وصف القرآن الكريم أخلاق النبي "ص" في الآية الرابعة من سورة القلم بقوله "وإنك لعلي خلق عظيم" كما قال رسول الله "ص" "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وكذلك أكد الشاعر شوقي علي أن بقاء الأمم ببقاء أخلاقها وزوالها بزوال أخلاقها قائلاً : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن هم ذهبت أخلافهم ذهبوا فمكارم الأخلاق هي جوهر الإنسان السوي وركيزة المجتمع الفاضل وعماد حضارات الأمم ويزوال الأخلاق وفقدان القيم تذهب الأمم وتزول أو تبقي زليلة منتكسة فاقدة الإرادة مسلوبة الحرية وزوالها خير من بقائها. والأخلاق الرفيعة ترتقي بصاحبها فوق كل الأحزان وتسمو به فوق كل الأحقاد ونزعات الانتقام وفوق كل الصعاب والمعوقات بلا مسوغ للتغاضي عن مكارمها. فلا جهاد ولا اجتهاد بغير دعائم الأخلاق ومجاهدة النفس وكم قال رسول الله "ص" في الحديث الشريف : "رجعنا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد الأكبر" وكلنا نعلم أن الجهاد الأكبر هو جهاد النفس وجهاد النفس هو يقظة ضمير الإنسان وهو الثورة الذاتية التي يفجرها الإنسان السوي بينه وبين نفسه ضد جميع نزعات الشر . والشهوات والأطماع وحب الذات والأنانية وظلم النفس وظلم الآخرين والانتقام والجحود والجمود .. وغيرها من الرذائل وأفعال السوء. وكما نعلم أيضا أن النفس أمارة بالسوء وكما قال الحق تبارك وتعالي في الآية السابعة من سورة الشمس ؟: "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" فجهاد النفس يرتقي بصاحبها من الظلمات إلي النور.