أيام قليلة ويهل شهر الخير والبركات وتهل علينا نفحات شهر رمضان.. شهر كريم مبارك. يقول رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم عندما هل هلال رمضان "قد جاءكم رمضان.. شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه. تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم. وتغل فيه الشياطين. وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم". وقال عليه الصلاة والسلام: "إذا كانت أول ليلة في شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة". هذا هو رمضان الذي ننتظره.. فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.. ولم يجعله الله شهراً للسهر والأكل والشرب والملذات. أيام قليلة ويهل هلال رمضان فهل استعد أحدنا لهذا الشهر الكريم؟ استعدت القنوات الفضائية بالمسلسلات ومعظمها لا علاقة لها بالدين.. حتي المسلسلات الدينية لم تعد تهم أحداً. استعد الجميع بالأكل والشرب حتي أهل الخير استعدادهم كان بالأكل والشرب وكراتين التموين.. وهذا ليس عيباً ولكن العيب كل العيب هو الإسراف والتبذير في شهر افترض الله فيه الصوم..!! في تقرير لمنظمة الفاو وللأمم المتحدة فإن المسلمين في شهر رمضان أكثر شعوب الأرض إهداراً للطعام.. بل إن هناك تقارير تقول إن ما يتم إهداره من طعام في شهر رمضان يوازي ما يتم إهداره في بقية العام كله. تقرير الفاو يقول إن المملكة العربية السعودية وحدها تهدر طعاماً في شهر رمضان بقيمة 13 ملياراً و300 مليون دولار بدواعي الكرم وحسن الضيافة!! نفس التقرير يشير إلي إهدار الطعام خلال شهر رمضان في بقية الدول الخليجية.. علي سبيل المثال ما يتم هدره غذائياً في الإمارات يساوي أربعة مليارات دولار.. وهكذا بقية الدول خاصة الكويت وقطر..!! التقرير لم يشر إلي مصر برغم أن في مصر إهداراً غذائياً في رمضان بشكل مخيف لكنه عشوائي لم يقدره أحد تقديراً سليماً.. غير أنه في مصر أعداد من الفقراء أكبر بكثير من الخليج مجتمعاً.. فلو أن ما يتم إهداره في الخليج يوزع علي فقراء العرب والمسلمين لكان خيراً لهم ولنا وللجميع. نفس التقرير أشار إلي أن 10% من سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر.. وتلك هي المأساة الحقيقية.. ولكن الأهم ماذا عن شهر رمضان؟ في مصر لا يوجد في رمضان من يبيت جائعاً بلا إفطار أو سحور لأن هذا البلد والحمد لله ملئ بأهل الخير ولكن القضية ليست في الإفطار والسحور فلو أنك جلست مع أغني أغنياء مصر وسألته عن أحلي إفطار تناوله في رمضان مثلاً لكانت الإجابة مذهلة وقد يكون أبسط مما تتخيل وكذلك السحور.. القضية أن احتياجات الفقير كثيرة ومتعددة.. سواء في المدارس والدروس الخصوصية والصحة والعلاج واحتياجات الأولاد خاصة البنات عندما يتزوجن مثلاً..!! الاحتياجات كثيرة والدخل قليل ولو أن أهل الخير نجحوا في سد احتياجات الجوع ولكن الاحتياجات أكبر ورمضان شهر الخير يمكن أن يكون موسماً رائعاً للعطاء وسد احتياجات الكثيرين في مصر. إنه موسم الخير ولكن الجمعيات الخيرية في بلدنا في حاجة إلي قيادة أهلية وليست حكومية أو بالأدق بعيداً عن التضامن الاجتماعي.. قيادة أهلية ولعل أفضل من يتولاها هو فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بحيث تكون لدينا "قمة إنسانية" تضم أهل الخير والعطاء والجمعيات الخيرية وأهل البر في كل مكان بحيث يكون لدينا سجل سنوي بكل حالات العوز والاحتياج.. طعاماً وشراباً وملبساً وتعليماً وصحة علي وجه الخصوص ثم احتياجات الأسر التي كانت يوماً غنية وأصابها ما يصيب الكثيرين فأصبحت أشد احتياجاً لكنهم لا يسألون الناس ولا يتسولون.. وهؤلاء هم الأولي بالرعاية والاهتمام. أتمني لو أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر يقود حملة إنسانية ليكون لدينا قمة إنسانية في هذا الشهر الكريم تجمع كل الصدقات والعطايا وتوزعها سرا بلا أضواء إعلامية. فكما قال رسولنا الكريم: "يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر".. فأبواب الجنة مفتوحة طوال الشهر الكريم لا يغلق منها باب.. وأبواب النار مغلقة لا يفتح منها باب. ليتنا نستغل هذا العطاء الإلهي ونقبل عليه بقلب سليم ونية طيبة.. ولو أن كل إنسان تطوع بخير ولو قليلاً لكان العطاء أكبر بمجموع الناس ولعشنا الخير كله في العام كله وليس رمضان وحده. يقول الحبيب المصطفي "إن لله تعالي عتقاء في كل يوم وليلة.. لكل عبد منهم دعوة مستجابة.. فهل نستفيد من هذا العطاء الإلهي؟ هل نبدأ صفحة جديدة في هذا الشهر الكريم.. الفرصة مواتية ولكن من يستغلها؟ فلنبدأ بأنفسنا.. كل يبدأ بنفسه.. ويبدأ بالفروض لأننا في زمن أهملنا فيه الفرض واكتفينا بالسنة.. وأحياناً نهمل السنة أيضاً ونسير وراء بعض العلماء.. ولله الأمر من قبل ومن بعد. وللحديث الرمضاني بقية إن شاء الله. همس الروح ** الصيام ليس من الأكل والشرب فقط.. إنما الصيام من اللغو والرفث. ** من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. ** إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة. ** من فطر صائماً كان له مثل أجره ولا ينقص من أجر الصائم شيئاً. ** إذا دخل رمضان.. فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام. ** تارك الصلاة.. صومه ليس بصحيح ولا مقبول منه. ** الصيام جنة وحصن حصين من النار. ** من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. ** التقرب إلي الله في رمضان يكون أولاً بترك ما حرم الله علي الناس في كل حال من كذب وظلم وعدوان علي الناس. ** لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.