يظن الكثيرون أن الصحافة الورقية في طريقها للاندثار بسبب ما يحيط بها من صعوبات ومشاكل وارتفاع في أسعار الورق والأحبار ومستلزمات الإنتاج ومشاكل مالية وإدارية داخل المؤسسات الصحفية تقف عائقاً أمام أي تطوير أو محاولة للانطلاق إلي الأمام علاوة علي مشاكل في التوزيع وتراجع أعداد النسخ المباعة لاعتماد فئات كثيرة من الشعب علي الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة في استقاء المعلومات والأخبار وتراجع معدل قراءة الصحف ولهفة الناس عليها كما كان يحدث في السابق. والحقيقة أن المتأمل في الواقع الإعلامي الذي نعيشه الآن نجد أن الصحافة الورقية تزداد أهميتها وقيمتها يوماً بعد يوم وهذا يؤكد ما درسناه في الإعلام بأن ظهور وسيلة إعلامية لا يلغي وسيلة أخري فقط قد يؤثر عليها ولكن لا يلغيها تماماً فعندما ظهرت الإذاعة وكانت هي الوسيلة الإعلامية الأكثر انتشاراً بين الفئات التي لا تجيد القراءة والكتابة قالوا إنها ستؤثر علي الصحافة ولكنها لم تؤثر وعندما ظهر التليفزيون قالوا إنه سيؤثر علي الإذاعة والصحافة وسيأخذ من جمهورها ولكنه لم يؤثر وظهرت الفضائيات الخاصة ولكنها لم تؤثر بل أصبحت الصحف وسيلة للكثيرمن البرامج اليومية التي تحظي بنسب مشاهدة عالمية لاعتمادها علي عرض مانشيتات الصحف وأهم الأخبار والمقالات الواردة في صحف الغد دون أن تدفع هذه القنوات والبرامج مليماً واحداً للمؤسسات الصحفية والصحف التي تستقي منها أخبارها ولو طالبت هذه الصحف بنسبة من إعلانات هذه البرامج التي تذيع مادتها لحققت دخلاً إضافياً لأن هذه البرامج وعرضها لأخبار الصحف تؤثر علي توزيعها لكن الصحف لا تفعل وبالتالي نجد يومياً عشرات البرامج التي تذيع مانشيتات وأخبار ومقالات من الصحف. وقد ظهرت الحاجة ملحة أيضاً للصحف الورقية وبررت أهميتها بعد كم الشائعات التي تنتشر يومياً علي صفحات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت دون ضابط أو رقيب لتظل الصحف هي الوسيلة الأكثر مصداقية وإظهار الحقائق وبالتالي الخبر لا يصبح له وزن إلا بعد نشره في الجرائد وإن كان متأخراً لبعض الوقت بالمقارنة بالمواقع الإخبارية علي النت ليس هذا فقط بل تظل الصحف هي بوابة التواصل بين القارئ والمسئولين بصفحات الشكاوي وبريد القراء بالإضافة إلي المقالات التحليلية والنقدية التي تحمل رؤي أصحابها من مشاهداتهم وتجاربهم الحياتية وتنقلها للمسئولين والقراء ليستفيدوا منها وتظل الصحف أرشيفاً يمكن الرجوع إليه في أي وقت مهما طال الزمن وفي أحيان كثيرة تصبح وثائق مهمة يمكن الرجوع إليها في التأريخ للأحداث التاريخية المهمة وهو ما لا يتوافر في وسائل إعلامية أخري. أمام هذه الأهمية الكبيرة للصحافة والصحف الورقية فإن الصحف هي الأخري أصبحت مطالبة بتطوير نفسها ومواجهة مشاكلها وسرعة حلها للانطلاق ولتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ تدفعه للعودة لاقتناء صحيفته المفضلة مهما غلا ثمنها فقوة الصحافة الورقية وبقاءها مرتبط بتطوير نفسها وإيجاد التوليفة المناسبة لإرضاء القارئ وبالتالي فإن أي تدهور أو تراجع للصحافة سيكون من داخلها ولعدم مواكبتها للتطور الحادث في العالم وإنكفائها علي نفسها بمشاكل مالية وإدارية دون البحث عن أساليب وحلول وأفكار خارج الصندوق تخرج المؤسسات الصحفية من كبوتها وتعيدها للانطلاق بعيداً عن الحلول الوقتية والمسكنات السريعة التي قد تزيد من معاناة الصحف في المستقبل.. فالصحافة الآن بحاجة إلي فتح مجالات الانطلاق أمامها من والتحرر من مكبلاتها والتعامل بمهنية واحترافية وفي المقابل مطلوب من الهيئة الوطنية للصحافة توفير الحماية لمهنة الصحافة بالتعاون مع نقابة الصحفيين من المدعين الذين ينتحلون صفة صحفي والذين انتشروا في كل المؤسسات والمصالح الحكومية كالمرض الذي لابد له من دواء وهو ما يعوق الصحفيين الفعليين من أداء دورهم لتعود مهنة الصحافة إلي مكانتها وكذلك مطلوب من الهيئة الوطنية للصحافة اتخاذ خطوات جادة لإنقاذ الصحف من مشاكلها المالية والإدارية وتوفير بيئة عمل جيدة للعمل الصحفي.