وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط يؤدى صلاة الجمعة بمسجد الموحدين بديروط    ضبط 5 متهمين باقتحام منزل والتعدي على قاطنيه في الغربية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    الاقتصاد المصرى يتعافى    وزير الطيران المدنى يشارك باجتماعات اللجنة التنفيذية لمفوضية دول أمريكا اللاتينية    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    زيادة طفيفة لمؤشر البورصة هذا الأسبوع    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    نيكيتا خروتشوف يظهر فى صورة تجمع ترامب .. اعرف القصة    إدانة دولية واسعة لقرار إسرائيل بالموافقة على بناء مستوطنات بمنطقة E1 شرق القدس    رئيس الوزراء يؤكد موقف مصر الثابت الرافض لاستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة    الخارجية الأمريكية تعلن بدأ إدارة ترامب مراجعة 55 مليون تأشيرة    إعلام إسرائيلي: إقالة 15 ضابطا بعد توقيعهم على عريضة لإنهاء حرب غزة    عائلات المحتجزين: ندعو لوقفة احتجاجية قبالة مقر نتنياهو    تحليل: إيران وقوى أوروبية تناقش المحادثات النووية والعقوبات    3 ملامح فنية.. كيف ضرب الزمالك خصمه ب 7 تمريرات فقط؟ (تحليل)    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام وست هام يونايتد.. بيدرو يقود الهجوم    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    نجم الزمالك السابق: ألفينا يذكرني ب دوجلاس كوستا    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    تحرير 128 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    رئيس مدينة طهطا يتفقد مصابي حادث انهيار منزل بقرية الشيخ مسعود بسوهاج    «الأرصاد» تكشف حالة طقس غدًا السبت |إنفوجراف    انقلاب سيارة ربع نقل على طريق أسيوط الصحراوي يصيب 6 أشخاص بالفيوم    القبض على عاطل يدير ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء    محمد رمضان يساند أنغام ويهديها أغنية على مسرح بيروت    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    ثائرٌ يكتُب    مصر تكتشف مدينة أثرية كاملة تحت الماء    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    للقضاء على قوائم الانتظار.. الانتهاء من 225 عملية متنوعة بمستشفى العريش    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    ما الواجب على من فاته أداء الصلاة مدة طويلة؟.. الإفتاء توضح    جامعة الملك سلمان تعلن مواعيد الكشف الطبي والمقابلات للطلاب الجدد    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    منير أديب يكتب: اختراق أم احتراق الإخوان أمام السفارات المصرية بالخارج؟    نيوكاسل يطارد المهاجم النرويجي ستراند لارسن.. وولفرهامبتون في معركة للحفاظ على نجم الهجوم    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    النصر يستعيد نجمه قبل نهائي السوبر    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    فطور خفيف ومغذ لصغارك، طريقة عمل البان كيك    جولة مفاجئة لوكيل مستشفى الفيوم العام لضمان جودة الخدمات الطبية.. صور    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    ضبط المتهمين بالتسول واستغلال الأطفال أسفل كوبري بالجيزة    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طالب الرفاعي: الخليج ليس مانح جوائز فقط
نشر في صوت البلد يوم 27 - 11 - 2016

فازت رواية «في الهنا» للكاتب الكويتي طالب الرفاعي بجائزة الدولة، على هامش معرض الكويت للكتاب في دورته الحادية والأربعين. وكانت الرواية عينها تُرجمت أخيراً إلى اللغة الفرنسية عن دار «أكت سود». في هذه الرواية، يصل اشتغال الرفاعي على التخييل الذاتي إلى ذروته، إذ يحضر بشخصيته المعروفة واسمه الصريح، وتحضر معه زوجته وبناته أيضاً. ليس هذا فحسب، إنما يتناول في هذه الرواية قضية أخرى مسكوتاً عنها وهي المذهبية في الكويت. في هذا الحوار، يتحدث طالب الرفاعي عن روايته وجائزة الدولة، كما يتطرق إلى جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية التي أطلقتها الجامعة الأميركية في الكويت ويرأس مجلسها.
حصدت روايتك «في الهُنا» جائزة الدولة، علماً أنّها رواية جريئة تعرّي العلاقات الاجتماعية الزائفة وتواجه المشكلة المذهبية بصراحة. فهل يمكن النظر إلى هذه الجائزة تقديراً لهذه الجرأة في مواجهة مشاكل المجتمع الكويتي وقضاياه الشائكة؟
- هذه فكرة رائعة أن تكون الجائزة تكريماً لعملٍ روائي يواجه مشاكل المجتمع وقضاياه الشائكة، لأن هذا يعني ضمناً قدرة الفن على التصدي لاعوجاج الممارسات الاجتماعية الخاطئة، وهذا يصبّ في صميم وظيفة الفن الاجتماعية. لكن، أياً كان المحرك، فمن المؤكد أن هذه الجائزة تسلّط مزيداً من الضوء على الرواية، وتصل بها إلى شرائح أكبر من القراء داخل الكويت وخارجها. وربما هذا ما يطمح إليه أي كاتب، عبر انعقاد صلة بينه وبين المتلقي.
بعض الجوائز المهمة يأتي متأخراً. هل تعتقد أن جائزة الدولة جاءت في وقتها أم تأخرت قليلاً، لا سيما أنك تمارس الكتابة منذ ثلاثة عقود؟
- هذه الجائزة ليست جائزة الدولة الأولى التي أحصل عليها. لقد سبق أن حصلت على جائزة الدولة عام 2002 عن روايتي «رائحة البحر». لكنّ فوزي بجائزة الدولة هذه المرّة يعني لي الكثير، كأنّها جاءت في وقتها لتكون ردّاً بليغاً على كل التشويش واللغط الظالم اللذين مسَّا الرواية وحاولا النيل منها.
غالباً، تُقابَل الروايات التي تتسم بالمواجهة والفضح والقسوة في معالجة قضايا المجتمع، بالتجاهل وأحياناً المنع من المؤسسة الرسمية، إلا أن روايتك تم تكريمها بجائزة مرموقة. فهل يجب الفصل بين مواجهة في سياق عميق وموضوعي، وهو ما مثلته روايتك، وبين مواجهة أخرى تأتي في سياق من المباشرة والتسطيح وتقصد الإثارة، كما هي الحال في روايات كويتية عدة؟
- إشارتكم الى أن الجائزة جاءت لتكريم «سياق عميق وموضوعي، لرواية تتسم بالمواجهة والفضح والقسوة في معالجة قضايا المجتمع» هي إشارة مهمة. لكن، ما هو مؤكد أن تكريم هذه الرواية، وللمناسبة هي في طبعتها الرابعة، إنما هو موقف دالّ من المؤسسة الثقافية الأولى في الكويت على أنّ تناول قضايا المجتمع المأزومة والخلافية سيكون موضوع تكريم متى استطاع أن يحقق شرطه الفني، ومتى كان قادراً على إقناع القارئ بعالمه الفني المتداخل مع عيش الواقع.
تمضي رواياتك في ترسيخ تجربة الكتابة في سياق «التخييل الذاتي»، بمعنى أنك تحضر باسمك الصريح، غير أنّ هذا المنحى بلغ ذروته «في الهنا». ماذا بعد هذه الرواية من جديد؟
- لا أظنني أكشف سرّاً حين أقول إن الكتابة وفق مدرسة التخييل الذاتي، ونشر الحياة الحقيقية الخاصة للمؤلف، هي سير في حقل ألغام. فمن أين يأتي الكاتب بحق نشر شيء حميمي وحقيقي من حياة الآخر، الحبيب والصديق والضد، وكلاهما باسمه وشخصه الحقيقيين. قراءة الرواية تلصصٌ حلوٌ على حياة شخوصها وتجارب حياتهم. لكنّ هذا التلصص يتحول إلى أحكام قاسية وجائرة حين يتيقّن القارئ من أنك تكتب بشخصك الحقيقي. لذا الكتابة وفق مدرسة التخييل الذاتي باتت مأزقاً حياتياً فنياً عندي. فأنا من جهة مغرم بهذه الكتابة، وأنا في فمي ماء وكيف ينطق من كان في فمه ماء. لذا أخذت فسحة عابرة، خلال عملي طول السنة والنصف السنة الماضية في رواية جديدة سترى النور قريباً بعنوان «النجدي»، من دون أن أكون حاضراً فيها بأي شيء من سيرتي الذاتية.
أنت تكتب الرواية والقصة القصيرة وقصصاً للفتيان، هل تشعر بفارق بين كتابة وأخرى؟
- مؤكد أن ثمة فارقاً كبيراً بين فن وآخر. كتابة الرواية تختلف عن جوهر كتابة القصة القصيرة، والكتابة للفتيان شأن ثالث. كتابة الرواية تمثل رحلة طويلة بينما يكون الكاتب أحد ركابها وشاهداً مشاركاً لكل ما يدور فيها. أما كتابة القصة القصيرة فمتعة رائقة أراها تشبه قهوة صباح. وأخيراً، أعتبر الكتابة للفتيان تحدياً كبيراً لا ينجح إلا حينما يصدّق الفتى أو الطفل ما تقوله ويُقبل عليه بمحبة واستحسان.
تبنت الجامعة الأميركية في الكويت جائزة باسم الملتقى الذي تديره أنت في منزلك ويستضيف شخصيات أدبية واجتماعية ذائعة، عنوانها جائزة للقصة القصيرة العربية. هل يمكن الحديث عن هذه الجائزة؟
- كما تعلم، أكتب القصة القصيرة منذ نحو أربعين عاماً. وأنا حلمتُ كثيراً بأن أقدم شيئاً جديداً إلى القصة القصيرة العربية وكاتبها. لذا، فإنني عرضت فكرة الجائزة على أكثر من جهة، غير أنّ الرد كان دوماً «الفكرة رائعة لكننا نعتذر عن التمويل». ولم يختلف الأمر إلاّ مع الجامعة الأميركية في الكويت، التي أدرّس فيها مادة الكتابة الإبداعية منذ عام 2013. لقد أبدت مؤسسة ورئيسة مجلس أمناء الجامعة الشيخة دانة ناصر صباح الأحمد الصباح، ترحيباً بفكرة الجائزة، واستعداداً كريماً لتغطية تمويل الجائزة. وهكذا وقّعنا على مذكرة تفاهم بين الملتقى الثقافي الذي أمثله وبين الجامعة، ثمّ بدأت مسيرة الجائزة. شُكِّل مجلس أمناء الجائزة من داخل الكويت، وتالياً مجلس استشاري عربي عالمي. ونُظم مؤتمر في حرم الجامعة الأميركية في شهر أيلول (سبتمبر) الفائت، حيث تم الإعلان عن مولد الجائزة. وفي بداية عام 2016، فُتح باب الترشيح وتقدّمت إليها 198 مجموعة قصصية. وبشفافية عالية تليق بمؤسسة أكاديمية، أعلنت الجائزة عن أسماء السادة أعضاء لجنة التحكيم. هكذا أعلنت بعد فترة القائمة الطويلة وتالياً القائمة القصيرة، على أن يُعلن الفائز في 5 كانون الثاني (يناير)، حيث ستُقام احتفالية عربية عالمية كبيرة برعاية معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، وزير شؤون الديوان الأميري، وسيُقام نشاط ثقافي يخص القصة القصيرة في حرم الجامعة الأميركية في اليوم التالي.
لماذا الجامعة الأميركية في الكويت هي التي تبنت الجائزة التي ترأسها أنت وتشرف عليها، وليس مؤسسة رسمية معنية بالثقافة والأدب؟
- تعمل المؤسسة الرسمية، وأعني بها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وفق المرسوم الذي صدر بتأسيسه وحدد له أطر عمله. فيقدم المجلس جوائز سنوية تشجيعية وتقديرية للكويتيين، وهو بذلك كأي مؤسسة رسمية عربية. بينما تُخاطب جائزة الملتقى أي كاتب قصة قصيرة باللغة العربية حتى لو كان غير عربي. لذا أرى أن جائزة الملتقى تأتي لتكمل سلسلة جوائز المجلس الوطني، فالمجلس يكافئ المبدعين الكويتيين داخل الكويت، وجائزة الملتقى تلتف إلى المبدع العربي حيثما كان، ما يشكل تكاملاً محموداً لاسم الكويت.
هل تعتقد أن الجائزة ستساهم في رد الاعتبار لفن القصة الذي طاوله التهميش في الأعوام الأخيرة، وتشجع الكتاب الشباب على كتابته؟
- أتمنى ذلك، وسأبقى مجتهداً ما أمكنني لتحقيقه.
تُعدّ جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية وقيمتها المادية 20 ألف دولار، و5 آلاف دولار لكل قاص تضمه القائمة القصيرة، من الجوائز التي تنطلق مرة جديدة من الخليج. هل أصبح تخصص الخليج إنشاء الجوائز الأدبية الكبيرة؟
- يؤسفني أن ينظر بعضهم إلى الخليج بوصفه منجم جوائز فقط، علماً أن جوائز الخليج باتت تخلق جواً إبداعياً وثقافياً وإنسانياً رائعاً ومهماً ومؤثراً في المشهد الثقافي العربي. إضافة إلى أن مناسبات الجوائز تحولت الى مهرجانات ثقافية عربية بامتياز. الخليج ليس منطقة جوائز فقط، بل إنّ مبدعين كثيرين من الخليج أثبتوا أنفسهم في مجالات أدبية عدة من الرواية والقصة والشعر الى المسرح والسينما والتشكيل. وإذا كان يحلو لبعضهم التعامي عن الحقيقة، والنظر إلينا بوصفنا مانحي جوائز فهذا شأنه ومرضه.
فازت رواية «في الهنا» للكاتب الكويتي طالب الرفاعي بجائزة الدولة، على هامش معرض الكويت للكتاب في دورته الحادية والأربعين. وكانت الرواية عينها تُرجمت أخيراً إلى اللغة الفرنسية عن دار «أكت سود». في هذه الرواية، يصل اشتغال الرفاعي على التخييل الذاتي إلى ذروته، إذ يحضر بشخصيته المعروفة واسمه الصريح، وتحضر معه زوجته وبناته أيضاً. ليس هذا فحسب، إنما يتناول في هذه الرواية قضية أخرى مسكوتاً عنها وهي المذهبية في الكويت. في هذا الحوار، يتحدث طالب الرفاعي عن روايته وجائزة الدولة، كما يتطرق إلى جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية التي أطلقتها الجامعة الأميركية في الكويت ويرأس مجلسها.
حصدت روايتك «في الهُنا» جائزة الدولة، علماً أنّها رواية جريئة تعرّي العلاقات الاجتماعية الزائفة وتواجه المشكلة المذهبية بصراحة. فهل يمكن النظر إلى هذه الجائزة تقديراً لهذه الجرأة في مواجهة مشاكل المجتمع الكويتي وقضاياه الشائكة؟
- هذه فكرة رائعة أن تكون الجائزة تكريماً لعملٍ روائي يواجه مشاكل المجتمع وقضاياه الشائكة، لأن هذا يعني ضمناً قدرة الفن على التصدي لاعوجاج الممارسات الاجتماعية الخاطئة، وهذا يصبّ في صميم وظيفة الفن الاجتماعية. لكن، أياً كان المحرك، فمن المؤكد أن هذه الجائزة تسلّط مزيداً من الضوء على الرواية، وتصل بها إلى شرائح أكبر من القراء داخل الكويت وخارجها. وربما هذا ما يطمح إليه أي كاتب، عبر انعقاد صلة بينه وبين المتلقي.
بعض الجوائز المهمة يأتي متأخراً. هل تعتقد أن جائزة الدولة جاءت في وقتها أم تأخرت قليلاً، لا سيما أنك تمارس الكتابة منذ ثلاثة عقود؟
- هذه الجائزة ليست جائزة الدولة الأولى التي أحصل عليها. لقد سبق أن حصلت على جائزة الدولة عام 2002 عن روايتي «رائحة البحر». لكنّ فوزي بجائزة الدولة هذه المرّة يعني لي الكثير، كأنّها جاءت في وقتها لتكون ردّاً بليغاً على كل التشويش واللغط الظالم اللذين مسَّا الرواية وحاولا النيل منها.
غالباً، تُقابَل الروايات التي تتسم بالمواجهة والفضح والقسوة في معالجة قضايا المجتمع، بالتجاهل وأحياناً المنع من المؤسسة الرسمية، إلا أن روايتك تم تكريمها بجائزة مرموقة. فهل يجب الفصل بين مواجهة في سياق عميق وموضوعي، وهو ما مثلته روايتك، وبين مواجهة أخرى تأتي في سياق من المباشرة والتسطيح وتقصد الإثارة، كما هي الحال في روايات كويتية عدة؟
- إشارتكم الى أن الجائزة جاءت لتكريم «سياق عميق وموضوعي، لرواية تتسم بالمواجهة والفضح والقسوة في معالجة قضايا المجتمع» هي إشارة مهمة. لكن، ما هو مؤكد أن تكريم هذه الرواية، وللمناسبة هي في طبعتها الرابعة، إنما هو موقف دالّ من المؤسسة الثقافية الأولى في الكويت على أنّ تناول قضايا المجتمع المأزومة والخلافية سيكون موضوع تكريم متى استطاع أن يحقق شرطه الفني، ومتى كان قادراً على إقناع القارئ بعالمه الفني المتداخل مع عيش الواقع.
تمضي رواياتك في ترسيخ تجربة الكتابة في سياق «التخييل الذاتي»، بمعنى أنك تحضر باسمك الصريح، غير أنّ هذا المنحى بلغ ذروته «في الهنا». ماذا بعد هذه الرواية من جديد؟
- لا أظنني أكشف سرّاً حين أقول إن الكتابة وفق مدرسة التخييل الذاتي، ونشر الحياة الحقيقية الخاصة للمؤلف، هي سير في حقل ألغام. فمن أين يأتي الكاتب بحق نشر شيء حميمي وحقيقي من حياة الآخر، الحبيب والصديق والضد، وكلاهما باسمه وشخصه الحقيقيين. قراءة الرواية تلصصٌ حلوٌ على حياة شخوصها وتجارب حياتهم. لكنّ هذا التلصص يتحول إلى أحكام قاسية وجائرة حين يتيقّن القارئ من أنك تكتب بشخصك الحقيقي. لذا الكتابة وفق مدرسة التخييل الذاتي باتت مأزقاً حياتياً فنياً عندي. فأنا من جهة مغرم بهذه الكتابة، وأنا في فمي ماء وكيف ينطق من كان في فمه ماء. لذا أخذت فسحة عابرة، خلال عملي طول السنة والنصف السنة الماضية في رواية جديدة سترى النور قريباً بعنوان «النجدي»، من دون أن أكون حاضراً فيها بأي شيء من سيرتي الذاتية.
أنت تكتب الرواية والقصة القصيرة وقصصاً للفتيان، هل تشعر بفارق بين كتابة وأخرى؟
- مؤكد أن ثمة فارقاً كبيراً بين فن وآخر. كتابة الرواية تختلف عن جوهر كتابة القصة القصيرة، والكتابة للفتيان شأن ثالث. كتابة الرواية تمثل رحلة طويلة بينما يكون الكاتب أحد ركابها وشاهداً مشاركاً لكل ما يدور فيها. أما كتابة القصة القصيرة فمتعة رائقة أراها تشبه قهوة صباح. وأخيراً، أعتبر الكتابة للفتيان تحدياً كبيراً لا ينجح إلا حينما يصدّق الفتى أو الطفل ما تقوله ويُقبل عليه بمحبة واستحسان.
تبنت الجامعة الأميركية في الكويت جائزة باسم الملتقى الذي تديره أنت في منزلك ويستضيف شخصيات أدبية واجتماعية ذائعة، عنوانها جائزة للقصة القصيرة العربية. هل يمكن الحديث عن هذه الجائزة؟
- كما تعلم، أكتب القصة القصيرة منذ نحو أربعين عاماً. وأنا حلمتُ كثيراً بأن أقدم شيئاً جديداً إلى القصة القصيرة العربية وكاتبها. لذا، فإنني عرضت فكرة الجائزة على أكثر من جهة، غير أنّ الرد كان دوماً «الفكرة رائعة لكننا نعتذر عن التمويل». ولم يختلف الأمر إلاّ مع الجامعة الأميركية في الكويت، التي أدرّس فيها مادة الكتابة الإبداعية منذ عام 2013. لقد أبدت مؤسسة ورئيسة مجلس أمناء الجامعة الشيخة دانة ناصر صباح الأحمد الصباح، ترحيباً بفكرة الجائزة، واستعداداً كريماً لتغطية تمويل الجائزة. وهكذا وقّعنا على مذكرة تفاهم بين الملتقى الثقافي الذي أمثله وبين الجامعة، ثمّ بدأت مسيرة الجائزة. شُكِّل مجلس أمناء الجائزة من داخل الكويت، وتالياً مجلس استشاري عربي عالمي. ونُظم مؤتمر في حرم الجامعة الأميركية في شهر أيلول (سبتمبر) الفائت، حيث تم الإعلان عن مولد الجائزة. وفي بداية عام 2016، فُتح باب الترشيح وتقدّمت إليها 198 مجموعة قصصية. وبشفافية عالية تليق بمؤسسة أكاديمية، أعلنت الجائزة عن أسماء السادة أعضاء لجنة التحكيم. هكذا أعلنت بعد فترة القائمة الطويلة وتالياً القائمة القصيرة، على أن يُعلن الفائز في 5 كانون الثاني (يناير)، حيث ستُقام احتفالية عربية عالمية كبيرة برعاية معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، وزير شؤون الديوان الأميري، وسيُقام نشاط ثقافي يخص القصة القصيرة في حرم الجامعة الأميركية في اليوم التالي.
لماذا الجامعة الأميركية في الكويت هي التي تبنت الجائزة التي ترأسها أنت وتشرف عليها، وليس مؤسسة رسمية معنية بالثقافة والأدب؟
- تعمل المؤسسة الرسمية، وأعني بها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وفق المرسوم الذي صدر بتأسيسه وحدد له أطر عمله. فيقدم المجلس جوائز سنوية تشجيعية وتقديرية للكويتيين، وهو بذلك كأي مؤسسة رسمية عربية. بينما تُخاطب جائزة الملتقى أي كاتب قصة قصيرة باللغة العربية حتى لو كان غير عربي. لذا أرى أن جائزة الملتقى تأتي لتكمل سلسلة جوائز المجلس الوطني، فالمجلس يكافئ المبدعين الكويتيين داخل الكويت، وجائزة الملتقى تلتف إلى المبدع العربي حيثما كان، ما يشكل تكاملاً محموداً لاسم الكويت.
هل تعتقد أن الجائزة ستساهم في رد الاعتبار لفن القصة الذي طاوله التهميش في الأعوام الأخيرة، وتشجع الكتاب الشباب على كتابته؟
- أتمنى ذلك، وسأبقى مجتهداً ما أمكنني لتحقيقه.
تُعدّ جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية وقيمتها المادية 20 ألف دولار، و5 آلاف دولار لكل قاص تضمه القائمة القصيرة، من الجوائز التي تنطلق مرة جديدة من الخليج. هل أصبح تخصص الخليج إنشاء الجوائز الأدبية الكبيرة؟
- يؤسفني أن ينظر بعضهم إلى الخليج بوصفه منجم جوائز فقط، علماً أن جوائز الخليج باتت تخلق جواً إبداعياً وثقافياً وإنسانياً رائعاً ومهماً ومؤثراً في المشهد الثقافي العربي. إضافة إلى أن مناسبات الجوائز تحولت الى مهرجانات ثقافية عربية بامتياز. الخليج ليس منطقة جوائز فقط، بل إنّ مبدعين كثيرين من الخليج أثبتوا أنفسهم في مجالات أدبية عدة من الرواية والقصة والشعر الى المسرح والسينما والتشكيل. وإذا كان يحلو لبعضهم التعامي عن الحقيقة، والنظر إلينا بوصفنا مانحي جوائز فهذا شأنه ومرضه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.