* علي أربع شاشات مجهزة جيداً للعروض السينمائية. ثلاث منها تكون دور عرض حديثة. والأكبر. الرابعة هي قاعة احتفالات تليق بكل الفنون. وقاعة خامسة في مكان مختلف يخص إحدي الجامعات الخاصة أقيم مهرجان الجونة السينمائي الأول الذي يعلن جوائزه في حفل الختام مساء الغد الجمعة. والذي يتضمن عرض فيلم بعنوان "تدفق بشري" وهو إنتاج أمريكي مدته تزيد عن الساعتين "140 دقيقة" ومخرجه فنان صيني كبير. نحات ومصور. هو أي واي واي لكنه هنا يعبر عن وجهة نظره فيما يحدث في العالم حوله من خلال الفيلم الوثائقي الذي يطرح قضايا الهجرة واللجوء إلي بلاد أخري من خلال موقع جغرافي محدد هو البحر الأبيض المتوسط الذي ننتمي إليه مثل بلاد أخري. والذي صور الفيلم في عشرين بلداً منه. الفيلم جاء إلي مصر والمهرجان بعد عرضه في المسابقة الرسمية لمهرجان فينسيا السينمائي الدولي أقدم مهرجانات السينما العالمية والذي حضر منه أيضاً الفيلم الروائي اللبناني "القضية رقم 23" ومعه مخرجه المثير للجدل "زياد دويري" والذي بدأ يصنع معاركه مع المشاهدين حول ما يطرحه من قضايا تخص ما يحدث في بلده منذ الحرب الأهلية ومع فيلمه الأول "بيروتالغربية" عام 1997 وحتي اليوم. وغداً. فهو مخرج قادر علي وضع يده علي جروح غائرة في الواقع العربي بين اللبنانيين وبعضهم البعض وبينهم وبين الفلسطينيين المقيمين في مخيمات لبنان إلخ.. والمهرجان هنا استطاع من خلال الأفلام التي استطاع إحضارها للمشاركة فيه من كل مكان في العالم أن يؤكد علي وجوده القوي من المرة الأولي بالنسبة لمحبي السينما في مصر وهم كثيرون ولكن الطريق إلي السينما كمكان ومتعة لم يعد كذلك إلا في أماكن محدودة في القاهرة ذاتها. وربما في الإسكندرية أيضاً. والفرق هنا هو الفرق بين دور العرض في القاهرة في وسط البلد واستعداداتها التقنية وبين دور العرض الجديدة في المولات البعيدة عن وسط البلد. والتي تمتلئ بجمهور مختلف ترك سينمات وسط البلد بالطبع من الصعب الحديث عن دور عرض المحافظات فأغلبها أصبح غير موجود ومن هنا جاءت أهمية إقامة دور عرض جديدة في الغردقة التي تتبعها الجونة. وإقامة مهرجان سينمائي قوي بقدرته علي تحقيق الشروط التي يتطلبها. من ناحية المادة والخبرات. وهو ما فعله المهندس نجيب ساويرس مؤسس المهرجان وفريق عمل محترف معه يقوده انتشال التميمي صاحب الخبرات المهمة في هذا المجال والذي كان يدير ببراعة مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي قبل توقفه والتركيز علي مهرجان "دبي" وحده في الإمارات. الجونة التي كنا نسمع عنها هنا في مصر منذ سنوات وبعضنا ذهب إليها في رحلات سياحية مدينة ساحرة لها طابع مميز في البناء يشبه المدن التاريخية القديمة وتخترق الأشجار ومساحات الخضرة أغلب شوارعها وبالطبع فإن المهرجان بقدراته المالية استطاع إحضار الضيوف الذين ذهبوا إلي العروض غير المقيمين في المدينة والذين شاركوا أيضاً. لكن القدرة المالية لا تعني الكثير بدون نظام وانضباط في مواعيد الانتقال والعودة. وفي وجود سيارات وباصات كافية. وفي انضباط مواعيد عروض الأفلام بأفضل صورة ممكنة. وفي وجود نشرة يومية ورسائل من فريق الإعلام بالمهرجان ومقر للقاء بين الجميع. الصحافة ومندوب التليفزيون وقاعات للقاءات المناقشة للمشروعات السينمائية الجدد للحصول علي دعم. أو ندوات ومحاضرات من خبراء السينما في مصر والعالم. باختصار حقق المهرجان في دورته الأولي العديد من الشروط الهامة للمهرجان الدولي السينمائي وحقق معه الأهم وهو كم الأفلام القوية المهمة التي كان من الصعب الإفلات منها. خاصة وهي تناقش قضايا تمسنا بالدرجة الأولي كبشر. وكمواطنين في منطقة أصبحت مصدراً للهجرة إلي كافة دول العالم أفلام مثل "الجانب الآخر للأمل" للمخرج الفنلندي الكبير أكي كور يسماكي عن حياة وآلام مهاجر سوري وصل إلي فنلندا بالخطأ من خلال مطاردة السلطات الأوروبية له في مواقع عديدة وضياع أخته أثناء هذا وقراره غير المعلن بعدم العودة إلي حلب مدينته وحرائقها المشتعلة ومن هذا الفيلم إلي أفلام أخري كانت الهجرة فيها والفرار من الحرب والاستقرار المؤقت والبحث عن عمل هي الفكرة الأساسية لصناع هذه الأفلام. وبينما تضم المسابقة المخصصة للأفلام الروائية الطويلة 14 فيلماً بينها هذا الفيلم الفنلندي وأفلاماً أخري لا تقل أهمية عنه. مثل "القضية 23" اللبناني و"جريمة القتل الثالثة" الياباني و"أم مخيفة" من جورجيا و"المؤسسة" من فرنسا و"ابن صوفيا" من اليونان. فإن الفيلم المصري "فوتوكوبي" هو أحد الأفلام المهمة فيها.. بارود.. ومجد من الحدود المتوحشة هو الفيلم الفرنسي الذي يطرح بصراحة أو معايشة سينمائية ما حدث ويحدث في معسكرات اللاجئين أو المخيمات المقامة علي حدود فرنسا والتي يذهب إليها الآلاف انتشاراً لعبور البحر إلي بريطانيا المخرجان نيكولا كلوتز وإليزابيث بيرسفال قدما اعترافات مذهلة لهؤلاء الذين لا يعرفون أيضاً إذا كانوا سيستمرون في الحياة أو الوقوع في قبضة مناخ سيئ وشرطة متنمرة وإلي جانب هذا الفيلم تضمنت مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة 11 فيلماً غيره منها "سفرة" إخراج توماس مورجان عن محاولة بعض سيدات مخيم برج البراجنة الفلسطيني في لبنان البحث عن عمل منتظم من خلال عربة لصناعة الطعام. أفلام تطرح كل الأفكار الممكنة والصعبة ومنها الفيلم المكسيكي "مجد وبارود" عن المهرجان السنوي للألعاب النارية في إحدي مدن المكسيك والذي قدمه المخرج فيكتور جافوسليكي بعد أربعة سنوات من التصوير. وفيلم لأنجلينا جولي قدم المهرجان أيضاً برنامجين آخرين الأول يضم الأفلام القصيرة "20 فيلماً" وبرنامج الاختيار الرسمي ولكن خارج المسابقة وهو برنامج يضم عدداً من الأفلام الهامة التي تستحق التوقف عندها منها فيلم المخرج الأمريكي بيتر لاندسمان "الرجل الذي أسقط البيت الأبيض" عن سيرة مارك فيلت نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية والدور الذي لعبه في كشف فضيحة ووترجيت الشهيرة وفيلم "المريع" عن حياة المخرج الكبير جان لوك جودارونرنسا و"الملاكم" إخراج آنوراج كاشياب عن قضية فساد الألعاب الرياضية في الهند وفيلم "في البدء قتلوا أبي" الأمريكي إخراج أنجلينا جولي نجمة السينما والمخرجة والمنتجة أيضاً عن شهادة فتاة من كمبوديا عن مقتل أبيها والتي سجلت في كتاب.. ثم هذا الفيلم وفيلم "تكملة مزعجة.. الحقيقة للسلطة" عن التغيرات المناخية وتأثيرها علي مقتل آلاف البشر إخراج بوني كوين وجون شينك. وأخيراً برنامج خاص صغير من أربعة أفلام فقط عرض خارج هذه البرامج الأربعة. وأفلام هي "باب الحديد" في ذكري رحيل يوسف شاهين. وفيلمان للمخرج الكبير أوليفرستون الأول عن حواره المهم مع بوتين "محاورات بوتين" والذي عرض علي حلقتين والثاني عن "سنودن" أو الرجل الذي ترك وكالة الأمن القومي الأمريكي ليكشف أكاذيبها. كيف تمثل؟ * مساء اليوم. الخميس. يلقي الممثل العالمي فوريست ويتكر محاضرة بعنوان "التمثيل.. فن الحرفة" ويتكر يعمل في السينما الأمريكية منذ ثلاثين عاماً. وهو المكرم الثالث بجائزة الإنجاز الإبداعي التي قدمها المهرجان في أول دورة له إلي فنان السينما المصري الكبير عادل إمام في حفل الافتتاح وإلي الناقد السينمائي اللبناني الكبير إبراهيم العريس.. ولم يكن ويتكر حاضراً في البداية. وكنت أتمني لو يقدم المكرمان الأولان. عادل إمام وإبراهيم العريس حواراً حول إنجازهما أيضاً. صحيح أن ويتكر قادم من آخر الدنيا ولكننا نعرف أيضاً أن عادل إمام موجود ولكنه غير متاح كمتحدث وكان هذا التكريم مناسبة هامة للحوار حول تاريخه الطويل وأيضاً الناقد إبراهيم العريس وخبراته النقدية الكبيرة علي مدي عقود. من الشيخ جاكسون إلي عندي صورة * ثلاثة أفلام مصرية ضمتها دورة الجونة الأولي. الأول فيلم الافتتاح "الشيخ جاكسون" تأليف وإخراج عمرو سلامة وشارك في السيناريو عمر خالد والذي أثار ضجة من خلال قصة التي تدور حول بطله الشاب الذي يتنازعه الصراع بين حبه القديم للموسيقي وأعمال مايكل جاكسون وبين واقعه كإمام مسجد. والمؤكد أن العرض العام للفيلم في مصر سيكون أفضل للحوار حوله. أما فيلم "عندي صورة" إخراج محمد زيدان فهو وثائقي طويل عن ممثل ثانوي. أو كومبارس. هو مطاوع عويس ومساعد المخرج كمال الحمصاني. فيلم ممتع بصرياً وإنسانياً وثقافياً عن واحد من صناع السينما المصرية والذي يحمل لها عشقاً لا ينتهي برغم ظهوره السريع والخاطف. والذي يدفع المشاهد إلي تأملات مختلفة حول معان عديدة مثل الحب والالتزام والإيمان بالقيم وتقديم ثروة من اللقطات الفنية النادرة تذكرنا بعدد كبير من أفلام السينما المصرية التي صنعت تاريخها العميق. فوتوكوبي في عرضه الأول.. استطاع الفيلم المصري "فوتوكوبي" الاستحواذ علي اهتمام جمهور القاعة الكبير. وعلي محبة الكثيرين منه. واحترام الباقي. فهو فيلم يضع قدمه بين الماضي والحاضر ويؤكد بلغة سينمائية سلسة أن الحياة ممكنة حتي لمن فقد الرغبة فيها من خلال قصة بطله محمود "محمود حميدة" الموظف القديم بإحدي الجرائد. بقسم التجميع الذي انقرض بعد سيادة الجمع بالكمبيوتر وحيث يقضي محمود أياماً ما بعد المعاش في محله الصغير القابع أسفل منزله يقدم خدمات بسيطة مهمة مثل تصوير المستندات ويراقب حالة جارته صفية "شيرين رضا" التي تحتفظ بمودة مع جميع السكان ومسافة لا تتعداها.. يكتشف محمود أنه يراقبها. وأن مشاعره تتجه نحوها بينما يحاصره صاحب العمارة "بيومي فؤاد" بمطالب دفع الإيجار المتأخر والمشاركة في الصيانة وغيرها.. ويراوغ الرجل الوحيد. ويحاول تحديث أدواته ويقرر أن يطلب الزواج من جارته الطيبة المريضة لتصبح ونساً له وهكذا يستمر الفيلم الذي كتبه هيثم دبور وأخرجه تامر عشري وكلاهما جديد علي الساحة في تصعيد وسائل المقاومة السلمية للبشر العاديين تجاه المتوحشين الجدد مثل صاحب البيت لينتهي نهاية رائعة يكشف فيها البطل عن مساحات جديدة للتوافق مع الناس حوله.. ويقنع صفية بعد أن أهدته ملاذها الوحيد.. ربما كان المونتاج أضعف ما فيه.