يتجدد الحديث عن السينما الجماهيرية جيدة الصنع مع كل فيلم جديد للمخرج طارق العريان. فهو يقدم السينما. التي تجمع هوليوود والواقع المصري في جملة واحدة. وقد تكون "جملة مفيدة" أحياناً.. وقد تكون جملة لا معني لها في أحيان أخري. وفي فيلم "الخلية" الذي يشاهده الجمهور منذ أول أيام العيد. يكتب طارق العريان قصة يوفر لها كل وسائل النجاح الجماهيري الذي تحقق بالفعل وتربع الفيلم وحده علي قمة إيرادات أفلام العيد. إخرج طارق العريان قبل عامين فيلم "ولاد رزق" عن سيناريو لصلاح الجهيني ويكرر التجربة اليوم مه نفس كاتب السيناريو في "الخلية" الجديد أن القصة من تأليف المخرج وترتبط بشكل واضح بما يدور في المجتمع المصري الذي يواجه خلايا إراهبية مجرمة تتخذ من الإسلام ستاراً لتنفيذ خطط أعداء هذه البلد. يعتمد الفيلم علي بطولة اثنين من ضباط الشرطة يحاربان خلية إرهابية.. الأول هو سيف ضابط العمليات الخاصة "أحمد عز" والثاني ضابط المباحث "محمد ممدوح" وكلايهما يعمل بطريقته التي تختلف باختلاف التخصص. ولكن عندما يستشهد الضابط عمر "أحمد صفوت" صديق الضابط سيف يحدث التحول في السيناريو ويتم ابعاد سيف عن العمليات الخاصة بعد إصابته. ويضطر إلي التعاون مع ضابط المباحث حتي ينتقم من الذين قتلوا صديقه الضابط عمرو. حرص طارق العريان علي تطعيم فيلمه بالكثير من التفاصيل البسيطة التي ساهمت كثيراً في التخفيف من "ثقل" موضوع الفيلم وهو مكافحة الإرهاب. لذلك نجده يجعل البطل سيف يربي كلباً ضخماً يكون ظهوره علي الشاشة سبباً لإزالة التوتر خاصة بعد مشاهد المطاردات. كذلك يرتبط سيف بعلاقة صداقة طريفة. مع ابن الشهيد عمرو في محاولة لتعويضه عن غياب والده. بالإضافة إلي المشاهد العاطفية الخاطفة بين سيف و"أمينة خليل" صديقة زوجة الشهيد وهكذا.. والكوميديا موجودة في العديد من المشاهد خاصة مشهد مطاردة السيارات وكان ضابط المباحث يقود سيارة زوجته التي تحطمت تماماً. قام الفنان السوري سامر المصري بدور "مروان" زعيم الخلية الإرهابية الخطير. الذي ظل يفلت من الشرطة طوال الفيلم حتي مشاهد مترو الانفاق قرب النهاية. وتألق مازن المتجول مدير التصوير المصري الموهوب الذي استخدم بسخاء عدد كبير من الكاميرات الثابتة والمتحركة التي أعطت الفيلم المزيد من الجودة الفنية علي مستوي الصورة.. وقد استغرق تصوير الفيلم عاماً ونصف العام. حرص المخرج ومدير التصوير علي الخروج بالكاميرات إلي الشوارع والتصوير الخارجي في جميع مشاهد الفيلم. حتي شقة الضابط سيف المطلة علي ميدان مصطفي كامل بوسط البلد. بالإضافة إلي الأماكن الحقيقية لتدريب قوات العمليات الخاصة. والطريق الدائري في مشاهد تصوير مطاردة السيارات ومحطة مترو الشهداء برمسيس. وتستحق مشاهد مترو الانفاق الحديث عنها بمزيد من التفاصيل. فهي من أكثر المشاهد اتقاناً وجودة حتي مع افتراض انها مأخوذة بالكامل من أفلام الأكشن الأمريكية ولكن دقة التنفيذ ليست بالعمل السهل ويستحق مازن المتجول التحية علي تلك المشاهد. من الطبيعي ان تكون الأدوار النسائية "باهتة" بسبب موضوع الفيلم الذي يسيطر عليه الرجال مثل ضباط الشرطة وزعيم الخلية. حصلت أمينة خليل علي مساحة أكبر من زميلاتها. وجاء اختيار ريهام عبدالغفور موفقاً كزوجة للإرهابي زعيم الخلية وذلك بسبب ملامحها البرئية ورغم ذلك هي شديدة الإيمان والتمسك بالمباديء الإرهابية الإجرامية. وتضطر إلي تفجير نفسها في النهاية حتي لا تقع في أبي رجال الشرطة. فيلم "الخلية" واحد من أفضل أفلام الأكشن الصنع التي شاهدنها هذا العام والمفترض أن يحصل علي تصريح الرقابة بالعرض علي جميع الأعمار لما له من تأثير قوي علي المشاهد لكراهية الإرهابيين والتعاطف مع رجال الشرطة في معركتهم من أجل حماية مصر.