كان ضرورياً أن ينبه الرئيس السيسي خلال منتدي الشباب في شرم الشيخ إلي التطور الذي طرأ علي مجتمعنا بوسائل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.. وذلك حتي لا نستسلم له ونتعامل معه بطريقة علمية تتلافي آثاره السلبية علي حياتنا. وشبابنا وعملية البناء والتنمية التي تحدثها من أجل تقدم بلدنا. ولا شك أن هذه الوسائل الحديثة صارت تمثل واقعاً معاشاً في زمننا الحالي.. أشبه بجماعات ضغط أو "لوبي" جماهيري إذا صح التعبير قد يكون إيجابياً أحياناً.. ولكنه في نفس الوقت يمكن أن يحمل من السلبيات بل الأخطار التي تجعل منه مصدر خطر. وأداة ظلم. وتعويقاً لمسيرة المجتمع.. وتعطيلاً لانفاذ القانون تحت تأثير هذا الضغط الجماهيري وما قد يحمله أحياناً من موجات عاطفية أو هوجات شعبية قد يغيب عنها العقل الجمعي الذي يضبط هذا التفاعل الجماهيري بما لا يضر بالحقائق الموضوعية. ويضيع حقوقاً ويظلم أناساً قد "يدهسهم" هذا التدفق والزخم الذي يسلط به البعض ما يريدون الترويع والحشد له علي مواقع التواصل الاجتماعي وجذب المشاركين والمؤيدين لأي واقعة يتم تناولها عبر مواقع الفيديو واللقطات التي يصورها أحدهم ويبدأ "تشييرها" وفقاً لهذا المصطلح الجديد بعدما دخل حياتنا وصار يمثل مكاسب ونقاطاً يضيفها البعض لرصيده المعنوي الضاغط أو المؤثر وهو جالس مكانه علي "الأريكة" دون أن يبذل جهداً سوي دفع الآخرين للمسة أجهزة تليفوناتكم المحمولة ليتحقق هذا النصر الجماهيري الزاحف بعدما أصبح الشعار الآن "أصبح عندي كاميرا محمول" وبعدما غاب زمن الكفاح كما تقول أنشودة أم كلثوم "أصبح عندي الآن بندقية".. فقد مضي زمن الكفاح بالسلاح وتجييش الجيوش لاحتلال الدول.. وصار من السهل الآن إسقاط الدول من خلال حروب الجيل الرابع والخامس والعاشر. ¼ ¼ ¼ لا أريد أن أكون مبالغاً.. ولكن هذا هو الواقع الجديد الذي نلمسه الآن بعد أن أصبح الإنترنت وتعامل الشباب معه واقعاً بدأنا علي المستوي الحكومي تعترف به.. ولكن من المهم أن تنجح في ترويضه وإخراج طاقاته الإيجابية وتلافي آثاره المدمرة. وفي هذا الصدد ألتقط مثالاً أخيراً لايزال في أذهاننا وهو واقعة البائعة الجائلة في محافظة دمياط.. وكيف نجح فيديو التقطه البعض بحسن نية أو سوء نية الله أعلم من أجل اخضاع أجهزة حكومية بأكملها متمثلة في المحافظ رأس المحافظة لكي نخضع لهذا الضغط الجماهيري الهائل الذي انتصر لهذه البائعة التي أثارت المجتمع بأسره بمدي الظلم الذي وقع عليها.. ومطاردة شرطة المحافظة والمرافق لها من السوق وملاحقتها عبر الشوارع المجاورة لإلقاء وبعثرة بضاعتها وقوت زوجها وعيالها بلا شفقة أو رحمة.. وغير ذلك من أقاويل تنامت وتشعبت قد تكون تاه معها قدر من الحقيقة.. مثلما أوضح رئيس مدينة رأس البر دفاعاً عن نفسه بأن زوج الباعة هو الذي بدأ وتطاول علي شرطة المرافق ودفعهم دفعا إلي التعامل معه بهذا الاسلوب غير اللائق.. وإنه رغم ذلك ونزولا علي إرادة الزخم الجماهيري أحال رجاله إلي التحقيق.. وربما سيتم محاسبته هو الآخر في أقرب حركة تنقلات بين مسئولي المحليات! ¼ ¼ ¼ بالتأكيد.. لا أريد أن أشكك في هذه الواقعة في حد ذاتها ولكني رصدتها كمثال لمدي تأثير هذا "الغول" الإعلامي الجديد علي حياتنا وعقولنا بعدما أدي إلي تراجع أدوار وسائل اعلامية أخري كانت أكثر حرفية ولها قدرة علي التدقيق والتحري لرصد الحقائق وكشف الصورة برمتها بعيداً عن التهويل والتهوين مثل الصحف التي كنا نطلق عليها السلطة الرابعة ولكنها الآن بدأت تلملم أوراقها في ظل هذا التطور الهائل لأجهزة التواصل الاجتماعي التي اكتسحت أمامها أي أدوار اخري سواء لأجهزة الاعلام المحترفة أو الأحزاب التي غابت أدوارها تماما في حياتنا السياسية وفي ظل هذا إذا لم نتعامل معه بطرق علمية كما نبه الرئيس أخشي أن تضيع الحقائق وتحيد القوانين الحاكمة لنا جميعاً وتخضع الدولة برمتها لدعاوي باطلة يروج لها أرباب هذا "اللوبي" الجديد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي..!!