أثار مصطلح السينما النظيفة الكثير من الجدل.. وصل إلي حد السخرية ظنا من البعض ان الفيلم النظيف هو الذي يتم كنسه ومسحه قبل التصوير. واختلفت الآراء حول صاحب المصطلح وأول من اطلقه.. والسبب وراء ذلك والهدف منه؟ الطائفة التي ترفع شعار "حرية الإبداع" حتي مع راقصة درجة عاشرة تخلع ملابسها الداخلية وترقص بها.. هذه الطائفة يركبها العصبي وحاربت المصطلح إلي درجة اعتبار كل مستخدم له من جحافل الجهل في عصور الظلام. مع دريد لا يختلف مواطن عربي علي قيمة دريد لحام وفنه وهو المبدع السوري الذي احتفلت به القاهرة وجمهورها في أفلامه: الحدود- التقرير- الآباء الصغار- كفرون.. وهو صاحب رصيد مسرحي عظيم مع رفيق رحلته المؤلف الشاعر الكبير محمد الماغوط وأبرز ما قدما سويا "كاس يا وطن" و"غربة". دريد من مناصري هذا المصطلح ويشرح سر تمسكه به قائلا: أنا مندهش من كل فنان كبير ومحبوب وشهير وله جمهوره يصر في أفلامه ان يمارس القبلات والأحضان بشكل حميم لا أري له ما يبرره كما ان الاسراف في المشاهد الجنسية علي النحو الذي نراه يدمر مجتمعنا العربي وما تربي عليه من قيم وأخلاقيات وقد سألني أحد المشايخ يوما: هل أنت متدين؟.. وكانت اجابتي: لا يا مولانا.. أنا مؤمن؟.. لأن التدين طقوس.. لكن الايمان عقيدة راسخة في القلب أما بخصوص القبلات والجنس علي الشاشة.. فإن وجهة نظري ان الزوج عندما يريد زوجته فإنه لا يفعل ذلك أمام أولاده.. وحتي الشاب مع صديقته يبحث له عن ركن يختلي فيه معها والكثير من الحيوانات لا تتكاثر أمام الأعين فما بالنا نحن البني آدم.. نريد أن نفعلها علي الشاشة أمام الكبير والصغير مع ان الفن بالايحاء يستطيع يعبر عن كل شيء وبطرق لا تخدش الحياء.. وفي فيلم "زوجتي من المكسيك" مع المخرج عاطف سالم طلب مني ان أؤدي قبلة مع هويدا بطريقة حميمة.. واعتذرت له لأن هذا لا يتفق مع شخصيتي.. وقلت له سأفعلها بطريقة كوميدية عابرة مثلما ينقر الديك دجاجة وأذكر في فيلم "حدود" كانت هناك لقطة تكشف فيها "رغدة" عن ساقها وتناقشت طويلا في هذه اللقطة قبل ان أصورها بطريقة لا تخرج عن سياق فيلم يجمع بين الضحك والجد والسياسة.. وباختصار قد يكون مبرري أننا في سوريا نعمل أفلامنا بدون النظر إلي مسألة شباك التذاكر حتي لو كان الإنتاج يتبع القطاع الخاص وليس الحكومي ربما لأن السينما المصرية أكثر جماهيرية وانتشاراً وتقول المؤشرات ان الجمهور بعد زيادة دور العرض وانتشار المولات التي توجد بها عدة شاشات جعلت من مشاهدة الأفلام متعة للأسرة علي اختلاف أعمارها. ونسي الفريق الخائف من سينما نظيفة تقول كل شيء.. بطريقة تحافظ علي مشاعر المتفرج وهذا هو التفسير الفني لمصطلح يعرف قيمة السينما كفن جماهيري.. إن لم يقدم رسالة يكفيه ان يكون أداة تسلية محترمة ولا أدري ما يزعجهم في هذا.. إلا انهم يريدونها وسيلة للفوضي والصياعة. أحمد حلمي يرد أكبر دليل علي ان الجمهور يحترم من يحترمه.. انظروا إلي أفلام أحمد حلمي كمعادلة استطاعت ان تقدم الضحك والفكرة والمعني والهدف وحققت من الإيرادات ما عجزت عنه الأفلام التي حددت مسارها في راقصة ومسطول وبلطجي ونكتة سخيفة وأغنية حشاش. أحمد حلمي أكد ان مزاج الجمهور قد تغير بعد أن أصبحت وسائل الفرفشة والهلس مباحة إلي أقصي حد علي الإنترنت بالصوت والصورة.. لهذا بدأ يبحث عن فيلم تجتمع فيه الأسرة كبيرها وصغيرها في فرجة لا ضرر فيها ولا أمور شيطانية من تحت.. وهي تتحول إلي أكاديميات لتعليم فنون الشر بالمجان.. ولهذا انتقد البعض نجمهم الكبير في مشاهد اعتبروها حمولة زائدة في أفلام يحبونها من فنانهم الأول.. وهم من قاموا بتتويجه ووضعه في القمة. أواخر التسعينيات السينما النظيفة كما تقول بعض المواقع المتخصصة.. ظهر لأول مرة كمصطلح أواخر التسعينيات عندما حدثت انتعاشة سينمائية كان من نتيجتها عودة العائلات إلي دور السينما وتعتبر أفلام إسماعيلية رايح جاي وصعيدي في الجامعة الأمريكية بداية اطلاق المصطلح والمقصود بها الأفلام الخالية من العري والقبلات استجابة لمتطلبات الطبقة الوسطي وتزامنا مع ما عرف باسم "الإسلام المودرن" وانتشار الحجاب. وكان أبرز من هاجموا السينما النظيفة وحيد حامد وخالد منتصر وطارق الشناوي وايناس الدغيدي وآل العدل وآل السبكي وبعض المنتجين الآخرين لأن هذه النوعية تقفل أمامهم أبواب الرزق ونسي هؤلاء ان أحمد حلمي بما حققه من إيرادات تفوقت علي الجميع بما يمكن ان يخرس الألسنة.. المتفذلكة.. وان كان لها الحق فيما تقدم ما تراه من سينما.. والجمهور هو الحكم في نهاية المطاف. وأغرب ما جاء علي لسان فنانة متعودة دايما: ان السينما باظت من وقت ان امتنعت عن مشاهد القبلات "البوس".. ولهذا تخصصت بعضهن في نوعية لقطات الفراش والأحضان والأجساد العارية وفي مناظرة لي خلال برنامج تليفزيوني مع طارق الشناوي والمخرج خالد يوسف.. قلت في مناقشة حول السينما النظيفة: وهل هناك ما يمنعكم من تقديم أفلام فيها ما تريدون من مشاهد وقبلات ومايوهات.. فلماذا تريدون منع الأفلام التي تحترم متفرجها؟.. وضربت لهم مثلا بالسينما الإيرانية التي حصلت علي أكبر جوائز العالم.. لأنها في ظل رقابة متشددة صنعت لنفسها.. المجري الخاص بها في إطار إنساني لا نظير له علي مستوي العالم. وقد بلغت السينما المصرية في مرحلة الستينيات والسبعينيات فيما بعد حربي 67 و73.. ظهور بعض الممثلات عاريات تماما.. ومع ذلك لم نحصل علي "كوز دره" في أي مهرجان وكانت سينما "رخيصة" وتبرأ منها صناعها وهم الآن تتمني الواحدة منهن ان تنشق الأرض وتبلعها أمام أولادها وأحفادها ونفس الشيء لأبطال هذا الفيلم.. رغم انهن يرددن في كل حوار: - ليس لدينا ما نندم عليه! وهن بينهن وبين أنفسهن في غاية الندم ويحذرن الأجيال الشابة ان تنظر إلي الأمام وألا تقع في هذه الغلطة لأن الفيلم يموت صاحبه.. وهو يعيش إلي الأبد!!