في قريتنا وكنا ما نزال في مقتبل العمر كانت الأسر التي تنجب بنتا تحمل هم زواجها عندما تكبر.. وعندما تتعدي الفتاة سن العاشرة كان أهلها ينتظرون العريس الذي يطرق بابهم ليتقدم لخطوبة ابنتهم.. فزواج البنت ستر لها ولهم. وخوفاً من أن يتقدم بها العمر ولا تجد عريساً!! لم تكن العائلات تهتم بتعليم الفتيات كالأبناء. حيث كان الآباء يدفعون أبناءهم إلي كتاب القرية ليتعلموا القرآن.. وقليل جداً من الفتيات كن يذهبن إلي المدرسة الإلزامية وكانت أعدادهن محصورة جداً حيث يمتنعن عن الذهاب إليها إذا جاء للبنت عريس. اذكر وأنا في هذه السن المبكرة أن إحدي قريباتي لم تنجب ولداً..وكانت تتلهف علي أن تنجب ابنا ويسمونه "ديك البرابر" بجانب اسمه الأصلي.. ولكن الله لم يرد لهذه الأسرة أن تنجب ولداً. لذلك عندما كبرت ابنتهم الثانية وكانت في سن الحادية عشرة جاء عريس ليخطبها ففرحت به الأسرة وجهزت ابنتها بسرعة ليتم زفافها.. وبالفعل تم ذلك.. لم تدرك الفتاة معني أن تكون عروساً وتتزوج في هذه السن المبكرة.. وكان يغلب عليها اللعب مع الأطفال في سنها. لذلك حدثت مفاجأة لهذه الأسرة.. في صباح اليوم التالي للزواج "يوم الصبحية" نزلت العروس من بيتها صباحاً لتلعب مع أقرانها من البنات.. فسارعت الأسرة بجذبها وادخالها إلي المنزل وحضرت أمها وظل الجميع يفهمونها أنها الآن متزوجة ويجب ألا تلعب مع الأطفال. ومنعوا الأم من تعنيفها حتي لا يؤثر ذلك في نفسيتها. عندما كبرت هذه الفتاة وبلغت الخامسة عشرة من العمر انجبت طفلة وبعدها انجبت طفلة أخري.. وتزوجت الأولي في سن السادسة عشرة وانجبت هي الأخري أطفالاً وظلت أجيال الأم الأولي تتوالي وأصبحت لها قبيلة.. رأت أولاد بناتها من الجيل الثالث. ومازالت علي قيد الحياة إلي الآن في سن التاسعة والسبعين وعاصرت أحفاد أحفادها!! أحكي هذه القصة بمناسبة ما أعلنه اللواء أبوبكر الجندي رئيس جهاز التعبئة العامة والإحصاء عن زواج القاصرات بعد الضجة المثارة حول هذا الموضوع. وقال إن ظاهرة زواج القاصرات لابد من مواجهتها. إلا أنها ليست مقلقة. فالإناث الأقل من 18 عاماً يمثلن 39% من مجمل الإناث.. ومن تزوجن منهن أو كانت أرملة أو مطلقة لا يمثلن إلا 6 من عشرة في المائة بمعني أن غير المتزوجات من الإناث تحت 18 عاماً يمثلن 4.99 في المائة من نسبة ال39% أكد أن الإناث اللاتي لهن حالة زواجية تحت 18 عاماً يبلغ عددهن 118 ألف فتاة. من بينهن 1200 مطلقة وأكثر من 1000 أرملة.. والمفروض أن يكون هذا الكلام غير موجود في المجتمع.. فكيف لفتاة يبلغ عمرها 13 عاماً أو 15 ولها حالة زواجية؟! ونصح بضرورة التركيز علي المناطق التي تكثر فيها هذه الظاهرة من خلال القوافل التثقيفية وتوعية المأذونين موضحاً أن حالات الزواج هذه تتم بدون وثيقة زواج لأن القانون يمنع ذلك علي المأذونين. كان قد أثير كلام كثير حول زواج القاصرات وهو الأمر الذي يزيد من أعداد السكان في مصر.. ونوقش هذا الموضوع في مجلس النواب.. وقال الأعضاء رأيهم فيه.. ويعد بعض النواب مشروعات قوانين لمنع زواج القاصرات. الأعضاء يجمعون علي ضرورة معاقبة المأذون وولي الأمر والزوج.. ويقترحون الحبس 3 سنوات وغرامة 20 ألف جنيه للمخالفين. ورغم أن وزير الأوقاف قال إنه لا يوجد نص واحد في القرآن أو السنة يلزم تحديد سن للزواج.. فإن الدكتور عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية قال إن زواج القاصرات محرم شرعاً لعدم وجود شروط الاستطاعة. وقال الدكتور نبيل السمالوطي أستاذ علم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر إن زواج القاصرات سببه جشع وجهل الآباء وبعض المأذونين. وأنهي المقال برأي الدكتور عبدالحميد عطية أستاذ النساء والتوليد بطب قصر العيني أن 500 ألف طفل يولدون سنوياً لأمهات مراهقات بسبب زواج القاصرات.