لا ينكر أحد أن محافظ البحيرة اللواء هشام أمنة قد حرك المياه الراكدة في مدن المحافظة الكبيرة والمتنامية الأطراف وبدأ بشكل حاسم في مواجهة فوضي وعشوائية مدن كبيرة وشهيرة مثل دمنهور وايتاي البارود وكوم حمادة وغيرها. وأعطي فرصة لمن يريد أن يعمل من رؤساء المدن ويؤدي واجبه الوظيفي علي الوجه الأكمل وعلي كل من لا يستطيع أن يبذل مزيدا من الجهد أو تعود علي الجلوس في المكاتب ولا يمتلك القدرة علي مواجهة صور الفوضي والعشوائية التي شاعت في مدن البحيرة وقراها خلال السنوات الماضية أن يرحل ويترك فرصة لمن يريد أن يعمل بجد. استطاع المحافظ من خلال أسلوبه الإداري الحاسم أن يعيد الأمل لأهل البحيرة في إمكانية الإصلاح وتصحيح الأوضاع وعودة مدن البحيرة وقراها لتكون منظمة وجاذبة للاستثمارات الحقيقية وليس للباعة الجائلين والتكاتك وتجار السلع والمنتجات الرديئة كما هي الآن.. فضلا عن تجار الأراضي وسماسرة الفوضي الذين يتاجرون في أقوات الغلابة ومحدودي الدخل.. لذلك يلقي المحافظ كل الدعم من مواطني البحيرة ويطالبونه باستمرار نهج مواجهة المشكلات والأزمات وصور الفوضي بكل حسم. **** لكن كما يعلم الجميع فإن معظم أهالي البحيرة يعيشون في القري وليس المدن. والاهتمام بالمدن لا ينبغي أن يكون علي حساب القري وسكانها الذين يمثلون أكثر من 90% من سكان المحافظة.. لذلك يتطلع أهالي قري البحيرة أن يقف المحافظ علي مشكلاتهم الحقيقية بعيدا عن تقارير رؤساء المدن أو نواب البرلمان.. فليس طبيعيا أن تتدهور حالة الطرق الرئيسة التي تربط القري بالمدن ولا تجري لها أية صيانة وتتسبب في حوادث وأزمات يوميا فضلا عن تسببها في تدمير العديد من المركبات التي تسير فوقها.. وليس طبيعيا ألا يجد الموظفون سيارات تنقلهم يوميا من قراهم الي أماكن أعمالهم في المدن المختلفة ويتخلف الطلاب عن دراستهم بسبب عدم وجود وسائل نقل تنقلهم الي مدارسهم وجامعاتهم كما يحدث مع الآلاف يوميا من أهالي قري مركز ايتاي البارود خاصة قرية نكلا العنب حيث يضطر الموظفون والطلاب الي السير علي أقدامهم لمسافات طويلة صباح كل يوم بحثا عن سيارة تنقلهم ويعود بعضهم الي منازلهم بعد فوات مواعيد الدراسة والعمل. خلال الأيام الماضية تلقيت العديد من الشكاوي والاستغاثات الجماعية من أهالي قري مركز ايتاي البارود حيث يناشد الأهالي المحافظ القيام بزيارة مفاجئة والسير علي طريق ايتاي البارود- نكلا العنب ورؤية ما حدث به من تلفيات وانهيارات وكيف يصطف الأهالي علي الطريق بحثا عن سيارة تنقلهم الي المدينة كما يحدث مع أهالي قرية نكلا العنب التي يقطنها ما يقرب من نصف مليون مواطن ولا يتوقف الموظفون والطلاب منهم عن الاستغاثة يوميا بالمحافظ ونواب البرلمان والقيادات التنفيذية بالمحافظة ولا أحد يسأل أو يهتم بمطالبهم. **** لا شك أن كل قري الجمهورية تتطلع الي تغيير واقعها والحكومة تحاول تلبية مطالب المواطنين بقدر ما تستطيع ومطلوب من الجميع أن يدرك حجم ما تحتاجه القري من موارد مالية وأن هناك أولويات.. لكن هناك مطالب لا تحتاج الي نفقات ومتطلبات مادية كبيرة بقدر ما تحتاج الي تدخل من كبار موظفي المحافظة والتعامل معها بحسم.. فالفوضي والعشوائية التي تسود كثيرا من المدن والتي ابتلينا بها وتضاعفت بعد ثورة يناير تحتاج الي تعامل حاسم من كبار المسئولين علي اختلاف مستوياتهم الوظيفية. فالقري التي تمتليء شوارعها بالمطبات والحفر والمخلفات يمكن حث الأهالي ودفعهم الي المساهمة في ذلك من خلال ما يمتلكه المزارعون من معدات. وشباب القري الناضج لديه رغبة صادقة في المساهمة في حملات نظافة تطوعية وقد لمست ذلك بنفسي من خلال متابعتي لصفحات وجروبات علي الفيس بوك لأهالي بعض قري البحيرة. علي رؤساء المدن والقري أن يتحركوا بفاعلية ويسهموا بوعي في حملات تعبوية للمواطنين لكي يساهموا في تنظيف قراهم ومدنهم دون أن ينتظروا موارد مالية لذلك. فالرغبة في نفوس الشباب موجودة وهناك الكثير من القيادات الشعبية القادرة علي التعبئة وأمامي أمثلة كثيرة علي ذلك. **** التنمية الحقيقية التي تتطلع لها مصر في عهدها الجديد تبدأ بالريف وتنطلق من القري الي المدن وليس العكس.. ولذلك صدرت توجيهات رئيس الجمهورية للمحافظين عند اجتماعه بهم بمواجهة جادة لمشكلات كل القري قبل المدن ونحن في انتظار الانجازات الحقيقية للمحافظين في مختلف محافظات مصر. هذه التنمية تتطلب خطة عمل من الحكومة ينطلق من خلالها رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي في زيارت معلنة لكل المحافظات لكي يقف علي حالة الخدمات المتردية التي تعاني منها العديد من قري الجمهورية وليس البحيرة وحدها. زيارات القيادات التنفيذية للقري تحل كثيرا من مشكلاتها حتي ولو مؤقتا فعندما يعلن مجلس الوزراء عن زيارة مجموعة قري في محافظة ما قبلها بفترة تتغير أحوال هذه القري تماما وتتبدل أحوالها بين عشية وضحاها ويتحرك كافة المسئولين في سباق محموم للقيام بواجباتهم التي نسوها أو تقاعسوا عنها بسبب غياب المراقبة والمحاسبة.