«الخلية» واحد من أهم الأعمال السينمائية التى قدمت فى السنوات الأخيرة بما يحمله من عناصر جذب جماهيرى على مستوى إبهار الأداء والاخراج والصورة والديكور... فيلم يستحق النجاح الجماهيرى وتحقيقه لايرادات كبيرة تجاوزت فى 5 أيام نحو 22 مليونا من الجنيهات. لماذا نجح الفيلم ولمس مشاعر الجمهور؟ ولكن ... لأننا تاريخيا أمام أول فيلم عن ضباط العمليات الخاصة الذين يواجهون الارهاب . ونحن أمام فيلم يقدم مواجهة مباشرة باستخدام الذخيرة الحية بين أبطال الشرطة وبين جماعات الارهاب . بما يضفى ملمحا شديد الواقعية على الفيلم. فى العادة لا تقابل الأعمال التى تتناول قضايا جادة اقبالا جماهيريا خصوصا ان نوعية الجمهور من الفئات التى يكون «بند» السينما لديها من باب الترفيه المطلق بعيدا عن فكرة «وجع الدماغ» بقضايا مثل مواجهة الارهاب نرى ونشاهد أحداثها على الهواء مباشرة، ولهذا كان صناع فيلم «الخلية» امام تحد كبير فى وصول الفيلم إلى الجمهور. كانت بوابة تقديم عمل انسانى هى الباب لاقتحام مشاعر الجمهور وخطفهم للدخول مباشرة فى قلب الأحداث فلم يعط المخرج طارق العريان للمتفرج لحظة للتفكير إلا فيما يشاهد من أحداث، نعم، رأينا أحداثا مشابهة وأرامل ضباط وارهابيين، ومع ذلك تستطيع ان تجلس فى مقعدك تستمتع بأداء حقيقى لأبطال الفيلم وترى صورة مبهرة وديكورا مرسوما بدقة . نأتى الى قصة الفيلم المتميزة بهدفها الفنى والدرامى حول ضابط فى العمليات الخاصة » سيف » الذى يُكَلَّف مع زملاء له بالقيام بمهام فى القضاء على الارهابيين وذلك من خلال كثير من التفاصيل والاحداث، وتبدأ الاحداث بمشهد استشهاد النائب العام وما تبعه من احداث وقيام جهاز الامن بتتبع المجرمين وكشف اوكارهم والتوصل لبعض عقولهم المدبرة . وتتوالى الاحداث وتظهر مفاجآت ما بين استشهاد واصابات وقصص رومانسية الى الوصول الى المواجهة سواء من خلف المدرعات او المواجهة المباشرة «راجل لراجل» ليرصد لنا الفيلم وللاجيال كيف يعيش الارهابيون فى غيبوبة اللا دين واللا انسانية وان دينهم وولاءهم الحقيقى هو لمن يمول هدم الاوطان . التمثيل .. النجم أحمد عز الرابح الاول فى الفيلم يقدم واحدا من أهم أدواره «سيف» ضابط العمليات الخاصة الذى يتميز بالمهارة والقوة والوطنية وسعيه للانتقام من الارهابيين الذين يروعون المجتمع بإرهابهم وفكرهم، وبدا ان أحمد عز اشتغل على لياقته بشكل كبير فكل تفاصيل الشخصية كانت حقيقية واظهرت المشاهد الاولى قوته البدنية ويحسب له بالتأكيد امساك الشخصية وتفاصيلها طوال فترة التصوير التى تجاوزت 8 شهور وهو امر مرهق بالتأكيد للممثل فى ان يظل فى حالة تركيز شديد طوال هذه الفترة، فى هدوئه وتهوره وغضبه، ومن المشاهد المؤثرة التى ستظل عالقة فى الاذهان مشهد لقاء ارملة صديقه وزميله الضابط وايضا مشهد زيارة احد المصابين وكيف استطاع ان يبكى ويدعى الابتسامة فى لحظة واحدة . محمد ممدوح وجه محبوب جماهيريا سبق له ان قدم شخصية الضابط وفى الفيلم يقدم شخصية الضابط ولكن هذه المرة لشخصية ضابط أمن معلومات يتعامل بالفكر فى الوصول لاهدافه وقدم ممدوح أيضا عددا من المشاهد الكوميدية التى اضفت حالة من البهجة. سامر المصرى يملك تاريخا فنيا متميزا واختياره فى دور الارهابى مروان جاء مناسبا وهو من جانبه لم يتعامل مع الشخصية لمجرد التواجد وإنما كان دارسا للشخصية ونفسيتها وبيئتها وانعكس ذلك على ادائه وحركته. أمينة خليل بساطة الأداء للشخصية التى ادتها وعائشة بن أحمد حضور مميز قدر مساحة الشخصية، اما ضيوف الشرف فقدموا شخصياتهم باداء مقنع أشرف زكى فى شخصية المسئول الامنى وريهام عبد الغفور نموذج للانتحارية المشوشة فكريا وهى تمثل نماذج معروفة تحولت من حالة التطرف اللاخلاقى الى التطرف الديني. التصوير لمازن المتجول أحد الأبطال فى الفيلم فقد شعرنا معه باننا امام فيلم هوليودى كامل المواصفات حيث نجح فى اظهار حالات الفيلم بالاضاءة، وتألقه فى مشاهد المطارات والاكشن ولهذا ليس غريبا ان يخرج المتفرج من قاعة العرض ليقول.. «التصوير رائع». الديكور لمحمد رزق كان من أهم ملامح الفيلم حيث تجد العناصر المتكاملة تلتقى معا، فاختيار اماكن التصوير الحقيقية او بناء ديكور مثل منطقة عرب شركس اظهر كل التفاصيل فى وكر الارهابيين من متفجرات ومخابئ. السيناريو والحوار كانا من اسباب نجاح الفيلم فكما كان صلاح الجهينى متميزا فى فيلم «ولاد رزق»، تميز هنا وابتعد بالفيلم عن فكرة الاعمال الدعائية والبعد عن الاستسهال فى تقديم توجيه ورسالة مباشرة فقدم وجهتى نظر كل شخصية. اما المخرج طارق العريان فهو صاحب العمل والرؤية والقصة وكان هناك اجماع على انه البطل،الذى واصل النجاح الجماهيرى بنفس فريق عمله الذى نجح بهم فى فيلم » ولاد رزق » ومن بينهم مدير التصوير ومهندس الديكور والمونتير والسيناريست. طارق العريان فى الخلية قدم نموذجا لكيفية تقديم عمل فنى انسانى عن قضية كبيرة مثل الارهاب من دون ان يصاب المشاهد بملل اوالاستماع الى عظات وطنية. طارق العريان اضافة الى ما يتميز به تاريخيا من تمكنه من تقديم فن الاكشن فإنه هذه المرة اراد ان يعطى دروسا فى فنون الحركة والاكشن، مثال مشاهد المواجهة المباشرة واستخدام الذخيرة الحية مع الارهابيين والتفجيرات ومشاهد مترو الانفاق، كما نجح فى عمل نقلة مقصودة فى تحويل مشهد مطاردة احد المجرمين ان جعل منها حالة من البهجة للتخفيف من جرعة تقديم موضوع جاد . «الخلية» عمل سينمائى بامتياز يحمل رسالة وطنية بلا صراخ.