قد ينزعج البعض من المشهد الانتخابي المصري. بل وقد يتقوَّل البعض أن ذلك الاستحقاق الرئاسي المرتقب محسوم مسبقاً. حيث لا تنافس فيه. ولكن أقول لهم جميعاً.. إن علينا التمعن في جوهر المشهد وتفكيك عناصره. ثم إعادة تركيبه بشكل منطقي كيلا يلتبس علينا الأمر. ونردد أقاويل ممجوجة لا هدف من ورائها إلا إضعاف الثقة بين المواطن ودولته. الديمقراطية تصف حكم الشعب.. جوهرها تحقيق الإدارة الجمعية لأغلبية الشعب. ذلك هو مقصد الديمقراطية. وليس مجرد تجميع أوراق اقتراع داخل صناديق لخلق مشهد يرضي المراقبين. والتساؤل المنطقي: هل تحوز السياسات العامة للدولة المصرية علي حالة رضاء عام أم سخط عام؟!.. بل.. هل بقاء السيسي لدورة رئاسية ثانية يجيء متوافقاً مع أغلبية الإرادة الشعبية التي لا تخطئها عين مراقب منصف؟!.. إذا كانت الإجابة بنعم.. فهذا هو جوهر الديمقراطية. وفيه تحقيق لمقصدها الرئيسي. ألا وهو الرضاء الشعبي النابع من إرادة حرة. القوي الدولية دائماً تستخدم الديمقراطية كورقة ضغط علي الأنظمة الوطنية التي تأبي الانصياع الكامل لها. والتي لطالما تجاهلت الخصائص المنفردة للمجتمعات الشرقية عامة و"العربية خاصة".. وتغافلت عن تباين سمات الشعب العربي مع نظيره الغربي. كما تناست عمداً الاختلاف الواضح بين منظومة القيم في كلا المجتمعين. وتجدر بنا الإشارة إلي ذلك البحث المتفرد الذي قدمه الرئيس أثناء فترة دراسته للزمالة في "كلية الحرب العليا" في بنسلفانيا 2006/2005 حيث درس مواد متخصصة مثل: التفكير الاستراتيجي. صياغة سياسات الدول. بالإضافة لمادة متخصصة عن العلاقة العضوية بين الجيش والحياة المدنية أثناء أطوار التحول الديمقراطي. وقال السيسي في نتائج وتوصيات بحثه ما يلي: * الديمقراطية هي أفضل السبل لمنطقة الشرق الأوسط. بشرط ألا تكون علي نسق الديمقراطية الغربية. * عدم إغفال الدور المحوري للأديان في نفوس الشعوب العربية. ولابد من تحسين المستوي المعيشي للمواطن.. كيلا يتم استغلال الوضع الاقتصادي الصعب للمواطنين لتحقيق أهداف تنحرف بالمسار الديمقراطي عن هدفه. * إن الصراع العربي الإسرائيلي سيعمل علي إبطاء نشوء الديمقراطية في الشرق الأوسط. فوجود إسرائيل بالمنطقة والدعم الغربي لها يثير الشكوك بين العرب حول طبيعة الديمقراطية المنشودة. * * * في الواقع.. يصعب علينا حصر النقاط الجوهرية في ذلك البحث الذي استشرف المستقبل واستطاع فهم المخططات الغربية لعالمنا العربي منذ "12 عاماً". وكذلك كان يمتاز بالجرأة علي قول الحق. حيث لم يخف انتقاده الشديد لطريقة الولاياتالمتحدة في محاولة فرض النسق الغربي للديمقراطية علي الوطن العربي. ولقد قال البروفيسور "ستيفن جيراس" الذي عمل كأستاذ أكاديمي للسيسي في كلية الحرب العليا عام 2006.. واصفاً السيسي في مجلة "الفورين بوليسي 2013": "لقد كان ضابطاً ذكياً وجاداً. لذا أتقن المواد الدراسية وتمكن من امتلاك أدوات التطور المهني في المجالين العسكري والاستراتيجي". تلك هي رؤية الرئيس المبصرة منذ عقد ونيف من الزمن. وكانت توصيته واضحة دون أي التباس. وليتهم اتخذوا منها منهاجاً. فالرئيس يؤمن بالديمقراطية. ولكن ليس وفق النسق الغربي. فهو يؤمن بالشعب وإرادته. ويعمل علي تحقيقها.. وعلي شعبنا العظيم أن يشارك في الانتخابات الرئاسية بقوة. ويقف خلف الزعيم من أجل الوطن.