في كل مرة يتحدث فيها الإمام الطيب لا تملك إلا أن تعجب به .. تصفق له .. تحييه علي كلماته الناطقة بالحق .. تشيد بشجاعته وجرأته .. تنحاز لتحضره ورقيه.. تتوقف طويلا أمام مبادئ وقيم محددة تجده ينتصر لها دائما في خطاباته وأحاديثه الرسمية والودية .. الحب والتسامح والسلام .. الأخلاق الحميدة والأخوة الإنسانية والتقارب بين الشعوب .. العلم والمعرفة والبحث عن الذات .. الثقة في النفس وفي الله .. الأديان محبة ومودة وتسامح بين البشر .. وفي ذات الوقت تجده عدوا لتصرفات وممارسات وشعارات خرقاء تتخذ من الدين - أي دين - ذريعة وستارا للقتل والتخريب والدمار وسفك الدماء البريئة التي حرم الله إراقتها في كل كتاب ولوح محفوظ إلا بحقها. وخطاب الإمام الأكبر الأخير في منتدي التسامح الديني والأخوة الإنسانية في أبوظبي كان أقرب إلي وثيقة تاريخية ومخطوطة إنسانية ثقافية نادرة ستسجل بأحرف من نور في سجلات التاريخ .. بدأ الإمام كلمته بتوجيه التحية والسلام للاخ والصديق قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان وختمها بتوجيه رسائل مهمة لكل الأطراف المعنية .. خاطب أقباط الشرق ودعاهم لنبذ مصطلح الأقلية الكريه مؤكدا أنهم شركاء الوطن لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات .. ناشد المواطنين المسلمين في الغرب الاندماج في مجتمعاتهم مع الحفاظ علي تعاليم وقيم دينهم فإذا خالفت الدول والحكومات المواثيق الدولية وتعدت علي حقوقهم فليطالبوا بها ولكن بالوسائل والآليات القانونية الشرعية وحملهم مسئولية أمن وأمان وسلامة المجتمعات التي يقطنون فيها معتبرا إياها مسئولية شرعية وأمانة دينية .. ثم تحدث إلي شباب العالم بكل دياناتهم وعقائدهم مؤكدا أن المستقبل بأيديهم يفتح أبوابه لهم وعليهم أن ينتهزوا هذه الفرصة بالعمل والتعاون والتسامح والسعي لنشر المحبة والسلام. وثيقة الإخوة الإنسانية التي أعدها وصاغها قاض شاب مسلم ورجل دين مسيحي ووقعها إمام المسلمين وبابا المسيحيين في أبوظبي خطوة مهمة علي طريق المحبة والسلام بين أكبر عنصري العالم .. والإمام الطيب والبابا فرانسيس يستحقان عن جدارة واستحقاق أول جائزة رصدتها دولة الإمارات الشقيقة في أولي فعاليات عام التسامح ونتطلع الي ابطال وفرسان جدد يعتلون منصة التتويج في الأعوام المقبلة لتسلم ذات الجائزة عن أعمال وإنجازات صنعوها وقدموها للانسانية من شأنها تعزيز روح المحبة والسلام والتسامح بين الأديان. التحية واجبة لكل من شارك وساهم في خروج الاتفاقية الإنسانية للنور والحياة وفي المقدمة يأتي الامام الطيب الذي لا يدخر جهدا ولا يتواني أو يتردد عن القيام بأي دور لنشر السلام بين الشعوب ومستعد للذهاب إلي أي مكان علي وجه الارض لنجدة مظلوم ونصرة ملهوف وإطعام جائع وايواء شريد وإنقاذ بريء وحقن دم فقد وصف نفسه بأنه من جيل الحروب والويلات واكتوي بنارها واحترق بشظاياها ورأي بعينيه الصغيرتين طائرات العدو وهي تضرب قريته الآمنة وتحرق الأخضر واليابس مخلفة وراءها العشرات والمئات من الشهداء والجرحي الأبرياء في العدوان الثلاثي.. والبابا فرانسيس رجل السلام والتسامح لا يقل اخلاصا وحبا للسلام عن صديقه إمام المسلمين ولذلك تعشقه شعوب الغرب والشرق معا وقد رأيت بنفسي آلاف المصلين في ساحة الفاتيكان وهم ينتظرون بشغف إطلالة البابا من شرفته ليلوح لهم بيديه ويغمرهم بطيب مشاعره وفيض أخلاقه .. وأخيرا قادة الامارات الذين ودعوا "عام زايد الخير" ليستقبلوا "عام التسامح" بتوقيع "اتفاقية الأخوة الإنسانية" علي أرض أبوظبي الطيبة وإطلاق جائزتهم العالمية التي أتوقع أن تنافس "نوبل للسلام" وتتفوق عليها لأنها ستكون أكثر حيادية وشفافية.