أحمد القرملاوي كاتب شاب. له مشروع جاد. وخطي منضبطة ينتقل بها من عمل ناجح لآخر . حقق قاعدة من القراء .وصدر له مجموعة قصصية وعدد من الروايات .. وحصد جائزتين مهمتين هما جائزة الشيخ زايد للآداب وجائزة معرض الكتاب في دورته الخمسين. هناك خيط يصل بين البطل هاني وتجربتك الحياتية الحقيقية حدثني عن ذلك؟ نشأت في الكويت. حيث سافرَت أسرتي قبل منتصف الثمانينيات. كان عمري آنذاك نحو خمس سنوات. ولم أعد لمصر بصفة نهائية قبل المرحلة الجامعية. علي عكس هاني بطل الرواية. الذي ولِد في الكويت وتركها في عمر السادسة. لكنني استفدتُ من تجربتي وذكرياتي عن هذه الفترة في الكويت. وكذلك ما لاقيناه من معاناة خلال فترة الغزو العراقي وما ترتب عليها من عودة مفاجئة لمصر في ظروف مرتبكة. استفدت أيضًا من أسفاري ومن زيارتي لواحة سيوة» هذه التجارب والعوالم ساعدتني في بناء عالم الرواية وتجسيد شخصياتها. أيهما تفضل. أن تكتب عما تعرف أم أن تخترع أمورًا بعيدة عن محيط خبراتك وتجاربك؟ ليس لدي تفضيل محدد. ففكرة النص هي ما يملي عليّ اختيار العالم والشخصيات. وقد جرّبت الطريقتين. فكتبت في بداية تجربتي رواية فانتازية هي "التدوينة الأخيرة". تدور حول عالم مواز في جزيرة معزولة. يعتقد أهلها أنهم يسكنون الفردوس بعد عبور أسلافهم يوم الدينونة. وقد استمتعت بكتابتها متعة لا تتكرر. وانطلقت بخيالي أرسم العالم بجغرافيته ومعماره بمتعة كبيرة. كذلك فعلت في "دستينو". وإن كان بطريقة أكثر واقعية. أما في "أمطار صيفية" فاستفدت من خبرتي في عالم العود والموسيقي الشرقية لبناء وكالة الموصلي. وفي "نداء أخير للركاب" استعنت بأماكن زرتها وأشخاص قابلتهم. فلم أجد تفضيلًا محددًا أو سهولة أكبر في هذا أو ذاك. أعرف أنك تحب فن القصة القصيرة. ومع ذلك جاءت لك مجموعة واحدة نشرتها قبل 4 روايات ناجحة. فلماذا لم تكرر التجربة مرة أخري؟ أقدّر كثيرًا فن القصة. والواقع أني لم أتوقف عن كتابة القصة. وعادة ما أكتب القصص بين مشاريعي الروائية علي سبيل التجديد والتقاط الأنفاس. ما تتحدثين عنه هو النشر لا الكتابة. ونشر القصص غير رائج بكل أسف. فتجدين دورًا للنشر تعتذر بشكل قطعي عن نشر المجموعات القصصية. فيما يخصص بعضها نسبة محدودة لنشر القصة مقابل الرواية. والقاعدة الأكبر من القراء تفضل الرواية بالفعل. لذلك أتلكَّأ في نشر القصص وليس كتابتها. ولدي مجموعة قصصية مكتملة سأعمل علي نشرها قريبًا. هل تعتقد أن "جائزة الشيخ زايد" التي حصلت عليها روايتك "أمطار صيفية" قدمتك بشكل جديد للقراء وللوسط الأدبي. بمعني هل حققت انتشارًا وتواجدًا وربما إعادة قراءة لأعمالك السابقة؟ حدث هذا فعلًا. لكن بنسبة أقل كثيرًا مما توقّعت. فجائزة الشيخ زايد للكتاب جائزة عالمية. يفوز بها النص بين مئات من النصوص العربية المنتقاة بعناية من أنحاء العالم. كما أن "أمطار صيفية" فازت بفرع شديد الصعوبة والتنافسية هو فرع المؤلف الشاب. الذي تتنافس فيه الرواية مع القصة والشعر والأطروحات الفلسفية والدراسات النقدية. والأكثر أنها تُعد أول رواية تفوز بهذا الفرع منذ أنشئت الجائزة. لذلك توقعت اهتمامًا أكبر. مع ذلك سعدتُ باحتفاء الناشر بفوزي مع أصدقائي الكتاب والقراء وأندية الكتاب. وما نلته من تكريم في عدة مناسبات. والحق أني وجدت حفاوة أكبر حين فزت بجائزة معرض الكتاب لأفضل رواية. لذلك أتصور أن النجاح تراكم. وربما جاءت جائزة الشيخ زايد للكتاب مبكرًا بعض الشيء. حصلت "نداء اخير للركاب" علي جائزة معرض الكتاب من بين أكثر من خمسين رواية مرشحة للجائزة كيف تري ذلك؟ وما الذي تعنيه لك هذه الجائزة ؟ أراه حدثًا شديد الأهمية في مشواري الأدبي. فهذه أول جائزة محلية ذات صدي كبير في أوساط القراء والنقاد المصريين. تمنحها وزارة الثقافة المصرية. أي المؤسسة الرسمية التي كثيرًا ما يُعتقد في عدم التفاتها للمواهب الأدبية الجديدة البعيدة عن الدوائر التقليدية. ثم يجيء هذا الفوز ليمنح جيلي مزيدًا من الأمل في التحقق طالما استمر مخلصًا للكتابة. كما أسعدني أنها غير مرتبطة بمرحلة سنية محددة. ما يمنح الفوز بها مذاقًا مختلفًا كونه تحقق أمام مواهب عظيمة وتجارب أكثر رسوخًا. صدرت روايتك الأخيرة حديثا. ولكن هل تفكر في عمل أدبي جديد؟ الرواية صدرت حديثًا بالفعل. لكني انتهيت من كتابتها قبل عشرة أشهر. وأنا لا أصبر علي الابتعاد عن الكتابة طويلًا. لذلك بدأتُ قبل أيام في تخطيط العمل القادم. بعدما فرغت من كتابة عدد من القصص القصيرة. وأتأهب الآن لخوض تجربة جديدة في كتابة الرواية. ستكون مغايرة بدرجة كبيرة لتجاربي السابقة. وكيف تري فكرة الإلهام؟ الإلهام قدرة ذهنية ووجدانية علي التبصر والتأمل في العالم المحيط. ومن ثم الاتصال مع ما وراء القشرة السطحية للأشياء. ورؤيتها كما لا يراها الآخرون.. ليس وحيًا يهبط علي المبدع. بل طاقة ذاتية وقدرة علي تصفية الذهن وتحديد الرؤية» طبيعة خاصة لا تحتاج لتعمُّد ولا قصدية. لكنها ليست كافية بحال للحصول علي عمل إبداعي. هي مجرد بذرة تحتاج لرعاية واعتناء وعمل جهيد حتي تتخذ شكلها النهائي المتماسك والفريد.