الاتحاد قوة.. مبدأ قد يغيب عن القارة العجوز الفترة القادمة حيث تعيش أوروبا لحظات حرجة منذ فترة طويلة وتشهد موجة من الانقسامات وتوتر في العلاقات لم تشهدها من قبل وهو ما دفع كثيرا من المحللين السياسيين للتنبؤ بانهيار الاتحاد الاوروبي في فترة لن تتعدي 10 أعوام. شهدت العلاقات الايطالية الفرنسية توترا واضحا الفترة الماضية وصلت الي حد استدعاء السفير الفرنسي من روما علي خلفية لقاء نائب رئيس وزراء إيطاليا لويجي دي ماي مع ناشطين من حراك السترات الصفراء الذين يتظاهرون منذ أسابيع في فرنسا ضد سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاقتصادية. تراشق الطرفان لفظيا الي حد وصفته وزارة الخارجية الفرنسية بأنه الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية. قالت ناتالي لوازو الوزيرة الفرنسية المكلفة بالشئون الأوروبية "فرنسا لن تشارك في مسابقة الأكثر غباء" ردا علي الهجمات الكلامية المتكررة التي جاءت من مسئولين ووزراء إيطاليين علي فرنسا ورئيسها. كان ابرزها تصريح وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني حينما عبر عن أمله في أن يتحرر الشعب الفرنسي قريبا من "رئيس بالغ السوء". يكتسب هذا التوتر أهمية كبري, إذ إنّ باريسوروما تمثلان تاريخيا دعامتين أساسيتين من دعائم الاتحاد الأوروبي وهما من العواصم المؤسسة له. الخلاف بين روماوباريس لم يكن وليد اللحظة ولكنه له تاريخ سابق ففي 2011 أعربت روما عن استيائها بعد إلغاء باريس رحلات قطارات كانت قادمة من إيطاليا وعلي متنها مئات المهاجرين التونسيين الذين استفادوا من بطاقات إقامة في إيطاليا تسمح لهم بالتجول في مجال شنجن الأوروبي. كما توترت العلاقات بين البلدين بعد تدقيق رجال جمارك فرنسيين في هوية مهاجر علي الأراضي الإيطالية وهو ما اعتبرته سلطات روما أمرا غير مقبول. وتم استدعاء سفير فرنسا في روما كريستيان ماسيه للتحقيق في تلك الواقعة. في 2018 استدعت إيطاليا السفير الفرنسي بعد خلاف نشب حول سفينة المهاجرين "أكواريوس" التي جري إنقاذها قبالة السواحل الليبية. اعتبرت فرنسا أن رفض إيطاليا استقبال سفينة تابعة لمنظمة إنسانية تحمل مهاجرين علي متنها. هو موقف معيب وغير مسئول في حين أعلنت روما رفضها "تلقي الدروس". لعل التوجه الشعبوي للحكومة الإيطالية الجديدة. والمناهضة للإتحاد الأوروبي والمعروفة بميلها إلي روسيا يمثل تحديا جديدا للكيان الأوروبي الموحد. خاصة مع تصاعد شعبية اليمينيين في أوروبا بشكل عام خلال الفترة الماضية. وبالتالي فهناك مخاوف أوروبية كبيرة جراء انتشار عدوي اليمينيين في مناطق كثيرة من القارة وهو ما يمثل تهديدا صارخا لبقاء الاتحاد الأوروبي في المرحلة المقبلة. كما تشهد اوروبا أزمة كبيرة بسبب خروج المملكة المتحدة عن الاتحاد الاوروربي الذي سيكون له تداعيات كبيرة علي بريطانيا نفسها وعلي الاسرة الاوروبية سياسيا واقتصاديا حيث يذهب بعض المحللين إلي توقع تفكك الاتحاد كليا. يبدو أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليس التحدي الوحيد أمام القارة العجوز. فهناك انقسام صارخ بين الدول الأعضاء خاصة مع زيادة الخلاف حول بعض القضايا. خاصة مسألة كيفية التعامل مع معضلة المهاجرين غير الشرعيين إثر التحولات الاستراتيجية في الشرق الأوسط بما فيها الأزمة السورية.