يطيب للبعض تسمية التنافس المتصاعد بين الولاياتالمتحدةوالصين بالحرب الباردة الجديدة. لكن يخفي هذا الوصف الحقيقة الواضحة وان لم تكن مفهومة بما فيه الكفاية وهي أن هذه المنافسة الجديدة ستختلف جذريا عن الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي السابق. حرضت الحرب الباردة في القرن العشرين تحالفين عسكريين متنافسين ضد بعضهما البعض. وعلي النقيض من ذلك. ينطوي التنافس الصيني الأمريكي علي اقتصادين متكاملين بشكل وثيق مع بعضهما البعض ومع بقية العالم. وبالتالي. سيتم خوض المعارك الأكثر أهمية في الحرب الباردة اليوم علي الجبهة الاقتصادية "التجارة. التكنولوجيا . والاستثمار" بدلا من الدخول في بحر الصين الجنوبي أو مضيق تايوان علي سبيل المثال. واظهرت الحرب التجارية الثنائية المستعرة أن القول بامكانية قطع امريكا وحلفاءها العلاقات التجارية مع الصين أسهل من القيام به وعلي عكس ادعاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه سيكون من السهل الفوز. فقد فرضت الحرب مثل هذه التكاليف الباهظة حتي مع استمرار العجز التجاري الأمريكي ويبدو أن ترامب الآن لديه أفكار ثانية حول المزيد من التصعيد. اذا كانت الولاياتالمتحدة. بحافزها الجيوسياسي القوي. تكافح لتحمل تكاليف الانفصال الاقتصادي. فان حلفاءها. الذين لا يواجه معظمهم أي تهديد أمني صيني حاليا سوف يقاومون فعل الشيء نفسه وقد ظهر تحفظهم الواضح في ردهم علي الحملة الأمريكية ضد شركة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي. شملت تلك الحملة اعتقال السلطات الكندية منج وانزو المديرة المالية للشركة بناء علي طلب من واشنطن. بالاضافة الي اجراءات قانونية ضد الشركة لانتهاكها العقوبات ضد ايران وسرقة التكنولوجيا الأمريكية بحسب مزاعمهم. كما دعت ادارة ترامب الحلفاء الي ابقاء هواوي - الشركة الرائدة عالميا في الجيل الخامس من تكنولوجيا الهواتف - خارج شبكات الاتصالات اللاسلكية الخاصة بهم. وحتي الآن امتثل فقط أستراليا ونيوزيلندا لطلب الولاياتالمتحدة بحظر هيواي بينما تدرس كندا الانضمام اليهم. وتحدت الدول الأوروبية ادارة ترامب وأشارت المملكة المتحدة وألمانيا الي أنها ستسمح للشركة بالمشاركة في بناء شبكات الجيل الخامس للانترنت الخاصة بها. وقاومت كوريا الجنوبية والهند بالمثل الضغوط الأمريكية. وعلي الرغم من تداعيات الأمن القومي. تظل الحقيقة هي أن حظر شركة مثل هواوي سيؤدي الي ارتفاع التكاليف وتأخر كبير ومع ذلك في حين لم تقدم الولاياتالمتحدة مكافآت أو تعويضات لحلفائها المترددين. وهذا يؤكد التحدي الرئيسي الذي من المرجح أن تواجهه الولاياتالمتحدة في الحرب الباردة الجديدة فعلي الرغم من أنه من المرجح أن تنتصر أمريكا في النهاية. فان النصر لن يكون بلا ثمن. ويتطلب عزل الصين اقتصاديا. وهو أمر ضروري لكسب اليد العليا من الولاياتالمتحدة ليس فقط تحمل تكاليفها الخاصة. تعويض حلفائها عن الخسائر التي سيتكبدونها. حيث أظهرت ادارة ترامب بالفعل عدم اهتمام تام بالمصالح الاقتصادية لحلفائها المتضررين بالدرجة الأولي من تعريفة واردات الصلب والألومنيوم. ان مقاربة ترامب تعكس عدم وجود رؤية للحفاظ علي النفوذ الاقتصادي الأمريكي ناهيك عن تعزيزه. وفي هذا السياق يشير تقرير بروجيكت ساينديكيت الي أنه فور دخول البيت الأبيض تقريبا. انسحب ترامب من شراكة عبر المحيط الهادئ وهي اتفاقية للتجارة الحرة تهدف بشكل خاص الي منع الهيمنة الاقتصادية الصينية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.