منذ القمة التاريخية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونج أون التي عُقِدَت في سنغافورة في يونيو الماضي. جني الجانب الكوري الشمالي ثمارا جمة دون الاضطرار إلي تقديم أي تنازلات حقيقية. وفيما كان ترامب. الذي يري نفسه رجلاً سياسيًا من الطراز الفريد. يحاول تحقيق انتصار دبلوماسي بهذه الصفقة. تفوق كيم جونج أون في دهائه عليه. إذ نجح فيما فشل فيه أبوه وجده من تأسيس قناة اتصال علي مستوي رفيع مع الادارة الأمريكية. وضعت الصداقة التي قدمها زعيم كوريا الشمالية. سواء كانت حقيقية أم مصطنعة. ووعوده التي قطعها حدًا لتهديدات ترامب وزادت من حظوته لدي جارته كوريا الجنوبية وبددت بعضًا من العقوبات الدولية المفروضة علي نظامه. من البداية وضع كيم جونج أون ثمنًا واضحًا لجدية مفاوضات نزع السلاح النووي خاصة عقد معاهدة لإنهاء الحرب الكورية مع جارته الجنوبية وهو ما وعد به ترامب وحصل بالفعل بإعلان الطرفين الشمالي والجنوبي حالة اللاحرب في أبريل الماضي لينهي بذلك عقودًا من الحروب العسكرية والأجواء الملبدة. في أكتوبر الماضي رفع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو سقف مطالبه بإنهاء العقوبات الدولية علي نظام كوريا الشمالية. في نوفمبر الماضي أصدرت الخارجية في كوريا الشمالية تحذيرًا عامًا بإعادة تشغيل برنامج الأسلحة النووية إذا لم تخفف الولاياتالمتحدة قبضتها علي العقوبات. حقق كيم جونج أون كل ذلك دون المساس بالقدرات النووية لنظامه. بل يبدو أنه مستمر في تطوير القذائف الباليستية في 16 موقعًا سريًا. علي النقيض لم تثمر جهود ترامب في أي نجاح للجانب الأمريكي. فمنذ قمة سنغافورة والمسئولون الأمريكيون يدفعون نظام كيم إلي وضع مسار لنزع السلاح النووي وفقًا لتقارير إخبارية. لكن الكوريين الشماليين رفضوا تسليم أقل القليل عن واقع ترسانتها النووية. وما بين المماطلة الكورية ونرجسية ترامب. يحاول الرئيس الأمريكي البحث عن الأضواء وعن أي إنجاز يقابل حصول سلفه أوباما علي جائزة نوبل للسلام. لكن كيم جونج أون قرأ أفكاره واستغلها لصالحه. ولا شك أن كيم جونج أون يأمل في أن يصب اندفاع ترامب في مصالحه. لكن الإخلاف بالوعود ومحاولة كوريا الشمالية اللعب بترامب تحمل مخاطرها أيضًا. ففي مايو الماضي علّق ترامب مشاركته في لقاء سنغافورة بسبب التصريحات الكورية. وكرر ذلك أيضًا في المحادثات بين بومبيو ومسئولي كوريا الشمالية في أغسطس الماضي. ولا يوجد ضامن ألا يكرر تلك الخطوة. لكن نزعة كيم جونج أون بالتصعيد بإطلاقه قذائف علي اليابان في سبتمبر الماضي علي سبيل المثال قد تشير إلي قدرة قائد كوريا الشمالية علي إدارة مسرح الأحداث وإجلاس ترامب علي مائدة المفاوضات. كذلك فما يزال علي الطرفين الاتفاق علي مصطلحات "نزع السلاح النووي" و"قابل للتحقق" و"نهائي" وغير ذلك حتي لا يفسرها كل طرف علي هواه. ليس مستغربًا أن كيم جونج أون الذي تحوّل في يونيو الماضي من منبوذ مسلح نوويًا إلي شريك مفاوضات علي المستوي الرئاسي يرغب في عقد قمة ثانية بعدما رأي من القمة الأولي من تعزيز لوضعه في ساحة الشرعية الدولية وتحت الأضواء العالمية. بل فيما يحاول ترامب تأمين صفقة غير مسبوقة مع كوريا الشمالية ليفخر بها. يبدو أن كيم جونج أون يستطلع أفكار ترامب بموافقته علي القمة الأخري. التي لم يُحدد موعدها بعد. رغم إبطاء المحادثات التمهيدية. هذا الرأي ينسجم مع ما أعلنه الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن. أن نظيره الأمريكي دونالد ترامب سيلبي مطالب الزعيم الشمالي كيم جونج-أون. بعد أن ينزع الأخير سلاحه النووي. وفي ختام مباحثات أجراها علي هامش قمة مجموعة العشرين في بوينوس آيرس قال مون للصحفيين. أثناء توجهه إلي نيوزيلندا. إن ترامب طلب منه أن ينقل رسالة بهذا الخصوص إلي كيم. أوضح الرئيس الكوري الجنوبي أن الرئيس ترامب لديه رأي إيجابي جداً بالزعيم كيم ويحبه فعلاً. بالتالي هو يريد من الزعيم كيم أن ينفذ بقية اتفاقهما وعندها ينفذ ترامب ما يريده الزعيم كيم.