5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طالب الرفاعي: الخليج ليس مانح جوائز فقط
نشر في صوت البلد يوم 27 - 11 - 2016

فازت رواية «في الهنا» للكاتب الكويتي طالب الرفاعي بجائزة الدولة، على هامش معرض الكويت للكتاب في دورته الحادية والأربعين. وكانت الرواية عينها تُرجمت أخيراً إلى اللغة الفرنسية عن دار «أكت سود». في هذه الرواية، يصل اشتغال الرفاعي على التخييل الذاتي إلى ذروته، إذ يحضر بشخصيته المعروفة واسمه الصريح، وتحضر معه زوجته وبناته أيضاً. ليس هذا فحسب، إنما يتناول في هذه الرواية قضية أخرى مسكوتاً عنها وهي المذهبية في الكويت. في هذا الحوار، يتحدث طالب الرفاعي عن روايته وجائزة الدولة، كما يتطرق إلى جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية التي أطلقتها الجامعة الأميركية في الكويت ويرأس مجلسها.
حصدت روايتك «في الهُنا» جائزة الدولة، علماً أنّها رواية جريئة تعرّي العلاقات الاجتماعية الزائفة وتواجه المشكلة المذهبية بصراحة. فهل يمكن النظر إلى هذه الجائزة تقديراً لهذه الجرأة في مواجهة مشاكل المجتمع الكويتي وقضاياه الشائكة؟
- هذه فكرة رائعة أن تكون الجائزة تكريماً لعملٍ روائي يواجه مشاكل المجتمع وقضاياه الشائكة، لأن هذا يعني ضمناً قدرة الفن على التصدي لاعوجاج الممارسات الاجتماعية الخاطئة، وهذا يصبّ في صميم وظيفة الفن الاجتماعية. لكن، أياً كان المحرك، فمن المؤكد أن هذه الجائزة تسلّط مزيداً من الضوء على الرواية، وتصل بها إلى شرائح أكبر من القراء داخل الكويت وخارجها. وربما هذا ما يطمح إليه أي كاتب، عبر انعقاد صلة بينه وبين المتلقي.
بعض الجوائز المهمة يأتي متأخراً. هل تعتقد أن جائزة الدولة جاءت في وقتها أم تأخرت قليلاً، لا سيما أنك تمارس الكتابة منذ ثلاثة عقود؟
- هذه الجائزة ليست جائزة الدولة الأولى التي أحصل عليها. لقد سبق أن حصلت على جائزة الدولة عام 2002 عن روايتي «رائحة البحر». لكنّ فوزي بجائزة الدولة هذه المرّة يعني لي الكثير، كأنّها جاءت في وقتها لتكون ردّاً بليغاً على كل التشويش واللغط الظالم اللذين مسَّا الرواية وحاولا النيل منها.
غالباً، تُقابَل الروايات التي تتسم بالمواجهة والفضح والقسوة في معالجة قضايا المجتمع، بالتجاهل وأحياناً المنع من المؤسسة الرسمية، إلا أن روايتك تم تكريمها بجائزة مرموقة. فهل يجب الفصل بين مواجهة في سياق عميق وموضوعي، وهو ما مثلته روايتك، وبين مواجهة أخرى تأتي في سياق من المباشرة والتسطيح وتقصد الإثارة، كما هي الحال في روايات كويتية عدة؟
- إشارتكم الى أن الجائزة جاءت لتكريم «سياق عميق وموضوعي، لرواية تتسم بالمواجهة والفضح والقسوة في معالجة قضايا المجتمع» هي إشارة مهمة. لكن، ما هو مؤكد أن تكريم هذه الرواية، وللمناسبة هي في طبعتها الرابعة، إنما هو موقف دالّ من المؤسسة الثقافية الأولى في الكويت على أنّ تناول قضايا المجتمع المأزومة والخلافية سيكون موضوع تكريم متى استطاع أن يحقق شرطه الفني، ومتى كان قادراً على إقناع القارئ بعالمه الفني المتداخل مع عيش الواقع.
تمضي رواياتك في ترسيخ تجربة الكتابة في سياق «التخييل الذاتي»، بمعنى أنك تحضر باسمك الصريح، غير أنّ هذا المنحى بلغ ذروته «في الهنا». ماذا بعد هذه الرواية من جديد؟
- لا أظنني أكشف سرّاً حين أقول إن الكتابة وفق مدرسة التخييل الذاتي، ونشر الحياة الحقيقية الخاصة للمؤلف، هي سير في حقل ألغام. فمن أين يأتي الكاتب بحق نشر شيء حميمي وحقيقي من حياة الآخر، الحبيب والصديق والضد، وكلاهما باسمه وشخصه الحقيقيين. قراءة الرواية تلصصٌ حلوٌ على حياة شخوصها وتجارب حياتهم. لكنّ هذا التلصص يتحول إلى أحكام قاسية وجائرة حين يتيقّن القارئ من أنك تكتب بشخصك الحقيقي. لذا الكتابة وفق مدرسة التخييل الذاتي باتت مأزقاً حياتياً فنياً عندي. فأنا من جهة مغرم بهذه الكتابة، وأنا في فمي ماء وكيف ينطق من كان في فمه ماء. لذا أخذت فسحة عابرة، خلال عملي طول السنة والنصف السنة الماضية في رواية جديدة سترى النور قريباً بعنوان «النجدي»، من دون أن أكون حاضراً فيها بأي شيء من سيرتي الذاتية.
أنت تكتب الرواية والقصة القصيرة وقصصاً للفتيان، هل تشعر بفارق بين كتابة وأخرى؟
- مؤكد أن ثمة فارقاً كبيراً بين فن وآخر. كتابة الرواية تختلف عن جوهر كتابة القصة القصيرة، والكتابة للفتيان شأن ثالث. كتابة الرواية تمثل رحلة طويلة بينما يكون الكاتب أحد ركابها وشاهداً مشاركاً لكل ما يدور فيها. أما كتابة القصة القصيرة فمتعة رائقة أراها تشبه قهوة صباح. وأخيراً، أعتبر الكتابة للفتيان تحدياً كبيراً لا ينجح إلا حينما يصدّق الفتى أو الطفل ما تقوله ويُقبل عليه بمحبة واستحسان.
تبنت الجامعة الأميركية في الكويت جائزة باسم الملتقى الذي تديره أنت في منزلك ويستضيف شخصيات أدبية واجتماعية ذائعة، عنوانها جائزة للقصة القصيرة العربية. هل يمكن الحديث عن هذه الجائزة؟
- كما تعلم، أكتب القصة القصيرة منذ نحو أربعين عاماً. وأنا حلمتُ كثيراً بأن أقدم شيئاً جديداً إلى القصة القصيرة العربية وكاتبها. لذا، فإنني عرضت فكرة الجائزة على أكثر من جهة، غير أنّ الرد كان دوماً «الفكرة رائعة لكننا نعتذر عن التمويل». ولم يختلف الأمر إلاّ مع الجامعة الأميركية في الكويت، التي أدرّس فيها مادة الكتابة الإبداعية منذ عام 2013. لقد أبدت مؤسسة ورئيسة مجلس أمناء الجامعة الشيخة دانة ناصر صباح الأحمد الصباح، ترحيباً بفكرة الجائزة، واستعداداً كريماً لتغطية تمويل الجائزة. وهكذا وقّعنا على مذكرة تفاهم بين الملتقى الثقافي الذي أمثله وبين الجامعة، ثمّ بدأت مسيرة الجائزة. شُكِّل مجلس أمناء الجائزة من داخل الكويت، وتالياً مجلس استشاري عربي عالمي. ونُظم مؤتمر في حرم الجامعة الأميركية في شهر أيلول (سبتمبر) الفائت، حيث تم الإعلان عن مولد الجائزة. وفي بداية عام 2016، فُتح باب الترشيح وتقدّمت إليها 198 مجموعة قصصية. وبشفافية عالية تليق بمؤسسة أكاديمية، أعلنت الجائزة عن أسماء السادة أعضاء لجنة التحكيم. هكذا أعلنت بعد فترة القائمة الطويلة وتالياً القائمة القصيرة، على أن يُعلن الفائز في 5 كانون الثاني (يناير)، حيث ستُقام احتفالية عربية عالمية كبيرة برعاية معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، وزير شؤون الديوان الأميري، وسيُقام نشاط ثقافي يخص القصة القصيرة في حرم الجامعة الأميركية في اليوم التالي.
لماذا الجامعة الأميركية في الكويت هي التي تبنت الجائزة التي ترأسها أنت وتشرف عليها، وليس مؤسسة رسمية معنية بالثقافة والأدب؟
- تعمل المؤسسة الرسمية، وأعني بها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وفق المرسوم الذي صدر بتأسيسه وحدد له أطر عمله. فيقدم المجلس جوائز سنوية تشجيعية وتقديرية للكويتيين، وهو بذلك كأي مؤسسة رسمية عربية. بينما تُخاطب جائزة الملتقى أي كاتب قصة قصيرة باللغة العربية حتى لو كان غير عربي. لذا أرى أن جائزة الملتقى تأتي لتكمل سلسلة جوائز المجلس الوطني، فالمجلس يكافئ المبدعين الكويتيين داخل الكويت، وجائزة الملتقى تلتف إلى المبدع العربي حيثما كان، ما يشكل تكاملاً محموداً لاسم الكويت.
هل تعتقد أن الجائزة ستساهم في رد الاعتبار لفن القصة الذي طاوله التهميش في الأعوام الأخيرة، وتشجع الكتاب الشباب على كتابته؟
- أتمنى ذلك، وسأبقى مجتهداً ما أمكنني لتحقيقه.
تُعدّ جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية وقيمتها المادية 20 ألف دولار، و5 آلاف دولار لكل قاص تضمه القائمة القصيرة، من الجوائز التي تنطلق مرة جديدة من الخليج. هل أصبح تخصص الخليج إنشاء الجوائز الأدبية الكبيرة؟
- يؤسفني أن ينظر بعضهم إلى الخليج بوصفه منجم جوائز فقط، علماً أن جوائز الخليج باتت تخلق جواً إبداعياً وثقافياً وإنسانياً رائعاً ومهماً ومؤثراً في المشهد الثقافي العربي. إضافة إلى أن مناسبات الجوائز تحولت الى مهرجانات ثقافية عربية بامتياز. الخليج ليس منطقة جوائز فقط، بل إنّ مبدعين كثيرين من الخليج أثبتوا أنفسهم في مجالات أدبية عدة من الرواية والقصة والشعر الى المسرح والسينما والتشكيل. وإذا كان يحلو لبعضهم التعامي عن الحقيقة، والنظر إلينا بوصفنا مانحي جوائز فهذا شأنه ومرضه.
فازت رواية «في الهنا» للكاتب الكويتي طالب الرفاعي بجائزة الدولة، على هامش معرض الكويت للكتاب في دورته الحادية والأربعين. وكانت الرواية عينها تُرجمت أخيراً إلى اللغة الفرنسية عن دار «أكت سود». في هذه الرواية، يصل اشتغال الرفاعي على التخييل الذاتي إلى ذروته، إذ يحضر بشخصيته المعروفة واسمه الصريح، وتحضر معه زوجته وبناته أيضاً. ليس هذا فحسب، إنما يتناول في هذه الرواية قضية أخرى مسكوتاً عنها وهي المذهبية في الكويت. في هذا الحوار، يتحدث طالب الرفاعي عن روايته وجائزة الدولة، كما يتطرق إلى جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية التي أطلقتها الجامعة الأميركية في الكويت ويرأس مجلسها.
حصدت روايتك «في الهُنا» جائزة الدولة، علماً أنّها رواية جريئة تعرّي العلاقات الاجتماعية الزائفة وتواجه المشكلة المذهبية بصراحة. فهل يمكن النظر إلى هذه الجائزة تقديراً لهذه الجرأة في مواجهة مشاكل المجتمع الكويتي وقضاياه الشائكة؟
- هذه فكرة رائعة أن تكون الجائزة تكريماً لعملٍ روائي يواجه مشاكل المجتمع وقضاياه الشائكة، لأن هذا يعني ضمناً قدرة الفن على التصدي لاعوجاج الممارسات الاجتماعية الخاطئة، وهذا يصبّ في صميم وظيفة الفن الاجتماعية. لكن، أياً كان المحرك، فمن المؤكد أن هذه الجائزة تسلّط مزيداً من الضوء على الرواية، وتصل بها إلى شرائح أكبر من القراء داخل الكويت وخارجها. وربما هذا ما يطمح إليه أي كاتب، عبر انعقاد صلة بينه وبين المتلقي.
بعض الجوائز المهمة يأتي متأخراً. هل تعتقد أن جائزة الدولة جاءت في وقتها أم تأخرت قليلاً، لا سيما أنك تمارس الكتابة منذ ثلاثة عقود؟
- هذه الجائزة ليست جائزة الدولة الأولى التي أحصل عليها. لقد سبق أن حصلت على جائزة الدولة عام 2002 عن روايتي «رائحة البحر». لكنّ فوزي بجائزة الدولة هذه المرّة يعني لي الكثير، كأنّها جاءت في وقتها لتكون ردّاً بليغاً على كل التشويش واللغط الظالم اللذين مسَّا الرواية وحاولا النيل منها.
غالباً، تُقابَل الروايات التي تتسم بالمواجهة والفضح والقسوة في معالجة قضايا المجتمع، بالتجاهل وأحياناً المنع من المؤسسة الرسمية، إلا أن روايتك تم تكريمها بجائزة مرموقة. فهل يجب الفصل بين مواجهة في سياق عميق وموضوعي، وهو ما مثلته روايتك، وبين مواجهة أخرى تأتي في سياق من المباشرة والتسطيح وتقصد الإثارة، كما هي الحال في روايات كويتية عدة؟
- إشارتكم الى أن الجائزة جاءت لتكريم «سياق عميق وموضوعي، لرواية تتسم بالمواجهة والفضح والقسوة في معالجة قضايا المجتمع» هي إشارة مهمة. لكن، ما هو مؤكد أن تكريم هذه الرواية، وللمناسبة هي في طبعتها الرابعة، إنما هو موقف دالّ من المؤسسة الثقافية الأولى في الكويت على أنّ تناول قضايا المجتمع المأزومة والخلافية سيكون موضوع تكريم متى استطاع أن يحقق شرطه الفني، ومتى كان قادراً على إقناع القارئ بعالمه الفني المتداخل مع عيش الواقع.
تمضي رواياتك في ترسيخ تجربة الكتابة في سياق «التخييل الذاتي»، بمعنى أنك تحضر باسمك الصريح، غير أنّ هذا المنحى بلغ ذروته «في الهنا». ماذا بعد هذه الرواية من جديد؟
- لا أظنني أكشف سرّاً حين أقول إن الكتابة وفق مدرسة التخييل الذاتي، ونشر الحياة الحقيقية الخاصة للمؤلف، هي سير في حقل ألغام. فمن أين يأتي الكاتب بحق نشر شيء حميمي وحقيقي من حياة الآخر، الحبيب والصديق والضد، وكلاهما باسمه وشخصه الحقيقيين. قراءة الرواية تلصصٌ حلوٌ على حياة شخوصها وتجارب حياتهم. لكنّ هذا التلصص يتحول إلى أحكام قاسية وجائرة حين يتيقّن القارئ من أنك تكتب بشخصك الحقيقي. لذا الكتابة وفق مدرسة التخييل الذاتي باتت مأزقاً حياتياً فنياً عندي. فأنا من جهة مغرم بهذه الكتابة، وأنا في فمي ماء وكيف ينطق من كان في فمه ماء. لذا أخذت فسحة عابرة، خلال عملي طول السنة والنصف السنة الماضية في رواية جديدة سترى النور قريباً بعنوان «النجدي»، من دون أن أكون حاضراً فيها بأي شيء من سيرتي الذاتية.
أنت تكتب الرواية والقصة القصيرة وقصصاً للفتيان، هل تشعر بفارق بين كتابة وأخرى؟
- مؤكد أن ثمة فارقاً كبيراً بين فن وآخر. كتابة الرواية تختلف عن جوهر كتابة القصة القصيرة، والكتابة للفتيان شأن ثالث. كتابة الرواية تمثل رحلة طويلة بينما يكون الكاتب أحد ركابها وشاهداً مشاركاً لكل ما يدور فيها. أما كتابة القصة القصيرة فمتعة رائقة أراها تشبه قهوة صباح. وأخيراً، أعتبر الكتابة للفتيان تحدياً كبيراً لا ينجح إلا حينما يصدّق الفتى أو الطفل ما تقوله ويُقبل عليه بمحبة واستحسان.
تبنت الجامعة الأميركية في الكويت جائزة باسم الملتقى الذي تديره أنت في منزلك ويستضيف شخصيات أدبية واجتماعية ذائعة، عنوانها جائزة للقصة القصيرة العربية. هل يمكن الحديث عن هذه الجائزة؟
- كما تعلم، أكتب القصة القصيرة منذ نحو أربعين عاماً. وأنا حلمتُ كثيراً بأن أقدم شيئاً جديداً إلى القصة القصيرة العربية وكاتبها. لذا، فإنني عرضت فكرة الجائزة على أكثر من جهة، غير أنّ الرد كان دوماً «الفكرة رائعة لكننا نعتذر عن التمويل». ولم يختلف الأمر إلاّ مع الجامعة الأميركية في الكويت، التي أدرّس فيها مادة الكتابة الإبداعية منذ عام 2013. لقد أبدت مؤسسة ورئيسة مجلس أمناء الجامعة الشيخة دانة ناصر صباح الأحمد الصباح، ترحيباً بفكرة الجائزة، واستعداداً كريماً لتغطية تمويل الجائزة. وهكذا وقّعنا على مذكرة تفاهم بين الملتقى الثقافي الذي أمثله وبين الجامعة، ثمّ بدأت مسيرة الجائزة. شُكِّل مجلس أمناء الجائزة من داخل الكويت، وتالياً مجلس استشاري عربي عالمي. ونُظم مؤتمر في حرم الجامعة الأميركية في شهر أيلول (سبتمبر) الفائت، حيث تم الإعلان عن مولد الجائزة. وفي بداية عام 2016، فُتح باب الترشيح وتقدّمت إليها 198 مجموعة قصصية. وبشفافية عالية تليق بمؤسسة أكاديمية، أعلنت الجائزة عن أسماء السادة أعضاء لجنة التحكيم. هكذا أعلنت بعد فترة القائمة الطويلة وتالياً القائمة القصيرة، على أن يُعلن الفائز في 5 كانون الثاني (يناير)، حيث ستُقام احتفالية عربية عالمية كبيرة برعاية معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، وزير شؤون الديوان الأميري، وسيُقام نشاط ثقافي يخص القصة القصيرة في حرم الجامعة الأميركية في اليوم التالي.
لماذا الجامعة الأميركية في الكويت هي التي تبنت الجائزة التي ترأسها أنت وتشرف عليها، وليس مؤسسة رسمية معنية بالثقافة والأدب؟
- تعمل المؤسسة الرسمية، وأعني بها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وفق المرسوم الذي صدر بتأسيسه وحدد له أطر عمله. فيقدم المجلس جوائز سنوية تشجيعية وتقديرية للكويتيين، وهو بذلك كأي مؤسسة رسمية عربية. بينما تُخاطب جائزة الملتقى أي كاتب قصة قصيرة باللغة العربية حتى لو كان غير عربي. لذا أرى أن جائزة الملتقى تأتي لتكمل سلسلة جوائز المجلس الوطني، فالمجلس يكافئ المبدعين الكويتيين داخل الكويت، وجائزة الملتقى تلتف إلى المبدع العربي حيثما كان، ما يشكل تكاملاً محموداً لاسم الكويت.
هل تعتقد أن الجائزة ستساهم في رد الاعتبار لفن القصة الذي طاوله التهميش في الأعوام الأخيرة، وتشجع الكتاب الشباب على كتابته؟
- أتمنى ذلك، وسأبقى مجتهداً ما أمكنني لتحقيقه.
تُعدّ جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية وقيمتها المادية 20 ألف دولار، و5 آلاف دولار لكل قاص تضمه القائمة القصيرة، من الجوائز التي تنطلق مرة جديدة من الخليج. هل أصبح تخصص الخليج إنشاء الجوائز الأدبية الكبيرة؟
- يؤسفني أن ينظر بعضهم إلى الخليج بوصفه منجم جوائز فقط، علماً أن جوائز الخليج باتت تخلق جواً إبداعياً وثقافياً وإنسانياً رائعاً ومهماً ومؤثراً في المشهد الثقافي العربي. إضافة إلى أن مناسبات الجوائز تحولت الى مهرجانات ثقافية عربية بامتياز. الخليج ليس منطقة جوائز فقط، بل إنّ مبدعين كثيرين من الخليج أثبتوا أنفسهم في مجالات أدبية عدة من الرواية والقصة والشعر الى المسرح والسينما والتشكيل. وإذا كان يحلو لبعضهم التعامي عن الحقيقة، والنظر إلينا بوصفنا مانحي جوائز فهذا شأنه ومرضه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.