يوما بعد يوم يواصل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مسلسل حماقاته وقراراته العنترية التى تفتقد لأى حنكة سياسية تحلت بها السياسات الأمريكية على مدى عقود طويلة على الصعيد العالمى وبالأخص فيما يتعلق بقضايا منطقة الشرق الأوسط والصراع العربى الإسرائيلى فرغم أن تبعات قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لم تنتهى ومازالت تثير غضب وسخط الشارع العربى والمجتمع الدولى الذى تجاهل قراراته وشرعيته وضرب بها عرض الحائط متسلحا بغطرسة قوة القطب الأوحد مما أفقد الولاياتالمتحدة مكانتها كوسيط نزيه في القضية الفلسطينية ودعي السلطة الفلسطينية لرفض انفراد واشنطن بعلمية السلام لانحيازها الكامل وبشكل فج إلى إسرائيل وكان من دواعى ذلك توقف عملية السلام بشكل كامل دون أى أفق للحل في الأجل المنظور. وبدلا من أن يبحث ترامب عن مخرج للأزمة تحيى فرص السلام وتعيد للولايات المتحدة دورها كوسيط في أزمات المنطقة إذا به يحاول استغلال حالة الضعف والسيولة التى وصلت لها الدولة السورية نتيجة لأزمتها الداخلية والتى تعانيها الدول العربية بشكل عام خلال العقد الأخير الذى شهد تفكك وانهيار أكثر من دولة واستنزاف لموارد بقية الدول في صراعات إقليمية و يلمح لقرار جديد يشعل جبهات جديدة للصراع و يقود المنطقة إلى حافة الهاوية حيث أشار إلى قرب اعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ حرب 1967 و كتب في تغريدة مساء أمس الخميس قائلا: "بعد 52 عاما، حان الوقت لكي تعترف الولاياتالمتحدة بالكامل، بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان". وأشار إلى أن هذه المنطقة الاستراتيجية التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب 1967، وضمتها في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي، تعد "ذات أهمية استراتيجية وأمنية بالغة لدولة إسرائيل واستقرار المنطقة". أهمية الجولان الجولان هضبة مرتفعة تمتاز بموقع استراتيجي مهم فمن يسيطرعلى الهضبة يستطيع تغطية الشمال الشرقي من إسرائيل بالعين المجردة بفضل ارتفاعها النسبي كما تكشف الهضبة الأراضي السورية أيضًا حتى أطراف العاصمة دمشق. تاريخ الصراع حول الجولان في 5 يونيو 1967 اندلعت حرب 1967 بين إسرائيل وكل من سوريا والأردن ومصر. وخلالها غزا الجيش الإسرائيلي الجولان واحتل 1260 كم2 من مساحة الهضبة بما في ذلك مدينة القنيطرة و هجر جميع سكان القنيطرة بيوتهم إلى داخل الأراضي السورية وكذلك نزح الكثير من سكان القرى الجولانية بيوتهم ومزراعهم، ولكن سكان القرى الدرزية شمالي شرقي الجولان بقوا تحت السيطرة الإسرائيلية. في أكتوبر 1973 استرجع الجيش السوري مساحة كبيرة من أراضي الهضبة في بداية الحرب ولكن الجيش الإسرائيلي أعاد احتلال هذه المساحة قبل نهاية الحرب. في 1974 أعادت إسرائيل لسوريا مساحة 60 كم2 من الجولان تضم مدينة القنيطرة وجوارها وقرية الرفيد في إطار اتفاقية فك الاشتباك. في ديسمبر 1981 قرر الكنيست الإسرائيلي ضم الجزء المحتل من الجولان الواقع غربي خط الهدنة 1974 إلى إسرائيل بشكل أحادي الجانب ومعارض للقرارات الدولية ورفضت الأممالمتحدة القرار ومازالت تنظر إلى الجولان إلى أنها أراضي سورية محتلة وقد دارت مفاوضات كثيرة بين سوريا وإسرائيل إلا أنها توقفت بسبب مماطلة الجانب الإسرائيلي في الانسحاب. الموقف العربى من قرار ترامب أكدت الجامعة العربية إن تصريحات الرئيس الأمريكي خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي و أن الجولان أرض سورية محتلة وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن "التصريحات الصادرة عن أقطاب الإدارة الأمريكية التي تمهد لاعتراف رسمي أمريكي بسيادة إسرائيلية على الجولان السوري المحتل تعد خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي و إن حدث فإنه لا ينشئ حقوقا أو يرتب التزامات ويعد غير ذي حيثية قانونية من أي نوع ,أكد أن الجولان هو أرض سورية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن وباعتراف المجتمع الدولي. وأكدت وزارة الخارجية المصرية موقفها الثابت باعتبار الجولان السوري أرضا عربية محتلة، وفقا لمقررات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 لعام 1981 بشأن بطلان القرار الذي اتخذته إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها القضائيّة وإدارتها على الجولان السوري المحتل، وعلى اعتباره لاغيّا وليست له أية شرعية دولية.كما شددت مصر على ضرورة احترام المجتمع الدولي لمقررات الشرعية الدولية وميثاق الأممالمتحدة من حيث عدم جواز الاستيلاء علي الأرض بالقوة. وأدانت دمشق قرار ترامب، ونقلت وكالة الأنباء السورية "سانا"، عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية قوله: " تدين الجمهورية العربية السورية بأشد العبارات التصريحات اللامسؤولة للرئيس الأميركي حول الجولان السوري المحتل التي تؤكد مجددا انحياز الولاياتالمتحدة الأعمى لكيان الاحتلال الصهيوني ودعمها اللامحدود لسلوكه العدواني". رفض دولى لقرار ترامب نددت روسيا وألمانيا بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن على الولاياتالمتحدة الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة. وقال المتحدثة باسم الحكومة الألمانية ان ضم إسرائيل للجولان غير شرعي طبقا لقرارات الأممالمتحدة. وقالت روسيا إن إعلان ترامب "يهدد بزعزعة استقرار المنطقة، ويضر جهود التوصل إلى تسوية سلمية في المنطقة". ولا شك أن حالة الضعف التى تعانيها دول المنطقة نتيجة استنزافها في صراعات داخلية وإقليمية مفتعلة هى السبب الرئيسى في قرارات الإدارة الأمريكية المتتابعة التى تسعى لتصفية الصراع العربى الإسرائيلى في أسرع وقت وبما يحقق المصلحة الكاملة للكيان الصهيونى مما يستدعى وقفة حازمة من الدول العربية للخروج من هذا النفق المظلم والوصول لحالة من الاستقرار والتماسك في وجه هذه الهجمة الشرسة والحفاظ على البقية الباقية من الحقوق العربية والأمن القومى العربى.