* ابتعدت عن الإخراج لرفضى تقديم أفلام كوميدية فى التسعينيات.. والجلوس فى البيت أفضل من الخضوع لسيطرة المعلن أو النجم * لا أفهم مصطلح «السينما النظيفة».. والجمهور يعد القبلات فى فيلم «أبى فوق الشجرة» دون أن يبدى اعتراضا * فريد شوقى بكل تاريخه ونجوميته كان يطيع أوامرى ولم يكن ينادينى إلا بالأستاذ.. ورفضت تدخلات نيللى * على الزرقانى برىء من بيعى لشقتى و«عفش» أمى.. ولا يوجد نجم فى مصر يستحق الملايين التى نسمع عنها * عانيت مع الرقابة كثيرا.. وأجبرتنى على كتابة إشادة بالنظام فى تتر «حتى لا يطير الدخان» * زوجة عادل أمام غضبت منى بشدة لوفاة الزعيم فى نهاية الفيلم * لم أتربح من الفن.. ولا أحب مشاهدة فيلم «وداعا للعذاب».. وأُسقطه دائما من حساباتى *لا أتابع السينما المصرية إلا فيما ندر.. و«تراب الماس» فيلم محترم ومبذول فيه جهد رائع للمخرج أحمد يحيى قصة حياة بحاجة لسيناريست محترف يحولها فيلما سينمائيا، يحمل رسالة هامة لكل محبط وكل يائس، فهذا الرجل ابن لأسرة ميسورة الحال، وبدأ حياته الفنية نجما بعد أن لفت الأنظار بتقديم دور الشقيق الأصغر للفنان عبدالحليم حافظ بفيلم «حكاية حب»، إلا أنه ضحى بالكثير حتى يصبح مخرجا معروفا. باع شقته والاثاث ليحقق حلمه، وطرق أبواب المنتجين دون جدوى. لكن عندما جاءته الفرصة اغتنمها وأصبح مخرجا كبيرا، قدم مجموعة رائعة من الأفلام منها «العذاب امرأة»، و«لا تبكى يا حبيب العمر» و«حتى لا يطير الدخان» و«كراكون فى الشارع»، و«ليلة بكى فيها القمر» وغيرها من الأفلام الراسخة فى الأذهان. «الشروق» التقت بالمخرج الكبير، بمناسبة تكريمه فى مهرجان الإسكندرية السينمائى لافلام حوض البحر الابيض المتوسط فى دورته ال 34، ليدور معه هذا الحوار. * الكثير لا يصدق أن تكريمك فى الإسكندرية هو الأول رغم مشوارك الفنى الطويل الذى قدمت فيه أعمالا رائعة؟ أنا أيضا لا أصدق، ولكن هذا هو الحال فى مصر، فهناك حسابات خاصة تحكم عملية اختيار المكرمين، ونتيجة هذا هناك أسماء كثيرة تتعرض للتجاهل وأنا منهم، وبالطبع أشعر بألم شديد من هذا الأمر، فالمبدع بحاجة مستمرة لمن يقول له انه قدم أشياء جيدة ويستحق عنها التكريم. وبكل تأكيد تكريمى من الإسكندرية السينمائى طيّب بخاطرى، فرغم اننى سعيد بكلام الناس لى وأنا اقابلهم يوميا وهم يشكروننى ويشعروننى اننى لم أضيع عمرى هباء، لكن لحظة اعلان اختيارى للتكريم فى «الاسكندرية السينمائى» أشعرتنى ببهجة وسعادة شديدة. * ما سبب ابتعادك عن السينما لأكثر من 17 عاما، وتوقفك عن الإخراج تماما منذ 8 أعوام تقريبا؟ فى نهاية التسعينيات حصل انحراف فى السينما المصرية، وبدأ هناك اتجاه للكوميديا ولمصطلح «السينما النظيفة» الذى لا افهمه، وبدأ هناك جيل جديد منعزل عن الاجيال السابقة، وبدأنا نسمع البعض يقلل من قيمة المشاعر ويعتبرون ان القبلة فى الفيلم شيء مشين، رغم انه قديما كان الجمهور يذهب لدور العرض ويعد القبلات بدون أى اعتراض ويتقبلون الموضوع بشكل عادى، وانا عملت مخرج مساعد فى فيلم «أبى فوق الشجرة» وكان به عدد كبير من القبلات ولم يعترض احد، وفى مرة فوجئت بمنتج يطلب منى مسايرة الموضوع، والبحث عن موضوع كوميدى يناسب الشباب الجديد، حينها شعرت ان السينما دخلت منعطفا ليس جيدا فابتعدت. * ما سبب ابتعادك عن الدراما التليفزيونية ايضا؟ التليفزيون كان وسيلة لطرح افكارى الاجتماعية ومناقشة موضوعات لا ترغب فيها السينما، وقدمت بالفعل عددا من الأعمال إلى ان وقعت المصيبة، وهى سيطرة الاعلان على العمل الدرامى، واتاحة سلطة القرار فى يد النجم او النجمة الذى يريده المعلن، وعليه رأيت ان الجلوس فى البيت افضل مائة مرة من أن يأت اليوم وارى فيه نجما يجلس أمامى يضع لى شروطه وطلباته، فأنا رجل يعتز باسمه وتاريخه، وعلى مدار مشوارى الفنى تعاونت فيه مع كبار النجوم امثال محمود ياسين وعادل امام ونجلاء فتحى والملك فريد شوقى الذى برغم تاريخه ونجوميته كان لا ينادينى الا بالاستاذ وحينما يريد اقتراح شيء فى العمل يعرضه عليّ ولو رفضت يذعن على الفور، وحدث اننى عملت مع الفنانة نيللى وارادت ان تقول جملة بطريقة ما مختلفة عما اريده، ورفضت تماما واستجابت فورا دون أى جدال، والقصص فى هذا الأمر كثيرة وكنت حينها شابا لا يتعدى عمره 28 عاما. * هل هذا يعنى أنك قررت الاعتزال؟ أرى اننى أجبرت على الاعتزال، انا والكثير من المخرجين والمؤلفين الكبار والقائمة طويلة وممتدة.. فأين مصطفى محرم الآن وسمير سيف ومحمد فاضل، وغيرهم من أصحاب التاريخ المشرف، فهناك من اجبرهم على الاعتزال وأقصاهم من المشهد تماما. * ولكن ماذا تفعل الآن وكيف تقضى يومك؟ أقرأ كثيرا وأشاهد التليفزيون وأجلس طول الوقت فى بيتى، لا أتابع السينما المصرية الا فيما ندر، وحينما اسمع كلاما طيبا عن فيلم ويحقق حالة ما، أحرص على أن أشاهده، وهذا حدث مؤخرا مع فيلم «تراب الماس»، وبالفعل وجدت نفسى امام فيلم محترم ومبذول فيه جهد وكتابة ومخرج شاب شرب وتعلم الكثير من والده المؤلف وحيد حامد. أما دون ذلك فلا أفعل شيء. * قديما حينما أردت أن تحقق حلمك قمت ببيع شقتك وأثاث بيتك فهل يتكرر الأمر الآن اذا شعرت ان لديك مشروعا تريد تنفيذه؟ من الصعب أن أكرر الأمر، وربما مستحيل، فحينما قمت بهذا التصرف كان عمرى حينها 25 عاما، والشباب يتمتع بجرأة كبيرة، وحينها كنت ارفع شعار أكون او لا اكون وكنت اشعر اننى قادر على إثبات نفسى كمخرج، وساعدنى فى ذلك الفنان الكبير على الزرقانى الذى كان يرى فى مستقبل مخرج واعد. * ولكن على الزرقانى لم يمانع أن تبيع شقتك حتى يحصل على 3000 جنيه ليكتب لك سيناريو «العذاب امرأة»؟ بالعكس لقد حاول إثنائى كثيرا عن هذا الامر لكنى تمسكت بقرارى، على الزرقانى كان استاذا كبيرا، وكان يكتب السيناريو فى وقت طويل ليس أقل من 10 أشهر ويتفرغ له تماما، وأنا حرصت على أن يكتب لى سيناريو هذا الفيلم ولكى يتفرغ لى كان بحاجة لمصاريف شهرية تصل لنحو 300 جنيه، فلم أجد مفرا من بيع شقتى واثاث امى التى اشترته كله من فرنسا، وانتقلت للعيش فى شقة صغيرة ونمت على سرير إيديال، معشمًا نفسى بنجاح كبير، ولكن استمرت معاناتى فى رحلة ترويج هذا السيناريو لاكثر من عامين تذوقت فيهما المر وتجرعت طعم الفشل، إلى ان تحقق الحلم وتم انتاج الفيلم وحقق ايرادات كبيرة طوال 17 اسبوعا كاملة وانتقلت لمرحلة مختلفة من حياتى. * هل صحيح أن تعاونك مع الفنان عادل امام سبب ازمة ومشكلة بينك وبين زوجته؟ أجاب ضاحكا: نعم للأسف، فلقد غضبت بشدة منى لاننى قررت ان يموت فى نهاية الفيلم، كنت ارى عادل اماما دوما خارج منطقة الكوميديا، وحينما كنت احضر لفيلم «حتى لا يطير الدخان» كان عادل ترشيحى الأول، ورغم خوفه من الفيلم لكنى اقنعته، ثم فوجئت بزوجته تحدثنى وتطلب منى تغيير نهاية الفيلم الذى يتوفى فيها البطل، وقالت ان عادل لا يموت فى افلامه، وان هذا الامر قد يؤذيه ويقضى عليه ماديا، لكنى كنت مقتنعا ان البطل لابد ان يموت، ونجح الفيلم وكان علامة كبيرة فى مشوار عادل امام، حيث قدمته لأول مرة فى دور تراجيدى. * من بين 23 فيلما قدمتها للسينما هل هناك افلام تود حذفها من هذه القائمة؟ نعم، هناك فيلما بالتحديد لا احب مشاهدته وأسقطه دوما من حساباتى وهو فيلم «وداعا للعذاب»، لأننى قمت باخراجه مضطرا، حينما تعرض منتجه لأزمة كبيرة وكان بحاجه لمن ينقذه، وطلب منى اخراج فيلما لنجلاء فتحى فى فترة قصيرة، حتى لا يتعرض بيته للخراب وفى هذا الوقت كانت هناك موضة لاعادة تصوير الافلام القديمة فاخترت فيلم «أيامنا الحلوة» لفاتن حمامة، وقدمت الفيلم الذى حقق فشلا ذريعا، وانصرف عن مشاهدته الجمهور وندمت على خوض التجربة بشدة. * لماذا اتجهت للإنتاج؟ لم أنتج سوى 3 أفلام، ليس بغرض تحقيق أى ربح مادى ولكنى كنت أريد تحقيق هذه المشروعات ولم يتوافر لها منتج خاصة «حتى لا يطير الدخان» فكان من المفترض ان ينتجه رياض العقاد الذى منحنى اول فرصة لى كمخرج مع فيلم «العذاب امرأة»، لكن الفيلم كان به ملاحظات رقابية كثيرة، وكان سيسبب له مشكلة مع الدولة خاصة ان الفيلم ينتقد النظام المصرى ورياض منتج سورى، فرفض خوض هذه المشاكل وعرض على منحى أى رقم مالى لكنه لن يتصدى للفيلم، وتصدرت انا للعمل وخضت معركة طويلة مع الرقابة وحتى انفذ المشروع استجبت مضطرا لطلب الرقباء وأشدت بالنظام، بكتابة لوحة قبل عرض الفيلم اقول فيها انه حصلت احداثا شهدت انتصارات وفترات عظيمة وشابها سلبيات طفيفة، وانتجت الفيلم، والحمد لله تجربة الانتاج كانت جيدة ولم اخسر بالعكس ربحت منها. * كيف ترى الأجور الفلكية التى يتقاضاها النجوم هذه الأيام؟ مندهش جدا من هذا الامر، فانا ارى انه لا يوجد فنان مصرى يستحق هذه الارقام الغريبة التى نسمع عنها او حتى نصفها، فذاك يحصل على 40 مليون والآخر 30 مليون، ولكن أرى أن الامر يعود لسيطرة المعلن على الفن فهو حوّل الموضوع لسلعة ترويجية بحتة. * كانت هناك تصنيفات عديدة للمخرجين فهذا مخرج الواقعية وذاك مخرج الاثارة ماذا عنك هل تم تصنيفك من قبل؟ لا تستهوينى فكرة تصنيف المخرج، وقديما حاول البعض تصنيفى باعتبارى مخرج الرومانسية ولكن سرعان ما نجحت فى تقديم اعمالا اجتماعية، وهذا امر جيدا فلا يضع المخرج فى قالب بعينه، واذكر ان المخرج كمال الشيخ وهو مصنفة مخرج سسبنس، حينما اراد الخروج من هذا التصنيف لم ينجح فلقد ارتبط فى أذهان الناس بهذا الوصف. * هل لو عاد بك الزمن للوراء لقمت ببيع شقتك؟ رغم ان ثمنها الآن كان سيتعدى 5 ملايين جنيه، لكن كنت سأبيعها ولست نادما فبسببها اصبحت ما انا عليه، وحققت ذاتى ونجحت، ولا اعتبر تجربة العذاب التى مررت بها أمرا كارثيا، بالعكس فهى تجربة على الرغم من قسوتها والمعاناة التى مررت بها وانا لا امتلك مالا ولا شقة افادتنى كثيرا واصقلتنى خبرة وحنكة فى التعامل مع الحياة.