تواجه الدولة المصرية كما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي تحديا هاماً جداً وهو زيادة معدل النمو السكاني السنوي والذي تعدي 2.55% سنوياً مما أدي إلي زيادة عدد سكان مصر حالياً لحوالي 108 ملايين منهم 10 ملايين خارج الوطن ومن المتوقع وصول عدد السكان خلال 2030 لحوالي 132 مليون نسمة وخلال 2050 لحوالي 190 مليون نسمة أي سيتم مضاعفة عدد السكان خلال 35 عاما. وبالنظر لسكان القرية وسكان المدن الرئيسية نجد أن معدل زيادة النمو السكاني السنوي في القري لا يقل عن 2.8% بينما في المدن حوالي 2% فقط ولذلك فإن التوزيع النسبي للسكان خلال 2030 سيكون بنسبة 75% بالقري و25% فقط بالمدن شاملاً القاهرة والإسكندرية. ولذلك نري أن تقدم وتنمية الدولة المصرية سيعتمد أساساً علي قدرة الدولة لتطوير وتنمية القرية المصرية القديمة والجديدة ويعتمد التطوير علي اتجاهين هما اتجاه التنمية البشرية بالقرية والتنمية المعمارية والإنشائية والسكنية وتنمية وتطوير وسائل التعليم والصحة والنقل والثقافة والمواصلات وتوفير متطلبات الحياة اليومية لسكان القري القديمة والجديدة. وبملاحظة الموقف الحالي للقرية المصرية نجد عشوائية في المساكن والشوارع الداخلية والمحلات وعدم وجود المدارس بالأعداد المطلوبة لاستيعاب أعداد الطلبة الحاليين والمستقبليين وسيستمر العجز طالما استمر معدل النمو السكاني بالقري بنفس المستوي الحالي. وتعاني القري خاصة بالمناطق المستصلحة التي تمت خلال الستين عاما السابقة شرق محافظاتالشرقية والدقهلية وغرب محافظاتالبحيرة والمنوفية والإسكندرية وشمال كفرالشيخ بانتشار الامية والتسرب المستمر للأطفال والشباب من مراحل التعليم المختلفة والاتجاه نحو العمل بالحقل أو قيادة مركبات التوك توك أو العمل بالمصانع كثيفة العمالة والتي للأسف تعتمد علي أطفال دون الستة عشر عاماً للهروب من التأمينات علي العاملين. وتجد الأطفال بالنجوع والقري في تلك المناطق يسيرون حافين القدمين ومستوي نظافة شخصية منخفض مما يؤثر سلبياً علي الأجيال القادمة ويؤدي إلي عدم الاهتمام بنظافة وجمال المناطق التي يسكنها وعدم التزود بالمعلومات والعلم والثقافة ويؤدي في النهاية إلي الانحراف الأخلاقي والأمني والإدمان وسوء السلوكيات في التعامل مع الغير والانحراف الجنسي وعدم الانتماء للوطن. ولقد فطنت القيادة السياسية للدولة المصرية لتلك التحديات وذلك يتم التركيز حالياً ومنذ بداية المرحلة الثانية لحكم السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي علي العنصر البشري المصري من ناحية التعليم والصحة والثقافة والتركيز أكثر علي سكان القري والنجوع والمراكز بالمحافظات الإقليمية حيث يمثلون مستقبلياً نسبة لا تقل عن 75% من إجمالي سكان مصر. ولذلك يركز الرئيس عبدالفتاح السيسي حالياً علي تطوير الطرق داخل المحافظات الإقليمية ولكنها ستحتاج لمليارات عديدة من الجنيهات نظراً لسوء حالتها الحالية ونظراً لتعدي المواطنين علي تلك الطرق وخاصة المحاذية للترع والمصارف ويرجع ذلك كله لتدني المستوي التعليمي والعلمي والثقافي لسكان هذه المناطق وزيادة الأنانية وحب الذات دون النظر لمصلحة الوطن والدولة المصرية. ومن هنا نري أهمية بنشر الثقافة والرياضة بتلك المناطق علي التوازي مع زيادة مستوي التعليم والصحة وزيادة فرص التعليم ووضع خطط صارمة وقوية لمقاومة زيادة مستوي الأمية بين الأطفال والبنات حيث إنه الوباء الأكثر ضرراً علي الوطن حالياً ومستقبلياً ويؤكد ذلك مستوي القوات المسلحة خلال حرب 1967 التي كانت معتمدة علي مجندين وصف ضباط ذوي مستوي علمي منخفض أو متوسط ومستوي القوات المسلحة والأداء الباهر للجيش المصري في حرب 1973 الذي كان معتمداً علي مجندين وصف ضباط ذوي مؤهلات عليا وخريجي جامعات ومعاهد عليا وبأعداد وفيرة بالإضافة إلي ارتفاع المستوي العلمي والتكنولوجي لضباط القوات المسلحة في ذلك الوقت ولذلك نري أن نجاح الدولة في تنمية وتطوير العنصر البشري وتنمية القرية ذاتها هو مفتاح تطوير مصر كلها. وتخطط الدولة حالياً لاقتحام الصحراء كوسيلة لزيادة المساحة التي يقيم بها الشعب المصري من 7% إلي 13% من المساحة الإجمالية لمصر خلال عام 2030. ولذلك نري أهمية تخطيط القري داخل تلك المناطق المستصلحة حديثاً والتي سيتم استصلاحها قبل الهجوم العشوائي والبناء بدون تخطيط وتنفيذ نفس المأساة الحالية بالقرية المصرية ويجب مراجعة الموقف الأساسي التنسيق المعماري والأساسي للقري التي تم بناؤها بمحافظة الوادي الجديد خلال عهد عبدالناصر وحالتها الآن التي يتفشي بها العشوائيات وهدم المباني القديمة أو توسيعها بأسلوب عشوائي. وكذلك قري بنجر السكر في النوبارية والعشوائيات التي حدثت بها حالياً لذلك فإنه من الأهمية إنشاء القري الجديدة بأسلوب معماري وإنشائي متميز وجمالي متطور وحتمية منع إحداث أي تغييرات أو عشوائيات وتنفيذ مبدأ الحزم والصرامة الذي يطبق داخل المدن الجديدة التابعة لوزارة الاسكان والتعمير وهؤلاء مصريون وهؤلاء مصريون ولكن الحزم والصرامة هما المفتاح لمنع العشوائيات. ونري أهمية بناء مصانع كبيرة تستوعب عمالة لا تقل عن 5000 إلي 10000 عامل في كل منطقة مطلوب إنشاء قرية بها داخل المناطق الصحراوية الجديدة ويتم تخطيط المناطق المحيطة بتلك المصانع تخطيطاً متميزاً ويستوعب الزيادة السكانية المستقبلية وإحداث تطوير في المدارس والمستشفيات والمناطق التجارية اللوجستية ومراكز الثقافة والرياضة بتلك القري حتي تنمو وتزدهر وتستوعب أعدادا كبيرة من العائلات المهاجرة من الدلتا والصعيد والتي ستقيم إقامة دائمة بتلك القري.. وأخيراً نؤكد أن تنمية وازدهار الدولة المصرية لن يتم إلا من خلال تطوير وتنمية القرية المصرية القديمة والجديدة.