تربطني به صداقة أسرية قبل أن التقي به لأول مرة كنت اسمع أخباره فقط من أفراد أسرته فهو نجم كبير علي مسرح الكوميدي فرنسيز في باريس ويشارك نجوم ونجمات العالم في العديد من الأفلام ويصل مصر في زيارات قصيرة. إلي أن جاء واستقر في مصر ومن أول ظهور له في عالم السينما استطاع أن يخطف الأبصار بأدائه الارستقراطي النادر كنت وقتها طالبة بالفرقة الأولي بكلية الإعلام وكان طلاب الكلية يصدرون جريدة صوت الجامعة فعرضت علي زميلنا بالفرقة الرابعة حينئذ والمشرف علي الجريدة الزميل أشرف صالح أن أجري حواراً مع الفنان جميل راتب فكان رده ده خواجه صعب عليكي فهو مقل جداً في الأحاديث الصحفية فقلت له إنني علي علاقة بأسرته وسأحاول. في الوقت الذي كان فيه جميل راتب يرفض الحوار مع كبار صحفيي الفن في مصر وافق أن يجلس معي وأنا طالبة في أولي كلية إعلام ليدلي بحواره في جريدة صوت الجامعة وكانت المرة الأولي بالنسبة لي التي أجلس فيها مع نجم سينمائي وأحاوره وكم كان لطيفاً حين لاحظ ارتباكي فبدأ هو الحديث بسؤال عن بلدتنا المنيا فنحن بلديات وأنه لم يذهب إلي المنيا منذ كان طفلاً صغيراً. ثم تحول إلي الصحافة وبدأ يسألني عن أساتذة الصحافة في مصر وكأنه هو الذي يجري معي الحوار المواد التي ندرسها ثم استرسل في الحديث عن مشواره الفني في باريس وكيف ترك دراسة الحقوق علي غير رغبة الأسرة وتفرغ للتمثيل بمسارح باريس حتي صار واحداً من أكبر نجوم فرقة الكوميدي فرنسيز. كان يركز في حديثه أنه يهتم بنوعية الدور وليس حجمه ولا يعنيه ترتيب اسمه علي الأفيش وعلي قدر تواضعه وأدبه الجم فهو يعرف قدر نفسه ويثق في قدراته الفنية التي قلما تتكرر. وتمر سنوات العمر ولا نلتقي إلا مرات محدودة في مناسبات أسرية أتابع أعماله وافتخر بأنني من أوائل صحفيي مصر الذين أجروا حواراً مع هذا العملاق المتميز الذي قلما يجود بمثله الزمان. رحم الله الفنان الكبير جميل راتب.