في أحد المقاهي الشعبية بمنطقة الخانكة بقليوب انزوي العاملان "مبيضا المحارة" في أحد الأركان وجلسا يتحدثان عن ظروفهما المعيشية وأحوالهما المادية. يندبان حظهما بسبب ندرة العمل وقلة الرزق وغلاء المعيشة ولم يتوقفا إلا علي صوت صبي القهوجي "تشربوا إيه يا رجالة"؟ نظر إليه أحدهما وقال "شاربين من كعانا" فرد عليه صبي القهوجي "خليها علي الله.. العبد في التفكير والرب في التدبير بكرة تفرج بإذن الله". الثاني طلب من صبي القهوجي كوبين من الشاي وحجر "شيشة" معسل قص وانصرف القهوجي وتركهما وواصلا حديثهما. في لحظات اليأس التي تنتاب الإنسان يأتي الشيطان وجاءهما الوسواس الخناس وسوس في صدورهما وسيطرت نوازع الشر علي عقل "أحمد".. بسرعة "زغللت" الغوايش التي ترتديها جارته العجوز المقيمة بمفردها بعد وفاة زوجها وزواج أبنائها وانتقالهم إلي مساكنهم المستقلة وزين له الشيطان طريق الخلاص من الفقر بقتل العجوز وسرقة مجوهراتها ليخرج من دائرة الفقر والحرمان. قبل أن يرشفا أول رشفة من أكواب الشاي التي وضعها أمامهما القهوجي وبينما كان الصديق الثاني "عيد" يستعد "لرص حجر الشيشة" باغته "أحمد".. خلاص يا عيد أنا عندي الحل؟ رد عليه.. إيه هو بس يا أحمد.. فأجابه "نخلص علي أم حسين ونسرقها"! توقف الصديقان عن الحديث عن الفقر والحاجة والعوز وراحا يخططان لجريمة السرقة والقتل ويضعان خطة دخول شقة العجوز. .. ولأن "أحمد" يعلم تفاصيل شقة جارته العجوز رسم الخطة وغادرا المقهي علي أمل اللقاء في الصباح لتجهيز سكين ولاصق طبي لاحتمال استخدامه في تكميم العجوز إذا ما صرخت واستغاثت علي أن يلتقيا بعد منتصف الليل لتنفيذ الجريمة. والتقيا في المكان المحدد القريب من مسكن العجوز والموعد المحدد في الواحدة بعد منتصف الليل. انتظرا حتي قبيل الفجر وانطلقا يتسلقان "منور" مسكن العجوز ودخلا الشقة ووجداها غارقة في النوم وبدون مقدمات خنقها "أحمد".. اطبق علي رقبتها بيديه ووقف "محمود" ينظر في أرجاء الشقة بحثاً عن صيد ثمين. وعندما تأكدا من موتها جرداها من مصوغاتها الذهبية.. سلسلة ذهبية و4 غوايش و3 خواتم وبعدما قاموا بتفتيش الشقة بحثاً عن أموال وعثروا في الدولاب علي مبلغ مالي وقاما ببعثرة محتويات الشقة بحثاً عما خف وزنه وارتفع سعره وبعدها انتهيا من مهمتهما الإجرامية خرجا من حيث دخلا بالمسروقات تاركين خلفهما جثة لأرملة عجوز لا حول لها ولا قوة.. صعدت روحها لبارئها واهب الحياة بأيد قذرة. استيقظ سكان الشارع علي خبر مقتل جارتهم العجوز وتم إبلاغ قسم شرطة الخانكة بالعثور علي جثة الحاجة أم حسين قتيلة داخل شقتها. خلال ساعات كان الشارع يعج برجال المباحث والشرطة السريين المخبرين الذين توافدوا علي المكان لمعاينة مسرح الجريمة في انتظار النيابة. فريق البحث الجنائي واصل مهامه في المنطقة وخارجها ففي مثل هذه الجرائم يتم سؤال الجيران وإعادة فحص ومعاينة مسرح الجريمة بحثاً عن دليل قد يكون تركه الجناة خلفهم. وسؤال شهود العيان أول من اكتشفوا الجريمة وفحص المسجلين خطر وأرباب السوابق بالمنطقة والمناطق المجاورة وسؤال أهلية المجني عليها وأقاربها وفحص المترددين عليها وعلاقاتها بالجيران. بعد عدة أيام تكشفت كواليس الجريمة وتوصل فريق البحث إلي أن وراء الجريمة أحمد الذي كان يستأجر شقة غرفتين بمسكن المجني عليها وتركها قبل حوالي ثلاثة أشهر وصديقه "عيد" بلدياته الذي جاء معه من قريتهما بالفيوم للعمل في مجال المعمار.. وألقي القبض عليهما واعترفا بالجريمة وأمرت النيابة بحبسهما بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بالسرقة.. لتنتهي حكاية الصديقين أحمد وعيد في محكمة الجنايات.