مصر والمجر تبحثان سبل تعزيز التعاون في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات    حكومة المالديف تحظر دخول حاملي جوازات السفر الإسرائيلية    سبورتنج يكسر يد الزمالك ويتوج بطلاً لكأس مصر    تأجيل محاكمة سيدة قتلت زوجها بمساعدة شقيقه بمنطقة الصف    داليا عبدالرحيم: وسائل الإعلام الجديدة أحدثت ثورة نوعية في المحتوى الاتصالي    اتحاد منتجي الدواجن: الزيادة الحالية في الأسعار أمر معتاد في هذه الصناعة    طلعت عبد القوى: الحوار الوطنى توافق على تأييد كل خطوات الرئيس فى دعم غزة    فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»    رئيس النيابة الإدارية يشهد حفل تكريم المستشارين المحاضرين بمركز التدريب القضائي    نادي الصيد يحصد بطولة كأس مصر لسباحة الزعانف للمسافات الطويلة    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي دوري السوبر لكرة السلة    حسن شحاتة يشارك بالاجتماع التنسيقي للمجموعة العربية المشاركة في مؤتمر العمل بجنيف    تراجع ترامب عن حظره تيك توك.. ونشر أول فيديو خلال بطولة ملاكمة    «في 20 دقيقة».. كيف تتخلص من سم الأسماك الخطيرة قبل انتشاره بالجسم    مدبولى: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز إلى 3541 خلال 2023    جنايات السويس تقضى بإعدام قاتل صديقه.. تسلل إلى منزله وطعنه بسكين    «حياة كريمة» توقع اتفاقية لتوفير علاجات مبتكرة للمواطنين الأكثر احتياجا    بالصور.. حسن شاكوش وحمو بيكا في عزاء والدة محمود الليثي    بعد أنباء تعرضه لنزيف حاد ب الأنف.. جورج وسوف يكشف موعد حفله المقبل    مجلس الحرب يشير على طاقم المفاوضات بعدم كشف العرض الإسرائيلي خشية تسريبه    حظك اليوم 3 يونيو 2024 لمواليد برج القوس    "بشيل فلوس من وراء زوجي ينفع أعمل بيها عمرة؟".. أمين الفتوى يرد    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وقتها وأفضل صيغة    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    بشرى وضيوف مهرجان روتردام للفيلم العربي يزورون باخرة اللاجئين    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    فعاليات متنوعة للأطفال بالمكتبة المتنقلة ضمن أنشطة قصور الثقافة ببشاير الخير    فيلم "بنقدر ظروفك" يحتل المركز الرابع في شباك التذاكر    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    طريقة عمل دجاج كنتاكي المقرمشة، أحلى من المطاعم    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    وزيرة التخطيط ل«النواب»: نستهدف إنشاء فصول جديدة لتقليل الكثافة إلى 30 طالبا في 2030    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    غرفة عمليات «طيبة التكنولوجية»: امتحانات نهاية العام دون شكاوى من الطلاب    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملاحظات علي النموذج الحضاري للسياسي!
نشر في الجمهورية يوم 18 - 11 - 2010

الملاحظة الأولي : التي استوقفتني هي أن حديث جمال مبارك لم يكن لسياسي متأنق من أصحاب الياقات البيضاء الذين يرددون الشعارات. ولكنه كان انعكاسا لواقع أصبح هذا الشاب يدركه ويلمسه وينطلق في الحديث عنه بصراحة ووضوح ورؤية.. صراحة الخطاب السياسي لجمال مبارك انطلقت من أرضية الجولات التي طاف بها المحافظات ومن برنامج الألف قرية الذي يتبناه الحزب الوطني ويشرف عليه جمال مبارك.
الملاحظة الثانية : تتعلق بالصدق. فرغم إنجازات الحزب. إلا أنه بصراحته اعترف بشظف العيش وضعف أحوال الكثيرين وتكالب المرض والبطالة وصراع البقاء عند ملايين من أهل الريف في الدلتا والصعيد.. الصراحة لم تكن فقط في الاعتراف بالمعاناة. ولكنها كانت في إدراك أن السلبيات كانت نتيجة لاننا نسينا الصعيد والريف فترة طويلة.
الملاحظة الثالثة : هي الاعتراف بأن ندرة الامكانيات ومحدودية الموارد لن تقف أبدا حجر عثرة أمام برنامج حزبي يقتحم المشاكل والأزمات ويضع خططاً علمية وواقعية لاقتحامها.. برنامج لايستند الي فرضيات ولكن إلي موارد معروف مصادر تمويلها ومعلن كيفية انفاقها.
الملاحظة الرابعة : أن هناك شعورا بالأمل وإمكانية تحقيق الأحلام في كلام هذا السياسي الشاب.. صعوبة الواقع وتشابك أزماته لم تخنق جذوة الطموح في تحقيق ما يتمناه المصريون لبلدهم.. مازال رئيس الدولة وزعيم الحزب الرئيس مبارك وقادة الحزب قادرين علي أن يجعلوا مصر قوة اقتصادية كبري رغم ضآلة الموارد.. أرض الكنانة يمكن أن تكون ضمن الاقتصاديات العالمية البازغة ومرشحة بقوة لتكون الي جوار الصين والهند والمكسيك والبرازيل وجنوب افريقيا.. كلام أمين السياسات في برنامج "مصر النهارده" وفي حواره مع قناة "العربية" اكد علي أن مشروع الدولة المدنية المصرية بتعدديتها الحزبية واصلاحها السياسي والاقتصادي ممكن رغم كل ما يكتنفه من أخطار وما يهدده من توسعات اقليمية وتدخلات خارجية.
الملاحظة الخامسة : تتعلق بلغة الحوار لسياسي شاب تجرد من كونه ابن الرئيس مبارك وأحد قيادات الحزب. فتحدث باحترام كبير عن المعارضة ورموزها وقال إنه لايريد التطرق الي هذا الأمر خصوصا في عدم وجود ممثل للمعارضة في البرنامج.. ولاتملك الا أن تستدعي إلي ذاكرتك مشهدا مماثلا لو كان البرنامج قد استضاف أحد رموز المعارضة وهو ما سيحدث في الأيام القادمة لكنا سمعنا لغة مختلفة تماما.. كنا سنسمع عن اتهامات جمة للحزب الوطني الغارق في الفساد. كما سيتطرق أي رمز من المعارضة الي عدم جدوي الإصلاح السياسي وانتفاء المشروع القومي طالما أن هناك نية للتوريث. وهذا في واقع الأمر ما تلوكه فصائل التخوين امثال كفاية و6 ابريل والجمعية الوطنية وزعماء النضال الحنجوري.. وأد جمال مبارك كل الاجتهادات التي تلوكها الألسنة المغرضة وقال إنه ليس لديه طموح شخصي أو سياسي.. كلام قاطع كحد السيف.
وأخيرا وليس آخراً.. استطيع القول إن جمال مبارك اشاع قدرا من الأمل في أن يكون لهذا الوطن مشروعه الطموح الذي يتغلب علي الكثير من المعوقات والاحباطات وعلي طيور اليأس والظلام.. ميزة الحزب الوطني انه ليس حزبا أو تيارا للشعارات. ولكنه كما قال أمينه العام صفوت الشريف اكثر من مرة أنه "حزب الشارع".. وإذا زاد التواصل مع الجماهير فسيتم تحصين الحزب ضد الاحباطات السوداء.
هل يتحرك الفيل .. في الغرفة المظلمة؟!
بدأت جماعة الإخوان المسلمين ترسل إلي أنصارها "إيميلات" أو بريداً الكترونياً حول كيفية تنظيم الصفوف خلال معركة انتخابات مجلس الشعب.. الدعاية الإخوانية ليست لبرامج أو خدمات ولكنها تعتمد علي ترويج الشائعات علي الخصم.. كل خصم له تكتيك مختلف وكل دائرة لها أسلوب يتفق أو يختلف طبقاً لعدة عوامل منها الكثافة السكانية ومستوي التعليم وحد الفقر وعدد الأولاد لكل أسرة.
الغريب أن خلط الدين بالسياسة واضح جداً في دعاية الإخوان الالكترونية.. هناك رسائل لها شفرة خاصة يتم ارسالها إلي البريد الالكتروني لعدد من الشباب خصوصاً في الأسر الكبيرة التي تعاني من ضائقة العيش.
الرسالة تبدأ ب "لا إله إلا الله".. وبعدها حديث الرسول عليه الصلاة والسلام "تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة".. ثم مناشدة للجماهير أن تخرج يوم التصويت لتغيير الأوضاع القائمة.. "انها معركة ضد العلمانية ونحن علي استعداد للشهادة أمام الصناديق يوم الانتخاب!".
خطة الإخوان تقوم علي نشر الشائعات ضد خصومهم الأقوياء من الحزب الوطني.. مثلاً سامح فهمي وزير البترول زعموا انه غير موجود لأنه يؤدي فريضة الحج ثم قالوا انه في مستشفي بباريس يعالج من مرض خطير.. عبدالسلام المحجوب وزير التنمية المحلية والمرشح عن دائرة الرمل يشعر الإخوان انه خصم لا قبل لهم به. وان قاعدته في الإسكندرية قوية لأنه خدم أهلها ما يزيد علي 15 سنة بنجاح وإنجازاته واضحة. لذلك بدأوا الشائعات ضده بأنه يتعاون مع الأمن للقبض علي قيادات إخوانية. وانه لم ينفذ شيئا لأهل الإسكندرية لان اهتمامه انصب علي الكورنيش.. المحجوب واثق في نفسه وقدراته ويتحرك معه أمين الحزب الوطني بالإسكندرية سعيد الدقاق لكشف الشائعات.
ويلاحظ الخبراء ان نواب الإخوان لو كانوا قد قدموا شيئا في الدورة السابقة لمجلس الشعب لافتخروا به ووضعوه في برامجهم. لكنهم لم يقدموا شيئا للأهالي.. ولم يعد ينفع القول بأنهم "بتوع ربنا" والأوصياء علي الإسلام.. فالناس تريد وظائف وعلاجاً وتعليما ومرافق جيدة وشوارع نظيفة.. العلاقة بين الإنسان وربه علاقة مباشرة.. المولي عز وجل لم يجعل الإخوان وسطاء بين الإنسان والله.
الإخوان يتحركون حالياً علي المقاهي وأمام المساجد ويوزعون في بعض الأحيان نشرات يقولون فيها "إسلامك الصحيح يوم 28 نوفمبر" و"مصر إسلامية إسلامية".. وهناك تنويهات عن البدء في بث قنوات محلية في بعض الأحياء الكبري مثل مصر الجديدة ودائرة الرمل بالإسكندرية ويتم البث علي تردد يوزع علي البعض.. وأعتقد انهم لن ينجحوا في مشروع القنوات المحلية التي سيتم رصدها بسرعة. وبالتالي فلن تنجح هذه المحاولة.
أيضاً تم معرفة تليفونات عدد كبير من السادة القضاة والمستشارين وبدأوا يوجهون إليهم رسائل SMS ليشهدوا شهادة حق إذا ما تم الاحتكام إليهم.
ويلاحظ ان الإخوان بعد هزيمتهم القاسية في الشوري في مايو الماضي. فإنهم مازالوا في مرحلة افتراضية.. فهم يطالبون الناس بالخروج لتغيير الأوضاع القائمة. وفي الوقت ذاته لا يملكون ما يقدمونه للناخبين لاقناعهم بضرورة التغيير.
ورغم ما يشاع عن قدرة وقوة التنظيم الإخواني وثقله والتزامه الديني والايديولوجي. إلا أنهم مازالوا يتحركون كما لو كانوا "فيلا في غرفة مظلمة".. ليس لديهم رؤية سياسية بعيدة المدي ولا توجد لديهم أفكار أو برامج لحشد الناخبين وليس هناك شخصيات كاريزمية يمكنها تحقيق إجماع عليها بعيداً عن الدين. كما انهم لا يملكون إنجاز التغيير الذي يتشدقون به بأسلوب مدني واع.. الإخوان ليسوا حزب العدالة والتنمية في تركيا الذي بني شهرته علي برنامج انتخابي رائع غير به حياة الأتراك. ويخطئ من يقارن بين الجماعة المحظورة والحزب التركي. فالعدالة والتنمية قدم برنامجا اقتصاديا عظيما ولم يعتمد علي شعار الإسلام هو الحل.
ويبقي أن نؤكد ان الجماعة التي حصلت أو أعلنت انها نجحت في الفوز ب 120 ألف توقيع. فإنها لم تستطع ان تنقل أو تترجم هذه الأرقام من شاشة الكمبيوتر إلي الشارع.. وحتي لو افترضت ان الإخوان حصلوا علي مليون توقيع فهل يعني هذا أن هناك مليونا سيتوجهون لصناديق الاقتراع لانتخابهم؟! طبعاً لا .. فالتوقيعات لا تعبر عن قوة سياسية. وإلا كان البرادعي قد حصل علي هذه المكانة.. بالعكس فقد اختفي واندثر وتضاءل لدرجة أن أصدقاءه مثل حمدي قنديل بدأوا ينتقدونه!
أكرر مرة أخري ان الدعوة التي يروجها الإخوان لأنصارهم للاستشهاد أمام الصناديق يوم 28 نوفمبر لأنها معركة الإسلام هي دعوة باطلة.. لا يملك أحد أن يصنف المسلمين.. وليس لهم الحق في المصادرة علي رأي من يخالفهم ومحاربته بالشائعات.. انهم ينطقون عن هوي ومصلحة وغرض.. الانتخابات في العالم كله هي صراع بين برامج وآليات تنفيذها. لكن عند الإخوان فقط الصراع عبارة عن "محاكم تفتيش" تحاسب الناس علي ما في ضمائرهم وتصدر ضدهم الأحكام. وهذه صفات الله سبحانه وتعالي فقط. فإذا كان الإخوان قد اختصوا أنفسهم بها فقد باءوا بخزي وخسران مبين.
الوطني .. وأخلاق السياسة !
رحم الله الوزير كمال الشاذلي.. هذه الشخصية الفريدة التي لا تتكرر فرغم انه شغل مناصب متعددة. لكنه كان يفضل أن تناديه بلقب "سيادة النائب".. كان محبباً إلي قلبه ومعتزا بأنه أقدم برلماني في العالم.. فقد دخل مجلس الأمة "الشعب حالياً" في عهد عبدالناصر عام 1964 واستمر نائبا مع الرئيس السادات ثم في عهد حسني مبارك.. لم ينقطع تمثيله للدائرة في أي دورة .. الأمر الذي يؤكد أن هناك تلاحما وتشبثا به من أبناء الباجور وانهم لا يرضون عنه بديلاً.
وليس سراً أن الحزب الوطني كان يعلم بتدهور صحة النائب كمال الشاذلي بعد العملية الخطيرة التي أجراها هذا العام. لكن قيادات الحزب العريق التي تعرف الوفاء وتقدر قيمة الرجال لم تشأ أن ترفعه من كشف الترشيح في الدائرة التي يحترم فيها الناخبون اسمه ولا يعرفون غيره في قضاء حوائجهم ومصالحهم.
لقد ضربت الباجور المثل في الوفاء. عندما خرج عشرات الألوف من مدن وقري المنوفية ليستقبلوه مهنئين له بنجاح العملية الجراحية وعودته سالما إلي دائرته وكانت هذه الحشود خير شاهد علي تاريخه وعطائه.
لقد عاش النائب الراحل في محيط شائعات من كل نوع بعضها يرفعه إلي عنان السماء ويرشحه لمناصب كبيرة. بينما طالته ألسنة السوء في شائعات أخري استهدفت سمعته وعلاقاته وتاجرت باسمه. ورغم ذلك كله ظل الشاذلي علي العهد به مقاتلا خفيف الدم. لم يفرح بما أتاه ولم يحزن علي ما ضاع منه.
علي أية حال ستظل الباجور تتذكر الراحل الكبير فهو صاحب الرقم القياسي في العالم لتمثيل دائرة في مجلس منتخب.
وإذا كانت السياسة بلا أخلاق كما يقولون. فقد ضرب الحزب الوطني مثالا يحتذي بأن السياسة لها قلب.. فعندما قرر سامح فهمي وزير البترول خوض الانتخابات علي مقعد السلاب في مصر الجديدة ومدينة نصر. ذهب إلي عائلة السلاب واستأذن في ذلك. وكان تصرفا نبيلا باركه آل السلاب وأيدوا ترشيحه.
وفي الوقت ذاته عندما لمس القائمون علي أمر الحزب رغبة الشاذلي في الترشيح قرروا الاستجابة له خصوصا وأن هناك إصراراً من جانب أهل المنوفية وناخبي دائرة الباجور علي ألا يمثلهم غيره.
احترم الحزب تاريخ الشاذلي واسمه وشعبيته.. وحتي إذا كان مقعد الفئات في دائرة الباجور قد اعترته المخاطر واكتنفه احتمال ضياعه بعد سيطرة دامت 46 عاما. فإن الأهم من ذلك أن مبادئ الحزب لا تتغير ونزوله علي إرادة الجماهير ليس فيه اجتهادات أو تأويلات!
إنقاذ سيناء بالتنمية
في الوقت الذي ينشغل فيه كثيرون بالانتخابات ومقاعد البرلمان واتهام الحزب الحاكم بتزوير الانتخابات قبل أن تبدأ. لا تهمل الدولة العمل علي تدعيم سيادتها علي حدودها وتأمين أمنها القومي ونزع فتيل التوتر من مكامن الخطر الثلاثية التي تضغط علي محاور الأمن الداخلي وهي سيناء ومياه النيل والوحدة الوطنية..
والحقيقة أن تنمية سيناء هي أهم محاور الدفاع عن الأمن القومي المصري.. فهي مستهدفة من إسرائيل ومن "حماس" التي تلتقي اهدافها مع اهداف الدولة العبرية في ايجاد حلول بديلة للقضية الفلسطينية علي حساب أرض الفيروز.. شبه جزيرة سيناء هدف استراتيجي لتل أبيب لمحاولة إقامة دولة غزة الكبري فيها والاستعاضة بها عن إقامة الدولة الفلسطينية..
الخطة الإسرائيلية لاحداث توتر في سيناء بسيطة وتتلخص في:
أولا : ابراز مشاكل سيناء وتضخيمها والزعم بأنها بؤرة تهريب للأفارقة والسلاح إلي إسرائيل وأن مصر تستخدم القوة المفرطة ضد المهاجرين الأفارقة بما يتنافي مع أبسط قواعد حقوق الإنسان!
ثانيا : تحاول إسرائيل أن تسوق للعالم كله فكرة أن سيناء أصبحت موطناً للقاعدة. وأنها ستشكل خلية ارهابية دائمة التهديد لها ولسياحها إلي مصر. وطبعا هي في هذا تسعي إلي شيئين اما السعي إلي استقدام قوات دولية إلي مصر تنتشر علي طول الحدود وتحمي الحدود الإسرائيلية. وإما أن يتم تهجير الفلسطينيين إلي سيناء والاستفادة من منح وقروض دولية لإقامة مشروعات سياحية وصناعية علي أرض سيناء ليستفيد منها فلسطينيو غزة.. وفي الحالين الاعتداء علي سيادة مصر هو هدف إسرائيل.
ثالثا : تقوم إسرائيل أيضا بلعبة في منتهي الخبث حاليا فهي تزعم أنها تقيم نقاط ومراكز اعتقال علي الحدود مع سيناء لاعتقال الأفارقة الذين يتسللون إليها من مصر.. لكن في حقيقة الأمر هذه ليست مراكز اعتقال ولكنها مراكز تدريب وتأهيل للأفارقة وهي تقوم بتشغيلهم لتساهم في حصار الفلسطينيين.. تل أبيب تزعم أن مصر تسمح بتهريب الأفارقة. والحقيقة أن اليهود سعداء جدا بهذا التهريب.. فالافارقة عمالة رخيصة. ويساهمون في خدمة الاقتصاد الإسرائيلي.. واذا زاد ضغط اسرائيل علي حماس في غزة وإغلاق المعابر أمام العمالة القادمة إليها. سيزداد السخط الفلسطيني علي "حماس" وهذا سيسفر عن شيئين اما الثورة علي امراء غزة الإسلاميين أو اقتحام الحدود مع مصر. وفي الحالين تستفيد الدولة العبرية.. خصوصا أنهم بدأوا ينظرون إلي الافارقة باعتبارهم عمالة بديلة جيدة عوضا عن الفلسطينيين..
غير أن الدولة في مصر تدرك منذ فترة خطورة المخططات الإسرائيلية وكيف أنها تلتقي مع أهداف "حماس". لذلك بدأت الحكومة ووزارة التنمية المحلية ومحافظة شمال سيناء في الاعداد لخطة انمائية لسيناء تشمل 82 قرية رائدة وذلك علي مدار الخمسة أعوام القادمة بمعدل 17 قرية سنويا.. وهي القري التي افتتحت السيدة الأولي سوزان مبارك القري العشرة الأولي منها مؤخرا وبناها الهلال الأحمر.. هذه القري تستضيف 50 أسرة لكل قرية.. وستقوم الدولة بتجهيز الوحدة - التي ستكون عبارة عن فيلا صغيرة - بالأثاث البسيط وتزويدها بالخدمات الاجتماعية مثل الوحدة الصحية و"المقعد" أو "المجلس" الذي سيكون مقرا للعشائر.. هذه الوحدات والفيلات سيتم تزويدها بورشة نجارة وأخري للحدادة ومشغل للتفصيل للنساء ومدرسة وستدخل مياه التحلية للمنازل من خلال محطة تحلية كبيرة ستقوم الحكومة ببنائها علي ساحل البحر المتوسط..
الخطة الحكومية تهدف ضمن ما تهدف إلي تنويع النشاط الاقتصادي وتشغيل الشباب واقامة صناعات جديدة مثل صناعة الرخام والزراعة وحفر آبار لخدمة واستصلاح الأراضي.. المستهدف استصلاح 400 ألف فدان.. تبدأ الخطة بزراعة 50 ألف فدان زيتون بنهاية ..2012 القوات المسلحة لها دور هام في حفر الآبار لخدمة استصلاح الأراضي بالإضافة لبناء سدود لمواجهة السيول وهذه يمكنها تخزين المياه في مجري السيل .. يمكن لكل 5 عائلات تملك 50 فدانا بالمشاركة..
هذه الخطة ستخلق استقرارا للعائلات في الأرض وتنمية زراعية وهو ما كان يهدف إليه الرئيس الراحل انور السادات عندما كان يقول إن أهل سيناء والنازحين إليها سيدافعون عنها بعد تملكها أرضا وزراعة.. خطة الحكومة تسليم 10% من ال 82 قرية المقررة لأهالي الحضر من الوافدين لسيناء..
أي أن هناك حوالي 8 قري تخصص للقادمين من المحافظات وبذلك يتم خلق ثقافة جديدة بين الوافدين والسيناوية ويتم تبادل الخبرات والتجارب.
الدولة رصدت حوالي 900 مليون جنيه للفيلات "حوالي مليار جنيه" اما جهود الزراعة واستصلاح الأراضي فستتم كجهد مشترك ما بين وزارة الزراعة والقوات المسلحة.. الدولة تشجع رجال الأعمال للاستثمار في مجال زراعة الزيتون في سيناء وهو أفضل وأجود زيتون في العالم.. هناك شرط هام وهو ألا يتملك أي أجنبي اراضي في سيناء.. المحاولات التي جرت من بعض الأجانب لتملك الأراضي هناك كان سببها زراعة الزيتون.. الايطاليون والأسبان يسعون إلي خلط زيتونهم بزيتون سيناء وتصديره.. مصر تسعي إلي جعل أرض الفيروز مخزناً عالمياً للشعير والقمح والزيتون وغلال كثيرة.. وقتها لن تستطيع إسرائيل ولا غيرها التبجح بشأنها أو افتعال الأزمات. وسيتصل الوادي بالبوابة الشرقية .. أو الدلتا بسيناء وهذا في حد ذاته يقضي علي أي تفكير في زعزعة سيادتنا علي هذه الأرض الطاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.