بناء الدول لا يكون بمجرد الكلام ولا الأحلام ولا الأماني . فلا بد من جهد وعرق وبذل وتضحية . يقول الشاعر: بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يُبْن مُلْكى علي جهلي وإقلالِ ويقول الآخر: أروني أمة بلغت مناها بغير العلم أو حد اليماني إشارة إلي الجمع بين العلم والقوة مع العمل والإنتاج فالأمم التي لا تقوم بإنتاج مقوماتها الأساسية وتكون عالة علي غيرها لا تملك كلمتها ولا استقلال قرارها فالدين والوطنية معا يتطلبان منا الجهد والعرق والعمل والإنتاج ولا سيما أن ديننا هو دين العمل والاتقان يقول الله عز وجل: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"پالملك 2 ويقول سبحانه : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَي ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواپالْبَيْعَپذَلِكُمْ خَيْرى لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَپ*پفَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُپفَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِپاللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَپ*پوَإِذَا رَأَوْاپتِجَارَةًپأَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرى مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" الجمعة 9 -11 ويقول نبينا صلي الله عليه وسلم : "مَا أَكَلَ أَحَدى طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ . وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ " "رواه البخاري". ولم يطلب ديننا منا مجرد العمل إنما يطلب منا العمل المتقن حيث يقول الحق سبحانه: "إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا" الكهف 30 ويقول نبينا صلي الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" رواه الطبراني. وإلي جانب العلم والعمل لا بد من الولاء والانتماء للوطن وإيثار المصلحة العامة له علي المصالح الخاصة والشخصية . وإدراك أن مصالح الأوطان من صحيح مقاصد الأديان . وأن كل ما يدعم ويقوي الدولة الوطنية هو من صحيح مقاصد الأديان وأن كل ما ينال من قوة الدولة أو كيانها إنما يتنافي مع كل الأديان والقيم الوطنية والإنسانية ولنعلم أن التضحية في سبيل الوطن والشهادة في سبيله إنما هي من أعلي درجات الشهادة في سبيل الله عز وجل وكما تبني الأوطان بالعلم والعمل والفداء والتضحية في سبيل الوطن وحسن الانتماء إليه فإنها يجب أن تبني - أيضًا - علي القيم والأخلاق النبيلة فالأمم التي لا تقوم ولا تبني علي القيم والأخلاق إنما تحمل عوامل سقوطها في أصل بنائها وأسس قيامها فما بالكم وديننا دين القيم والأخلاق؟ وبعثة رسولنا صلي الله عليه وسلم كان الهدف الأسمي منها هو إتمام مكارم الأخلاق؟ حيث يقول صلي الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" مسند البزار وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: "تقوي الله وحسن الخلق" ويقول صلي الله عليه وسلم: " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا" ويقول: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاقًا" جامع الترمذيپوروي الإمامپمالكپفي الموطأ أنپمعاذ بن جبل قال:پآخر ما أوصاني به رسول الله صلي الله عليه وسلم حين وضعت رجلي علي الرحل أن قال: "أحسن خلقك للناس يا معاذ" وقال صلي الله عليهپوسلم: "ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق" ويقول صلي الله عليه وسلم: "اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ . وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا . وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقي حَسَني" رواه الترمذي ويقول الشاعر: و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا