سجلت أقسام شرطة مديريات أمن القاهرة والجيزة وحلوان والإسكندرية 600 واقعة تحرش ومعاكسة في أول أيام العيد.. بالتأكيد مر هذا الخبر بشكل عابر علي الكثيرين. ولم يتوقفوا عنده للبحث عن مغزاه. فقد أصبحت الحوادث من الكثرة والبشاعة لدرجة يستصغر البعض قضية التحرش ببنات الناس في الشوارع العامة. وقد يتساءل البعض عن أهمية هذا التحرش أمام جرائم القتل لأتفه الاسباب. فبعض الممازحات والنكات المتبادلة بين الاصدقاء التي تجري في الشوارع وعلي المقاهي تتطور إلي مشاجرة حامية. وخلال دقائق ينقلب الاصدقاء إلي اعداء وتظهر فجأة الاسلحة البيضاء والسوداء. وأدوات القتل بكل الالوان لتنتهي بقتلي ومصابين.. والناس يتفرجون. والشرطة تأتي متأخرة كالعادة بعد ان "يخلص الطرفين علي بعض" .وروي لي أحد الاصدقاء انه كان واقفا في احد المواقف العامة في القاهرة ينتظر ميكروباصاً للعودة إلي منزله بعد يوم من التعب والاجهاد في العمل. وكان بالقرب منه تقف مجموعة من الشباب يتبادلون النكات والقفشات السمجة. ثم يضحكون بصوت عال يلفت نظر الجميع. وفي نهاية احدي القفشات ضرب احد الشباب صديقه علي "قفاه" فرد عليه علي الفور بضربة مماثلة. واشتبك الاثنان لتنقسم المجموعة إلي طرفين وتدور معركة دامية وسط صراخ المنتظرين وتنتهي بمقتل شاب واصابة 3 اخرين. وقد جرت معركة بالسلاح الالي بين عائلتين في احدي قري مركز امبابة بسبب تجرؤ حمار علي أكل عود من الذرة من حقل الجار. فهب الجار لمعاتبة صاحب الحمار فلم يتقبل العتاب فقتله. فبلغ الامر عائلة القتيل فهبت للثأر الفوري لتنتهي المعركة بقتيلين واكثر من 15 اصابة. وقد يتساءل البعض عن اهمية التحرش امام جرائم السرقة بالاكراه والتي اصبحت للأسف تتم في وضح النهار بسبب ضعف قبضة الشرطة اولا.. ثم بسبب تقاعس المواطنين عن نجدة بعضهم البعض. متعللين بمقولة "وانا مالي.. خليني اروح سليم إلي عيالي". متناسين ان الدور سيأتي عليهم لا محالة. وانهم اذا تحركوا لنجدة الاخرين. سيجدون بالتأكيد من ينجدهم. اعود إلي مسألة التحرش العلني بالفتيات لأؤكد أنه آفة تكشف عن الكثير من الخلل داخل المجتمع المصري. خاصة وان التحرش لم يعد قاصرا علي النساء والفتيات المتبرجات. بل امتد إلي المحجبات. والاكثر خطورة انه لم يعد سلوكا سيئا تمارسه الاقلية من الشباب. او كما كان منذ سنوات يمثل عارا علي صاحبه ويبعده عن دائرة الشهامة والرجولة كما انه كان يتم بعيدا عن الأعين لأن المجتمع كان يقف بالمرصاد ويتصدي لحركات الخسة والنذالة فالاوضاع الان تغيرت وأصبح التحرش والمعاكسات هو القاعدة لأغلب الشباب. أما إذا وجدت شابا ملتزما فسرعان ما يتلقي اللوم من أصدقائه ويوجهوا إليه أسئلة ساخرة من أمثلة: أنت مريض. سلامتك نوديك لدكتور؟! كما تراجعت الرقابة الأمنية. والشهامة والرجولة لدي المواطنين مما أدي إلي تمادي المتحرشين وتجاوزهم التحرش بالالفاظ الي اللمس واحيانا الضرب. وتتزايد المخاوف لأن معظم المتحرشين أصبحت لديهم ميول اجرامية ويحملون الأسلحة البيضاء. طبعا أرقام المتحرشين التي اعلنتها الشرطة لا تكشف عن كل الحقيقة. فهناك الكثير الذي لم يتم الابلاغ عنه أو ضبطه. وتشير احصائيات المركز القومي للبحوث الجنائية ان 20 ألف حالة اغتصاب وتحرش ترتكب في مصر سنوياً .وكشفت دراسة اكاديمية ان 78% من الموظفات يتعرضن للتحرش المتعمدة من زملائهن الراجل. وأسباب هذه الظاهرة متعددة. وطرق علاجها كثيرة. وحددها أحد المواطنين يدعي ماجد أحمد محمود بأسلوب عملي وبسيط في تعليق علي الخبر نشره علي الانترنت قال فيه: "فقدنا المثل والمبادئ اصبحنا في عالم التوهان والضياع.. لم تعد هناك السيطرة الكاملة التي تحقق الاستقرار والأمن للمواطن والاسباب معروفة وواضحة وضوح الشمس. علي رأسها الحالة الاقتصادية وضياع التنمية أولاً بأول بسبب السوسة التي تنخر في الجذور وتلتهم أي عائد مفهوم طبعا السبب الرئيسي هو انتشار الفساد دون اتخاذ أي اجراء صارم تصدر به تعليمات مشددة من المستويات العليا. لابد من التدخل الفوري بالعقاب الشديد اذا كنا نريد ان نقضي علي الامور الفاسدة في حياتنا. نريد احكاماً حازمة رادعة ومعممة علي سبيل المثال ان يكون الحكم في قضية التحرش لا يقل عن 15سنة مشددة والاغتصاب يكون الاعدام يا دولة المثل والقيم يا شرقيين يا مسلمين يا احفاد صلاح الدين ويا من عبرتوا القناة اين الشهامة أين الرجولة هل ماتت ولا أصبحت علي ما تفرج.. اصبحت تك اواي.. احنا مصريين ياحكومة. وخير اجناد الأرض لابد أن يكون هناك اهتمام كبير وعلي كافة المستويات وجميع أجهزة الدولة في إحياء القيم التي افتقدناها واعادة الانضابط للشارع المصري. ونحن في انتظار الحلول العلمية والعملية من الخبراء والمختصين لاستئصال آفة التحرش وتداعياته. [email protected]