لم تكن القمة العربية والأوروبية مجرد اجتماع لقادة الدول لكنها كتبت شهادة نجاح جديدة تجسد مكانة مصر الحقيقية بعد أيام من ريادتها لأفريقيا لتعميق التعاون المشترك أيضاً بين المنطقتين العربية والأوروبية الممتد عبر التاريخ بعد أن دعت قادة ورؤساء الدول والحكومات للاجتماع الأول علي أرض السلام باعتبارهم يشكلون 12% من سكان العالم. استطاعت القمة في باكورة اجتماعاتها فتح جميع الملفات التي تشغل الرأي العام العالمي حيث لم تكتف فقط باستعراض المشاكل لكنها وضعت مفتاح الحل للتحديات المشتركة بين الطرفين من خلال تبادل الخبرات وتعميق الشراكة العربية الأوروبية وتعزيز السلام والاستقرار والازدهار وضمان الأمن وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والالتزام بتعددية الأطراف الفعالة والالتزام بخطة التنمية المستدامة لرؤية مصر 2030 العالمية. فضحت القمة جميع أشكال التحريض علي الكراهية والتعصب ومحاربة الاتجار بالبشر ولم تنس القضية الفلسطينية التي تعتبر قضية العرب الأولي والتي تتسبب بشكل دائم في زعزعة الاستقرار والأمن بمنطقة الشرق الأوسط بأكمله. لم يفوت الرئيس عبدالفتاح السيسي الفرصة لإرسال مجموعة من الرسائل إلي العالم بعد أن أصبحت مصر رئيساً للاتحاد الأفريقي أجاب خلالها علي عدد من التساؤلات وأوضح للعالم أن ظروف المنطقة العربية تختلف جملة وتفصيلاً عن أوروبا وأكد للجميع أن التطرف والتعصب والإرهاب لن يفرق بين الجميع داعياً العالم لإدانة أي دعوة للكراهية الدينية والتمييز العنصري لتعيش الشعوب في أمان. شرم الشيخ.. ريادة مصر.. وعزلة قطر وتركيا التعاون .. مفتاح حل الأزمات الإقليمية نجحت القمة العربية الأوروبية بمشاركة قادة ورؤساء حكومات ووزراء خارجية 50 دولة تحت شعار "الاستثمار في الاستقرار" في مناقشة حلول للنزاعات المسلحة في المنطقة العربية. مثل الأزمة السورية واليمنية والليبية. وموضوعات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. وتعد القمة هي الأولي من نوعها بين مسئولي الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. وشهدت أضخم حضور دبلوماسي عربي وأوروبي. علي المستوي الرئاسي وحضرها رؤساء وزعماء أكثر من 25 دولة. وشهدت علي مدي يومين. نقاشات مثمرة. وتواصلا مباشرا بناء علي مستوي مؤسسي رفيع. هو الأول من نوعه في تاريخ العلاقات العربية الأوروبية. لم يفوت الرئيس الفرصة ليؤكد للعالم أن ما يجمع المنطقتين العربية والأوروبية أكبر بكثير مما يفرقهما. وأن ما تم التوافق عليه فاق توقعات الكثيرين. بشأن ما يمكن أن يتم التوصل إليه. خلال حدث علي هذا المستوي يُعقد للمرة الأولي علي الإطلاق. وهو ما اعتبره رأس القيم المضافة لاجتماعات القمة العربية الأوروبية الأولي. أما القادة والزعماء العرب والأوروبيون فقد اتفقوا علي أن تعزيز التعاون الإقليمي يعد مفتاح التعاطي مع التحديات المشتركة التي تواجهها دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية. وعلي صعيد الدور الريادي لمصر خلال الفترات الماضية اعتبر العالم أن استضافة تلك القمة التاريخية عودتها كلاعب استراتيجي مؤثر في صناعة القرار العالمي وكمركز للأحداث الدبلوماسية الدولية. بعدما بدأت القاهرة تتصدر المشهد دوليا بعد انتخاب السيسي رئيسا بعد أن كانت آخر استضافة لمصر للقمم الكبري هي القمة الخامسة عشرة لحركة عدم الانحياز في عام 2009 والقمة الأفريقية عام 2008 بمدينة شرم الشيخ وذلك بخلاف استضافتها للقمة العربية عام 2015. وكعادة مصر في جميع مؤتمراتها العالمية تضع القضية الفلسطينية علي رأس أولوياتها حيث أجبرت قادة العالم علي مناقشة تطورات القضية الفلسطينية والنزاعات في ليبيا واليمن وإدارة الأزمة والاستجابة ومكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة والحد من التسلح والجريمة المنظمة عابرة الحدود والهجرة غير الشرعية. وتغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة. القمة تأتي وسط غياب بارز لدول تمثل محور الشر والدعم للإرهاب العالمي وأبرزها قطر التي لا تزال تتعنت في العودة إلي الحضن العربي والتوقف عن تمويل الإرهاب بالمنطقة والعالم وتمسكها بعلاقاتها بدول وجماعات متطرفة بالإضافة إلي إصرارها علي زعزعة أمن واستقرار الدول وهو ما يأتي في اتجاه مختلف للغاية للشعار الذي رفعته قمة شرم الشيخ وهو "الاستثمار في الاستقرار. ويأتي غياب أمير قطر تميم بن حمد. لتكرس القمة عزلته. بعد أن غاب عن القمة العربية التي أقيمت في مدينة الظهران السعودية أبريل 2018 ثم تخلفه عن حضور القمة الخليجية ال 39 في الرياض ديسمبر من العام نفسه. وبات معروفا أن تميم يخشي لقاء القادة العرب وخصوصا الدول الأربع الداعية إلي مكافحة الإرهاب نتيجة تصرفات وسياسات نظامه الداعمة للإرهاب والمزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة. ولطالما أدي تنظيم الحمدين دورا في التآمر علي مصر قبيل وخلال احتجاجات ما عرف باسم الربيع العربي ومازال إعلام الحمدين يقوم بهذا الدور حتي اليوم من خلال استهداف الدول الأربع بحملات تزييف وتضليل لذا لم يكن مستغربا أن يظهر إعلام الحمدين حقده علنا في الهجوم علي القمة العربية الأوروبية.پ اشادات العالم لم تنقطع عن قضايا القمة والحلول الايجابية التي اقترحها المشاركون حيث أكد المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير محمود عفيفي ان " القمة تستهدف بالأساس تعزيز العلاقات العربية الأوروبية في جميع النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية. وإيجاد حلول للنزاعات المسلحة في المنطقة العربية. مثل الأزمة السورية واليمنية والليبية. وموضوعات مكافحة الإرهاب واللاجئين. وعززت القمة في ظل قناعة مشتركة من الدول العربية والأوروبية التعاون بين الجانبين لحل أزمات المنطقة. التي تلقي بتأثيراتها علي الجميع دون استثناء. وهو ما يفسر رفع القمة شعار "الاستثمار في الاستقرار". ويعكس حجم التمثيل العربي والأوروبي في القمة أهميتها. بعد أن شارك فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسي آل خليفة وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. والرئيس الفلسطيني محمود عباس وترأس الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلي حاكم الفجيرة. وفد دولة الإمارات العربية المتحدة المشارك. كما شارك فيها من الجانب الأوروبي رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك. ورئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر. وممثلة السياسة الخارجية الأوروبية فيدريكا موجريني. والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وكلاوس يوهانس رئيس رومانيا. كما يؤكد حجم التمثيل في القمة الاهتمام المشترك بالتوصل إلي رؤية مشتركة حول كل القضايا والتحديات المطروحة. والاهتمام بتعميق العلاقات بين الجانبين العربي والأوروبي في كل المجالات. وناقشت القمة العربية الأوروبية الأولي 4 ملفات رئيسية. غير تقليدية في الأجندة الأوروبية للعلاقات مع الدول العربية وهي صياغة الدور الأوروبي القادم لتسويات الإقليم مثل فلسطينوسوريا وضبط الحدود مع دول حوض المتوسط. ومكافحة الإرهاب. وأخيرا صياغة رؤية موحدة في التعامل مع الأزمة الليبية. وتشكل هذه الملفات. أجندة الدول الأوروبية في القمة المنتظرة. التي ستدشن مرحلة جديدة من العمل الأوروبي المشترك. لمواجهة التحديات العالمية المشتركة. دون إغفال ملفات أخري مثل تعزيز التنمية المستدامة وفرص الاستثمار بين الجانبين. طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة. يري إن ملف تسويات الإقليم كان له الأولوية لدي الجانب الأوروبي في هذه القمة. حيث بحث الأوروبيون عن إعادة صياغة لدورهم القادم في تسويات الإقليم. وعلي رأسها القضية الفلسطينية والأزمة السورية. وأضاف فهمي أن الأوروبيين يسعون أيضًا من خلال تفاهمات القمة للوصول لتنسيق عربي في هذه الأزمات في ظل مخاوفهم من تداعيات الموقف الأمريكي بعد التهديدات الأخيرة بإطلاق سراح مقاتلي تنظيم داعش في سوريا. وهو ما يدفع الجانب الأوروبي للبحث عن "مناطق آمنة" متمثلة في التوافق مع دول ذات المواقف السياسية الجادة مثل مصر والإمارات العربية المتحدة.