يفسر البعض اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل الكاملة علي الجولان السوري المحتل, علي كونه دليلا علي رغبته في إثارة الجدل حول الأوضاع في الشرق الأوسط وتخريبه لأحد المبادئ والركائز الأساسية للنظام العالمي لما بعد عام 1945. تعد ¢السلامة الإقليمية¢ من الأهداف التي صادق عليها رئيس الولاياتالمتحدة الأسبق فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل, ضمن ميثاق المحيط الأطلنطي لعام 1941 وتتمثل في عدم سعي أي بلد إلي التوسع إقليميا أو تأسيس تحركات انفصالية أو القيام بتغيرات حدودية في الدول القومية الأخري دون اتفاق مع الرغبات المعبر عنها بحرية للشعوب المعنية. ثم تم تجسيد المبدأ في المادة 2 من ميثاق الأممالمتحدة لعام 1945 التي تنص علي امتناع جميع أعضاء المنظمة في علاقاتهم الدولية عن التهديد أو استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة. أصرت واشنطن علي الحفاظ علي مبدأ السلامة الإقليمية لأنها -كما تزعم- لا تريد أن تري تكرارا لما حدث في ثلاثينيات القرن العشرين حينما شنت اليابان العدوان علي الصين. والعدوان الإيطالي علي الحبشة ¢إثيوبيا حاليا¢. والعدوان الألماني علي النمسا وتشيكوسلوفاكيا الذي تنبأ بقدوم الحرب العالمية الثانية. بناء علي هذا المبدأ. لم تعترف الولاياتالمتحدة مطلقا بالسيادة الروسية علي دول البلطيق, وعلي شبه جزيرة القرم في الوقت الحالي ويذكر التاريخ أن القوات الأمريكية قاتلت لمنع المعتدين من الاستيلاء علي كوريا الجنوبية وفيتنام الجنوبية والكويت كما كانت واشنطن علي استعداد للمخاطرة باستخدام النووي لمنع احتلال برلينالغربية الصغيرة. يكمن مبدأ السلامة الإقليمية في صميم قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي تم تبنيه بدعم من الولاياتالمتحدة وإسرائيل عام 1967 ودعا هذا القرار إلي ¢انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها في النزاع الأخير¢. لكن مع حذف ¢ال¢ من كلمة ¢المناطق¢. يبقي الأمر غامضا حول أي الأراضي تحديدا سيتم إخلاؤها ومضي القرار إلي الدعوة إلي الاعتراف بسيادة كل دولة في المنطقة وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها خالية من التهديدات أو أعمال العنف. بقبول هذا القرار. وافقت الدول العربية وفي الأخير السلطة الفلسطينية بالأمر الواقع حول حق إسرائيل في الوجود, وأدي ذلك إلي مفاوضات مطولة مع الفلسطينيين حول الضفة الغربية وقطاع غزة ومع السوريين علي مرتفعات الجولان ومع ذلك لم يتم التوصل إلي اتفاق حول ¢الوضع النهائي¢ مع الفلسطينيين علي الإطلاق ولا مع السوريين. ولكن القرار رقم 242 كان بمثابة أساس لجميع محادثات السلام منذ عام 1967. أما الآن فقد محي ترامب 242 تماما مثلما محي ثوابت ومعايير الديكور الرئاسي ولكن إلي أي حد؟ فلم يطعن أحد في السيطرة الإسرائيلية علي هضبة الجولان. من خلال هذا القرار الذي لا فائدة من ورائه. يقوم ترامب بفتح ¢صندوق باندورا¢ عن طريق السماح للدول بتغيير حدودها الدولية بالقوة الأمر الذي يجلب السعادة للرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.