اخر هرية

بئر العبط

قدمت السينما المصرية فيلمين يبدأ اسمهما بكلمة بئر.. الاول في اواخر الستينيات بعنوان بئر الحرمان والثاني في أواخر الثمانينيات بعنوان بئر الخيانة ولم تكن البئر هي القاسم المشترك الوحيد ولكن كان الراحل نور الشريف ايضا بطلا لكلا الفيلمين وكلتا القصتين تتعرض لانفصام الشخصية كمرض نفسي بشكل أو بآخر ترتكب تحت غطاؤه جرائم وتنتج بسببه مهازل في بئر الحرمان كان الانفصام واضحا في شخصية ناهد التي قامت بتجسيدها سعاد حسني اما الانفصام في شخصية جابر التي جسدها نور الشريف في بئر الخيانة فكان انفصاما مستترا وكلا الانفصامين كانا بسبب ضغوط وخلل في الشخصية والنتيجة كانت تقريبا واحدة وواضحة خيانة الجسد وخيانة الوطن.
وهناك فيلم ثالث قدمته السينما المصرية بداية التسعينيات باسم النيابة تطلب البراءة جسد فيه سمير صبري شخصية وكيل النيابة احمد الذي يتعرض لضغوط نفسية تسبب له انفصام في الشخصية ليمارس الاجرام والبلطجة والسرقة اما فيلم جعلوني مجرما الذي قدمته السينما المصرية في منتصف الخمسينيات وجسد فيه فريد شوقي شخصية سلطان فلم تخل قضيته ايضا من انفصام الشخصية التي انتجتها مشاعر القهر والظلم ومن المعروف انه علي اثر عرض هذا الفيلم هب المشرع وسن قانونا لالغاء السابقة الاولي من صحيفة الحالة الجنائية ولكن هذا الفيلم أو غيره من الاعمال والوقائع التي يعج بها المجتمع طوال عقود طويلة من الزمن - لم يحمل المشرع علي منع الجريمة بتوفير العدالة الناجزة والاحكام الباته في قضايا الحق فيها واضح وضوح الشمس والنتيجة قهر وحرمان وانفصام في شخصية المجتمع وافراده وشيوع الجريمة بيد القانون .. جريمة خيانة الوطن او المجتمع يوفر القانون اسبابها عندما يفقد افراده الانتماء ويفقدون ثقتهم في مؤسسة العدالة المتدينة باجراءات طويلة وعقيمة .. جرائم العرض والشرف وجرائم الكذب والاحتيال وممارسة البلطجة يدعمها القانون بمواد تسوف وتماطل في منح الحقوق لاصحابها فيبحثون عن بدائل غير مشروعة للحياه جرائم القتل يدعمها القانون بمنح الدافع للقاتل لاسترداد حقه المسلوب جهارا نهارا بحماية القانون وللتوازن مع ذات يعذبها الشعور بالقهر والاستفزاز ليل نهار ممن استباحوا حقوق الناس وممتلكاتهم في مجتمع فقد قدرته علي حماية افراده بنظام يخضع له الجميع .. ولنصبح كالسذج والمختلين عقليا فاقدين الاهلية والرشد في تجسيد منطق العدالة وبالقانون ايضا .. ولازلنا ندعي التقدم ونتشدق بالوطنية رغم اننا نرتع في بئر الحرمان من الانصاف وبئر الخيانة للحق والانسانية وبئرعبط وسذاجة القوانين التي تجعل منا مجرمين لتستمر الفوضي والالام .. وبالطبع النيابة لاتطلب البراء الا في الافلام