أشعر بغيرة شديدة .. وربما شيء من الخوف.. علي كريمة القرآن مصر ومقامها الكريم.. وعلي ما تم إنجازه ماديا علي أرضها من إبداع سياسي.. وربما يكون مصدر ذاك الشعور هو احتمال وجود غفلة أو عدم كفاية لدراسة صفات وسمات الفطرة الإنسانية بالأفق السياسي العام والخاص .. ونتائج تأثرها بفطرة الحياة الدنيا الفاتنة.. بل وعدم إعقال ذلك بعقال نور حق العلم وسؤال أهل الذكر عن كيفية ذاك الإعقال .. أي.. سؤال أهل العلم الحق بكل مجال عن تلك الكيفية الإعقالية.. وهذا دون إغفال احتساب الأخذ بحق وعدل تطور أغيار الحياة الدنيا وما أحقه ذاك التطور من واقع قوام.. ودون ذلك كله وما يضيفه من إكتمال تكاملي لإستراتجيتنا السياسية.. ¢ستظل لدينا ثغرة استنزافية¢.. ثغرة تتسرب منها إلينا جميع صور وأشكال الفساد المدعوم إنماؤه من داخل وخارج الحدود.. وهكذا تتبدل وتتحور صور وأشكال المهددات لأمننا القومي.. وتتاح لها فرصة ارتداء المزيف من أقنعة إنسانية سياسية.. فكريا أري وأعلم - والله أعلم وأحكم - أن الإنسانية هي.. ¢صفة¢.. نعم صفة لنوعية وكمية وكيفية التفاعل النفسي الآدمي البشري ونتائجه العملية في الأرض والناس.. ¢أي أنها صفة سياسية¢.. صفة قدرها وأبدعها وخلقها أحسن الخالقين سبحانه وتعالي لإحقاق ما شاءه من ابتلاء "اختبار" عبودي في الأرض والناس.. صفة وصف الله جل شأنه خلقها التواجدي بالضعف حين قال.. ¢وخلق الإنسان ضعيفا¢ "28/النساء".. صفة تخيرها آدم وورثها لذريته إلي يوم الساعة حين حمل الأمانة التي لم تعرض عليه.. نعم.. تخير الضعف الذي انتقص اكتمال وجمال حسن خلقه الذي سجدت له الملائكة.. الضعف الذي أخرجه من الجنة وهبط به إلي أرض العداء البيني البعضي .. ¢نعم هبوط مشفوع بالعداء البعضي البيني¢.. وهكذا بات علي كل عاقل منا محاولة الإنسلاخ السياسي من ظلمة جهالة الضعف الذاتي الإنساني.. وهذا هو الاختيار العبودي .. ودون ذلك يظل التراكم والتراكب السياسي محصورا في بوتقة الضعف الذاتي الإنساني المظلم بجهالته.. وهذا ما يحرص عليه إبليس عدو البشرية المبين ومن خلفه حزبه الشيطاني من الإنس والجن.. حزب الشر بإستراتيجيته السياسية وسعيه إلي الهيمنة والاستحواذ علي كل مصادر القوة بالبغي والعدوان.. وهذا ما نعايشه دوليا أمس واليوم وربما وغدا.. في إطار المطروح العلمي السياسي السابق.. نسأل.. ماذا لو أتينا بفرد من كثرتنا الإنسانية الغارقة في ظلمة وجهالة ضعفها العلمي والثقافي والأخلاقي.. ووضعناه في وضع مواجهة مع قهرية قانون سد احتياجاته المادية والمعنوية.. أي.. وضعناه في مواجهة مع حرصه الشديد الفطري علي البقاء .. في حين سبل الفساد مفتوحة وميسرة أمامه.. وهو يري فيها ليس بقاءه فقط بل ربما قوة واستدامة رفعة بقائه.. فما الذي ننتظره ونحن نجهل أولويات دوافع النفس الإنسانية المحكومة بصفات فطرتها.. وكذا محاولتها الحفاظ علي إتزان بقائها في إطار ما يحيط بها من مهددات موازين القوي الإنسانية الأخري التي تري أي إختلاف عقائدي مع معتقدها السياسي هو مهدد لاستدامة بقائها أيضا.. وهنا مكمن ومنبت صور العداء البعضي البيني المتعددة والعديدة .. ¢أي المتطورة بحداثة تعددها¢.. والتي تبدأ بالمكايدات المختلفة الأشكال وتمر بالثورات وتنتهي بالحروب وسفك الدماء.. وما من شكل من تلك الأشكال يبدأ وينتهي إلا بصورة إبداعية من صور الفساد.. وما الفساد سوي.. ¢شذوذ الأمر أو الشيء عن صلاحية خلقه وتوظيفه¢.. أي شذوذه عن.. صلاحية نوعيته أو صلاحية مقدار كميته.. أو صلاحية كيفية توظيفه.. ومن هنا.. ندرك ما الذي يتحتم إصلاحه إن شئنا استواء الإصلاح وبلوغ الصلاحية.. مع نهضة محمد علي عام 1805 المستهدفة الإتزان بالحداثة وقوة الردع.. ¢بدأت المكايدات لمصر الحديثة¢.. والتي بتوظيف المفاسد .. شهدت مصر ثورات وحروبا ثم ثورات كثيرة كان أخرها ثورة.. ¢30 يونيو عام 2013¢.. هكذا وبالقياس العلمي نستطيع إقرار حقيقة أن العديد من صور الفساد قد أصابت سلامة .. واستواء .. وصلاحية.. قدر مصر القرآني الكريم بشيء من التلوث الشاذ.. وبات علي حضورنا وما نملكه قدريا خلقيا من حضارة أن نواجه تلك الحقيقة المكتسبة سياسيا - ويرفض القلم تسميتها بالحقيقة الموروثة - حتي يظل أمل إصلاحها قائما بإذن وفضل الله سبحانه وتعالي وهو القادر علي كل شيء.. فقط علينا إخلاص النوايا والسعي الجاد لإحقاق الحقوق .. حينها سيتيسر الإصلاح والاستشفاء من مرض الفساد.. وإلي لقاء إن الله شاء ملاحظة هامة سنحاول إن شاء الله في المقالات القادمة ذكر أمثلة من صفات الإنسان وفساده الذاتي النفسي عسانا ندرك ما خفي منا عنا.. فنسعي لإصلاحه..