رئيس تتارستان: 20 مليون مسلم داخل روسيا ولدينا خبرات فى تشييد الطائرات والسفن    روسيا تعلن إحباط هجوم أوكراني بصواريخ أمريكية على شبه جزيرة القرم    الانخفاض يسيطر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 16 مايو بالمصانع والأسواق    نشرة التوك شو| :تفاصيل تخفيض قيمة التصالح حال السداد الفوري وأسباب تراجع سعر الدولار في البنوك    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    بعد الارتفاع الجديد.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الخميس 16 مايو بالبورصة والأسواق    ارتفاع حصيلة العدوان على مدينة طولكرم بالضفة الغربية إلى 3 شهداء    «مالوش تاريخ ومفيش مدربين في مصر».. رضا عبد العال يفتح النار على حسام حسن    صائد الجوائز، وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن عمر 70 عاما    «بسمة».. فريسة نوبات الغضب    فوائد تعلم القراءة السريعة    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    طلعت فهمي: حكام العرب يحاولون تكرار نكبة فلسطين و"الطوفان" حطم أحلامهم    بقيادة الملك الغاضب أليجري.. يوفنتوس يتوج بلقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    رئيس الترجي يستقبل بعثة الأهلي في مطار قرطاج    موعد مباريات اليوم الخميس 16 مايو 2024| انفوجراف    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    رسميا.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya جميع الشعب مباشر الآن في محافظة القليوبية    أختي تعاني من انهيار عصبي.. شقيقة ضحية أوبر تكشف آخر تطورات القضية    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    تعرف على أسباب نقص معاش الضمان الاجتماعي 1445    فصائل عراقية تعلن استهداف موقع إسرائيلي في إيلات باستخدام الطيران المسير    حظك اليوم برج العذراء الخميس 16-5-2024 مهنيا وعاطفيا    الرئيس السيسى يصل البحرين ويلتقى الملك حمد بن عيسى ويعقد لقاءات غدًا    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    طريقة عمل الدجاج المشوي بالفرن "زي المطاعم"    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    الصحة الفلسطينية: شهيد ومصابان برصاص قوات الاحتلال في مدينة طولكرم بالضفة الغربية    قمة البحرين: وزير الخارجية البحرينى يبحث مع مبعوث الرئيس الروسى التعاون وجهود وقف إطلاق النار بغزة    عاجل - الاحنلال يداهم عددا من محلات الصرافة بمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    «البحوث الفلكية» يعلن عن حدوث ظاهرة تُرى في مصر 2024    أحذر تناول البطيخ بسبب تلك العلامة تسبب الوفاة    شريف عبد المنعم: مواجهة الترجي تحتاج لتركيز كبير.. والأهلي يعرف كيفية التحضير للنهائيات    «الخامس عشر».. يوفنتوس يحرز لقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا (فيديو)    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    تعرف على رسوم تجديد الإقامة في السعودية 2024    بداية الموجه الحارة .. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الخميس 16 مايو 2024    وزير النقل يكشف مفاجأة بشأن القطار الكهربائي السريع    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الخميس 16 مايو 2024    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    انطلاق معسكر أبو بكر الصديق التثقيفي بالإسكندرية للأئمة والواعظات    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية وبيطرية بقرى مطوبس    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    ب عروض مسرحية وأغاني بلغة الإشارة.. افتتاح مركز خدمات ذوي الإعاقة بجامعة جنوب الوادي    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلف الأبواب
يقدمها: صلاح حامد
نشر في الجمهورية يوم 02 - 08 - 2018

"قبائل الجن" تركت سطح الأرض لبني آدم وسكنت باطنها أو شيدت قصورها في قيعان البحار والمحيطات ومع ذلك مازال البشر يلقون عليها باللوم كلما وقعت لهم مصيبة لا يعرفون أسبابها ولا يجدون تفسيرا لها وهذا بالضبط ما حدث مع نوران وأحد أمراء الجن الأحمر.
.. إليك الحكاية.. من البداية:
كانت سندريللا في القصص والحكايات أشهر ضحية لزوجة الأب المفترية التي سرقت ميراثها وحاولت أن تخسف بها الأرض حتي لايراها الأمير الشاب فتسحره بجمالها ورقتها ودلالها وتضيع الفرصة علي ابنتيها الدميمتين في أن تصبح إحداهما.. الملكة.
وحدث ما كانت تخشاه زوجة الأب فقد رأي الأمير فتاة أحلامه فتزوجها.. أما نوران فقد رآها أمير الجان الأحمر وأحبها فقلب نهارها ليلا وجعل ليلها هباب تماما كما كانت تعاني الفنانة يسرا في فيلم "الجن والأنس" فلا هو يستطيع أن يتزوجها ولا يقبل أن يتركها لغيره .
همست بهذه الهواجس لصديقتها المقربة.. قاطعتها صديقتها: "سلامة عقلك.. يسرا إيه دا كلام سيما".
ثم أردفت ضاحكة : هل ظهر لك عيانا بيانا؟
ردت نوران : لا.. لكنني أشعر بوجوده حولي دائما.
قالت الصديقة: طيب.. كيف عرفت انه أحمر.. وأمير كمان؟
ردت نوران: أنا أقولك.
الحكاية بدأت وعمري 5 سنوات عندما تزوج المرحوم والدي بعد رحيل أمي وأنجب ولد وبنت من زوجته الجديدة كان والدي يري أن زوجته غير حيادية معي . وإذا كان ذلك يحدث في وجوده فماذا لو رحل عن الدنيا وتركني بدون حامي لذلك خصني بما كانت تملكه أمي ليرفع من روحي المعنوية ويشعرني بالأمان وأنا في النهاية بنت ومكسورة الجناح.
تابعت : كانت خطوة شجاعة منه فالأمر لم يكن سهلا ولم يمر بسهولة فقد دخلت زوجة أبي في جدال معه قالت له : ابنتك ستصبح في ثراء الدول الصناعية الكبري وأخوتها من دول العالم الثالث.
قال : حقها الشرعي وسوف يسألني عنه ربي .. فاستسلمت زوجة ابي . أمام المنطق والحجج الدامغة لكنه كان تكتيكا ففي الاستراتيجيات الحربية خسارة موقعة لا يعني خسارة المعركة.
اللا حرب واللا سلم
كنت قد أنهيت دراستي الجامعية عندما رحل أبي إلي جوار ربه تعلمت أن أتأقلم مع الوضع الجديد وضع أشبه بحالة "اللا حرب واللا سلم" التي مرت بها مصر . قبل حرب 6 أكتوبر.. كان بيننا اتفاق غير مكتوب أن نتعايش معا.. أنا وزوجة أبي مع أن كل واحد مننا يري "العمي وما يشوفش التاني".. لكن للضرورة أحكام فلا هي تستطيع أن تطردني من شقة أبي ولا أنا أعرف مكانا آخر أذهب إليه.
لكن هذا الصراع الخفي بدأ يظهر علي السطح عندما طرق الخطاب بابي فالزواج معناه أنني سأنتقل إلي بيت العدل وسأطالب عاجلا أو آجلا بنصيبي من الميراث.. كانت زوجة أبي تطفش العرسان.. وتطلع في كل واحد منهم القطط الفاطسة.. كل ذلك وهي تبدي حسن النية وترفع شعار أنني ابنتها وأمانة تركها المرحوم لها.
كانت زوجة أبي أيضا تغار من جمالي "قالتها وهي تضحك" الذي ورثته عن أمي بينما لم يكن لابنتها مثل هذا الحظ.
قاطعتها صاحبتها بابتسامة عريضة: الجمال وعرفناه.. ايه علاقتك بالعرسان والجان؟
العرسان.. والجان
ردت : أصل انت عبيطة؟ هنا بيت القصيد فخطيبي هشام لم تفلح كل المحاولات لتطفيشه كان يحبني بجنون وأنا أبادله نفس الشعور فوقفنا معا ايد واحدة ضد العواصف والزعابيب فلجأت زوجة أبي لأسلوب آخر "السحر الأسود" ومن يومها أصبحت أنا وخطيبي مثل "ناقر ونقير" لا أحد يطيق الآخر ولا يقبل كلمة عتاب . وأصبح خطيبي يتهرب مني ويقول "يا فكيك" إذا رآني وكأنني في عينيه "قرد"
تدخلت صديقتها في الحوار: ياسلااااااااااااام وعرفت ازاي يا فالحة وكمان فين أمير الجن الأحمر من كل ده؟
ردت نوران بكلمات الواثق: بلاش تريقة" .ذهبت لرجل سره باتع. نور بصيرتي قال ان زوجة أبي عملت لي سحر خطير والجن المكلف به كان من أمراء الجن الأحمر فوقع في غرامي وأصبحت المسألة شخصية بالنسبة له مش مجرد شغل وتنفيذ أوامر والسلام وهو الذي يصورني قرد في عين خطيبي ليطفش لأنه يغار من عشقي لهشام.
قالت صديقتها: والحل؟
ردت: الشيخ طلب مني حاجات . وسوف يفك العمل إن شاء الله.
قاطعتها صديقتها: لو مكانك أتزوج الأمير وابقي ملكة.. بلاش وجع دماغ.
***
انتقلت نوران للإقامة في منزل خالها . وأعلنت الحرب علي زوجة أبيها بعدما ماطلت في تسليمها ميراثها الذي أصبح قضية في المحكمة . تطالب فيها الفتاة بتمكينها من حقها ومازالت تحاول باستماتة هي والدجال طرد أمير الجان من حياتها لتعود لها سعادتها المشروعة مع خطيبها هشام.
لكن: هل سيستطيع الدجال . هزيمة أمير الجان الأحمر؟
نار.. مولعة
كان قلبها يمتص كلامه كما تمتص البحار حرارة الشمس ولم لا.. أليس هو الذي اختارته من دنيا عامرة بالرجال وهو أيضا حديقتها الناضرة التي غرست فيها بذور الأمل والأمان في هذه الحياة؟ لكن كل شيء انتهي . بل وأصبح ذكريات بغيضة . عندما أدخلت بيديها البريئتين "نار.. مولعة" في تلك الحديقة فأطفات آخر شعاع للشمس وحولتها إلي ظلام!!
***
كانت سامية فتاة ذات خلق من البيت للجامعة ومن الجامعة للبيت هذه الشخصية الملتزمة جذبت إليها مهندسا شابا كان مثلها "خام" وبدون تجارب فأصبح الأثنان مثل "حلة ولقت غطاها" أو كما يقول إخوانا السوريين "حلة ولقت غطايتها".
اهتز قلبها بالحب للمرة الأولي فتعلقت بخطيبها بجنون وبادلها هو نفس المشاعر واستمرت العواطف الجياشة علي حالها عدة سنوات بعد الزواج حتي انتقلت للإقامة في ضاحية قاهرية راقية.. هناك جاءت رياح الحياة بما لا تشتهي السفن وشربت من كأس الغدر والإهمال وخيبة الأمل . حتي الثمالة فقد كان هذا الصنف من الكؤوس متوفرا هناك وبكثرة.
في هذه الضاحية الراقية صادقت سامية سيدات من جاراتها لكنها فتنت بشخصية إحداهن "فاتن" التي كانت في مثل عمرها لكنها علي النقيض منها تماما امرأة مطلقة ذات حسن وجمال وصاحبة تجربة عريضة في الحياة.. باختصار.. أنثي لو عاشت في زمان فحول شعراء الغزل في الجاهلية لكتبوا في وصفها معلقات.
الكرة .. دوارة
ازدادت عري الصداقة بين المرأتين وأصبحتا وكأنهما توأمان يثيران العجب فإحداهما قطة مغمضة تشغلها طلبات الأولاد عن التزين والاهتمام بنفسها والأخري رشيقة وأنيقة ودائما علي "سنجة عشرة" وتفوح منها رائحة عطر باريسي نفاذ تستطيع أن تميزها به حتي بدون أن تراها لكن الأخطر أنها "نِمرة مىتنمِرة" . متمردة وحقودة وتعشق هدم البيوت العامرة.
قالوا لها ناصحين: احذري من هذه المرأة فضحاياها "بيغموا ظلموه" والأمثال تقول عن الأنثي اللعوب : خذي بيدي اليوم.. آخذ زوجك غدا.
* ردت : تزوجنا عن حب وقلبه متعلق بي.
قالوا : لا تطمئني للقلوب فهي دوارة مثل الكرة يوم في ملعبك ويوم آخر في ملعب امرأة غيرك.
* ردت : لا تظلموها.. لم أر منها أي غدر أو خيانة.
قالوا: لم تري الآن .. آه .. لكن مؤكد سترين غدا ونصيحة أخيرة : ليس من الحكمة أن تدخلي بيتك "نار.. مولعة" فهي إما تحرقك أو يخنقك دخانها اللي أسود من قرون الخروب.
غدر وخيانة
لم يتسن للزوجة الطيبة الوقت لتختبر صحة هذه التحذيرات فالنمرة الشرسة لا تحتاج إلي مناورات وتكتيكات لتصطاد زوج صديقتها فسهامها فتاكة "لا تصد ولا ترد" بلغة الكورة والطريدة عديمة الخبرة ثم من يستطيع أن يقاوم هذا الجمال؟
بدون مقدمات عصفت الرياح المحملة بالهباب في أركان البيت الذي كان هادئا وسعيدا.. عرفت سامية باحساس المرأة أن زوجها يهملها دون مبرر واضح بل يكاد لا يشعر بوجودها وبدأ يوجه لها انتقادات قد تصل إلي درجة الاهانة حول إهمالها لنفسها وجسدها الذي "تكعبر" ويعقد مقارنات بينها وبين المرأة الأخري فاتن التي وصفها بأنها "اسم علي مسمي".
كانت تعرف اليد الآثمة التي طعنتها لكنها لم تستسلم وحاولت أن تعرف منه أسباب هجره لها وبعده عنها لعلها تصحح خطأها فكان يجيبها بهمهمات غاضبة وتشويحات رافضة تزيد نار الظنون اشتعالا في صدرها.
مرت الأيام وهي تلاحقه بكل وسائل الملاحقة الممكنة كي تذكره بحبه لها وسنوات العشرة بينهما لكنه كان قد أصبح مثل مصطلح الموبايل "غير متاح" وباتت امكانية استعادته أو التواصل معه ضربا من المستحيلات فالرجل خرج ولم يعد لكنه ترك وراءه جسداً بلا روح مثل "خيال المآتة" ربما كتذكار.
أصبحت لا تري إلا وعيناها فيهما نظرات تعب وعتب.. نظرات تائهة حائرة تكفف الدمع قبل ان يسقط مهزوما.. تتألم في صمت فالاغتراب اشد قسوة من الغربة وتختبئ خلف أسوار ابتسامة باهتة مثل زهرة ذابلة ليس لها من الشكل إلا الاسم وتتساءل: ماذا حدث ولماذا ومتي يعود؟
***
ذات مساء قال انه سيغيب عنها في إجازة زوجية ليستجم.. باغتته وستأخذ فاتن معك.. لم يتفاجأ ووجدها فرصة ل "يشرعن" علاقته بالمرأة الأخري.. قال: المهم أنني لن أقطع عنك "مصاريف البيت"
لم يعجبها أن تعيش مكسورة.. مقهورة أو أن تصبح لاعبا "احتياطي" علي دكة البدلاء وقررت أن تأخذ "مصاريف البيت" بالمحكمة.
قالوا لها: لماذا لم تصبري عليه.. كلها أيام وترميه جنب اللي سبقوه وساعتها لن يجد غيرك.
قالت العلاقة بين الزوجين لا تستقيم بطريقة: "يا طُخّه أو يا اكسر مخه" وبعدين لن آخذ فياضة واحدة تانية.
ردوا بضحكات مجلجلة : نصحناك بعدم اللعب بطريقة هيكتور كوبر مدرب المنتخب المطرود لأنها خسرانة خسرانة فضحكت معهم من قلبها وكانت المرة الأولي التي تضحك فيها منذ شهور فالمصائب تولد كبيرة ثم تتلاشي وتستمر الحياة في مسيرتها.
عريس "رحمة"
كانت "رحمة" الابنة الوحيدة لأسرة تضم 4 أشقاء لكنها لم تكن مدللة . فقد جعلها والدها في خدمة "الديوك" فالبنت خلقت لكي تخدم الرجل أو كما كان يقول إذا عاتبته أمها علي قسوته معها "اكسرپللبنتپضلعپيطلع لها أربعة وعشرين" وهكذا نشأت المسكينة مكسورة الجناح وصامتة وصابرة حتي يأتيها العريس الذي ينتشلها من هذا السجن اللعين.
هدنة مؤقتة
قبل أن تكمل عامها العشرين حصلت علي هدنة مؤقته من هذا العذاب ليس لأن أسرتها غيرت فكرتها تجاه البنات ولكن لأن الأشقاء تزوجوا واستقلوا بحياتهم وانتقل والدها إلي الدار الآخرة تاركا لها شقة في الدار الدنيا تعيش فيها مع والدتها.
وجاءها العريس.. شاب مناسب لا يعيبه إلا أنه لا يملك شقة وراتبه لا يتحمل إيجار شقة قانون جديد فرفضه أشقاؤها رافعين شعار إنه طمعان في شقتها وهي ليس من حقها فيها إلا "السبع" صحيح أنهم لا يحتاجون الشقة لكنه الشرع وكل واحد أولي بحقه والعريس هو المسئول عن شراء شقة الزوجية كما فعلوا وليست البنت.
قالت الأم : لا تنسوا أن المرحوم باع كل ميراثه في أرض والده في البلد واشتري لكم الشقق ولم يترك لشقيقتكم . ولو قيراط واحد . تساهم به في تكاليف الزواج.
قالوا : المرحوم تصرف في ماله وهو علي قيد الحياة وهو حر.
مجتمع ذكوري
كان أشقاء رحمة من النخبة المثقفة في المجتمع . فقد تخرجوا في الجامعة لكنهم في النهاية أفراد في هذا المجتمع الذكوري الذي يخلق نوعا من السيادية داخل وجدان الولد ويرسخ داخل البنت " كسرة " منذ الصغر مما يؤدي الي تصاعد ثقافة عدم المساواة بين الجنسين ويظل الحديث عن تمكين المرأة ومساواتها بالرجل مجرد "ثقافة كلام".
انطوت الفتاة علي نفسها ولعقت أحزانها في صمت وهي تري اشقاءها "يبرطعون" في خير والدها بينما هي صفر اليدين وخالية الوفاض لكنها تحمد الله الذي خلصها من حياة الرق التي كانت ترزخ فيها في حياة المرحوم الذي كان يعاملها كجارية حتي أنه أخرجها من التعليم في المرحلة الثانوية باعتبار أن البنت مسيرها الزواج والقعدة في البيت.. زي أمها.
لكنها لم تكن تملك ميزة تجذب العرسان فجمالها عادي ولا هي موظفة كي تساهم براتبها في نفقات الأسرة والكل يعرف أن أشقائها ينتظرون وفاة أمهم ليبيعوا الشقة .
كانت الأم هي الوحيدة التي تشعر ب "الحسرة" التي تلازم ابنتها وتكاد تقضي عليها فباعت ميراثها في البلد واشترت به شقة صغيرة وأشاعت بين الجيران أنها ستوهب الشقة لابنتها "خالصة مخلصة".
وصدق حدس المرأة صاحبة الخبرة ألا يقولون في الأمثال "شقة وعروسة يارب"؟
بعد أيام قليلة طرق باب ابنتها عريس فالشقة كانت أزمته . مثل كام مليون شاب عانس بحسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء رحبت به الأم وقالت علي بركة الله عقد العريس القران ليربط العروسة اللقطة وكتبت الأم عقد بيع ابتدائي بالشقة لابنتها حتي لا يزاحمها أشقاؤها فيها وكانت تعتزم تسجيله عندما تقوم من "رقدتها" فقد كانت طريحة الفراش لكنها انتفلت إلي جوار ربها قبل أن تكمل مهمتها وفي الحال رفض الأشقاء الاعتراف بالعقد الابتدائي قالوا لها: هنطعن عليه بالتزوير.
أما العريس فقد زاغ وكأنه "فص ملح وداب".. سألوها عنه قالت متهكمة: خاف تطعنوا عليه بالتزوير فبلغ فرار لكنه لم يتركني معلقة وأرسل لي ورقتي!!
طلاق "تكتيكي"
خرجت سلوي من محكمة الأسرة تتأبط ذراع زوجها بعدما كانت علاقتهما منذ دقائق مثل علاقة العرب بإسرائيل.. "مصمص" الناس شفاههم وهم يقولون: صحيح "مفيش حلاوة من غير نار".. لكن النهاية السعيدة لقضية النفقة لم تستمر أكثر من ساعة فبمجرد وصولهما لباب البيت تغيرت "سحنة" الزوج وتحول وجهه إلي لون الهباب من شدة الغضب وقال لها: انت رايحة فين.. مش هتدخلي البيت تاني.. انت في حكم المطلقة والتصالح أمام المحكمة كان "تكتيكي" فقط.. ياللا روحي عند أبيك!!
ثم دخل البيت وأغلق الباب في وجهها وكأنه لا يعرفها.
***
كانت سلوي قد ضاقت من حياتها الزوجية فحماتها تتدخل في كل صغيرة وكبيرة وابنها "شخشيخة". "لا بيحل ولا بيربط" فأمه عنده دائما علي حق سواء ظالمة أو مظلومة فهي سيدة متسلطة بطبعها ونكدية أصلي مش تمثيل كما أنها التي تنفق عليه.
من كثرة المعارك التي خسرتها سلوي تعلمت أن الصدام مع حماتها لن تحصل منه إلا الصدامة والندامة فكانت تقول لنفسها: وطب علي ايه.. الطيب أحسن.
تجملت سلوي بالصبر من أجل ابنتها الصغيرة كانت تريد أن تنمو في حضن أبويها لكن من أجل هذه الطفلة قررت أن تترك بيت الزوجية فقد مدت حماتها سلطاتها إلي الطفلة وقررت أن تربيها بأسلوبها هي.. رفضت سلوي هذا السلوب قالت لحماتها: تحملت الأذي من أجل الطفلة والآن سأترك البيت من اجلها أيضا.
كانت سلوي تعتقد أن زوجها سيبادر إلي ترضيتها لكن الرجل لم يفعل قال لزوجته: كما خرجت من نفسك ارجعي من نفسك أيضا ورفض الانفاق عليها وعلي طفلتها . فلجأت الزوجة إلي محكمة الأسرة تطلب نفقة لها ولصغيرتها.
أمام المحكمة كان الزوج في غاية الرقة اعترف بأنه مخطيء وأنه مستعد لتقبيل الأرض التي تمشي عليها زوجته إذا كان ذلك يرضيها لكي تعود للبيت فالحياة بدونهما هي والطفلة ملهاش معني وتعهد أن يجعلها الملكة في بيتها وأنه أقنع أمه بألا تتدخل في حياتهما من أجل مستقبل الأسرة.
اعتقدت سلوي أن الحب عاد يشتعل في قلب زوجها أو أن أولاد الحلال نصحوا حماتها أن تبتعد عن ابنها وحياته حتي لا تخرب بيته فوافقت الزوجة علي الصلح وقررت أن تعود لبيتها الذي خرجت منه مكرهة وعلي غير رغبتها وكفي الله المؤمنين شر القتال لكن المسكينة كانت تلعب مع الأفاعي لقد كان التصالح مجرد تكتيك . ضمن خطة استراتيجية تهدف إلي تأديبها لأنها تجرأت وخرجت عن طوع حماتها.
اضطرت سلوي للعودة إلي المحكمة مرة أخري لكن هذه المرة لطلب الخلع فلا أمان في جحر الأفاعي الرقطاء أو كما يقولون في الأمثال "من سار مع الأفاعي.. لم يجد إلا العض".
ترويض النمرة
كل ما كان يريده أحمد هو أن يكمل نصف دينه ويتزوج بنت الحلال وهو ونصيبه عرضت عليه أسرته عدة خيارات بأسلوب الخاطبة فتعلق قلبه بفتاة من صورتها وقال "هي دي".
قال له شقيقه الأكبر وهو يداعبه: بلاش تشعلق نفسك بها انتظر حتي تراها أولا فالصورة قد لا تكون شبه الأصل.
لكن كانت المفاجأة . أنها أجمل بكثير من الصورة فقفزت إلي ذهنه عبارة الفنان الراحل عبدالفتاح القصري "يا محاسن الصدف" وأعلن موافقته في الحال علي الفتاة وارتياحه لأهلها وجاءته البشري بالموافقة بعد أسبوع المهلة التقليدي الذي تطلبه في العادة أسرة العروس لأخذ رأي ابنتهم وللسؤال عن العريس.
كانت العروس "بالمقاس" حسب مواصفات فتاة أحلامه لكن يعيبها فقط أنها "دلوعة حبتين" وكانت تريده أن يقول لها "أمين" حتي إذا قالت له علي الأحمر.. أخضر فهي صح وهو اللي عنده عمي ألوان ومع ذلك . كان هذا الدلال علي قلبه زي العسل ولم لا.. فقد قال الحكماء أن المرأة الفاضلة تلهمك والذكية تثير اهتمامك والجميلة تجذبك والرقيقة تفوز بك.
هذا الحال لم يعجب شقيقه قال له شقيقه: اجمد شوية.. لا تضع اللجام في فمك وتتركها تقودك.
رد : لا تقلق.. أعرف كيف أروضها في الوقت المناسب .لكنه في قرارة نفسه كان يتبع مذهب "لاموني اللي غاروا مني" ومن ايده في الماء البارد ليس كمن ايده في النار.
انسحاب تكتيكي
بالغت الزوجة الدلوعة في الدلال . حتي أصبحت في واد وهو في واد آخر وانتهي الأمر بوقوع "أبغض الحلال" الذي أصرت عليه بينما كان علي "نن عينه" لولا تدخل الأهل الذين ضغطوا عليه وأحرجوه وطعنوه في رجولته لكنه احتاط للأمر وسار علي طريقة الانسحاب التكتيكي منحها كل حقوقها لعلها تحملها له جميلة وتعود إليه.
وجاءته البشارة.. اتصلت به وهي تبكي.. أخبرته أنها حامل وترغب في العودة لعصمته حتي لا يخرج الطفل للحياة يتيما وأبوه علي وش الدنيا.
لم يستطع أن يتحمل دموعها.. فدموع المرأة أقوي نفوذا من القوانين وطوفان يغرق فيه أمهر السباحين .. شكرها علي إحساسها بالمسئولية ووعدها أنه سيكون في خدمتها وتحت أمرها وسيلبي كل رغباتها حتي لو طلبت منه أن يرقص تحدي الكيكي.
قال له شقيقه ساخرا: بلاش "تتحدي الكيكي" فيها غرامة كبيرة وحبس.
عمل نفسه "مش واخد باله" من لهجة السخرية وقال: مجرد كلام حلو.. النساء تحب من يضحك عليها.
أعادها إلي عصمته.. كتب لها مؤخر صداق كبير حتي يفكر ألف مرة قبل أن يتخلي عنها حتي لو كانت هي الغلطانة كما قالت له ولأن "الطبع غلاب" فقد عادت ريمة لعادتها القديمة فشل في ترويضها ضاق بدلعها واستهتارها واهاناتها له وطلقها للمرة الثانية.
لكنه في فورة غضبه نسي حكاية "المؤخر الكبير" الذي تلاعبه به الآن في المحكمة.. وليتها "جت علي تحدي الكيكي" فقط ؟!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.