لوحات فنية تحمل ابداعات وخبرات كبار الرسامين رسمتها وجوه كتيبة من المهندسين والعمال والفنيين لتعيد صياغة المشهد في الصحراء صانعة واحة من الجمال يمتزج فيها سحر البحيرات بألوانها الزرقاء مع ألوان الأشجار والنباتات والزهور التي باتت تزين المكان في الوقت الذي ترتفع الممرات لتكشف عن أمواج البحر المتراقصة فرحا بالانجاز الذي تحقق هنا في المدينة الحلم العلمين الجديدة. أنامل ذهبية لرجال لا يعرفون الا الانجاز والتحدي جاءوا إلي الصحراء غير مبالين بليالي الشتاء ببردها القارص ولا أيام الصيف بلهيبها الحارق صنعت المستحيل فأعادت الحياة للمكان الذي سكنته أساطير الأرواح والأشباح لسنوات ترافقها ألغام خلفتها الحرب العالمية الثانية في المنطقة لتبث في القلوب الخوف من الاقتراب ويخلو المكان الا من مجموعة من الحشائش التي توحشت فزادت المشهد قسوة حتي جاء من قهرها وجعل رمال الصحراء تتراقص تحت أقدام المعدات التي جاءت لتعيد لها الحياة. ومع الحلم الذي تحقق بات علي الجميع مشاهدة هذه اللوحات الابداعية من خلال احتفالية عالمية تقام في الحادي والعشرين من أكتوبر الجاري بمناسبة مرور 75 عاما علي معركة العلمين يشرفها الرئيس عبد الفتاح السيسي بالحضور وهو الحدث الذي اختاره ليعلن أمام رؤساء وسفراء ووزراء دفاع يمثلون وفود أكثر من 50 دولة من أعضاء الكومنولث تدشين المدينة الجديدة التي ستكون نافذة الخير والأمل للمصريين بما تتضمنه من مشروعات ترسم خريطة التنمية في الساحل الشمالي. " الجمهورية " حرصت علي التواجد في مدينة العلمين الجديدة لمتابعة الترتيبات التي تتم استعدادا لهذه الاحتفالية العالمية ورصد ما تحقق من انجازات علي أرض الواقع منذ بداية العمل في فبراير من العام الماضي حيث خرجت التكليفات ببدء العمل في انشاء الشبكات التي تمثل البنية الأساسية للمنطقة. البداية كانت في المنطقة الشاطئية حيث يتواجد مقر جهاز مدينة العلمين الجديدة الذي يرأسه المهندس أسامة عبد الغني الرجل الذي يتولي الاشراف ومتابعة كل ما يتم تنفيذه علي أرض الواقع من خلال مجموعة مقاتلين تتمثل في خمسة مهندسين هم طاقة العمل في الجهاز تركوا منازلهم وأسرهم في مدينة الاسكندرية واختاروا العمل في الصحراء من أجل تحقيق تنمية الساحل الشمالي ولأن عزيمتهم صادقة تحقق لهم ما أرادوا. المهندس أسامة عبد الغني رجل لا يجيد الا لغة العمل وهو ما يتحقق لك وأنت تشاهده ينتقل علي مساحة 50 ألف فدان ليتابع ما يتم في جنوبالمدينة حيث مشروع الاسكان الاجتماعي المتميز الذي يضم 5 آلاف وحدة تم الانتهاء من تشطيب 1920 وحدة منها بمساحات من 96 الي 100 م2 سيتم طرحها قريبا الي جانب 28 عمارة اخري يجري العمل فيها حاليا ليتركها ويبحر في الصحراء متابعا ما يتم من أعمال لتحويل الطريق بطول 48 كيلو مترا تم الانتهاء من 38 كيلو في الاتجاهين بعرض 5 حارات وهو الطريق الذي سيكون بديلا عن طريق الساحل الشمالي الذي يقطع المدينة حيث سينقل الحركة من طريق وادي النطرون لمنطقة سيدي عبد الرحمن مباشرة وهو ما سيختصر زمن الرحلة وقبل أن يعود لمكتبه يتفقد أعمال الممشي السياحي بالمنطقة الشاطئية حيث تم الانتهاء من مسافة 700 م وتشجيرها وتزويدها بأعمدة الاضاءة. أشار الي أن تكليفات العمل في المدينة بدأت في فبراير عام 2016 والتي بدأت بالشبكات وبعدها توالت التكليفات للعمل في المواقع وكانت اخرها منطقة الابراج حيث يجري انشاء 15 برجا بارتفاع 100 م علي 8 قطع أراض بمساحة اجمالية 434,529 ألف متر مسطح وتم الانتهاء من عمل الجسات والوصول لمرحلة التجارب علي خوازيق التحميل إلي جانب البدء في إنشاء 1020 وحدة اسكان متميز في منطقة " الداون تاون " من خلال شركة أبناء حسن علام وهو عبارة عن عمارات ارتفاع 13 طابقا عبارة عن 2 بدروم وأرضي وميزانين و8 أدوار متكررة وهذا المشروع من ضمن مشروعات المنطقة الشاطئية. وفي المنطقة الشاطئية بدأ العمل أيضا في انشاء المنطقة الترفيهية في يوليو الماضي علي مساحة 165 ألفا و842,1 م2 حيث تم عمل الجسات والرفع المساحي للمنطقة بالكامل وارساله للاستشاري ومقرر الانتهاء من المشروع وافتتاحه في أبريل المقبل حيث أعياد شم النسيم. وفي المنطقة الشاطئية تقابلت "الجمهورية " مع المهندس محمد سعد مدير الاشراف علي المشروع بجهاز العلمين الجديد الرجل الذي يقطع المسافة من منزله بمدينة الاسكندرية الي العلمين ذهابا وايابا يوميا منذ ثلاثين عاما دون أن يكل أو يمل حيث جاء للعمل عام 87 في بداية مشروع انشاء قري مارينا حيث كان العمل مسند الي احدي الشركات الصينية التي كانت تأتي بالمساجين في الصين للعمل بالموقع من أجل تهذيبه وتمهيده للعمل ثم بدأت الشركات الوطنية تدخل للعمل من خلال مناقصات أما في العلمين الجديدة فالاسناد يتم بالامر المباشر للشركات الوطنية مثل المقاولين العرب والتي تقوم بتنفيذ أعمال البنية التحتية باستثمارات 3 مليارات جنيه. ورغم أن أمس وافق عيد ميلاد الرجل الا أنه فضل الاحتفال به في موقع العمل حيث يباشر ما يتم من ترتيبات للاحتفالية علي منطقة الممشي السياحي معتبرا أن ما يتحقق من انجاز أفضل هدية له خاصة اذا خرجت الأعمال بالجودة المطلوبة لتكن الصورة مشرفة امام الجميع. أوضح أن هناك خيمة يتم انشاؤها علي المنطقة التي تم الانتهاء منها في الممشي السياحي ستشهد وجود المشاركين في الاحتفالية وهي تكشف المشهد في المنطقة بالكامل حيث البحيرات التي يتم حاليا تدبيشها لتشكيل جسر البحيرة ومنطقة العمل في الأبراج والبوغاز الذي يصل بين البحر والبحيرات والكباري التي تقطعها من أعلي الي جانب خيمة اخري علي تبة مرتفعة تكشف المشهد العام حيث البحر والموقع بالكامل مشيرا أن البحر في هذه المنطقة من أفضل المناطق بطول الساحل لما يتمتع به من ألوان ساحرة وهدوء في حركة الامواج التي تكاد تكون منعدمة تماما وهو ما سيكون شاطئا عاما للمواطنين في ضوء توجيهات الرئيس يتفوق علي الشواطئ الموجودة في أشهر القري السياحية بالساحل الشمالي. أوضح أن الشاطئ سيكون مفتوحا بطول الممشي السياحي الذي يمتد ل 14 كيلو وفي الجهة المقابلة سيكون هناك طريق للسيارات باتساع 5 حارات في الجانبين وتنتشر في المنطقة الكافتيريات والمطاعم لخدمة المترددين علي البحر والممشي الذي روعي في تصميمه عمل منازل لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وغرف لخلع الملابس ودورات مياه وهو الامر الذي سيتم ادارته من قبل شركة متخصصة في ادارة الشواطئ للحفاظ علي نظافة المكان وصيانته مشيرا الي وجود أماكن لانتظار السيارات. أضاف أن البحيرة تمتد في خلفية هذه المنطقة لتصنع شاطئا آخر يجري انشاء الأبراج التي ستكون بارتفاع يتراوح مابين 38 و42 طابقا وستضم اماكن لانتظار السيارات ووحدات تجارية واماكن ترفيهية الي جانب وحدات سكنية وفندقية..كما يجري انشاء مشروع سكني من قبل مستثمر عقاري هو بالم هيلز وفندق للقوات المسلحة وفي يمين المنطقة يجري العمل في بناء فندق الماسة عن طريق الهيئة الهندسية في المنطقة الملاصقة لمارينا 7 وهو العمل المقرر الانتهاء منه خلال سنة في الوقت الذي تم العمل في المقر الصيفي للرئاسة ومجلس الوزراء في أقصي اليسار حيث تم الانتهاء من الهيكل الخرساني موضحا أن وزارة التعليم العالي تسلمت مساحة 60 فدانا في المنطقة القبلية التي تضم الاسكان للبدء في اجراءات انشاء الجامعة الأهلية. أكد أنه تم الانتهاء من 60 % من أعمال البنية الاساسية والتي تشمل شبكة الطرق والمرافق حيث جميع الشبكات مشيرا إلي أن الطرق خضعت لتأسيس من نوع خاص حرصا علي عدم حدوث اي هبوط مستقبلي كاشفا عن ان الاستثمارات المرصودة في المرحلة القادمة 28 مليار جنيه ومن المتوقع ان يجاوز عائدها 70 مليار جنيه. وعلي بعد خطوات كان المهندس علاء خاطر رئيس قطاع المساحة بشركة المقاولين العرب يتوقف علي رأس مجموعة من مهندسي المساحة تواجدوا في المكان لمتابعة كل صغيرة وكبيرة حرصا علي دقة العمل.. قال جئنا للمكان وكان مجرد صحراء تمتليء بالهيش والبوص لايستطيع انسان التحرك فيها فبدأنا في رفع احداثيات المكان لبدء العمل في أعمال المرافق ثم توالت الأعمال ليسند لنا تنفيذ الممشي السياحي والمشايات وأحد الكباري التي تصل البحر بالبحيرة والأبراج. أكد أن المدينة ستكون فاتحة خير لمصر والمصريين واختيارها لتكون مدينة سياحية وسكنية اختيار موفق فهي في الاساس مدينة عالمية لاحتوائها علي مقابر ضحايا الحرب العالمية الثانية وتحظي باهتمام عالمي. أوضح أن هناك 16 مساحا متواجدون معه في الموقع لمتابعة ما يتم حيث يتولي المساح تخطيط كل شيء من بداية دراسة طبيعة الأرض حتي المنظر الحالي المساح متواجد فهو المسئول عن تحديد موقع الأعمدة والسلالم التي يتم تركيبها حتي البرجولة لها احداثية مناسيب وزاوية ميل.. أي مشروع بدايته مساحة ونهايته مساحة ليتم بدقة. رامي محمد كمال "30 سنة" مهندس شاب جاء من فرع المقاولين العرب بالإسكندرية في رمضان الماضي ليلحق بكتيبة العمل ويشارك في أعمال انشاء الممشي السياحي.. قال إن العمل بالمشروعات القومية شرف لأي مصري لأنها تشارك في عملية التنمية وتحقق نهضة اقتصادية للبلد. أضاف أنه شارك في أعمال المرافق والكهرباء والمشايات بالممشي وهي الأعمال التي سيتم افتتاحها في الاحتفالية الأمر الذي سيزيد من سعادته لأن الجميع سيشاهد ما صنعه هو وزملائه من إنجاز. وعلي بعد خطوات كان يتوقف حسن محمد "25 سنة" عامل من بني سويف والذي جاء للموقع منذ أسبوعين عن طريق صنايعي بمنطقة السيدة عائشة حيث يقوم بأعمال تلميع الرخام الذي يكسو الممشي السياحي قبل الافتتاح. أكد أن عائد عمله في الموقع مجز وهو ما جعله يحضر علاوة علي أن المكان به الكثير من الأعمال بما يضمن استمراره مشيرا إلي أنه يعمل من الثامنة صباحا وحتي الخامسة والسادسة مساءً ويقيم هو ومجموعة من زملائه في شقة مستأجرة بمدينة العلمين. ويضيف زميله طه ربيع "28 سنة" انه عمل بالكثير من المشروعات القومية حيث جبل الجلالة والعين السخنة وهو ما يجعله يشعر أنه ذو قيمة لأنه يضيف لبلده. وعلي رأس العمال يتوقف أبوطارق زكي "60 سنة" والذي حضر إلي المشروع منذ 4 شهور للعمل في جلي الرخام حيث بدأت أعمال تنسيق الموقع.. قال "لدي ثلاثة أبناء واحد في كلية التجارة والثاني في كلية الزراعة والصغير في المرحلة الابتدائية واللي زينا بيربي عياله من الشغل في المشروعات ديه.. البلد فيها شغل كتير واللي عايز يشتغل بيشتغل واللي عايز يقعد علي القهوة يندب حظه بيقعد بس ده حد فاشل أهله معرفوش يربوه". وكشف العاملون في الموقع عن أن الاوبرا التي سيتم انشاؤها ستكون مطلة علي البحيرة بجوار منطقة الأبراج التي يجري العمل فيها حاليا إلي جانب تشكيل جسم البحيرة. أعمال الزراعة والتشجير التي تتم في الموقع تتم من خلال خبرات تمثلت في المهندس أحمد حجازي المسئول عن أعمال الزراعة والتشجير في جهاز القري السياحية وجهاز العلمين حيث قام بغرس النخل في الموقع وفقا للمخطط العام مشيرا إلي أنه من أجود الفصائل وهي البلح الزغلول الذي يمتاز بتحمل درجة الملوحة وهو ما تم علي الطريق الخارجي أيضا هذا إلي جانب أشجار الزيتون وزهور الوينكا والجرونيات وجميع أنواع الصبار وجميعها نباتات تتناسب مع طبيعة التربة. علي الجانب الآخر رصدت الجمهورية ما تم بناؤه من وحدات سكنية نفذها مجموعة من المقاولين الشباب من ابناء العلمين الذين جاءوا للعمل في المشروع الذي فتح لهم أبواب رزق كثيرة ليتأكد لنا أن المدينة الجديدة تحمل حقا الخير للجميع.