ما أروع وأشقي أن نضحك علي أنفسنا.. فقد بات واضحاً أننا وصلنا زحل وفاكرين أننا لسه في المشتري اللي كل حاجة فيه بتتباع وتشتري. عجيبة العجائب في الأسواق الآن.. دجاجة برازيلية مجمدة تزن ما بين الكيلوجرام والكيلو 400 جرام.. بدأت بسعر 20 جنيهاً من حوالي أسبوعين وانتهي سعرها الآن إلي ما بين 5 و7 جنيهات فقط.. تنتشر علي الارصفة وعلي عربات الباعة المتجولين في بورسعيد.. ولا علم لي عن مدي شيوع الظاهرة في محافظات أخري!!؟ بالله حقا وصدقاً كيف هذا.. هل تمطر السماء البرازيلية دجاجاً علي الأراضي المصرية!!؟ الواقع يقول إن كيلو الدجاج المحلي في مصر يتراوح ما بين 22 و25 جنيهاً أما المستورد فكان في عام 2010 ما بين 17 و19 جنيهاً عندما اندلعت حرب الاسعار بين السعودية والبرازيل للاستحواذ علي السوق المصري الذي كان يستورد سنوياً في ذلك الوقت نحو 350ألف طن.. ولم يكن في هذا العام الجنية قد عام.. وبعد الجنيه ما عام كان طبيعي يتغير الكلام وأسعار المستورد تزيد ضعفين بالتمام.. لكن اللي حصل مع الفراخ ولا في الأفلام. الدولار يساوي 19.3 ريال برازيلي.. يعني قيمة الجنيه المصري لا تتجاوز 18% من هذا الريال.. وإن كانت أسعار الكيلو من لحوم الدجاج المخلية في البرازيل نفسها تباع في أسواقها المحلية بمبلغ 9 ريالات وبالتقريب لنفترض أن غير المخلي بنصف الثمن أي 50.4 ريال برازيلي.. السؤال هنا بقي لما فرخة برازيلية تتباع في بلدنا احنا ب10 جنيه فقط أي ما يوازي أقل من ريالين برازيليين يبقي الفراخ دي بقي اصلها ايه.. وإزاي وليه؟! بالمناسبة.. المسافة من مصر للبرازيل حوالي 12 ألف كيلو متر بحري.. وشحن الطن اللي هو ألف فرخة مثلاً عبور هذه المسافة لن يقل بأي حال عن 30 دولاراً مع ملاحظة انخفاض اسعار الشحن بسبب الركود التجاري العالمي أي أن تكلفة شحن الالف فرخة حوالي 500 جنيه مصري علي الاقل ولو اعتبرنا أن الشحنة معفية من الضرائب والرسوم والاكراميات المخيفة عشان نرضي رجل الشارع والولية.. وأن المستورد العظيم نبي أورشليم ويسعي بتقواه لجنة النعيم ومش حيكسب ولا مليم. فهذا يعني ببساطة أن رحلة الفرخة منذ مولدها وبلوغها سن الاكل وحتي وصولها للمستهلك لا تتجاوز تكلفتها ريالين برازيليين ونصف الريال وهو مبلغ أقل من نصف ثمن الفرخة البرازيلية في بلدها. لن اتهم في الاستيراد أباطرة بصناعة مؤامرة.. ولن اكون اقتصادياً وأتحدث عن سياسات الاحتكار والاغراق وما ينجم عنها من انهاك الصناعات المحلية.. ولن أكون اشتراكياً أو شيوعياً وأزعم أني اشم رائحة غسيل الأموال.. ولن أكون موسوساً وأقول إنها لا تصلح للاستهلاك الآدمي رغم تاريخ صلاحيتها الذي أوشك علي الانتهاء.. وسوف أكون متفائلاًَ ومؤمناً بأن معدة المصري بتأكل الظلط وأن العلام بيخلينا نفكر غلط.. وأن الغالي تمنه فيه ده مبدأ أيام العبط.. وأن دي حرب ع الجشع بس احنا اللي الفهم حدانا اختلط. والسبب انها فراخ "سليمة" كما يقول التموين.. مثل حنظلة السمين.. اللي ضحك علي الوثنيين.. ونصدق بطون الجعانين.. المقهورة بالغلاء والضنين.. وطز في المنطق ابن اللذين.. والهلاك للرجعيين الشكاكين الحميريين.