قبل أن نأتي إلي البند .. ¢سابعا¢.. من حديثنا عن المحتوي النفسي لأي.. ¢إدارة سياسية¢.. أتوقف أمام ما كتبته بملاحظة ختام المقالة السابقة والذي قلت فيه.. ¢بالسياسة يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.. ويخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.. نعم فداء مكر وخداع السياسة الإنسانية هو.. ¢غي هوي ذاتية الانسان¢.. وحينذاك.. خلت قارئاً عزيزاً يسألني قائلا .. ¢أراك تتبرأ من مكر وخداع السياسة الآن.. بينما كنت دائما تستوجب وجودهما بالسياسة.. بل وفي كتابك البحثي عن حرب أكتوبر عام 1973 قد امتدحت الخداع الاستراتيجي للرئيس السادات .. فكيف تفسر ذاك التعارض.. وهل هو من غي هوي ذاتيتك الانسانية..؟؟ 1- سواء كان مقصد السؤال استفساريا أو استنكاريا أو تعجبيا.. فهو حق مفروض وشرع مرغوب.. وذلك لاقرار الاستبيان والتصويب.. وكذا الوجوب محاسبة كل منا لنفسه تفكرا وتدبرا واعقالا بمقياس الحق قبل أن يقول أو يكتب ما من شأنه التأثير في أنفس الأخرين.. حرصا علي تكاملية استواء وعي الوجدان العام العلمي والثقافي والأخلاقي سياسيا.. ووقايته من خلط وغلط الفتنة وضلال الانحراف.. ودرأ للإستخفاف السياسي.. 2- أكرر مؤكدا بإذن الله.. أنه لا يوجد بالدنيا إنسان مطهر من الذاتية .. وذلك منذ أدم حين صار إنسانا بحمله ما لم يعرض عليه من أمانة.. وحتي أخر إنسان تقوم عليه الساعة.. وذلك لأن ذاتية الانسان هي بيت قصيد مشيئة الله في ابتلائه.. واحقاق ذات المشيئة في إختياره العبودي المستحق.. ولكن.. بقوامة رحمة الرحمن سبحانه وتعالي.. ثم ببيان وتفصيل رسالته.. ثم بتقوي صفاء إيمان الانسان بإختياراته.. ¢تتحدد نوعية وكمية وكيفية ذاتيته¢.. حتي تتقوقع بتواجدها في ذات الصفاء والرجاء والدعاء الايماني بالله جل شأنه.. والناس بذلك مستويات وكل مستوي درجات وكل درجة مقامات.. ولكل واحد مقام معلوم.. 3- الخير والشر تقديرهما من الله.. ولكن.. الخير هو عطاء من الله برحمته وبقدر تقوي الطاعة الإيمانية بالنفس وسياستها في الناس وخلق الله جميعا .. أما الشر هو اكتساب اختياري من الإنسان.. ولذا يقول الله عز وجل.. ¢إن الخير من الله والشر من أنفسكم¢.. إذن.. مادام في رسالة الله لنا..( القرآن )ذكر لمكر وخداع من الله.. فعلي من آمن بالله وصافاه اختيارا أن يتحري خير ذاك المكر والخداع والتدافع به في وجه سياسة مكر وخداع المبطلين حتي لا تفسد الأرض.. وهذا بعض من الدفع بالحق علي الباطل كي يدفعه فيصبح زاهقاً.. وهكذا كان الخداع الاسترتيجي بحرب عام 73 ونصر الله به لمصر السادات رحمة الله عليه.. إذن.. نوعية أي شيء هي التي تحدد كيفية وكمية الأخذ أو عدم الأخذ به.. ولا ننسي أن السيئة بمثلها.. والعفو عند المقدرة.. سابعا.. بكل ما سبق ذكره عن المحتوي النفسي العقائدي الحاكم.. ¢للادارة السياسية¢.. التي تبدأ بالذاتية الفردية شعوبيا ثم تتبلور في مستوي إدارة الدول سياسيا.. ¢والغلبة للأقوي فيها وبها¢.. سواء كانت تلك القوة قوة حق أو قوة باطل .. قوة أسباب ومسبب أو قوة أسباب فقط.. قوة سد إحتياجات مادية ومعنوية بالدنيا والأخرة معا أو بالدنيا فقط.. قوة تدافع عن الحق وإعلاء عدله أو قوة بغي وعدوان لإعلاء الإستحواذ الذاتي وهيمنته .. وحينئذ.. ربما يقول لي قائل.. إن الواقع الحالي الدولي المفتون .. والذي لا يستطيع أحد التمييز بين القوتين فيه.. فكل قوة منهما تدعي السعي لإعلاء عدل الحق.. وكل قوة ترتكن لمحتوي معتقدها وتدعي أنه الحق بل الأحق.. فكيف نميز الباطل من الحق..؟؟ ثامنا.. إجابتي الشخصية عن السؤال السابق هي.. ¢من خلال توصيف وأثر توظيف نتائج كل قوة في الأرض والناس¢.. وأن يكون مقياس التوصيف وأثار التوظيف هو.. ¢عمارة الأرض بما ينفع الناس¢.. ولكن أيضا سيقول لي قائل .. إن ما تطرحه من مقياس هو في حد ذاته يتحمل تحديد النسب والنسبية.. فأي أرض وأي ناس.. ولو افتراضنا أنها كل الأرض وكل الناس.. فأي إدارة سياسية واحدة سيكون لها الحكم.. وبأي سبيل ستصل تلك الادارة إلي حكم الأرض وما فيها وعليها من إختلاف وخلاف ناس.. ¢وبأي سند قوة¢.. أراك تعود بنا إلي واقعنا المشهود وإدعاءات كل قوة دولية فيه.. بأنها الأحق والأقدر علي عمارة الأرض ونفع الناس برؤية محتوي إعتقادها النفسي.. تاسعا.. أري شخصيا - والرؤية الحق لله - أن كل إدارة سياسية مسئولة مباشرة عن عمارة أرض دولتها ونفع شعبها.. وفي حدود أسباب إمكانيات علمها وخبرتها الادارية لامكانيات أرضها وشعبها.. دون أي بغي ولا إعتداء علي غيرها من الدول.. بل عليها السعي الجاد للتكامل النفعي مع الدول الأخري.. فلو صح ذلك وتمدد صلاح نفعه .. صارت العمارة تشمل الأرض كلها وعم النفع كل الشعوب.. ولكن.. علي تلك الإدارة أيضا الأخذ بقول الله تعالي.. ¢وأعدوا لهم ما إستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وأخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون..¢ .."60/الأنفال".. نعم.. فعدة القوة الشاملة هي.. ¢ردع¢.. لأطماع بغي وإعتداء استراتيجيات الاستحواذ وهيمنته الباطلة .. وهذا الردع هو في حد ذاته الداعم خيرا للتكامل النفعي .. خاصة إن كانت تلك الادارة السياسية .. تحق الحق الشخصي والعام.. وتفعل ما تقول.. ولا تسعي لزعامة ذاتية شخصية.. وتدرك أن السياسة عبارة عن سلسلة حلقات تاريخية متصلة ومتدافعة بخيرها وشرها وليست حلقة واحدة هي حلقة زمن حكمها وما قبلها عدم وما بعدها الندم..إلخ.. ونكمل فيما بعد إن شاء الله ملاحظة هامة.. الدائن للناس جميعا هومن أحياهم من بعد موت وأتي بهم من العدم.. وهو سبحانه من أمرنا بألا نقع في خيانة نسيان الحق وإحقاقه .. ونسيان الفضل بيننا.. بقلم اللواء / محمود زاهر مفكر سياسي إستراتيجي