أعطي الإسلام منذ أربعة عشر قرنا حق النساء في الإرث كالرجال, أعطاهن نصيبا مفروضا,علي أساس من العدل والإنصاف والموازنة, فنظر إلي واجبات المرأة والتزامات الرجل, وقارن بينهما, ثم بين نصيب كل واحد من العدل علي أن يأخذ الرجل ضعف المرأة لأنة مكلف بالنفقة علي زوجته وأولاده. ورغم ما حققته المرأة من تقدم في مختلف المجالات فإنها مازالت تعاني من السيطرة الذكورية وعدد من العادات والتقاليد البالية في بعض مدن الصعيد التي ثبت بالاحصائيات والدراسات و العينات العشوائية ان اكثر من90% من نساء تلك المدن لا يرثن ومحرومات من الميراث الذي شرعه الله عزوجل. هذا.. ويعكف المجلس القومي للمرأة حاليا علي تشريع قوانين تسمح و تمكن المرأة من ميراثها خاصة انه لا توجد حاليا عقوبة في قانون المواريث ضد الحرمان من الميراث, لأنة امر يندرج تحت بند خيانة الأمانة, ولذا فإن عقوبة الامتناع عن تسليم الأنصبة هي الحبس المطلق من24 ساعة كحد أدني إلي3 سنوات فقط لا غير. ولذا كان هذا التحقيق: كشفت دراسة حديثة أعدتها د. سلوي محمد المهدي أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب بقنا جامعة جنوبالوادي أن5.59% من نساء عينة عشوائية من مائتي امرأة عاملات وغير عاملات حاصلات علي مؤهلات مختلفة محرومات من المطالبة بميراثهن. الدراسة كشفت أيضا عن أن57% من هذه النسبة طالبن بميراثهن في مقابل43% لم يطالبن. وعن أسباب عدم مطالبة النساء بميراثهن أثبتت الدراسة أن نسبة38% يعرفن يقينا بأنه من المستحيل حصولهن علي ميراثهن في حين أن29% اعتبرن أن تقاليد العائلة تمنعهن من المطالبة بميراثهن, و23% لم يطالبن بالميراث أساسا حتي لا يخسرن أهلهن, و10% جاءت إجابتهن مختلفة و ارتبطت بمبدأ' العيب' بالمطالبة اساسا. حيث يعتبر عدد كبير من عائلات الصعيد ان مطالبة المرأة بحقها الشرعي في الميراث يعتبر جرما شديدا, ويبدأ الأهل بمقاطعتها ومحاربتها اعتقادا منهم بأنها تزوجت من رجل غريب, وإذا ورثت سيعود له ميراث زوجته فكيف يقتسم الغريب أملاك العائلة فأما تحرم من الميراث او تنال( الرضوة) التي تمثل جزءا ضئيلا للغاية من ميراثها. من جانبها اوضحت د. آمنة نصير استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر ان هناك اسبابا جعلت الله عزوجل يشرع ان يكون ميراث الرجل ضعف المرأة و منها انه عليه الكثير من الأعباء المالية غير مطالبة بها المرأة مطلقا مثل توفير المهر والمسكن للزواج, حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم عن جابر رضي الله عنه:' اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بكلمة الله, واستحللتم فروجهن بكلمة الله, ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف'. والرجل مكلف أيضا بجانب النفقة علي الأهل والأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقته, حيث يقوم بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءا منه أو امتدادا له. ولكن كل هذا لا يمنع من ان تحصل علي ميراثها الشرعي, فأصبحت ترث أباها وأخاها وابنها وزوجها بضوابط محددة, ولما كان حق المرأة في الميراث مرتبطا بحقها في النفقة, فإن التوازن بين حقوق المرأة في الميراث والنفقة في الشريعة الإسلامية هو الأساس في التشريع الإلهي في تقسيم الميراث. حكايات من الواقع زينب امرأة من قنا توفي زوجها وترك لها4 أبناء وقد كان يملك شقة ومحلا بنفس العقار الخاص بأهله لتفاجأ بطرد اخوته لها دون أي حقوق. ومن زينب الي هدي من سوهاج وهي آنسة عمرها38 سنة ولديها تسعة اشقاء يقيمون في منزل واحد وظهرت مشكلتها بمجرد وفاة الاب تاركا ميراثا عبارة عن ثلاثة محلات بشادر لبيع الفاكهة والخضراوات ولم يقم اخواتها بالبدء في إجراءات لتقسيم التركة حتي يتسني لهم جميعا الحصول علي حق البنات الشرعي وحين طالبت تم ضربها وحبسها بالمنزل من قبل اشقائها الرجال ووالدتها ايضا. ومن هدي الي الست محروسة التي تبلغ من العمر65 عاما والتي توفي اولادها ولد وبنت وايضا زوجها وترك ميراثا عبارة عن اثنين فدانين ارضا زراعية ومع تقاليد العائلات في صعيد مصر فإن الأرض تظل في يد كبير العائلة وحين قامت بالمطالبة بميراثها الشرعي والقانوني عن زوجها واولادها وهو8/1 التركة عن زوجها و6/1 بالنسبة لأولادها رفضوا مع الاكتفاء بمبلغ شهري لا يمثل اي نسبة من ريع الفدانين. رأي قانوني في دعاوي الميراث من جانبه اوضح المستشار محمد لطفي جودة أن هناك عددا من العقبات التي تواجه اي امرأة ترغب في المطالبة بميراثها مثل: عدم اثبات الميلاد حيث تبدأ معاناة المرأة في الميراث منذ ميلادها عندما ترفض الأسرة تسجيلها وبالتالي لا تملك شهادة ميلاد وتصبح علاقتها بالأسرة علاقة اجتماعية غير مرتب عليها علاقات قانونية مثل الميراث أو النسب أو اي تعامل مع مصالح حكومية حيث إنها لا تملك بطاقة شخصية اي غير معترف بها من قبل الدولة وبالتالي عند بدء المطالبة بالميراث أمام القضاء تفاجأ أولا بعدم قدرتها علي إثبات إنها وريثة بجانب عدم قدرتها علي توكيل محام للدفاع عنها. واضاف المستشار محمد لطفي ان من ضمن المعوقات ايضا عدم وجود مستندات إثبات الميراث حيث تجد المرأة صعوبة في استخراج الأوراق التي تثبت حقها في الميراث وتبدأ الإشكالية من إعلام الوراثة الذي يقيد فيه كل الورثة الشرعيين ولو كانت لم تسجل واقعة ميلادها تصبح كما ذكر في سابق القول غير معترف بها قانونا ضمن الورثة الشرعيين تجد المرأة صعوبة في استخراج الأوراق اللازمة لإثبات الميراث مثال عقود ملكية الأرض أو العقارات حيث تكون في يد كبير العائلة والذي دائما هو الخصم في الدعوي يضاف علي كل هذا طول امد التقاضي وضعف عقوبة المنع او الحرمان من الميراث. ميراث المرأة في الصعيد هذا ولقد اشارت د. فرخندة حسن, الأمين العام للمجلس القومي للمرأة ان حرمان الإناث من الميراث يعتبر ظاهرة تنتشر في مصر خاصة في بعض قري ومدن الصعيد الي جانب المجتمعات الصحراوية التي تري أن المرأة تكون مسئولة من زوجها ولا يحق لها ميراث أبيها خاصة وإن كان الزوج أجنبيا عن العائلة, وهذا يعمق صورة الغربة التي تكون فيها الأنثي إذا ما تزوجت من خارج العائلة مما يجعل الذكور من أسرتها حريصين كل الحرص علي ألا يخرجوا أموال الأسرة لرجل أجنبي,, وهذه النظرة القاصرة قد أبطلها الإسلام بتقريره ميراثا للمرأة قد يصل لعدة أضعاف ما للرجل. في حين انه من المقرر شرعا أن الله سبحانه وتعالي جعل للنساء حقوقا في الميراث من تركة مورثهم' يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف...( سورة النساء الآية11). وبالتالي يتبين لنا من كل ما سبق أن حرمان النساء من الإرث يشكل اعتداء علي المساواة في فرص الحصول علي هذا الحق, المساواة التي نص عليها الدين الإسلامي كما انه لا يوجد توجيه ديني من قبل أئمة المساجد أو القساوسة تجاه هذا الأمر. دور المجلس القومي للمرأة وأضافت د. فرخندة حسن: أن اللجنة التشريعية بالمجلس القومي للمرأة قامت بإعداد مقترح تعديل بعض أحكام القانون رقم77 لسنة1943 بشأن المواريث لترسيخ حق الوارث سواء كان ذكرا أو أنثي من خلال إضافة مادة جديدة برقم49 إلي القانون تنص علي' عدم الإخلال بأية عقوبة اشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من كانت أعيان التركة أو بعضها تحت يده وامتنع دون وجه حق عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي, وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد علي سنة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين كل من كانت أعيان التركة أو بعضها تحت يده باتفاق الورثة وامتنع بغير حق عن تسليم كل وارث نصيبه في ريعها, وفي حالة العود تكون العقوبة الحبس'. كما أشارت المذكرة التفسيرية لهذا المقترح إلي بأن قانون المواريث قد استقي أحكامه من أحكام الشريعة الإسلامية ووقع في48 مادة علي8 أبواب, وقد خلت نصوصه من نص عقابي يوقع جزاء علي من يخالف الأحكام الواردة فيه, ونظرا لشيوع الشكوي التي تتضمن حرمان بعض الأشخاص من الميراث او الريع المتحصل عنه, فقد أتي هذا المشروع بمادة واحدة تضاف إلي قانون المواريث من أجل ضمان تطبيق أحكامه, بهدف القضاء علي ظاهرة الامتناع بدون وجه حق عن عدم تسليم أي وريث حصته في التركة أو نصيبه في ريعها. وقد أكدت الأستاذة الدكتورة فرخنده حسن أمين عام المجلس القومي للمرأة أن مقترح مشروع قانون المواريث الجديد جاء للحفاظ علي كيان الأسرة وانه ليس لصالح المرأة وحدها, كما انه يحافظ علي حقوق الأيتام, وأشارت إلي انه تم إرسال خطاب إلي السيد وزير الأوقاف بهذا المقترح فالمجلس يريد تطبيق الشرع والقانون ومن لا يلتزم به يكون مخالفا للشرع, وأشارت إلي أهمية دور الدعاة في هذا الموضوع. لأن المرأة في كثير من الحالات هي المتضرر الأول من عدم حصولها علي الميراث تحت مظلة الأعراف والعادات والتقاليد التي تستنكف في كثير من المناطق أن يخرج جزء من ثروة الأب إليها والي زوجها خاصة إذا كان الميراث أراضي زراعية, وأكثر هذه الحالات تظهر في صعيد مصر وبعض أجزاء من محافظات مصر المختلفة. ولكن تكمن المشكلة الحقيقية في تطبيق القوانين في ظل مجتمع ترسخت فيه ثقافات متوارثة تتمثل في عدم توريث الفتاة وإعطاء الميراث للذكر, وهنا لا يكفي دور القانون وحده, فيجب القيام بعمل توعية ثقافية ودينية توجه للذكر ليعلم ما له وما عليه وتوجه للأنثي حتي تعرف حقوقها حيث أن كثيرا من النساء في منطقة الشرق الأوسط يشعرن بعدم استحقاقهن ميراثا بعد وفاة الأب أو الأم. جدير بالذكر ان المجلس القومي للمرأة كان له دور قوي جدا خلال عام2009 كان حصاده تمكين المرأة من اداء دورها الاقتصادي من خلال مشاريع المرأة المعيلة و المرأة العاملة ومركز تنمية مهارات المرأة بالإضافة الي مشروعات تمكين المرأة علي المستوي الأجتماعي من خلال برنامج الرقم القومي و محاولات منع العنف ضد المرأة وبرامج تمكين المرأة علي المستوي السياسي من خلال مركز التأهيل السياسي الذي يؤهلها لهذا الدور.