تحقيق معتز الشناوي: تعاني العديد من الأماكن الأثرية بالإسكندرية من اهمال شديد يتزايد بمرور الأيام. فبعضها تحول لسكن للمواطنين كما هو الحال بقلعة كوسا باشا بمنطقة ابقي قير. حيث يقوم السكان بتربية الماعز والفراخ والبط بمنزلهم المشيد داخل الأثر ذاته. ويفترشون أروقة القلعة الأثرية لكونها مسكنهم الوحيد.. ولايحرك مسئولو الآثار ساكنا!! ومن أبوقير في أقصي شرق الإسكندرية حتي بورتو مارينا بأقصي غرب المحافظة. مرورا بطابية الدخيلة ومقابر الانفوشي الأثرية ومقابر كوم الشقافة ومقابر الشاطبي وجميعها قد مستها يد الاهمال. فاصابتها في مقتل!!! ترصد "الجمهورية" هذا الملف بالغ الخطورة والذي ينبئنا باختفاء مناطق أثرية كاملة. عن قريب طالما استمر الاهمال العمدي لتلك المناطق. يؤكد الأديب عادل حراز أحد سكان منطقة أبي قير ان مغارة كوسا باشا كما نطلق عليها نحن أهالي أبوقير تعاني من اهمال مستمر منذ عشرات السنين حتي ان أجزاء عديدة من الأثر الكبير قد تهدمت. بسبب الاهمال المستمر بل وتحولت أجزاء أخري لمقلب للقمامة. ويضيف حراز القلعة التي انشئت عام 1807 بأمر من محمد علي باشا لتحصين الاسكندرية ومنطقة أبوقير من العدوان الفرنسي وكانت أحد أجمل قلاع الاسكندرية. أصبحت مثالا للاهمال الذي يوجب العقاب لكل من تسبب فيه. فيها العديد من المدافع الأثرية وغرف عديدة وسراديب وخنادق مهجورة. وكأنها بلا قيمة. وبلا جدوي تاريخية أو أثرية. ويشدد حراز لابد من محاسبة المسئولين عن آثار الإسكندرية لاهمالهم الأثر الهام ولتسببهم في حالة التردي التي وصلت اليها قلعة كوسا باشا. ويوافقه الرأي مصطفي حسن أحد سكان المنطقة مؤكدا علي ضرورة الاهتمام بالأثر ويضيف بعض من ضعاف النفوس والخارجين علي القانون يلجأون لسراديب القلعة للاختباء بداخلها. وأحيانا يتعاطون المخدرات ولا يحاسبهم أحد بل ويمكن استخدام المكان للهروب من البلاد أيضا. وفي الطريق نصل مقابر الشاطبي فقد أدي قربها الشديد من شاطئ البحر لارتفاع منسوب المياه الجوفية داخلها وتكون الطحالب الخضراء. علاوة علي وقوف مسئولي الآثار مكتوفي الايدي. الأمر الذي هددها بالانهيار والتآكل وفقدان آثريتها وتاريخها ورغم انها تعتبر من أقدم المقابر البلطمية في الاسكندرية حيث يعود تاريخها إلي ما بين نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث قبل الميلاد منحوتة من الصخر واكتشف بها آثار العصر البطلمي. الا ان ذلك لا يشفع لها في شئ لدي مسئولي الآثار فطالتها يد الاهمال العمدي!!! يؤكد محمد فتيحه أحد سكان حي الجمرك ان المقابر مهددة بالانهيار فزيادة منسوب المياه الجوفية أدت إلي تآكل الجدران. موضحة في تقرير تم اعداده بتكليف من وزير الآثار. أن المنطقة التي تضم أشهر المقابر البلطمية والرومانية واليونانية في الشرق الأوسط مهددة بسبب زيادة نسبة الرطوبة الناتجة عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية. ويطالب فتيحة بسرعة بناء جدران متخصصة عازلة تحيط بها. أو استخدام تقنية امتصاص المياه الجوفية من المناطق المتضررة. ومعالجة الرسوم الموجودة علي الحائط بالتجهيزات اللازمة. لمنع المقابر من الانهيار أو الاندثار. وخاصة ان تاريخ مقابر الأنفوشي إلي عصر البطالمة وتتكون من 7 مقابر تضم كل منها عددا يتراوح بين 10 و15 حجرة. وأماكن مخصصة لزيارة الموتي. وأخري للمعيشة وتناول الطعام. وتتميز معظمها بالزخارف والجداريات وتجمع تلك النقوش بين الزخارف الفرعونية واليونانية. وفي منطقة القباري وتحديدا عشوائيات طابية صالح أو كما يطلق عليها السكان منطقة مسجد أبوالعلا. توجد كارثة أثرية. بكل ما تحويه الكلمة من معاني عديدة. فهنا توجد منطقة الجيانات "المقابر الأثرية" التي يعود تاريخها إلي 2300 عام والكارثة تتمثل في تعرض هذه المقابر الأثرية لأربع جرائم أولها سرقة محتوياتها الأثرية من قبل مافيا التنقيب عن الآثار وثانيها تسرب مياه الصرف الصحي داخل جدرانها وغرق بعض غرفها. وثالثها كسر خط مياه داخل هذه المقابر ورابعها قيام عدد من الأسر ببناء عشش ومنازل عشوائية عليها. مما تسبب في ضياع معالمها الأثرية. ويشدد شعبان الدبدوب أحد سكان المنطقة نعيش هنا منذ سنوات عديدة. ومؤخرا تم ضبط بعض ممن كانوا يبحثون عن الآثار. وأصبحت منازلهم ومنازل جيرانهم مهددة بالانهيار. فأغلب المنازل مقامة علي الفراغ بعد ان تم حفر العديد من الانفاق تحت المنازل!!! وتوافقه الرأي سيدة مدكور ربة منزل مؤكدة هيئة الآثار استخرجت الكثير وأصحاب النفوس الضعيفة استخرجوا الكثير أيضا لكن الحال مستمر كما كان في الماضي بل وأصبحنا نعيش في الهواء مهددين بالسقوط في الانفاق الكثيرة ولا أحد يهتم بنا. أو حتي بحرمة الآثار؟!! ومن ناحية أخري تعاني مقابر كوم الشقافة من اهمال غريب فقد أدي ارتفاع المياه الجوفية وربما مياه الصرف الصحي أيضا لنفور السياح من المكان ذي البعد التاريخي الهام. يقول سعيد عبدالقادر أحد سكان المنطقة كان الكثير من السياح يأتون إلي المكان لزيارته ولرؤية اللوحات الكثيرة بالمقبرة وكانوا ينزلون 99 سلمة لمشاهدة لوحة ايزيس وأوزوريس أما الآن فقد تساقطت أجزاء عديدة من اللوحات وكادت المياه تخرج من المكان للشارع ولا أحد يتدخل من مسئولي الآثار. يري غريب الشيخ بائع صحف ان استمرار الفضيحة الأثرية الكائنة بجزء كبير من شاطئ الدخيلة هو مهزلة فالمنطقة الأثرية عبارة عن طابية وبرج حربي ترجع للعصر العثماني ومصنع أثري للمراكب الحربية ومنارة لارشاد السفن في البحر ومجموعة مدافع حربية ترجع للحملة الانجليزية علي مصر. كلها موجودة في العراء بلا رقيب أو حسيب وتعرضت لكافة أنواع التدمير والتخريب تحت سمع وبصر المسئولين عن الآثار كما تحولت إلي وكر لتعاطي المخدرات ليلا وتجميع القمامة كما تعرضت حواذط المبني الأثري إلي عمليات تخريب علي أيدي المارة الذين قاموا بكتابة عبارات وأسماء علي الحوائط ناهيك عن استخدام المبني من الداخل مرحاضا عاما للمارة ومقربة جماعية للكلاب والحيوانات الضالة والنافقة. محمد متولي مدير الآثار الاسلامية بالاسكندرية والساحل الشمالي أكد أن الحوض الجاف بمنطقة الدخيلة. هو المسجل وحدة أثرية ونهتم به ولا توجد به أية تجاوزات. وتوجد دراسة تم اعتمادها لترميمه. وستدخل قريبا حيز التنفيذ أما الطابية الحربية الموجودة بالشاطئ فهي غير مسجلة أثريا أما المدفعين الكائنين علي الشاطئ فسيتم نقلهم في القريب لمكان مناسب. وأضاف متولي بالنسبة لقلعة كوسا باشا هي موقع اثري يصعب تطويره نظرا للجهات المحيطة به ومن يسكنونه ليسوا متعدين علي الاثر حسب قوله فهم يعيشون فيه من قبل تسجيله كأثر ونحتاج لتنسيق عال مع جهات عديدة لنقل السكان وتوفير سكن بديل لهم. وبسؤال متولي عما يحدث بمقابر الشاطبي والأنفوشي والقباري وكوم الشقافة أفاد بأنها تتبع مسئولي الآثار المصرية بالاسكندرية. الجمهورية توجهت لخالد أبوالحمد مدير عام الآثار المصرية لاستكشاف ردوده حول ما سبق فأخبرنا انه لا يستطيع التحدث لسببين أولهما انه يقوم بتوقيع البوستة اليومية. وثانيهما ان تلك الأمور سبق الكتابة عنها ولا توجد ردود لديه. ليبقي اهمال الآثار المصرية شاهدا علي ما فعله الأبناء بآثار الأجداد في الاسكندرية عروس البحر المتوسط ومقبرة الآثار الغزاة سابقا.