واحدة من نتائج حرب "سيناء 2018" أنها انهت الأحاديث الطائرة. عبر عدد من مواقع "التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الاخبارية" التي تستفي موادها من صفحات الفيسپحول ما أطلقوا عليه المصالحة مع الإخوان.پهؤلاء جميعا فتحوا علينا. قبل بدء المعركة. نيراناً كثيفة من الحديث حول "المصالحة" بين الدولة وجماعة الإخوان الإرهابية. والغريب أن بعض تلك المواقع راحت تأخذ رأي عدد من الأفراد اطلقت عليهم أعضاء بالجماعة حول تلك المصالحة. وإذا بعضهم يفرض شروطا ويضع طلبات. ونسب إلي جمال حشمت. عضو مجلس شوري الجماعة الهارب. أنهم لايفكرون في المصالحة ولكن لامانع لديهم من التدخل لإنهاء الأزمة في مصر. الواقع أنهم هم الأزمة. من ألفها إلي يائها. وتحدثت زوجة أحد اعضاء الجماعة قائلة بصدق "فيما نتحدث.. لم يعرض علينا". الحديث عن المصالحة ليس جديدا. طرح بعض الشخصيات العامة. مبادرات من هذا النوع. والحكاية أنه منذ 3 يوليو 2013. حين قرر الشعب المصري عزل جماعة الإخوان من السلطة. لم تنزل الجماعة علي حكم الشعب. وأعلنت الحرب علينا. ومازلنا نتذكر منصة رابعة العدوية. التي هددوا الشعب المصري من خلالها. وصدرت عنهم جرائم كاملة. ورغمپأن الرؤية الصائبة كانت تفرض فض بؤرتي رابعة والنهضة يوم 2013/7/3 لحظة إعلان عزل مرسي. فان الدولة أثرت السلام والمصالحة. بل صدر في يوم 4 يولية تصريح رسمي يقول إن الدولة لن تسمح باهانة شباب الحركة الإسلامية. في اشارة إلي أن الدولة تريد أن تسير الأمور بسلام. غير أن الجماعة أبت وأصرت علي العنف. وتباطأت الدولة في فض رابعة. وطلبت من بعض العناصر التدخل للتهدئة واستعداد الدولة للقبول بكل ما يتفق عليه الوسطاء. وإلي اللحظة الأخيرة اصرت الجماعة علي العنف. وتبين فيما بعد. أنهمپ كانوا يستندون علي دعم أجنبي.پمن الإدارة الأمريكية تحديدا واذرعها في المنطقة. وكان التخطيط أن يظلوا في رابعة. ويعلنونا من هناك تشكيل حكومة. فتصير في مصر حكومتان. مما يقتضي دول العالم ومجلس الأمن إلي التدخل للفصل وللتحكيم بين الحكومتين. بما يعني أن يظل الإخوان. إلي النهاية وبشكل ما. في الحكم ورغم علم الدولة بتفاصيل كل ذلك.پلكن الدولة فضلت المصالحة وحل الأمر وديا. وينسي كثيرون أن اجتماع 3 يوليو وجهت الدعوة إلي د.سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة. حزب الإخوان للحضور ولم يحضر ولمپيعتذر. ولو أنه كان موجودا لناقش الجميع ومواجهتهم في أي قرار يتخذ. لكن الجماعة قاطعت. ومن ثم لم يعترفوا بهذا الاجتماع ولا بالقرارات الصادرة عنه. وكان حاضرا به كبار المسئولين في الدولة وعدد من الشخصيات العامة بدءا من السيد وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي. وشيخ الأزهر وبطريك الكنيسة ود.محمد البرادعي. وعدد من ممثلي الأحزاب فضلا عن مجموعة من شباب تمرد. القطيعة بدأت منهم. والعداء هم الذين أعلنوه.. وبعد فض بؤرة رابعة الإرهابية وكذلك النهضة. راحوا يستعدون العالم علينا. وطالبوا بتدخل الولاياتالمتحدة. وعقب صلاة عيد الفطر المبارك. خرجت مظاهرة إخوانية تهتف "واحد.. اتنين.. الأسطول السادس فين". كانت المظاهرة في مدينة المنيا. ومرت الأيام كانت فترة صعبة. كشفت الجماعة عن وجه بالغ القبح والمرواغة سياسيا وإنسانيا ووطنيا أيضا ودينيا. ولذا تركوا مرارة حقيقية داخل المصريين. ما تعرضت له مصر والمصريون من عنف الجماعة وإرهابها. صيف سنة 2013 ولعام بعدها. وإلي يومنا هذا. يفوق ما تعرضنا له من الإنجليز طوال 74 سنة من احتلالهم مصر. وما تعرضنا له من إسرائيل سنوات الحرب معها. وأتمني لو أن فريقا من الباحثينپرصدوا الدعاية السوداء التي شنتها إسرائيل وموشيه ديان نفسه علي الجيشپالمصري بعد حرب يونية 1967 والدعاية السوداء التي تشنها الجماعة الإرهابية علي جيشنا منذ 30 يونية وحتي الآن. وسوف نجد إن الإسرائيليين. كانوا تلاميذ صغار في الكراهية والتشهير أمام أبواق الجماعة: أن الشيطان نفسه يبدو طيبا إلي جوارهم. وربما لم يشاهد المواطن المصري في تاريخه مواطنين يلقون من فوق أسطح المنازل. إلا علي يد الجماعة الإرهابية في الاسكندرية. ولم نشاهد أبراج كهرباء تدك علي هذا النحو في عصرنا إلاپمع غلمان الجماعة. لكن الشعب المصري تحمل بقوة وبسالة. وكانت الدولة المصرية صلبة وقوية بمؤسساتها. سواء في عهد الرئيس عدلي منصور أو الرئيس عبدالفتاح السيسي. لم تصد الدولة وتصمد فقط . لكنها راحت تعيد البناء وتقتحم المناطق الخطرة في التنمية والاقتصاد وإعادة تجهيز ورفع كفاءة البنية الأساسية. فعليا حاولت الجماعة كسر الدولة وإسقاطها. وحاولت كذلك ترهيب الشعب المصري وإذلاله. ولما فشلت في ذلك. أخذنا نسمع عن مبادرات المصالحة. أكثر من مبادرة.پطفت علي السطح. كانت واحدة من أشهرها تلك التي طرحها د.سعيد الدين إبرهيم. ولا أتصور أن د.سعد أقدم علي هذه المبادرة دون أن يكون تشاور أو تحدث مع عدد من قيادات الجماعة أو المحيطين بها. ومع كل مبادرة من تلك المبادرات أو الحديث عنها.. وكانت تطرح معظمها في وسائل الإعلام. كان الرأي العام يصاب بالفزع ويستنكر بشدة. بعض من يمكن أن نسميهم "الممتعضون" من الوضع الحالي في مصر. والامتعاض درجة بين المعارضة والتأييد. يتهمون المزاج العام في مصر أن به نوازع فاشية وبات يرفض الاختلاف. وأظن أن ذلك التوصيف غير دقيق فما عاناه المصريون ورأوه بأعينهم. من الجماعة لايدخل في باب الخلاف السياسي ولا المعارضة. ما تقوم به الجماعة هو التدمير والسعي لإسقاط الدولة بأي شكل والمساس بحياة المواطنين وأقدارهم. تدمير أبراج الكهرباء لايضعف الدولة لكنه قبل كل هذا أو بعده. يربك حياة المواطن العادي. ويغير طابعها تماما. إحراق الكنائس وقتل المصلين داخلها. يحرج النظام نعم. لكنه يفتح الباب واسعا أمام الطائفية والمس بالتماسك الاجتماعي. فضلا عن أنه يقدم الذرائعپللتدخلات الدولية والأجنبية في حياتنا ومصيرنا. ومن هنا فإن الاعتراض الشعبي علي المصالحة. لايتأتي من فراغ. ولكن من الخبرة الأليمة لعنف وإرهاب الجماعة. الذي أصابنا جميعا. ويبدوپأن الأمر ليس داخليا. فهناك جهات دولية وإقليمية أيضا يهمها بقاء الإخوان في المشهد. وعودتهم لتشارك في السلطة. علي غرار ما كان حادثا زمن الرئيس الأسبق مبارك. وإن كانوا هم يشيعون عكس ذلك. ففي أكثر من مرة. في زيارات السيد الرئيس للخارج ومن وسائل إعلام أجنبية يطرح عليه سؤال المصالحة.. وإجابته دائما صريحة ودقيقةپوهي أن أمر المصالحة متروك للشعب المصري وللمصريين عموما. وهذا صحيح. معركة الإخوان هذه المرة ليست مع النظام وحده. لكن مع الشعب مباشرة. داخليا قرأت لاثنين من كبار كتابنا. احدهما تمني أن يتم التعامل مع الإخوان بطريقة الرئيس مبارك "اضرب ولاقي" أي تقبض علي بعضهم وتسمح لبعضهم الآخر بدخول البرلمان. والمقال الثاني ذكر صاحبه أنهپجمعته جلسة مع عدد من مسئولين سابقين. طرحوا نفس الفكرة التي وردت بالمقال الأول. والحق أن طريقة الرئيس مبارك في التعامل معهم مكنتهم من مفاصل البلد.. وهيأت لهم السبل لالتهام النظام بأكمله. وفي النهاية لعنوه وتنكروا لكل ما قام به نحوهم. كما فعلوا من قبل مع السادات وعبدالناصر والملك فاروق. الواضح علي الأرض أنهم يخسرون يوميا. هناك بلد يستقر. ودولة تتحرك إلي الأمام ومشروع وطني يتحرك علي الأرض. وأثبت المصريون تجاوبا كبيرا مع هذا المشروع وساندوه بقوة. ويعز علي الإخوان أن يحدث ذلك. ودورهم أن يفسدوه بالإرهاب إن أمكن. فإن لم يتمكنوا يكون بالتسلل والتغلغل داخله. والجديد الآن هو الانتخابات الرئاسية. هي الفرصة التي انتظروها . للتشهير بالدولة وابتزازها ثم التسلل إليها.. وجدوا هدفهم- أولا حين أعلن الفريق أحمد شفيق "نية" الترشح. فسارعوا إلي إعلان مساندته والوقوف معه. هو نفسه الفريق شفيق. الذي قالوا عنه سنة 2012 إنه سوف يلغي آيات من القرآن الكريم!!! ثم احبطوا لما تراجع الفريق شفيق. وعدل عن نيته. وكان عدوله صائبا. فقد ابتعد عن البلاد خمس سنوات كاملة. تحركت فيها الأمور وصرنا أمام واقع لم يشارك هو فيه ولم يكن شاهدا عليه. استراح الرجل وأراح لكن الإخوان لايهمدون. تجددت فرصتهم. التي حلموا بها. لما أعلن الفريق سامي عنان أنه قرر خوض الانتخابات وأذاع بياناً. اشتم الإخوان في بعض جمله أنهم يمكن أن يعودوا. ولم يكن رجلهم المستشار هشام جنينة بعيدا عن هذا البيان. لذا أعلنوا بيانا رسميا. أذاعه يوسف ندا أحد قياداتپ التنظيم العالمي للإخوان. وربيب عدة أجهزة مخابراتية غربية.. جاء في البيان استعداد الجماعة لمساندة الفريق عنان. ثم وضعوا شروطا لتلك المساندة. يعنينا منها في هذا المقال. بند واحد يتحدث فيه ندا عن "تنازل محمد مرسيپ للأمةپ المصرية".. هذا يعني أن الإخوان يريدون لنا أن نلغي تماما 30 يونية و3 يولية وماجري لنا من الإرهاب والإرهابيين وأن نتنازل عن دماء شهدائنا وأبنائنا. ونسكت عنپحق جرحانا.. باختصار نسقط من تاريخنا وحسابنا خمس سنوات كاملة. من يونية 2013 وحتي يونية 2018 وهذا هو الجنون بعينه!! هذا الشرط يكشف حقيقة موقفهم وأفكارهم تجاه الشعب المصري. تجاهنا جميعا. محمد مرسي سقطت شرعيته تماما منذ يناير 2013. أي قبل 30 يونية. حين صدر حكم محكمة الإسماعيلية بإدانته شخصياً في جريمة فتح السجون. كان الحكم نهائيا وباتا. وكان يجب أن يتقدم باستقالته يومها لو كانوا ديمقراطيين هم وأعوانهم. وندخل في انتخابات جديدة. لكنه لم يفعل. وكان يجب أن يتقدم باستقالته مساء 30 يونية. بعد أن رأي الحشود ضده. لكنه راح يهرف كالببغاء بكلام لا معني له. وحتي لو لم يكن هناك 30 يونيه ولا 3 يوليو فإن مدة مرسي كانت تنتهي في يونية 2016 فيما لو أكمل مدته. أما أن يأتي يوسف ندا. ويضع هذه العبارة. فهذا هوپالجنون والتحجر بعينه. ومن أسف أن صدر رد من حملة الفريق عنان يقول إن الحملة ستدرس هذا البيان أي أن الأمر مطروح للنقاش!! وحدث ماحدث ولم يتم الفريق عنان الترشح. إذ لم يكن استكمل إجراءاته مع القوات المسلحة. هنا واصلت ميليشيات "الفيس بوك" الحديثپبالنسبة للمصالحة. والعادة في هذه الأجواء أن تضغط هذه الميليشيات لتعطي ايحاء بأن الرأي العام مشغول بقضية ما أو أن هناك طلبا اجتماعيا في أمر ما. وينتقل الأمر منهم إلي بعض المواقع الإخبارية وبعض برامج "التوك شو" وهكذا يحدث مايطلق عليه بعض الفلاسفة "التشكل الكاذب" أو خلق انطباع بأن هناك شيئا حقيقيا يجب أن يحدث.. حدث ذلك كثيرا في السنوات الأخيرة. وتلك أحد مظاهر الفساد الإعلامي الذي نعيشه والذي تحتل فيه عصابات وميلشيات الجماعة الإرهابية الدور الأكبر. هذه الأحاديث "المختلقة الكاذبة" عن المصالحة لا ظل لها في الواقع. وإحدي نتائج حرب "سيناء 2018" أنها كشفت ذلك الكذب والإفك. الحدود الدنيا من العقل والمنطق السديد تقول إن دولة بعمق وثقل الدولة المصرية. لا يمكن لها أن تتصالح ولا حتي أن تتناقش مع تنظيم وجماعة. وصفتها الدولة نفسها وأدرجتها علي أنها الجماعة الإرهابية بل هي أم كل الجماعات الإرهابية. ولايمكن لدولة أن تتصالح مع جماعة انتهكت حرمة الجيش واعتدت علي جنود منهپوضباط به. جماعة الإخوان هي الوحيدة في تاريخ مصر. التي قبلت لنفسها أن تعتدي علي أفراد من الجيش وأن تسيء إلي سمعة ذلك الجيش. الدولة يمكن لها أن تتسامح مع مخطيء أو مجرم. كفل القانون لرئيس الجمهورية. في حدود معينة وبضوابط مقننة. أن يصدر عفوا عن أحد أو بعض المدانين قضائيا. هذا يحدث بالنسبة لأفراد. أما أن تتصالح الدولة مع تنظيم هدفه هدمها. فهذا يعني أنها تستقيل من موقعها وتتنازل عن وجودها. للفوضي واللادولة. ومعاذ الله أن تفعل الدولة المصرية ذلك.