حالة من الاستياء أصابت الشارع المصري بعد قرار مد المهلة للتجار والمستوردين لتدوين السعر علي السلعة حتي أول فبراير خاصة أنه ليس التأجيل الأول مشيرين إلي أن الحكومة لم تستطع فرض ذلك علي التجار رغم أنه حق للمستهلك. الاقتصاديون من جانبهم أكدوا أن كتابة السعر لن يحد من ارتفاع الأسعار وأنه لابد من البحث عن طريق ثالث للسيطرة علي الغلاء وأشاروا لأهمية التعاونيات وخاصة بعد النجاح الذي حققته فروع المجمعات بعد نجاح الشركة القابضة في الغاء الحلقات الوسيطة وأنه يمكن تكرار التجربة من خلال الأفراد في مختلف المجالات. خالد يحيي موظف ليست المشكلة في القرار أو في المهلة التي اعطتها الوزارة للتجار ولكن المشكلة في تنفيذ القرار خاصة أن هذا القرار تم تأجيل تنفيذه عدة مرات. يشاركه الرأي جرجس ميلاد أعمال حرة ويضيف من الصعب علي الحكومة الزام التجار بكتابة سعر المنتجات خاصة أن المتحكم في السوق هو التاجر والمستورد والدليل الزيادة المستمرة للأسعار بالرغم من وعود الوزير بعدم زيادتها. جلال زهير عامل يتساءل إذا كان القرار من الممكن أن يتم تنفيذه علي المنتج المحلي فكيف سيتم تنفيذه علي المستورد الذي يتم استيراده بالدولار ومن المعروف أن سعر الدولار متحرك فهل سيقوم التاجر بتغيير سعر السلعة علي العبوة كل يوم. أحمد محمد معاش يقول إن مد مهلة شهراً للتجار يعتبر انذاراً أخيراً لهم حتي يلتزموا بالقرار وتنفيذه وهذا في مصلحة التاجر والمواطن معاً وسيكون له أثر ايجابي في ضبط الأسعار. عصام فكري تاجر يري أن المهم خفض الأسعار أولاً قبل تنفيذ القرار حتي يكون له أثر جيد فإذا تم تنفيذه والأسعار مرتفعة فالوضع لن يتحسن ويجب اعادة النظر في منظومة التسعير بحيث يتم الاتفاق علي تحديد هامش ربح للتجار. ويتساءل عماد أيوب محاسب لماذا لا تستطيع وزارة التموين التحكم في السوق؟ وهل بالفعل التاجر هو الحاكم بأمره للسوق المصري فإذا الأمر كذلك نعم فنحن أمام كارثة وسيكون الضحية الأولي فيها هو المواطن الذي يعمل في أكثر من وظيفة ولا يستطيع توفير احتياجات أسرته. الخبير الاقتصادي د. مدحت نافع يقول مبدئياً يجب أن تكون جميع قرارات الحكومة نافذة لأنها تعبر عن سياسات الدولة وخاصة القرارات التي تخص الأمن القومي وعلي رأسها الاقتصادية التي تؤثر في حياة المواطنين ويجب أن تكون هناك قرارات رادعة للمخالفين وعلي أن تطبق هذه العقوبات عليهم أما عن مشكلة التأجيل المستمر لقرار وزير التموين بالزام التجار والمصنعين بتدوين أسعار السلع واعطائهم أكثر من مهلة لتنفيذ القرار فهذا يعكس ضعف الوزارة أمام المنتجين والمصنعين. مضيفاً أنه يجب علي الوزارة أن تعلن سبب تجديد المهلة وإذا كانت الأسباب مقنعة فيجب التأكيد علي أنها ستكون الأخيرة وتوضيح العقوبة التي سوف تقع علي المخالفين إذا كان بالفعل يوجد عقوبة من الواضح أنها غير رادعة بل يجب تغليظها والإعلان عنها في جميع وسائل الإعلام حتي تكون حجة علي المصنعين ويتمكن الرأي العام من محاسبتهم؟ ونحن هنا لا نطالب بشيء غير قانوني علي الوزير اتخاذ الاجراء المناسب لتغليظ العقوبات بالتقدم بتشريع لمجلس النواب بتعديل القانون الخاص بإلزام التجار بتدوين السعر ولو كان القرار إدارياً من الوزير يجب أن يقوم بتعديله فمشكلة الأسعار هي أمن قومي فليس من المعقول أن نترك المواطنين يعانون من زيادة الأسعار وعدم قدرتهم علي شراء احتياجاتهم ونتركهم فريسة سهلة لبعض التجار الجشعين. يشاركه في الرأي د. رشاد عبده الخبير الاقتصادي أن تطبيق قرار تدوين السعر علي المنتج أصبح أمراً حتمياً ومعمولاً به في معظم دول العالم وحتي في دول الخليج وأنا طالبت به منذ سنوات وقلت إنه سيكون أفضل قرار صدر من وزير تموين منذ سنوات ولكن المهم هو الاتفاق علي هامش الربح علي أن تجتمع الحكومة واتحاد الغرف التجارية وشعبة المستوردين وتحديد هامش ربح علي كل منتج. وللأسف بعض التجار استغلوا زيادة سعر الدولار بعد قرار تعويم الجنيه وغياب رقابة الحكومة علي الأسواق وقاموا برفع سعر السلعة عدة أضعاف خاصة أننا نستورد معظم السلع والمنتجات من الخارج بالدولار ويجب أن تكون للحكومة يد من حديد تضرب علي أيدي المخالفين فالمواطن أصبح مطحون بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات وفي نفس الوقت يجب أن يكون للتاجر والمستورد والمصنع دور في هذه المرحلة بالتعاون مع الوزارة وذلك حتي تمر مصر من الأزمة الطاحنة التي تمر بها. التعاونيات ويشير دكتور صلاح الدين فهمي أستاذ الاقتصاد إلي أن الجمعيات الاستهلاكية كانت فعالة بشكل واضح في الستينات عندما كانت السلع مدعمة من الدولة وتطرح بسعر جبري موحد في كل مكان وبدأت تخرج عن دورها الاجتماعي في فترة الانفتاح وتحديد الأسعار طبقاً للعرض والطلب. ويؤكد فهمي أن تجربة المجمعات الاستهلاكية أداة جيدة لضبط الأسواق والوصول لسعر عادل للسلعة ومن الممكن تطويرها لترتقي إلي مستوي السلاسل الكبري بشراكة القطاع الخاص مع الالتزام بالدور المجتمعي للدولة عن طريق تحديد حد أقصي وأدني للمنتج حسب الجودة المقدمة لتوفير بدائل للمستهلك دون مبالغة كتجربة أثبتت نجاحها في بعض الدول حيث يوجد ما يسمي بالجمعية التعاونية في إمارة أبو ظبي علي سبيل المثال بالشراكة مع القطاع الخاص تدعم السوق بكافة السلع بأسعار تنحاز لصالح المستهلك أولاً. ويقترح فهمي ايجاد شراكة بين المجمعات الاستهلاكية ومنافذ القوات المسلحة للاستفادة من مساحات العرض بأسعار منافسة تصب في صالح المواطن وفي ذات الوقت يتم الاستفادة من خبرة جهاز الخدمة الوطنية في تطوير المنظومة التي تعد صمام الأمان لضبط السوق ومحاربة جشع التجار. وعن قطاع التعاونيات تقول دكتورة عالية المهدي أستاذ الاقتصاد إن التعاونيات أساس التنمية في عصرنا هذا وأكبر دليل علي ذلك نجاح التجربة في كل دول العالم خاصة شرق أوروبا في التسعينيات وحتي الآن ومفهوم التعاونيات لا يعني الجمعية التعاونية أو الاستهلاكية بشكلها المعروف للمواطنين والتي كانت تتبع لوزارة التموين في فترة ما وبعدها وزارة الاستثمار وتتحمل الدولة الانفاق عليها بل هي في الحقيقة أحد أهم آليات العدالة الاجتماعية في مصر والعالم حيث تحقق المساواة وفيها يتحمل كل قطاع إنفاق جزء من أمواله من أجل النهوض بمهنته دون الحاجة لمساعدة الحكومة. فعلي سبيل المثال في القطاع السمكي يتم الصرف عليه من أصحاب المزارع من أجل تسويق منتجاتهم وتقديم الخدمة لكل العاملين فيه من خلال اشتراكات رمزية يدفعها الأعضاء والجدير بالذكر أن الاتحاد العام للتعاونيات يخدم ما يزيد عن 18 مليون عضو بأسرهم في كافة المجالات سواء الزراعية أو الصناعية والاستهلاكية والاسكان في حدود التمويل المتاح له. وتضيف المهدي أنه حان الوقت لإعادة النظر في قانون التعاونيات ليصبح أكثر فعالية ويقدم خدمات لأكبر فئة من المواطنين وأن تكون تبعيته لرئاسة مجلس الوزراء بدلاً من الوضع القائم وهو تبعية كل نوع لوزير مختلف حسب تخصصه.