مليارات تضيع سنوياً علي الدولة جراء سرقة التيار الكهربائي وغياب الضمير والوازع الاخلاقي لبعض المواطنين الذين يستخدمون طرقاً للتحايل علي كل شكل ولون لسرقة حق الدولة فيقيمون وصلات في الخفاء لتوصيل الكهرباء بطرق غير قانونية بعضهم يقع في قبضة شرطة المباحث وآخرون ينجون بفعلتهم مؤقتاً وهما منهم بأن مسلسل سرقتهم سيستمر دون حساب. الحكومة أعلنت مؤخراً عن تصديها بحزم وقوة لظاهرة سرقة التيار. كما تمكن قطاع الأمن العام بالتنسيق مع إدارات البحث الجنائي بمديريات الأمن والإدارة العامة لشرطة الكهرباء من ضبط نحو 10 آلاف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة مما يعكس تفشي الظاهرة وضرورة مواجهتها بحزم وقوة. حيل وطرق شيطانية لسرقة التيار الكهربائي منها توصيل التكييف علي الكابل الأرضي وتوصيل الباعة الجائلين الاسلاك علي أعمدة الانارة وتوصيل وصلات سرية وادخالها للمنزل من "المناور" ومن خلف العداد. "الجمهورية" رصدت الظاهرة في عدة أماكن بدءاً من طريق الاوتوستراد حيث ينتشر الباعة الجائلون الذين يتواجدون بجوار اعمدة الانارة للحصول علي التيار الكهربائي ومعظمهم يضع ادواته عل "تروسيكل" ليكون وسيلة الهرب اذا شعر باقتراب الخطر ووقوعه في قبضة الشرطة. تتنوع انشطه هؤلاء الباعة بعضهم يبيع الفاكهة وآخرون تحولوا لسوبر ماركت متنقل وآخرون يقيمون مقاهي علي الطرق أو يكتفون بصناعة المشروبات الساخنة للسائقين. لا يختلف الحال علي طريق أسيوط الغربي حيث ينتشر الباعة ويحصلون علي التيار الكهربائي بنفس الطريقة. المشهد اللافت للنظر هو كورنيش النيل حيث ينتشر الباعة علي الارصفة ويوصلون وصلات مباشرة لاعمدة الانارة فتجد عربات "حمص الشام" تتوهج من شدة اضاءة عشرات اللمبات والتي تزيد قدرتها علي "20 وات" والكثير منها مصابيح نيون عالية الاستهلاك الكهربائي مما يعكس استهتار هؤلاء الاشخاص وعدم اكتراثهم وعلي امتداد كورنيش النيل تجد بعض الباعة حول الرصيف لمقهي حيث تصطف عشرات الكراسي ويتم تقديم المشروبات و"الشيشة" وتجد الوصلات الممتد من الاعمدة لتنير هذه المقاهي العشوائية بعض هؤلاء الباعة يضع ادواته علي ترويسكل ويوصل التيار مباشرة من بطارية التروسيكل دون ان تمتد يده لسرقة التيار من اعمدة الانارة في مشهد يعكس صحوة الضمير لدي هؤلاء الاشخاص الذين يعتبرون استثناء. في جولتنا في القاهرة رصدنا عدداً من الاكشاك التي تبالغ في الانارة بشكل مريب مما يضعها في موضع شك حيث يستخدم الكشك عشرات اللمبات ومعظمها ليست موفرة. تحدثنا مع بعض المواطنين الذين رفضوا ذكر اسمائهم حول سرقة التيار الكهربائي. يقول "ا.م" صاحب محل بعد تأجيري لمحل جديد فوجئت بوجود وصلة خفية صنعها مالك المحل حيث يقوم بالتوصيل مباشرة من الكابل الرئيسي ويقوم بصناعة مفتاح بالقرب من العداد اذا ضغط عليه للأعلي يجعل الوصلة تمر من خلال العداد بشكل شرعي وعند الضغط للاسفل يقوم بسرقة التيار فعندما يشعر بتواجد مباحث الكهرباء يضغط علي المفتاح لتمر الوصلة عبر العداد وعند الاطمئنان يشغل المفتاح. يتابع: علي الفور قمت بازالة الوصلة تجنبا لتحملي المسئولية. "هو انا وحدي اللي بيعمل كده".. والكلام ل ا.ف "صاحب مقلة تسالي" قائلاً اوصل التيار في منزل بشكل شرعي ما عدا التكييف حيث قمت بالحصول علي "شدة" من عمود الانارة الذي يمر بجوار منزلي ولم امررها من العداد فبعض أصحاب المحلات يقومون بقلب العداد القديم ليتوقف عن القراءة. كما ان سرقة التيار في القري أكثر سهولة للاعتماد علي الاعمدة بدلاً من الكابلات الأرضية فمن يريد السرقة ليس عليه سوي الوقوف في "البلكونة" وتوصيل التيار الكهربائي وتمرير السلك من خلف العداد. يتابع: اعرف اشخاصاً يقومون بتوصيل التكييف مباشرة من الاعمدة ويمررون الوصلة من خلف العداد وآخرون يقومون بتوصيل الكهرباء للدور الأرضي بشكل شرعي ويمررون وصلات للادوار الاخري دون ان تمر عبر العداد. الضبطية القضائية واجهنا الدكتور أيمن حمزة المتحدث الرسمي للكهرباء بالظاهرة الخطيرة فأكد ان وزارة الكهرباء تبذل جهوداً كبيرة لمواجهة سرقة التيار من خلال التواصل مع وزارة العدل لمنح الضبطية القضائية لعدد من الافراد في شركات التوزيع الموجودة علي مستوي الجمهورية لضبط المخالفين بجانب جهود مباحث الكهرباء والتي لا تتبع "الكهرباء" ولكن يتم التنسيق معها بشكل مستمر مشيراً إلي أن قيمة سرقة الكهرباء تقدر تقريباً ب 2 مليار جنيه سنوياً. يتابع ان تشديد العقوبة في القانون 87 لسنة 2015 خطوة علي الطريق الصحيح للتصدي بحزم للظاهرة فالقانون يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد علي سنتين وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد علي مائة ألف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين كل من استولي بغير حق علي التيار الكهربائي وتنقضي الدعوي الجنائية في حال التصالح. ويستكمل حديثه قائلاً خصصنا الرقم 121 لخدمة الابلاغ عن التيار الكهربائي كما ان الاحياء لديها آليات لرصد الظاهرة مشيراً إلي ان الوزارة فتحت الباب لتوصيل العدادات الكودية للتسهيل علي المواطنين وقع الطريق أمام سرقة التيار الكهربائي وهي عدادات برقم وليست باسم المستفيد يتم توصيله لحين استيفاء شروط التوصيل أو ازالة العقار لو كان مخالفاً. يضيف ان آخر ميعاد للتقدم لتركيب العدادات الكودية كان في 2018/6/30 وتقدم 2.4 مليون شخص وتم الموافقة علي تركيب 1.2مليون عداد للمستفيدين الذين التزموا باشتراطات معينة تضعها الكهرباء ضارباً المثل ببعض المقاولين الذين يبنون عمارات مخالفة ويبيعون الوحدات السكنية دون توصيل التيار الكهربائي فيحاول المالك التوصيل ولكن لا يوجد مكان مخصص داخل العقار لغرفة المحول ولكن المقاول يتهرب ويصبح الباب مغلقاً أمام توصيل الكهرباء لعدم الالتزام بهذا الشرط. وصلات مسروقة وحول لجوء المواطنين إلي الممارسة لتوصيل التيار الكهربائي. أكد د. حمزة ان الممارسة ليست تقنيناً للمخالفين فهي تصالح للمخالف مع شركة الكهرباء فيتم تقدير قيمة الكهرباء التي يستخدمها موضحاً ان سرقة التيار الكهربائي ينتج من وصلات غير مقننة يتم وضعها علي خطوط الشبكة والتي يتم تصميمها طبقاص لاحمال معينة وعندما يتقدم شخص لتوصيل الكهرباء يتم دراسة الطلب حتي لا تتأثر جودة الخدمة المقدمة. يوضح المتحدث الرسمي للكهرباء ان المسئول عن اعمدة الانارة بالشوارع الاحياء وهي التي تقدر قيمة الاستهلاك للباعة الجائلين مشيراً إلي ان سرقة التيار الكهربائي تشكل خطورة كبيرة سواء في زيادة الاحمال أو ضياع حق الدولة. يعتبر اللواء نبيل الهابط مساعد وزير الداخلية الاسبق ان طريق مواجهة سرقة التيار الكهربائي تشديد الرقابة فطبقاً للقانون تعد جريمة جنائية اذا كان المتورط موظفاً بالحكومة لانه اجدر به ان يحافظ علي المال العام بينما تعتبر جنحة للمواطن العادي. ويتابع ان جهود مباحث الكهرباء مهما كثرت فلن تتمكن من السيطرة بشكل كامل علي الظاهرة فالدولة لن تستطيع أن تمشي مع كل واحد عسكري ولكن مضاعفة الامكانيات ووضع نظام محكم لمواجهة الظاهرة وتطبيق عقوبات وغرامات رادعة يمكن من مواجهة الظاهرة. الظاهرة مستفزة ومنتشر بشكل خطير في الشوارع والأسواق ولابد من مواجهتها بشكل حاسم والكلام للنائب محمد الحسيني وكيل لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان مؤكداً علي أهمية التعاطي بقوة مع توجهات الحكومة في مواجهة الظاهرة والبحث عن أدوات فعالة للتصدي لها بتوفير القوة البشرية اللازمة لملاحقة لصوص التيار في كل مكان. الخطورة جسيمة يري الدكتور مصطفي الشبيني رئيس جامعة المنوفية الاسبق واستاذ هندسة الكهرباء ان مواجهة سرقة التيار الكهرباء بتقنيات فنية مستحيل ولا يوجد سبيل سوي تشديد الرقابة موضحاً ان حيل سارقي التيار متعددة فالباعة الجائلون يقومون بصناعة "مشبك" ويوصل سلكين في الاسلاك الهوائية التي توجد في اعمدة الانارة بالشوارع وهو ما يشكل خطورة كبيرة لا تتمثل في مخالفة القانون فقط ولكن قد تسبب حرائق في الشوارع. يرفض د. الشبيني فكرة توصيل التيار للمخالفين من خلال ما يسمي بالممارسة قائلاً الشخص الذي يستفيد من الممارسة يزيد من استهلاكه بشكل كبير فمن لديه تكييف واحد يزيدهم إلي ثلاثة.