أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس دور الإفتاء العالمية رئيس مؤتمر "دور وهيئات الإفتاء العالمية" أن المؤتمر العالمي ينعقد في ظرف غاية في الأهمية والخطورة حيث لازال تهديد جماعات الظلام الإرهابية يلقي بظلاله علي العالم بأسره. قال إنه علينا التكاتف لمحاربة الإرهاب الأسود وتجفيف منابعه ومواجهته بكافة الوسائل المشروعة وفي مقدمتها مشروعات التجديد وتصحيح المفاهيم التي تقوم بها المؤسسات الدينية وفي مقدمتها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. رحب مفتي الجمهورية بالمشاركين في المؤتمر العالمي الرابع برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي تحت عنوان "التجديد في الفتوي بين النظرية والتطبيق" بمشاركة علماء ومؤسسات دينية من 73 دولة وبحضور د.محمد مختار جمعة وزير الأوقاف نائباً عن رئيس الوزراء والمستشار حسام عبدالرحيم وزير العدل. أضاف أن المؤتمر العالمي يأتي استمراراً واستكمالاً لجهود سالفة شاركتم فيها جميعاً بالفكر والوقت والجهد والبحث وأثمرت هذه الجهود عن برامج عمل علي أرض الواقع ومشروعات ومبادرات لتنظيم وضبط عملية الفتوي وبرامج تدريب بلغات مختلفة لتدريب العلماء والمتصدرين للفتوي. حتي يكونوا قادرين علي مواجهة تحديات العصر. واستيعاب ثقافاته المتعددة ومواجهة ما يهدد الأمن والسلم العالمي من أفكار متطرفة لا تمت إلي ديننا الحنيف بصلة. أوضح أن عنوان هذا المؤتمر الذي اجتمعنا لأجله هو "التجديد في الفتوي بين النظرية والتطبيق" وهو عنوان في غاية الدقة وبلوغ الغاية فيما نحتاج إليه في هذا التوقيت. فالتجديد معلم أساسي من معالم هذا الدين وثمرة عظيمة للاجتهاد. والجماعات الإرهابية أمنت بأفكار شاذة مغلوطة دون قواعد وعلينا التكاتف لمحاربة الإرهاب الأسود وتجفيف منابعه ومواجهته بكافة الوسائل المشروعة وفي مقدمتها مشروعات التجديد وتصحيح المفاهيم. أكد المفتي أن التجديد في الغالب الأعم لا يضطلع به شخص واحد أو بضعة أفراد. بل هو أمر قائم علي تعاون أهل العلوم والتخصصات المتنوعة. ولا يقتصر الأمر علي العلوم الشرعية فقط بل إن علوم إدراك الواقع وإدراك مكوناته كعلوم النفس والاجتماع والسياسة والإدارة والاقتصاد وكل ما يوقفنا علي إدراك مستجدات العصر. هي علوم لها مكانتها وأهميتها في نجاح عملية التجديد. وشدد علي ضرورة وضع رؤية نظرية صحيحة تشتمل علي تعريف دقيق وواضح لماهية التجديد ومجالاته وسبله ووسائله وغاياته. مضيفاً: إذا أحسن وضع هذا الإطار النظري وتم اعتماده من قبل المؤسسات المعنية فإنه كفيل بقطع الطريق علي هؤلاء الذين يصطادون في الماء العكر باسم التجديد. وهم يستقون أفكارهم من نماذج معرفية غريبة عن الإسلام. لا تمت إلي النموذج المعرفي الإسلامي الوسطي الأصيل بصلة. والتجديد عندهم لا يتجاوز معني التجريد. أي تجريد الإسلام من ثوابته التي تعرف عندنا بالمعلوم من الدين بالضرورة وأن الثوابت التي تحفظ الدين ولا تتغير بتغير الزمان ولا المكان وهي تمثل الصورة الصحيحة للدين التي تنتقل عبر الأجيال بالتواتر العملي والنقلي بحيث إذا قلنا إنها تمثل عصب الدين ولحمته فلن نكون مبالغين بأي حال من الأحوال. بينما أكد د.مختار جمعة أن التجديد في الفتوي أمر حتمي لا مناص منه وأن مراعاة مقتضيات الزمان والأحكام أمر حتمي في الفتوي مع تفريقنا الواضح والهام بين الثابت والمتغير. موضحاً أن إلباس الثابت ثوب المتغير هدم لثوابت الدين. وإلباس المتغير ثوب الثابت طريق الجمود والتحجر والانغلاق والتخلف عن ركب الحضارة. أضاف أن علماءنا الأوائل اجتهدوا في عصرهم في ضوء ظروفهم وعلينا أن نجتهد في ضوء المتغيرات وأن نراعي ظروف عصرنا. ولابد من إعمال العقل وإحياء المناهج العقلية ومراعاة المتغيرات بأحوال الزمان والمكان.. مشيراً أنه لو خرجنا من بلدنا إلي بلد آخر لأفتيناهم بعادة بلدهم وهو ما فعله الإمام الشافعي في مذهبه. وإذا قدم علينا أحد من بلد وكانت عادته علي خلاف البلد الذي نحن فيه فإننا لا نفتيه إلا بعادة بلده. وليس بعادة البلد الذي نحن فيه. وشدد علي أن كثيراً من الأحكام تتغير بتغير الزمان وأننا بحاجة ماسة إلي إحلال مناهج التفكير محل مناهج الحفظ والتلقين. وأشاد جمعة بقضايا المؤتمر ولاسيما ما يخص المستجدات في القضايا الطبية والاقتصادية التي نحتاج إلي مناقشتها في وعي مؤكداً أن وزارة الأوقاف تنتظر ما تسفر عنه بحوث المؤتمر لتضعها في برامجها التدريبية في ظل ما تعتمده من برامج تثقيفية وتأهيلية مشيراً إلي افتتاح الأكاديمية التدريبية بوزارة الأوقاف والإعداد لافتتاحها خلال الأسابيع المقبلة بمدينة أكتوبر. بينما أكد وزير العدل المستشار حسام عبدالرحيم أن المؤتمر يأتي في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها دار الإفتاء من أجل تجديد الخطاب الديني والتباحث فيما يستجد علي المسلمين وإصدار الفتاوي الشرعية التي تتواكب مع مستجدات العصر. قال إن الواجب يقتضي منا العمل علي إزالة الآثار السلبية الناتجة عن أفعال هؤلاء المتطرفين والتصدي لموجة الفتاوي التي صدرت عن أشخاص غير مسئولة وغير مؤهلة. وأوضح أن الفتاوي الشاذة الصادرة عن هؤلاء دفعت الناس إلي العنف والقتل والتكفير مؤكداً أن مصر تصدت لتلك الموجه العارمة من الفتاوي المضللة عبر كافة أجهزتها ممثلة في الأزهر ودار الإفتاء والأوقاف وعلي المستوي الأمني قامت القوات المسلحة بدحر الإرهاب وكذلك الشرطة. لافتاً إلي أن مصر بذلت من دماء أبنائها الكثير من أجل التصدي لذلك. وشدد علي أهمية توحيد الجهود لضبط الفتاوي الشرعية من خلال مؤسسات علمية وعدم قيام غير المتخصصين بإصدارها من أجل الحفاظ علي الأوطان من أي أفكار متطرفة صادرة عن جهات غير مسئولة. وأوضح في ختام كلمته بالمؤتمر أن رسالة الإسلام هي رسالة أمن وسلام لا تعرف القتل ولا العنف ولا الإرهاب. مؤكداً ضرورة التكاتف لإزالة ما علق بديننا من تشوهات أصابته.