المبدأ لعمت الاستفادة وهذا سر شقائنا ولو تم تطبيقه فى المدارس والجامعات فسوف يسير كل شئ بجودة عالية . طالب د.فوده بوضع معايير حاكمة للجميع فإذا حدث خلل من أى إنسان سواء كان مسئولا أو غير مسئول يمكننا أن نحكم على المقصر ومعاقبته ومجازاة المحسن بالشكل المناسب لأدائه الجيد ولكن عندما يتساوى الاثنان معا فهذا نذير بأن يقصر المحسن ويزداد تقصير المقصر أكثر وأكثر. أكد أن تفعيل المنظومة الأخلاقية للمجتمع ضرورة أساسية وهذه المنظومة تجعل كل إنسان رقيباً على نفسه ولو كل إنسان أخذ بمعايير الصدق والأمانة والصفات الحميدة التى جاءت بها الأديان ولو التزمنا بها سينصلح حال المجتمع ويقوى بنيانه وتتقدم بلداننا فى تصنيفات الشفافية بما نحمله من أسس إسلامية تقوى المجتمعات . يقول الدكتور محمد عبد السلام أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس إن الإسلام اهتم بحق كل إنسان فى من العمل وأرشدت السنة النبوية ولاة الأمر إلى ضرورة اختيار الأصلح دائما وأن يحتاطوا فى اختيار العاملين فى جميع الوظائف وأن يكون الاختيار قائما على القدرة والكفاءة وليس على أساس الوساطة والمحسوبية فإن فى إسناد الأمر إلى غير أهله ضياعاً للأمانة فعن أبى هريرة أن النبى الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة قيل وكيف تضيع الأمانة قال إذا وسد الأمر على غير أهله «والحديث يفيد أن من الأمانة أن يكون كل إنسان فى مكانه الصحيح وأن على ولاة الأمر أن يختاروا الأصلح بكل شفافية ووضوح وهذا من مبادئ الإسلام الصحيح ومن يفرط فيه فقد أضاع الحقوق . أضاف :إن الشفافية فى الإسلام واضحة جلية والنبى صلى الله عليه وسلم يقول» إن لصاحب الحق مقالاً»ومعنى ذلك إرشاد الناس أنهم إذا كان لهم حق من الحقوق فعليهم أن يطالبوا به وهذا الطلب يجب أن يأخذه ولاة الأمر مأخذ الجد والفكر الاسلامى فكر حر مستقل قائم على الوضوح والصراحة والشفافية وليس فيه غموض أو التواء وعلينا جميعا أن نعلم أن العدل هو أساس الملك والعدالة لا تتحقق إلا فى وضوح وشفافية وعدم مواربة .